مطار الملك المعبود والتمتع بقربه والنظر الى وجهه وسماع خطابه نزولا لهم اي ضيافة وقرى فاعمالهم التي تفضل الله بها عليهم. هي التي اوصلتهم لتلك المنازل الغالية العالية. التي لا المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي لما ذكر تعالى الكافرين باياته وما اعد لهم من العذاب. ذكر المؤمنين بها ووصفهم وما اعد لهم من الثواب. فقال انما يؤمن باياتنا اي ايمانا حقيقيا من يوجد منه شواهد الايمان وهم الذين اذا ذكروا بايات ربهم فتليت عليهم ايات القرآن واتتهم النصائح على ايدي رسل الله وادعوا الى التذكر سمعوها فقبلوها وانقادوا وخروا سجدا اي خاضعين قيل لها خضوع ذكر لله وفرح بمعرفته لا بقلوبهم ولا بابدانهم فيمتنعون من الانقياد لها بل متواضعون لها وقد تلقوها بالقبول والتسليم وقابلوها بالانشراح والتسليم. وتوصلوا بها الى مرضاة الرب الرحيم. واهتدوا بها الى الصراط المستقيم تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزق تتجافى جنوبهم عن المضاجع اي ترتفع جنوبهم وتنزعج عن مضاجعها اللذيذة الى ما هو الذ عندهم منه واحب اليهم. وهو الصلاة في الليل ومناجاة الله تعالى. ولهذا قال يدعون ربهم اي في جلب المصالح الدينية والدنيوية ودفع مضارهما. خوفا وطمعا اي جامعين بين الوصفين. خوفا ان ترد اعمالهم طمعا في قبولها خوفا من عذاب الله وطمعا في ثوابه. ومما رزقناهم ينفقون. ومما رزقناهم من الرزق قليلا كان او كثيرا ينفقون. ولم يذكر قيد النفقة ولا المنفق عليه ليدل على العموم. فانه يدخل فيه النفقة الواجبة كالزكوات والكفارات ونفقات الزوجات والاقارب والنفقة المستحبة في وجوه الخير والنفقة والاحسان المالي خير مطلقا سواء وافق غنيا او فقيرا قريبا او بعيدا. ولكن الاجر يتفاوت بتفاوت النفع. فهذا عملهم واما جزاؤهم فقال بما كانوا يعملون. فلا تعلم نفس يدخل فيه جميع الخلق لكونها نكرة في سياق النفي. اي فلا يعلم احد ما اخفي لهم من قرة اعين. من الخير الكثير والنعيم الغزير والفرح والسرور واللذة والحبور. كما قال تعالى على لسان رسوله. اعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت. ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. فكما صلوا في الليل ودعوا واخفوا العمل. جازاهم من جنس عملهم. فاخفى اجرهم. ولهذا فقال بما كانوا يعملون افمن كان مؤمنا ينبه تعالى العقول على ما تقرر فيها من عدم تساوي متفاوتين المتباينين وان حكمته تقتضي عدم تساويهما فقال افمن كان مؤمنا قد عمر قلبه بالايمان وانقاذ جوارحه لشرائعه واقتضى ايمانه اثاره وموجباته من ترك مساخط الله التي يضر وجودها بالايمان. كمن كان قد خرب قلبه وتعطل من الايمان. فلم يكن فيه وازع ديني فاسرعت جوارحه بموجبات الجهل والظلم. من كل اثم وخرج بفسقه عن طاعة الله. افيستوي هذان الشخصان؟ لا يستوون عقلا وشرعا كما لا يستوي الليل والنهار والضياء والظلمة وكذلك لا يستوي ثوابهما في الاخرة فعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى. فلهم جنات المأوى نزل بما كانوا يعملون. اما الذين امنوا وعملوا الصالحات من فروض ونوافل. فلهم جنات المأوى اي الجنات التي هي مأوى اللذات ومعدن الخيرات ومحل الافراح. ونعيم القلوب والنفوس والارواح. ومحل الخلود يمكن التوصل اليها ببذل الاموال ولا بالجنود والخدم. ولا بالاولاد بل ولا بالنفوس والارواح. ولا يتقرب اليها بشيء اصلا قوى الايمان والعمل الصالح واما الذين فسقوا فمأواهم النار. اي مقرهم ومحل خلودهم. النار التي جمعت كل عذاب وشقاء. ولا يفتر عنهم العقاب ابو ساعة. فكلما حدثتهم قادتهم بالخروج لبلوغ العذاب منهم كل مبلغ. ردوا اليها فذهب عنهم روح ذلك الفرج. واشتد عليهم الكرب. وقيل فهذا عذاب النار. الذي يكون فيه مقرهم ومأواهم واما العذاب الذي قبل ذلك ومقدمة له وهو عذاب البرزخ. فقد ذكره بقوله من العذاب الادنى دون العذاب الاكبر لعلهم يرجعون اي ولا نذيقن من الفاسقين المكذبين نموذجا من العذاب الادنى. وهو عذاب البرزخ. فنذيقهم طرفا منه قبل ان يموتوا. اما بعذاب بالقتل ونحوه كما جرى لاهل بدر من المشركين واما عند الموت كما في قوله تعالى ولو ترى اذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا ايديهم اخرجوا انفسكم اليوم تجزون عذاب الهون. ثم يكمل لهم العذاب الادنى في برزخهم. وهذه الاية من الادلة على اثبات عذاب القبر ودلالتها ظاهرة فانه قال ولنذيقنهم من العذاب الادنى. اي بعض وجزء منه فدل على ان اثم عذابا ادنى قبل العذاب الاكبر وهو عذاب النار. ولما كانت الاذاقة من العذاب الادنى في الدنيا قد لا يتصل بها الموت. فاخبر تعالى انه يذيقهم ذلك لعلهم يرجعون اليه ويتوبون من ذنوبهم كما قال تعالى ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون اي لا احد اظلم وازيد تعديا ممن ذكر بايات ربه التي ولها اليه ربه الذي يريد تربيته. وتكميل نعمته عليه على يد رسله. تأمره وتذكره مصالحه الدينية والدنيوية وتنهاه عن مضاره الدينية والدنيوية. التي تقتضي ان يقابلها بالايمان والتسليم. والانقياد والشكر. فقابلها هذا الظالم بضد ما ينبغي فلم يؤمن بها ولا اتبعها بل اعرض عنها وتركها وراء ظهره. فهذا من اكبر المجرمين الذين يستحقون شديد النقمة ولهذا قال وجعلناه هدى لبني اسرائيل لما ذكر تعالى ايات التي ذكر بها عباده وهو القرآن الذي انزله على محمد صلى الله عليه وسلم ذكر انه ليس ببدع من الكتب ولا من جاء به بغريب من الرسل فقد اتى الله موسى الكتاب الذي هو التوراة المصدقة للقرآن التي قد صدقها القرآن فتطابق حقهما ثبت برهانهما فلا تكن في مرية من لقائه. لانه قد تواردت ادلة الحق وبيناته. فلم يبق للشك والمرية محل. وجعل وجعلناه اي الكتاب الذي اتينا موسى هدى لبني اسرائيل يهتدون به في اصول دينهم وفروعه. وشرائعه موافقة لذلك الزمان في بني اسرائيل. واما هذا القرآن الكريم فجعله الله بداية للناس كلهم لانه هداية للخلق في امر دينهم ودنياهم الى يوم القيامة وذلك لكماله وعلوه وانه في في الكتاب لدينا لعلي حكيم. وجعلنا منهم ائمة يهدون بامرنا لما صبروا وكانوا وجعلنا منهم اي من بني اسرائيل ائمة يهدون بامرنا اي علماء بالشرع وطرقنا هداية مهتدين في انفسهم يهدون غيرهم بذلك الهدى. فالكتاب الذي انزل اليهم هدى. والمؤمنون به منهم على قسمين ائمة يهدون بامر الله واتباع مهتدون بهم. والقسم الاول ارفع الدرجات بعد درجة النبوة والرسالة. وهي درجة الصديق وانما نالوا هذه الدرجة العالية بالصبر على التعلم والتعليم. والدعوة الى الله والاذى في سبيله. وكفوا انفسهم عن جماحهم في المعاصي واسترسالها في الشهوات. اي وصلوا في الايمان بايات الله الى درجة اليقين وهو العلم التام الموجب للعمل. وانما وصلوا الى درجة اليقين. لانهم تعلموا تعلما صحيحا. واخذوا المسائل عن ادلتها لليقين فما زالوا يتعلمون المسائل ويستدلون عليها بكثرة الدلائل حتى وصلوا لذاك. فبالصبر واليقين الامامة في الدين. وثم مسائل اختلف فيها بنو اسرائيل. منهم من اصاب فيها الحق ومنهم من اخطأه خطأ او عمدا ان ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون. والله تعالى يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون. وهذا القرآن يقص على بني اسرائيل بعض الذي يختلفون فيه. فكل خلاف وقع بينهم ووجد في القرآن تصديق لاحد القولين فهو الحق وما عداه مما خالفه باطل يعني اولم بين لهؤلاء المكذبين للرسول ويهديهم الى الصواب. كم اهلكنا من قبلهم من القرون الذين سلكوا مسلكهم؟ يمشون في مساكنهم تشاهدونها عيانا كقوم هود وصالح وقوم لوط. ان في ذلك ايات يستدل بها على صدق الرسل التي جاءتهم. وبطلان ما هم عليه من الشرك والشر. وعلى ان من فعل مثل فعلهم فعل بهم كما فعل باشاعه من قبل. وعلى ان الله تعالى مجازي العباد. وباعثهم للحشر والتناد. افلا يسمعون ما ايات الله فيعونها فينتفعون بها. فلو كان لهم سمع صحيح وعقل رجيح. لم يقيموا على حالة يجزم بها بالهلاك. او اولم يرو بابصارهم نعمتنا وكمال حكمتنا؟ انا نسوق الماء الى الارض الجرز التي الى نبات فيها في سوق الله المطر الذي لم يكن قبله موجودا فيها فيفرغه فيها من السحاب او من الانهار فنخرج به زرعا عن اي نباتا مختلف الانواع تأكل منه انعامهم وانفسهم افلا يبصرون تأكل منه عامهم وهو نبات البهائم وانفسهم وهو طعام الادميين. افلا يبصرون تلك التي احيا الله بها البلاد والعباد. فيستبصرون فيهتدون بذلك البصر. وتلك البصيرة الى الصراط المستقيم. ولكن قلب عليهم العمى واستولت عليهم الغفلة. فلم يبصروا في ذلك بصر الرجال. وانما نظروا الى ذلك نظر الغفلة. ومجرد العادة فلم يوفقوا للخير. ان يستعجل المجرمون بالعذاب الذي وعدوا به على التكذيب جهلا منهم ومعاندة. ويقولون متى هذا الفتح الذي يفتح بيننا وبينكم بتعذيبنا على زعمكم ان كنتم ايها الرسل صادقين في دعواكم قل يوم الفتح الذي يحصل به عقابكم لا تستفيدون به شيئا. فلو كان اذا حصل حصل امهالكم لتستدركوا ما فاتكم حين صار الامر عندكم يقينا لكان لذلك وجه. ولكن اذا جاء يوم الفتح انقضى الامر ولم يبق محل فلا ينفع الذين كفروا ايمانهم. لانه صار ايمان ضرورة. اي يمهلون فيؤخر عنهم العذاب فيستدركون امرهم فاعرض عنهم لما وصل خطابهم الى حالة الجهل واستعجال العذاب وانتظر الامر الذي يحل بهم فانه لابد ده منه ولكن له اجل اذا جاء لا يتقدم ولا يتأخر. انهم منتظرون بك ريب المنون. ومتربصون بكم دوائر السوء. والعاقبة للتقوى