المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. تلك ايات الكتاب الحكيم يشير تعالى اشارة دالة على التعظيم الى ايات الكتاب الحكيم اياته محكمة صدرت من حكيم خبير من احكامها انها جاءت باجل الالفاظ وافصحها وابينها. الدالة على اجل المعاني واحسنها. ومن احكامها انها محفوظة من التغيير والتبديل والزيادة والنقص والتحريف. ومن احكامها ان جميع ما فيها من الاخبار السابقة واللاحقة. والامور كلها مطابقة للواقع. مطابق لها الواقع. لم يخالفها كتاب من الكتب الالهية. ولم يخبر بخلافها نبي من الانبياء ولم يأتي ولن يأتي علم محسوس ولا معقول صحيح يناقض ما دلت عليه. ومن احكامها انها ما امرت بشيء الا وهو خالص او راجحها ولا نهت عن شيء الا وهو خالص المفسدة او راجحها. وكثيرا ما يجمع بين الامر بالشيء مع ذكر حكمته فائدته والنهي عن شيء مع ذكر مضرته. ومن احكامها انها جمعت بين الترغيب والترهيب. والوعظ البليغ الذي تعتدل به النفوس وتحتكم فتعمل بالحزم. ومن احكامها انك تجد اياته المتكررة كالقصص والاحكام ونحوها. قد اتفقت كلها فليس فيها تناقض ولا اختلاف. فكلما ازداد بها البصير تدبرا. واعمل فيها العقل تفكرا. انبهر عقله وذهل لبه من التوافق والتواطؤ وجزم جزما لا يمترى فيه انه تنزيل من حكيم حميد ولكن مع انه حكيم يدعو الى كل خلق كريم. وينهى عن كل خلق لئيم. اكثر الناس محرومون الاهتداء به. معرضون عن الايمان والعمل به الا من وفقه الله تعالى وعصمه. وهم المحسنون في عبادة ربهم والمحسنون الى الخلق. فانه هدى لهم الى الصراط المستقيم ويحذرهم من طرق الجحيم. ورحمة لهم تحصل لهم به السعادة في الدنيا والاخرة. والخير الكثير والثواب الجزيل والفرح والسرور. ويندفع عنهم الضلال والشقاء ثم وصف المحسنين بالعلم التام وهو اليقين الموجب للعمل والخوف من عقاب الله فيتركون عاصية ووصفهم بالعمل وخص من العمل عملين فاضلين الصلاة المشتملة على الاخلاص ومناجاة الله تعالى والتعبد العام القلب واللسان والجوارح المعينة على سائر الاعمال. والزكاة التي تزكي صاحبها من الصفات الرذيلة. وتنفع اخاه المسلم. وتسد حاجته ويبين بها ان العبد يؤثر محبة الله على محبته للمال. فيخرجه محبوبه من المال لما هو احب اليه. وهو طلب مرضاة الله. فاولئك هم المحسنون الجامعون بين العلم التام والعمل على هدى اي عظيم كما يفيده التنكير وذلك الهدى حاصل لهم وواصل اليهم من ربهم الذي لم يزل يربيهم بالنعم ويدفع عنهم النقم. وهذا الهدى الذي اوصله اليهم من تربيته الخاصة باولياءه وهو افضل انواع التربية. الذين ادركوا رضا ربهم وثوابه الدنيوي والاخروي وسلموا من سخطه وعقابه. وذلك لسلوكهم طريق الفلاح الذي لا طريق له غيرها. ولما ذكر تعالى المهتدين بالقرآن المقبلين عليه ذكر من اعرض عنه ولم يرفع به رأسا. وانه عوقب على ذلك بان تعوض عنه كل باطل من القول فترك اعلى الاقوال واحسن الحديث واستبدل به اسفل قول واقبحه. فلذلك قال فلهم عذاب مهين. اي ومن الناس من هو محروم مخذول. يشتري اي يختار ويرغب. رغبة من يبذل الثمن الشيء لهو الحديث اي الاحاديث المنهية للقلوب الصادة لها عن اجل مطلوب. فدخل في هذا كل كلام محرم وكل كل لغو وباطل وهذا ان من الاقوال المرغبة في الكفر والفسوق والعصيان. ومن اقوال الراضين على الحق المجادلين بالباطل ليدحكوا وبه الحق ومن غيبة ونميمة وكذب وشتم وسب. ومن غناء ومزامير شيطان ومن الماجريات الملهية. التي لا نفع فيها في دين ولا دنيا فهذا الصنف من الناس يشتري لهو الحديث عن هدي الحديث ليضل الناس بغير علم. اي بعدما ضل بفعله اضل غيره لان الاضلال ناشئ عن الضلال. واضلاله في هذا الحديث صده عن الحديث النافع. والعمل النافع والحق المبين والصراط مستقيم ولا يتم له هذا حتى يقدح في الهدى والحق. ويتخذ ايات الله هزوا ويسخر بها وبمن جاء بها. فاذا بين مدح الباطل والترغيب فيه والقدح في الحق والاستهزاء به وباهله اضل من لا علم عنده وخدعه بما يوحيه اليه من القول الذي لا يميزه ذلك الضال ولا يعرف حقيقته اولئك لهم عذاب مهين. بما ضلوا واضلوا واستهزأوا بايات الله وكذبوا الحق ولهذا قال واذا تتلى عليه اياتنا ليؤمن بها وينقاد لها ولى مستكبرا اي ادبر ادبار مستكبر عنها راد لها ولم تدخل قلبه ولا اثرت فيه بل ادبر عنها بل كأن في اذنيه وقرا اي صمما لا تصل اليه الاصوات فهذا لا حيلة في هدايته فبشره بشارة تؤثر في قلبه الحزن والغم. وفي بشرته السوء والظلمة والغبرة. بعذاب اليم مؤلم لقلبه ولبدنه لا يقادر قدره ولا يدرى بعظيم امره. وهذه بشارة اهل الشر. فلا نعمة البشارة. واما بشارة اهل الخير فقال ان الذين امنوا وعملوا الصالحات لهم جنات نعيم جمعوا بين عبادة الباطل بالايمان والظاهر بالاسلام والعمل الصالح. بشارة لهم بما قدموا فقرا لهم بما اسلفوه. خالدين فيها وعد الله حقا فيها اي في جنات النعيم. نعيم القلب والروح والبدن. وعد الله حقا. لا يمكن ان يخلف ولا يغير ولا يتبدل وهو العزيز الحكيم. كامل العزة كامل الحكمة من عزته وحكمته. وفق من وفق وخذل من خذل بحسب ما اقتضاه علمه فيهم وحكمته وانزلنا من السماء ما انبتنا يتلو تعالى على عباده اثارا من اثار قدرته وبدائع من بدائع حكمته ونعما من اثار رحمته فقال خلق السماوات السبع على عظمها وسعتها وكثافتها وارتفاعها الهائل بغير عمد اي ليس لها عمد ولو كان لها عمد لرؤيت وانما استقرت واستمسكت بقدرة الله تعالى والقى في الارض رواسي اي جبالا عظيمة ركزها في ارجائها وانحائها لان لا تميد بكم. فلولا الجبال الراسيات لمادت الارض ولما استقرت ساكنيها وبث فيها من كل دابة اي نشر في الارض الواسعة من جميع اصناف الدواب التي هي مسخرة لبني ادم ولمصالحهم ولما بثها في الارض علم تعالى انه لابد لها من رزق تعيش به. فانزل من السماء ماء مباركا كريم المنظر نافع مبارك فرتعت فيه كل الدواب المنبثة اليه كل حيوان هذا اي خلق العالم العلوي والسفلي من جماد وحيوان وسوق ارزاق الخلق اليهم خلق الله وحده لا شريك له. كل مقر بذلك حتى انتم يا معشر المشركين فاروني ماذا خلق الذين من دونه. اي الذين جعلتموهم له شركاء تدعونهم وتعبدونهم يلزم على هذا ان يكون لهم خلق كخلقه ورزق كرزقه فان كان لهم شيء من ذلك فارونيه. ليصح ما ادعيتم فيه من استحقاق العبادة ومن المعلوم انهم لا يقدرون ان يروه شيئا من الخلق لها. لان جميع المذكورات قد اقروا انها خلق الله وحده. ولا ثم شيء يعلم غيرها فثبت عجزهم عن اثبات شيء لها تستحق به ان تعبد. ولكن عبادتهم اياها عن غير علم وبصيرة. بل عن جهل وضلال. ولهذا قال اي جلي واضح حيث عبدوا من لا يملك نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا. وتركوا الاخلاص للخالق الرازق المالك لكل الامور