المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحديث السادس والعشرون عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اعطيت خمسا لم يعطهن احد من الانبياء قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الارض كلها مسجدا وطهورا فايما رجل من امتي ادركته الصلاة فليصل واحلت لي الغنائم ولم تحل لاحد قبلي واعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث الى قومه خاصة وبعثت الى الناس عامة متفق عليه قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه فضل نبينا محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم بفضائل كثيرة فاق بها جميع الانبياء فكل خصلة حميدة ترجع الى العلوم النافعة والمعارف الصحيحة والعمل الصالح فلنبينا منها اعلاها وافضلها واكملها ولهذا لما ذكر الله اعيان الانبياء الكرام قال لنبيه اولئك الذين هدى الله فبهداه مقتده وهداهم هو ما كانوا عليه من الفضائل الظاهرة والباطنة وقد تم صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما امر به وفاق جميع الخلق وكذلك خص الله نبينا بخصائص لم يشاركه فيها احد من الانبياء منها هذه الخمس التي عادت الى امته بكل خير وبركة ونفعا احداها انه نصر بالرعب مسيرة شهر وهذا نصر رباني وجند من السماء يعين الله به رسوله وامته المتبعين لهديه فمتى كان عدوه عنه مسافة شهر فاقل فانه مرعوب منه واذا اراد الله نصر احد القى في قلوب اعدائه الرعب قال تعالى سنلقيه في قلوب الذين كفروا الرعب بما اشركوا اه ما لم ينزل به سلطانا والقى في قلوب المؤمنين من القوة والثبات والسكينة والطمأنينة ما هو اعظم اسباب النصر فالله تعالى وعد نبينا وامته بالنصر العظيم وان يعينهم باسباب ارشدهم اليها كالاجتماع والائتلاف والصبر والاستعداد للاعداء بكل مستطاع من القوة الى غير ذلك من الارشادات الحكيمة وساعدهم بهذا النصر وقد فعل تبارك وتعالى كما هو معروف من حال نبينا المتبعين له من خلفائه الراشدين والملوك الصالحين تم لهم من النصر والعز العظيم في اسرع وقت ما لم يتم لغيرهم الثانية قوله وجعلت لي الارض كلها مسجدا وطهورا وحقق ذلك بقوله فاينما ادركت احدا من امتي الصلاة فعنده مسجده وطهوره فجميع بقاع الارض مسجد يصلى فيها من غير استثناء الا ما نص الشارع على المنع منه وقد ثبت النهي عن الصلاة في المقبرة والحمام واعطاني الابل وكذلك الموضع المغصوب والنجس لاشتراط الطهارة لبدن المصلي وثوبه وبقعته وكذلك من عدم الماء او ضره استعماله فله العدول الى التيمم بجميع ما تصاعد على وجه الارض سواء التراب الذي له غبار او غيره كما هو صريح هذا الحديث مع قوله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم ايديكم منه فان الصعيد كل ما تصاعد على وجه الارض من جميع اجزائها ويدل على ان التيمم على الوجه واليدين ينوب منال طهارة الماء ويفعل به من الصلاة والطواف ومس المصحف وغير ذلك ما يفعل بطهارة الماء والشارع اناب التراب مناب الماء عند تعذر استعماله فيدل ذلك على انه اذا تطهر بالتراب ولم ينتقض وضوءه لم يبطل تيممه بخروج الوقت ولا بدخوله وانه اذا نوى التيمم للنفل استباح به الفرض كطهارة الماء وان حكمه حكم الماء في كل الاحكام في حالة التعذر الثالثة قوله واحلت لي الغنائم ولم تحل لاحد قبلي وذلك لكرامته على ربه وكرامة امته وفضلهم وكمال اخلاصهم فاحلها لهم ولم ينقص من اجر جهادهم شيئا وحصل بها لهذه الامة من سعة الارزاق وكثرة الخيرات والاستعانة على امور الدين والدنيا شيء لا يمكن عده ولهذا قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم وجعل رزقي تحت ظل رمحي اما من قبلنا من الامم فان جهادهم قليل بالنسبة لهذه الامة وهم دون هذه الامة بقوة الايمان والاخلاص فمن رحمته بهم انه منعهم من الغنائم لان لا يخل باخلاصهم والله اعلم الرابعة قوله واعطيت الشفاعة وهي الشفاعة العظمى التي يعتذر عنها كبار الرسل وينتدب لها خاتمهم محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم فيشفعه الله في الخلق ويحصل له المقام المحمود الذي يحمده فيه الاولون والاخرون واهل السماوات والارض وتنال امته من هذه الشفاعة الحظ الاوفر والنصيب الاكمل ويشفع لهم شفاعة خاصة فيشفعه الله تعالى وقد قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم لكل نبي دعوة قد تعجلها وقد خبأت دعوتي شفاعة لامتي فهي نائلة ان شاء الله من مات لا يشرك بالله شيئا وقال اسعد الناس بشفاعتي من قال لا اله الا الله خالصا من قلبه الخامسة قوله وكان النبي اي جنس الانبياء يبعث الى قومه خاصة وبعثت الى الناس عامة وذلك لكمال شريعته وعمومها وسعتها واشتمالها على الصلاح المطلق وانها صالحة لكل زمان ومكان ولا يتم الصلاح الا بها وقد اسست للبشر اصولا عظيمة متى اعتبروها صلحت لهم دنياهم كما صلح لهم دينهم