المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. اصحاب الايكة اي البساتين الملتفة اشجارها وهم اصحاب مدين. فكذبوا نبيهم شعيبا. الذي جاء بما جاء به المرسلون الا تتقون الله تعالى فتتركون ما يسخطه ويغضبه من الكفر والمعاصي يترتب على ذلك ان تتقوا الله وتطيعون اوف كونوا من المخسرين. وكانوا مع شركهم يبخسون المكاييل والموازين. فلذلك قال لهم اوفوا الكيل اي واكملوه ولا تكونوا من المخسرين. الذين ينقصون الناس اموالهم ويسلبونها. ببخس المكيال والميزان من القسطاس المستقيم. اي بالميزان العادل الذي لا يميل واتقوا الذي خلقكم والجبلة الاولين الخليقة الاولين. فكمن فرد بخلقكم وخلق من قبلكم من غير مشارك له في ذلك. فافردوه بالعبادة والتوحيد. وكما انعم اليكم بالايجاد والامداد بالنعم. فقابلوه بشكره. قالوا له مكذبين له رادين لقوله فانت تهذي وتتكلم كلام المسحور. التي غايته الا يؤاخذ به يا بشر مثلنا وان ظنك لمن الكاذبين وما انت الا بشر مثلنا. فليس فيك فضيلة فزت بها علينا حتى تدعونا الى اتباعك. وهذا مثل قول من قبلهم ومن بعدهم. ممن عارضوا الرسل بهذه الشبهة التي لم يزالوا ويدلون بها ويصولون ويتفقون عليها لاتفاقهم على الكفر. وتشابه قلوبهم. وقد اجابت عنها الرسل بقولهم ان نحن الا بشر مثلكم. ولكن الله يمن على من يشاء من عباده هذا جراءة منهم وظلم وقول زور قد انطووا على خلافه فانه ما من رسول من الرسل واجه قومه ودعاهم وجادلهم وجادلوه الا وقد اظهر الله على يديه من الايات ما به يتيقنون صدقه وامانته. خصوصا شعيبا عليه السلام الذي يسمى خطيب الانبياء لمراجعته قومه ومجادلتهم بالتي هي احسن. فان قومه قد تيقنوا صدقه وان ما جاء به حق. ولكن اخبارهم عن ظن كذب به كذب منهم فاسقط علينا كسفا من السماء. اي قطع عذاب تستأصلنا كقول اخوانهم واذ قالوا اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك. فامطر علينا حجارة من السماء. او ائتنا بعذاب اليم او انهم طلبوا بعض ايات الاقتراح التي لا يلزم تتميم مطلوب من سألها. قال شعيب عليه السلام ما تعملون. اي نزول العذاب ووقوع ايات الاقتراح. لست انا الذي اتي بها وانزلها بكم. وليس علي الا تبليغ ونصحكم وقد فعلت وانما الذي يأتي بها ربي العالم باعمالكم واحوالكم الذي يجازيكم ويحاسبكم فاخذهم عذاب يوم الضلة. فكذبوه اي صار التكذيب لهم وصفا. والكفر لهم ديدنا بحيث لا تفيد وهم الايات وليس بهم حيلة الا نزول العذاب. فاخذهم عذاب يوم الظلة. اظلتهم سحابة فاجتمعوا تحتها مستلذين لظلها غير الظليل. فاحرقتهم بالعذاب فظلوا تحتها خامدين. ولديارهم مفارقين. ولدار الشقاء والعذاب نازلين لا كرة لهم الى الدنيا فيستأنفوا العمل. ولا يفتر عنهم العذاب ساعة ولا هم ينظرون. ان في ذلك لاية دالة على صدق شعيب وصحة ما دعا اليه. وبطلان رد قومه عليه. وما كان اكثرهم مؤمنين مع رؤيتهم الايات. لانهم لا زكاء فيهم ولا خير لديهم. وما اكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين وان ربك لهو العزيز الذي امتنع بقوته عن ادراك احد وقهر كل مخلوق الرحيم الذي الرحمة وصفه ومن اثارها جميع الخيرات في الدنيا والاخرة. من حين اوجد الله العالم الى ما نهاية له. ومن عزته ان لك اعداءه حين كذبوا رسله. ومن رحمته ان نجى اولياءه ومن اتبعهم من المؤمنين لما ذكر قصص الانبياء مع اممهم وكيف دعوهم وما ردوا عليهم به؟ وكيف اهلك الله اعداءهم؟ وصارت لهم العاقبة. ذكر هذا الرسول الكريم المصطفى العظيم وما جاء به من الكتاب الذي فيه هداية لاولي الالباب. فقال وانه لتنزيل رب العالمين. فالذي فاطر الارض والسماوات المربي جميع العالم العلوي والسفلي. وكما انه رباهم بهدايتهم لمصالح دنياهم وابدانهم فانه يربيهم ايضا بهدايتهم لمصالح دينهم واخراهم. ومن اعظم ما رباهم به انزال هذا الكتاب الكريم الذي اشتمل على الخير الكثير والبر الغزير وفيه من الهداية لمصالح الدارين والاخلاق الفاضلة ما ليس في غيره. وفي قوله انه لتنزيل رب العالمين من تعظيمه وشدة الاهتمام فيه. من كونه نزل من الله لا من غيره. مقصودا فيه نفعكم وهدايته نزل به الروح الامين وهو جبريل عليه السلام الذي هو افضل الملائكة واقواهم. الامين الذي قد امن ان يزيد فيه او ينقص على قلبك يا محمد لتكون من المنذرين. تهدي به الى طريق الرشاد وتنذر به عن طريق الغي لسان عربي مبين. بلسان عربي وهو افضل الالسنة بلغة من بعث اليهم. وباشر دعوتهم اصلا اللسان البين الواضح. وتأمل كيف اجتمعت هذه الفضائل الفاخرة في هذا الكتاب الكريم. فانه افضل الكتب نزل به افضل الملائكة على افضل الخلق على افضل بضعة فيه وهي قلبه على افضل امة اخرجت للناس بافضل الالسنة وافصحها واوسعها وهو اللسان كان العربي المبين اي قد بشرت به كتب الاولين وصدقته وهو لما نزل صدق ما اخبرت به صدقها بل جاء بالحق وصدق المرسلين اولم يكن لهم اية على صحته وانه من الله اه ان يعلمه علماء بني اسرائيل الذي قد انتهى اليهم العلم وصاروا اعلم الناس وهم اهل الصنف. فان كل شيء به اشتباه يرجع فيه الى اهل الخبرة والدراية. فيكون قولهم حجة على غيرهم. كما عرف السحرة الذين مهروا في علم السحر معجزة موسى وانه ليس بسحر. فقول الجاهلين بعد هذا لا يؤبه به ولو نزلناه على بعض الاعجمين الذين لا يفقهون لسانهم. ولا يقدرون على التعبير لهم كما ينبغي. فقرأه على ما كانوا به مؤمنين. فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين. يقولون ما نفقه ما يقول ولا ما يدعو اليه فليحمدوا ربهم ان جاءهم على لسان افصح الخلق واقدرهم على التعبير عن المقاصد بالعبارات الواضحة وانصحهم وليبادروا الى التصديق به وتلقيه بالتسليم والقبول. ولكن تكذيبهم له عن غير شبهة ان هو الا محض الكفر والعناد وامر قد توارثته الامم المكذبة. فلهذا قال اي ادخلنا التكذيب وانظمناه في قلوب اهل الاجرام كما يدخل السلك في الابرة. فتشربته وصار وصفا لها. وذلك بسبب ظلمهم وجرمهم فلذلك لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الاليم على تكذيبهم ان يأتيهم على حين غفلة وعدم احساسهم منهم ولا استشعار بنزوله. ليكون ابلغ في عقوبتهم والنكال بهم فيقول اذ ذاك هل نحن منظرون؟ اي يطلبون ان ينظروا ويمهلوا؟ والحال انه قد فات الوقت وحل بهم العذاب الذي لا يرفع عنهم ولا يفطر ساعة