اعلمكم فهذا من تمام رعايته وحسن نصحه وكمال خلقه صلى الله عليه وسلم ورفقه بامته وحرصه على افادتها والنصح لها. فهو انصح الناس للناس وهو اكمل الناس نصحا واكملهم بيانا وافصحهم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فالحديث سيكون عليه الصلاة والسلام. وهذا الكلام الذي قاله فيه التبسط معهم والا يتوقفوا عن سؤاله عما يريدون معرفته فكما ان الولد من السهل عليه ان يسأل اباه عما يعن له ويعرض من الامور لكثرة الاتصال فيما بينهم وعن ادبين من اداب الاسلام العظيمة. وهما ادب قضاء الحاجة وادب اللباس. اما ادب قضاء الحاجة. فقد جاءت السنة النبوية ببيان الاداب التي ينبغي ان يكون عليها مسلم عند دخوله الخلاء. وحال قظائه للحاجة وعند خروجه منه. وهي اداب عديدة تدل على كمال هذه الشريعة المباركة وتمامها. وما من ريب ان المسلم يفرح غاية الفرح بتلك الاداب لما فيها من كمال الاحسان في طهارته ونظافته ونقائه وتزكيته. بل انها مفخرة واكرم بها من مفخرة. عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قيل له قد علمكم نبيكم كل شيء حتى اي حتى كيفية قضاء الحاجة. فقال اجل لقد نهانا ان نستقبل القبلة لغائط او بول او ان نستنجي باليمين او ان نستنجي باقل من ثلاثة احجار او ان نستنجي برجيع او عظم. رواه مسلم وفي لفظ اخر للحديث عند مسلم عن سلمان قال قال لنا المشركون اني ارى صاحبكم يعلمكم قم حتى يعلمكم القراءة. فقال اجل انه نهانا ان يستنجي احدنا بيمينه. او يستقبل القبلة ونهى عن الروث والعظم وقال لا يستنجي احدكم بدون ثلاثة احجار. فهؤلاء المشركون ارادوا عيب الصحابة رضي الله عنهم بما اشتمل عليه دينهم من تعاليم متعلقة بكيفية قضاء الحاجة. فقالوا على وجه سخرية قد علمكم نبيكم كل شيء حتى القراءة. فانبنى لهم سلمان الفارسي مبطلا. انتقادهم مبددا تهكمهم وقال بكل افتخار واعتزاز اجل اي نعم. لقد علمنا هذا الامر ونحن نفخر لذلك ثم اخذ يعدد لهم شيئا من الاداب الكريمة والتعاليم المباركة التي جاءت بها السنة في هذا الشأن. وهي بحق هدايات مباركة لا يعرفها هؤلاء ونظراؤهم وانما يعرفها من منحه الله التوفيق وهداه ولهذا الدين الحنيف فالحمد لله على ما هدانا والشكر له على ما اولانا. وفيما يلي وقفة في بيانه ان من هذه الاداب يستحب اولا للمسلم عند دخول الخلاء ان يقول بسم الله اللهم اني اعوذ بك من الخبث والخبائث. عن انس بن مالك رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا دخل الخلاء قال اللهم اني اعوذ بك من الخبث والخبائث متفق عليه. والخبث جمع خبيث الخبائث جمع خبيثة. وقد جاء في بعض طرق الحديث ذكر البسملة في اوله. قال ابن حجر رحمه الله وقد روى العمري هذا الحديث من طريق عبد العزيز بن المختار عن عبد العزيز بن صهيب بلفظ بلفظ الامر اذا دخلتم الخلاء فقولوا قولوا بسم الله اعوذ بالله من الخبث والخبائث واسناده على شرط مسلم. ويشهد لهذا ما رواه ابن ماجة وغيره عن علي رضي الله عنه مرفوعا ستر ما بين الجن وعورات بني ادم اذا دخل الخلاء ان يقول بسم وهو حديث صحيح بمجموع طرقه. ومن الاداب اذا كان في سفر وذهب لقضاء الحاجة ان ينطلق حتى يتوارى عن اصحابه عن المغيرة ابن شعبة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا اراد البراز انطلق حتى لا يراه احد رواه ابو داوود. ومن السنة الا يرفع ثوبه حتى يدنو من الارض. عن ابن عمر رضي الله عنه هما ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا اراد حاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الارض رواه ابو داوود ومن السنة ان يستتر عن الناس. عن عبدالله بن جعفر رضي الله عنه قال كان احب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدف او حائش نخل رواه مسلم ومن الادب الا يبول في طريق الناس بل هذا خلاف الادب ونقيضه. عن ابي هريرة رضي الله عنه ان الله صلى الله عليه وسلم قال اتقوا اللعانين قالوا وما اللعانان يا رسول الله؟ قال الذي يتخلى في طريق ناسي او ظلهم رواه مسلم. وعن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اتقوا الملاعن الثلاث البراز في الموارد وقارعة الطريق والظل. رواه ابو داوود. ومن ادب قضاء الحاجة الا يستقبل المسلم القبلة بغائط ولا بول احتراما لها ولا يستدبرها. والا يستنجي بيده اليمنى عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انما انا لكم بمنزلة الوالد اعلمكم فاذا اتى احدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ولا يستطب بيمينه وكان يأمر بثلاثة احجار وينهى عن الروث والرمة. رواه ابو داوود. والروث رجيع ذي الحافر العظم البالي. وتأمل اخي وفقك الله. ما في قوله انما انا لكم بمنزلة الوالد فكذلك هو عليه الصلاة والسلام بل مقامه اعظم واجل. وهذا فيه بيان ان الابناء عليهم ان يطيعوا الاباء في غير معصية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. وان على الاباء ان يعلموا ابناءهم ما فيه صلاحهم وفلاحهم في الدنيا والاخرة. ففيه اشارة الى التعليم من الاباء للابناء اشارة الى الطاعة من الابناء للاباء. وهو عليه الصلاة والسلام خير من الوالدين. ويجب ان تكون محبته في قلب بكل مسلم اشد من حبه لوالديه واولاده والناس اجمعين. كما قال عليه الصلاة والسلام لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من والده وولده والناس اجمعين. لان النعمة التي ساقها الله تعالى للمسلمين على يديه وهي نعمة الاسلام اعظم واجل نعمة. ولهذا وجب تقديم محبته حتى تكون في قلوبي والنفوس اعظم من محبة الوالد والولد والناس اجمعين. ومن الاداب معاشر الكرام اذا استجمر المسلم بعد قضائه الحاجة الا يستجمر باقل من ثلاث. لما في ذلك من تمام الانقاء ولا لا بأس ان يستعمل ما يقوم مقام الاحجار كالمناديل ونحوها. وله ان يستنجي بالماء وهو افظل. عن انس بن مالك رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا خرج لحاجته اجيء انا وغلام معنا اداوة من ماء يعني يستنجي بها متفق عليه. وعلى المسلم عند قضاء الحاجة ان يحذر من رشاش البول ان يصيب بدنه او ثيابه. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال اما انهما ليعذبان وما يعذبان في كبير. اما احدهما فكان يمشي بالنميمة واما الاخر فكان لا يستتر من بوله متفق عليه. وفي رواية لا يستنزه عن البول او من البول وفي رواية لا يستبرئ من بوله. قال النووي رحمه الله فروي ثلاث روايات يستتر بتائين مثنيتين ويستنزه بالزي والهاء ويستبرئ بالباء الموحدة والهمزة وهذه الثلاثة في البخاري وغيره وكلها صحيحة ومعناها لا يتجنبه ويحترز منه والله اعلم. ولا يجوز للمسلم ان يتكلم وقت قضاءه الحاجة ولا يستغل بشيء من الذكر والدعاء. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال ان رجلا مر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فسلم عليه فلم يرد عليه. رواه مسلم. ففي الحديث دلالة على ان المسلم لا ينبغي ان يتكلم وقت قظاء الحاجة. لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد عليه بشيء. ولا ينبغي له كذلك ان قيل بشيء من الذكر والدعاء والسلام ذكر ودعاء فان النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد السلام على هذا وسلم ويستحب له اذا خرج من الخلاء ان يقول غفرانك. عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا خرج من الخلاء قال غفرانك رواه احمد. وقوله غفرانك في هذا المقام قيل في معناه اي خوفا من تقصيره في اداء شكر هذه النعمة الجليلة ان اطعمه ثم هظمه ثم ما سهل خروجه فرأى شكره قاصرا عن بلوغ حق هذه النعمة فتداركه بالاستغفار. فهذه جملة من الاداب العظيمة لقضاء الحاجة ندب اليها الاسلام وحثت عليها الشريعة وهي تدل على كمال هذا الدين وحسنه وجماله. واما اداب اللباس فان من نعم الله العظيمة على عباده نعمة اللباس بانواعه المختلفة واصنافه العديدة. يقول الله تبارك وتعالى مذكرا بهذه النعمة الله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الانعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم ومن اصوافها واوبارها واشعارها اثاثا ومتاعا الى حين. والله جعل لكم مما خلق وجعل لكم من الجبال اكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك تتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون. فان تولوا فانما عليك البلاغ المبين يعرفون نعمة الله ثم ينكرون واكثرهم الكافرون. فبين جل وعلا في هذه الايات العظيمة نعمته على عباده بان جعل لهم سرابيلا وهي قمصان ونحوها من ثياب القطن والكتان والصوف يتقون بها الحر والبرد ويتجملون بها يسترون بها عوراتهم. فلا ريب ان اللباس نعمة عظيمة ومنة كبيرة يجب على عبد الله المؤمن ان يقوم بشكرها وان يستعملها في طاعة الله ورضوانه وما يقرب اليه. وان يحذر اشد الحذر من مخالفة امر الله في اللباس في صفته ونوعه وشروطه وضوابطه وادابه التي جاءت بها الشريعة وليحذر المسلم في هذا الباب من كيد الشيطان ومكره وطرقه الخفية لصد الانسان عن الحق في هذا الباب وايقاعه في انواع من المخالفات. فقد بين الله تعالى ان عداوة الشيطان للانسان في هذا وغيره قديمة وذكر سبحانه في القرآن احتياله على الابوين ووسوسته لهما ليبدي لهما ما عنهما من سوءاتهما. ودخل عليهما في هذا الامر من طرق خفية. وظهر لهما بصورة الامين وحلف لهما على ذلك ودلاهما بغرور اي انزلهما عن رتبتهما العلية التي هي البعد وعن المعاصي والذنوب الى الوقوع فيها. يقول الله تعالى ويا ادم اسكن انت وزوجك الجنة. فكلا من حيث فشئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكون من الظالمين. فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري هما من سوءاتهما. وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة الا ان تكونا ملكين او تكونا من الخالدين وقاسمهما اني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور. فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخسفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما الم انهكما عن تلكما الشجرة واقل لكما ان الشيطان لكما عدو مبين. قال ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا ترحمنا لنكونن من الخاسرين. فتداركهما الله برحمته ومن عليهما بعفوه فغفر لهما ذلك كما قال سبحانه وعصى ادم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى. هذا وابليس مستمر في طغيانه غير مقلع عن عصيانه. حريص اشد الحرص على اغواء الذرية كما اغواء الابوين. ولهذا اتجه الخطاب في هذا السياق الكريم الى الذرية للحذر من هذا المضل الفتان من ان يفتنهم بالوسوسة كما فعل مع الابوين. قال الله تعالى يا بني ادم قد انزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا. ولباس التقوى ذلك خير ذلك من ايات الله لعلهم يذكرون. فذكرهم سبحانه بما من عليهم ويسر لهم من الباطن والظاهر. فاللباس الباطن هو تقوى الله. وهو يستمر مع العبد ولا يبلى ولا يبيت ما حافظ عليه العبد وهو جمال للقلب والروح واللباس الظاهر هو الذي يستر به المسلم عورته ويواري به سوأته ويكون جمالا له اذا فقد الانسان لباسه الظاهر او نزعه بدت سوءته وفي هذا دليل على ان كشف العورة من عظائم الامور وانه مستهجن في الطبات. ولذلك سميت سوءة لانه يسوء صاحبها انكشافها. واما اللباس الباطن وهو التقوى فبتقدير عدمه فانها تنكشف عورته الباطنة وينال الخزي والفظيحة ويقع في انواع الفساد والرذيلة ويتعرى بذلك من كساء الحياء والخوف والمراقبة والستر والعفة وغير ذلك ولهذا قال الله سبحانه ولباس التقوى ذلك خير. لانه يترتب على صلاحه صلاح الظاهر ويترتب على فساده فساد الظاهر. ثم قال سبحانه بعد تذكيره بهذه النعمة موجها الخطاب للذرية يا بني ادم لا يفتننكم الشيطان كما اخرج ابويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما سوآتهما انه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم. انا جعلنا الشياطين اولياء للذين لا يؤمنون فحذر سبحانه الذرية من ان يفعل بهم الشيطان كما فعل بابيهم بان يزين لهم المعاصي راغبهم في المحرمات ويوقعهم في الخطيئة. واخبر سبحانه ان هذا العدو يراهم من حيث لا يرونه. قال مالك بن دينار ان عدوا يراك ولا تراه لشديد المؤنة الا من عصم الله. واذا كان هذا العدو قد تمكن ببالغ وشدة مكره وتوالي وسوسته ان يخرج الابوين من الجنة. فلا ان يتمكن من ايصال شيء من هذه المضارم شيء من هذه الوساوس الى الذرية من باب اولى. ولا سيما النساء لشدة ضعفهن. وبهذه اللفتة القوية حذر تعالى بني ادم منه بالاحتراز الدائم من كيده ووسوسته. وختم سبحانه الاية بقوله جعلنا الشياطين اولياء للذين لا يؤمنون. اما المؤمنون فليس له سلطان عليهم. انما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون. ولهذا فبقدر ضعف الايمان في الانسان يكون نفوذ الشيطان ايديا ثم ان الله تبارك وتعالى خاطب بني ادم خطابا اخر في هذا السياق له تعلق لباس فقال سبحانه يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب مسرفين. كل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق. قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الايات لقوم يعلمون. فاخبر سبحانه انه اخرج الزينة من انواع اللباس على اختلاف اصنافه والطيبات من الرزق من مأكل ومشرب بجميع انواعه وجميع هذه الاشياء الاصل فيها الاباحة والحل. الا ما جاءت الشريعة بتحريمه. وليس لاحد ان يحرم شيئا من ذلك الا بدليل شرعي صريح. ولذا قال سبحانه قل من حرم زينة الله التي لعباده اي من هذا الذي يقدم على تحريم ما انعم الله به على عباده. ومن ذا الذي يضيق عليهم ما وسعه الله ولهذا فالاصل في العادات من المأكل والمشرب والملبس والذهاب والمجيء والكلام وسائر وفاة معتادة الحل فلا يحرم منها الا ما حرمه الله ورسوله. اما بنص صريح او يدخل في عموم او صحيح والا فسائر العادات حلال كما دل على ذلك النص المتقدم وكذلك قول الله تعالى هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا وغيرهما من النصوص. فالله جل وعلا امر عباده باللباس ولم يعين نوعا منه يجب التزامه وانما الامر في ذلك عائد الى عادات الناس واعرافهم. لكن جاءت الشريعة بجملة من الضوابط والشروط لا بد من مراعاتها في اللباس. وقد بسطها اهل العلم في مؤلفات عديدة. ومن ذلك انه يحرم على المسلم ان يلبس من الثياب ما فيه تشبه بالكفار. فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن التشبه بهم في احاديث عديدة. ففي الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من تشبه بقوم هو منهم رواه ابو داوود. وعن عبد الله ابن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى عليه ثوبين معصر فلا فقال ان هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها رواه مسلم. كما يحرم على الرجال لبس الحرير عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلبسوا الحرير فانه من لبس او في الدنيا لم يلبسه في الاخرة متفق عليه. وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال انما يلبس الحرير من لا خلاق له متفق عليه. ورخص النبي صلى الله عليه وسلم في لبسه لمن به حكة. فعن ان انس ابن مالك رضي الله عنه انبأهم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لعبد الرحمن ابن عوف الزبير بن العوام في القمص الحرير في السفر من حكة كانت بهما او وجع كان بهما متفق عليه وهل يجوز الباسه الصغار؟ اي الحرير؟ قال شيخ الاسلام ابن تيمية واما لباس الحرير للصبيان الذين لم يبلغوا ففيه قولان مشهوران للعلماء لكن اظهرهما انه لا يجوز. فان ما حرم على الرجال فعله حرم عليه ان يمكن منه الصغير. بل عليه ان يأمره بالصلاة اذا بلغ سبع سنين ويظربه عليه اذا بلغ عشرا فكيف يحل له ان يلبسه المحرمات؟ وقد رأى عمر ابن الخطاب على صبي للزبير ثوبا من حرير فمزقه وقال لا تلبسوهم الحرير. وكذلك ابن عمر مزق ثوب حرير كان على ابنه. ويحرم الاسبال في الثياب عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله اليه يوم القيامة متفق عليه. وعن ابي ذر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة لا الله يوم القيامة ولا ينظر اليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم. قال فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار قال ابو ذر خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب رواه مسلم. والثوب الجميل معاشر الكرام ليس من الخيلاء والكبر عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر قال رجل ان الرجل يحب ان يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا قال صلى الله عليه وسلم ان الله جميل يحب الجمال. الكبر بطر الحق وغمط رواه مسلم ويحرم كذلك لباس الشهرة وهو كل لباس يكون به مشتهرا بين الناس. كالخروج من عادة اهل بلده عشيرته فينبغي ان يلبس مما يلبسون لئلا يشار اليه بالاصابع. الا اذا كانت البستهم مخالفة للشريعة فليس له ان يوافقهم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لبس ثوب شهرة في الدنيا البسه الله ثوب مذلة يوم القيامة رواه احمد وعلى المرأة ان تحذر من لباس يفضي بها الى سخط الله وعقابه عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صنفان من اهل النار لم ارهما قوم معهم سياط كاذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كاسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وان ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا رواه مسلم قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وقد فسر قوله كاسيات عاريات بان تكتسي ما لا يسترها فهي كاسية وهي في الحقيقة عارية مثل من تكتسي الثوب الرقيق الذي يصف بشرتها او الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع خلقتها وانما كسوة المرأة ما يسترها فلا يبدي جسمها ولا حجم اعضائها لكونه كثيفا واسعا ويحرم على الرجال التشبه بالنساء وعلى النساء التشبه بالرجال في اللباس وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات اتي من النساء بالرجال رواه البخاري وكان احب الثياب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص عن ام سلمة رضي الله عنها قالت كان احب الثياب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص رواه ابو داوود والقميص ثوب مخيط بكمين وسبب حبه صلى الله عليه وسلم للقميص لانه يستر الاعضاء اكثر من الازار والرداء. ولانه اقل مؤنة واخف على البدن وكان صلى الله عليه وسلم يحب اللون الابيظ في الثياب عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البسوا من ثيابكم البياض فانها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم. رواه الترمذي ولا يجوز اللون الاحمر البحت لما في حديث البراء ابن عازب نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن المياثر الحمر متفق عليه اما اذا كان ليس بالاحمر البحت اي فيه لون اخر فالصحيح جواز لبسه لما في الصحيحين عن البراء رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم مربوعا وقد رأيته في حلة الحمراء ما رأيت شيئا احسن منه ويسن التيامن في اللباس عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في شأنه كله في نعليه وترجله وطهوره متفق عليه ويسن لمن لبس جديدا ان يحمد الله الذي كساه اياه عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا استجد ثوبا سماه باسمه اما او عمامة ثم يقول اللهم لك الحمد انت كسوتني اسألك من خيره وخير ما صنع له واعوذ بك من شره وشر ما صنع له. رواه ابو داوود وعن معاذ بن انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لبس ثوبا فقال الحمد لله الذي هذا الثوب ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. رواه ابو داوود ويسن ان يقال لمن لبس جديدا تبلي ويخلف الله قال ابو نظرة كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اذا لبس احدهم ثوبا جديدا قيل له تبلي ويخلف الله تعالى رواه ابو داوود اصلح الله لنا اجمعين شأننا كله وهدانا اليه صراطا مستقيما. انه سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته