حديث فيه دعاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في شأن القلب وهو حديث ابن عباس رضي الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربي اعني ولا تعن علي وانصرني ولا تنصر علي وامكر لي ولا تمكر علي واهدني ويسر الهدى لي وانصرني على من بغى علي ربي اجعلني لك شكارا لك ذكارا لك رهابا لك مطواعا لك مخبتا اليك اواها منيبا رب تقبل توبتي واغسل حوبتي واجب دعوتي وثبت حجتي وسدد لساني واهد قلبي وهذا الشاهد واسلل سخيمة قلبي وهذا ايضا دعاء اخر فهما دعاءان للقلب في هذا الحديث الذي رواه ابو داوود والترمذي وقال عنه حسن صحيح وكذلك صححه ابن القيم رحمه الله في الوابل الصيب وزاد ابن ماجة قال ابو الحسن الطنافسي قلت لوكيع اقوله في قنوت الوتر؟ قال نعم وقوله ربي اعني اي وفقني لذكرك وشكرك وحسن عبادتك. وامددني بقوة من عندك كي استطيع واقدر آآ اتمكن من القيام بهذا وقال بعضهم اعني يعني على اعدائي وانصرني عليهم. اذا اعني اعني على عبادتك كما هو الحديث الاخر اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك او اعني على العدو او على اعدائي او على من بغى علي كلاهما صحيح وقوله ولا تعن عليه اي لا تغلب علي من يمنعني من طاعتك من شياطين الجن والانس او لا تغلب علي عدوا يقهرني وقوله وانصرني ولا تنصر علي اه كذلك انصرني على عدوي وانصرني على الكفار وانصرني على كل حاسد وباغ بغى علي انصرني على نفسي الامارة بالسوء وقوله وامكر لي ولا تمكر علي المكر في اللغة معروف هو الخداع من افعاله تعالى انه يمكر وهذا مكره يليق بجلاله وعظمته سبحانه وتعالى اذا ليس كمكر المخلوقين لكن قال سبحانه ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين فهو خير الماكرين عز وجل والمكر والمكر يكون صفة كمال اذا كان بمن مكر به. فالله يمكر بمن مكر كما انه سبحانه يخادع من خادع ان المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم فاذا الله لا يمكر ابتداء لكن يمكر بمن بمن مكر وهذه صفة وهذه وهنا الكمال هذا الكمال انه يمكر بمن مكر لعباده المؤمنين بمن مكر بدينه. الله يمكر به فهو سبحانه وتعالى ليوقعوا به ويبطش به عز وجل ويستدرجه قوله ولا تمكر علي يعني لا تهدي عدوي الى سبيل يوقعني فيه لا تجعل مكر الماكرين يحيط بي ويقع علي نجني من مكرهم هذا يعني لا تمكر علي ولا تستدرجني ولا توقع بي انا فالحق مكرك باعدائي لا بي قال اهل العلم مكر الله تعالى هو ايصال العقوبة الى من يستحقها من حيث لا يشعر فتأتيه الواقعة وتأتيه الداهية من حيث لا يحتسب ولا يتوقع وهذا عدل منه سبحانه بمن يخادع ويمكر ويحتال على دينه واولياءه اما المكر ابتداء بالابرياء فهذا نقص المكر بالابرياء هذه جاء في الحديث فاذا لقن الله عبدا حجته يقول رجوتك وخفت الناس طيب قوله واهدي قلبي وهو الشاهد اهده الى معرفتك اهد قلبي الى شريعتك اهد قلبي الى الحق الى السنة الى الاسلام آآ ولا شك اه ذميمة خبيثة والمكر من الله نظير الاستهزاء. الله يستهزأ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون. وكذلك نظير السخرية. قال تعالى فيسخرون منهم سخر الله منهم ونظير الكيد انهم يكيدون كيدا واكيد كيدا فهذه امور ينسب الى الله من باب المقابلة والجزاء فيكون منه عدلا وكمالا سبحانه وتعالى ودليل القوة والقدرة منه عز وجل ودليل انه سبحانه يرصد اعداءه وانه يعاقبهم قال شيخنا عبدالرحمن ابن ناصر البراك المكر والكيد هو تدبير خفي يتضمن ايصال الضرر من حيث يظن النفع من حيث لا يتوقع فالذي يريد ان يمكر يظهر المحبة ويظهر الاحسان وهو يتخذ ذلك وسيلة للايقاع بخصمه وعدوه والمكر من الناس منه المحمود والمذموم فاذا كان على وجه العدل يعني مقابلة واحدة بواحدة فهو محمود. واذا كان على وجه الظلم والعدوان فهو مذموم اما المكر من الله يقول الشيخ فهو كله محمود وعدل وحكمة فهو يمكر بالكافرين مكرا حقيقيا ويدبر تدبيرا خفيا يوصل به العقاب اليهم من حيث لا يحتسبون ولا يشعرون ولا يتوقعون وقد روى ابن مسعود رضي الله عنه او جاء عن مسعود رضي الله عنه انه قال الكبائر الاشراك بالله عز وجل والامن من مكر الله والقنوط من رحمة الله واليأس من روح الله وسئل ثابت البناني رحمه الله عن الاستدراج فقال مكر الله عز وجل بالعباد المضيعين وعن ابي رافع قال ان اقامة العبد على الذنب يطبع على قلبه ويكتب من الغافلين ومن الامن لمكر الله اقامة العبد على الذنب يتمنى على الله المغفرة من الامن مكر الله انه الواحد يعصي ويقول سيغفر لي وقال الفضيل بن عياض رحمه الله يكون شغلك في نفسك ولا يكون شغلك ولا يكون شغلك في غيرك فمن كان شغله في غيره فقد مكر به وقال الراغب الاصفهاني رحمه الله في تفسيره مكر الله قد يكون تارة فعلا يقصد به مصلحة ويكون تارة جزاء المكر ويكون تارة بان لا يقبح مكرهم في عينهم وذاك من انقطاع التوفيق عنهم وتزيين ذلك في اعينهم حتى كانه كانه زينه في اعينهم ومكر بهم ويكون تارة باعطائهم ما يريدون من دنياهم فاذا اعطاهم واستعملوه على غير ما يحب اعطاهم نعم فاستعملوها في المعصية فكأنه مكر بهم واستدرجهم من حيث لا يعلمون وهذا من معنى قوله تعالى ويحذركم الله نفسه وقال الحافظ الذهبي رحمه الله كل من لم يخشى ان يكون في النار فهو مغرور. قد امن مكر الله به وقال في الحديث واهدني دلني على الطاعة لاقوم بها وعلى عيوب نفسي اصلح بها عيب نفسي وقوله ويسر الهدى لي اي سهل اتباع الهداية او طرق الدلالة لي حتى لا استثقل الطاعة ولا اشتغل على العبادة وقوله وانصرني على من بغى علي على من ظلمني وتعدى عليه طيب فان قال في الم الم يقل من قبل وانصرني او اعني ها فما وجهه هنا فيقال هذا تخصيص انصرني على من بغى علي على من ظلمني وتعدى علي. وهو تخصيص لقوله انصرني في الاول وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم اللهم متعني بسمعي وبصري واجعلهما الوارث مني وانصرني على من يظلمني وخذ منه بثأري رواه الترمذي وهو حديث صحيح له طرق وقوله ربي اجعلني لك النكهة هذي فيها اختصاص اجعلني لك شكارة اكون بكليتي قائما بشكرك قولا وفعلا شكارا صيغة مبالغة. كثير الشكر واصل الشكر الزيادة هو مبني على خمس قواعد خضوع الشاكر للمشكور وحبه له واعترافه بنعمه وثناؤه عليه بها والا يستعملها فيما يكره فهذه الخمس هي اساس الشكر وبناؤه عليها فمتى عدم واحدة اختلت قاعدة ما هي الخمس خضوع الشاكر المشكور محبته اعترافه بالنعمة له ثناؤوا بها عليه ثناؤه عليه بها او بها عليه واخيرا الا يستعملها فيما يكره طيب اجعلني لك ذكارا ايضا صيغة مبالغة يعني كثير الذكر لك في الاوقات والاناء بالقلب واللسان والجوارح قال بعض اهل العلم الذكر على سبعة انحاء فذكر العينين ام بالبكاء وذكر الاذنين بالاصغاء وذكر اللسان بالثناء وذكر اليدين بالعطاء وذكر البدن بالوفاء وذكر القلب بالخوف والرجاء وذكر الروح بالتسليم والرضاء فقوله الذكر على سبعة انحاء فذكر العينين بالبكاء يعني من خشية الله وذكر الاذنين بالاصغاء يعني للقرآن والذكر والفقه والعلم ذكر العينين بالبكاء وذكر الاذنين بالاصغاء وذكر اللسان بالثناء وذكر اليدين بالعطاء وذكر البدن بالوفاء وذكر القلب بالخوف والرجاء وذكر الروح بالتسليم والرضاء ولو قلناها على الشكر ليست بعيدة. لو قلنا شكر العينين بالبكاء وشكر الاذنين بالاصغاء وشكر اللسان بالثناء وشكر اليدين بالعطاء وذكر البدن وشكر البدن بالوفاء وذكره وشكر القلب. بالخوف والرجاء وذكر الروح بالتسليم والرضا طيب قوله رهبة اجعلني لك طيب شكارا ذكارا رهابا يعني اخافك في السراء والضراء لك مطواعا ايضا صيغة مبالغة ما قال طائعة مطوعة يعني كثير الطوع كثير الطاعة لك الاستجابة الانقياد مطيعا لك يعني منقادا طيب لك مخبتا يعني خاضعا خاشعا متواضعا من الخبط وهو المطمئن من الارض يقال اخبت الرجل اذا نزل فاستعمل الخبث في اللين والتواضع قال تعالى واخبتوا الى ربهم اطمئنوا الى ذكره وتواضعوا له وانقادوا له وسكنت نفوسهم لامره وبشر المخبتين الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما اصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون تعرف المخبتين الاية قال وبشر المخبتين الذين وقال ابن القيم رحمه الله في قوله تعالى ان الذين امنوا وعملوا الصالحات واخبتوا الى ربهم اولئك اصحاب الجنة هم فيها خالدون. عدي باله لاحظ هنا اخبت الى ربهم ليضمنه معنى الطمأنينة يعني اطمئنوا اليه وليضمنه معنى الانابة يعني انابوا اليه وكذلك السكون سكنوا اليه المدارج فاذا تارة يعدى باللام لك مخبتة ليفيد الاخلاص لك لا لغيرك وتارة يعدى باله واخبت الى ربهم. اذا يعدى باللام ليتضمن معنى الاخلاص ويعدى باله ليفيد الطمأنينة والانابة الى الله وقوله اليك اواها اي متضرعا. ايضا على وزن فعال من اوه تأوه تأوها اوه الصوت الحزين في اللغة فاجعلني نادما على التفريط حزينا على ذلك حزنا يدفعني الى التوبة وقيل الاواه البكاء ومن صفات النبي الكريم ان ابراهيم لاواه كثير التأوه يبكي من خشية الله قوله في الحديث منيبا يعني راجعا اليك مقبلا عليك خاضعا لك قال ابن القيم رحمه الله الانابة انابتان انابة لربوبيته وهذه انابة المخلوقات كلها واذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين اليه فهذا عام في حق كل داع اصابه ضر وهذا قد يقع من المشرك كما اذا ركبوا في الفلك جاءتهم ريح عاصف اوشكوا على الغرق دعوا ربهم منيبين اليه هذه ليست انابة اختيار في الحقيقة صارت من الكافر في حال الاضطرار الانابة الثانية انابة اوليائه فهي انابة لالهيته انابة العبودية والمحبة انابة الاختيار فهذه تتضمن اربعة امور محبته والخضوع له والاقبال عليه والاعراض عما سواه وواحد قال لك كيف واحد ينيب الى الله كيف يكون عبدا منيبا منيب ويوجد في الاسماء يعني بعضهم منيب ايش يعني مو الاسم؟ ما معنى منيب ما هي الانابة؟ الانابة تظمن اربعة اشياء يقول ابن القيم رحمه الله محبته والخضوع له والاقبال عليه والاعراض عما سواه فلا يستحق مقام الانابة واسم المنيب الا من توافرت فيه الاربعة قال وتفسير السلف يدور على ذلك لكن اللفظة نفسها فيها معنى الاسراع والرجوع المنيب الى الله يسرع الى مرضاته ويسرع الى التوبة من الذنب ويرجع اليه في كل وقت وحين قال في الحديث اجعلني اواها منيبا اواها منيبا فكأن الانابة لازمة للتأوه ورديفة له قال الله عن ابراهيم ان ابراهيم لحليم اواه منيب ثم قال في الحديث ربي تقبل توبتي بجعلها صحيحة مستوفية للشروط واقعة عندك موقعها مقبولة قال تعالى وهو الذي يقبل التوبة عن عباده فاذا كانت نصوحا خالصة قبلها قال واغسل حوبتي او واغسل حوبتي بفتح الحاء وضمها كلاهما صحيح الحوبة والحوبة الذنب والذنب الكبير امح ذنبي ويقال الحوب والحوب والحاب الاثم اصله في اللغة زجر الابل فالذنب هذا مسجور عنه ولذلك سمي حوبا او حوبا او حابا لانه مزجور عنه هذه العلاقة بالمعنى اللغوي والشرعي وقوله واجب دعوتي يعني دعائي طيب وثبت حجتي حجتي على اعدائك حجتي في القبر اذا سئلت تقال الملكين ثبت حجتي اذا حاجني احد عندي دليل وبينة واثبت بالمحاجة المناظرة وكذلك ثبت حجتي يوم الدين وسدد لساني صوبه وقومه حتى لا ينطق الا بالصدق ولا يتكلم الا بالحق فاللسان المسدد الناطق بالسداد بالحق قوله واسلل سخيمة قلبي هذا ايضا شاهد لموضوعنا من الحديث واسلل سخيمة قلبي السخيمة ما هي واسلل ما معناها اسلو الاخرج اخرج سخيمة قلبي نق قلبي منها فاخرجها منه فما هي السخيمة الغش والغل والحقد والحسد ونحو ذلك الغش والغل والحقد والحسد سخيمة مما ينشأ في الصدر وفي القلب من مساوئ الاخلاق وقيل السخيمة الضغن والحقد مأخوذة من السخمة ما معنى السخمة في اللغة السخنة السواد ومنه سخام القدر يقال سخام القدر ما تشوف القدر اذا اوقد عليها بالحطب ايش يصير فيها سواد هذا السواد يقال له تخمة سواد وما يكون في القلب من الحقد والحسد والغل والبغضاء ونحوها طبعا بغير حق يعني في بغضاء بحق قريب بدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ابدا حتى تؤمنوا بالله وحده طيب سلها اخرجها ونق قلبي منها وايضا يعني فيه معنى الايش اللطف في الاخراج سل السيف اذا اخرجه من غمده لكنه اخراج على هيئة معينة او على نحو معين وليس اي اخراج كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء ان يهدي الله قلبه وان يسلل سخيمته سأل ربه العون والنصر وان يمكر له ويهديه وييسر الهدى له وان يجعله شكارا ذكارا رهابا مطواعا مخبتا اواها منيبا وسأله ان يقبل توبته ويغسل عقوبته ويجيب دعوته ويثبت حجته ويسدد لسانه ويهدي قلبه ويسلل سخيمته فجمع في هذا الدعاء خيري الدنيا والاخرة حتى قال شيخ الاسلام ابن تيمية عن هذا الدعاء هذا الحديث من اجمع الادعية بخير الدنيا والاخرة فينبغي حفظه وترديده وكثير من هذه الوظائف والمطالب من اعمال القلوب كالتوبة والانابة والشكر والذكر والرهبة والاخبات هذه مطالب عظيمة ينبغي ان يسأل الله اياها وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء ويسيء وهذا يفيد المداومة كان التكرار والاستمرار وكان هنا ايضا تبين لنا اهمية هذا الحديث وهذه الادعية لان ما استمر عليه صلى الله عليه وسلم وكرره دال على اهميته ومنزلة هذا الدعاء عند رب العالمين اهميته يعني خير الدنيا والاخرة والمنزلة عند رب العالمين في الفاظ احيانا تأتي يعني مثل واسلوا السخائم صدورنا سبق ان ذكرنا ان القلب في الصدر فانا لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور فقوله في هذا الحديث واسلل سخيمة قلبي بالاخر واسلل سخائم صدورنا لا تعارض بينها لان القلب في الصدر