بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين ما زلنا بالكلام عن الصفات التي ينبغي ان تكون عند الناقد الذي يتمكن من نقد الاخبار والحكم عليها صحة وضعفا وانتهى بنا المقام الى نقضي كلام ابن كثير حينما نقل عن بعض الحفاظ معرفتنا بهذا اهانة عند الجهل وليس معنى هذا الكلام ان علم الحديث مبني على غير قواعد باء بل ان هذا العلم من اكثر العلوم تأصيلا واعظمها تقعيدا ولكن لصعوبة هذا الفن وشدته على غير اهله. قيل ذلك واصل هذا الكلام هو ما اسنده ابن ابي حاتم في مقدمة العلل الى عبدالرحمن بن مهدي قال انكارنا الحديث عند الجهال كهانا واسند عنه ايضا قوله معرفة الحديث الهام وهذان النصان في كتاب الجامع العلوم والحكم وليس معنى هذا على الحقيقة فهذا الخطاب انما يخاطب به من لا يحسن صنعة الحديث ولا يدرك غور اسراره وهذا الخطاب ايضا للمبتدئ حتى يعرف صعوبة الفن ودقته ليأخذ الطالب باسبابه قال الخطيب في الجامع لاخلاق الراوي علم يخلقه الله تعالى في القلوب بعد طول الممارسة له والاعتناء به وقد اجاد الدكتور علي الصياح حينما علق على قول عبد الرحمن ابن مهدي بقوله ربما يفهم بعضها يعني ربما يفهم بعض هذا الكلام على غير مراده لكن لما كان علم العلل خفيا ودقيقا وبحاجة الى كثرة الطلب وسعة حفظ وجودة فكر ودقة نظر وتوفيق من الله اولا واخرا هو ما توافر لاولئك النقاد اصبح عند من لا يحسنه نوعا من الكهانة وللهم اذا التصحيح والتضعيف امر يحتاج الى صفات تكون عند الناقض ونحن لا بد ان نقدر لكل اهل زمان طاقتهم ومقدرتهم فلكل زمان قومه ولابد من التنبيه الى ما اشار اليه الحافظ المتقن علي ابن المديني قال لا يقاس الرجل الا باقرانه واهل زمانه فلقد قلت مرة سعيد اعلم من حماد ابن زيد فبلغ ذلك يحيى ابن سعيد فشق ذلك عليه بان لا يقاتل رجل بمن هو ارفع منه لا لا يقول سفيان اعلم من الشعبي واي شيء كان عند الشعب مما عند سفيان وقيل لعلي بن المهديني ان انسانا قال ان مالكا افقه من الزهري فقال علي انا لا اقيس مالة الى الزهري ولا اقيس الزهري الى سعيد ابن الى سعيد ابن المسيب نحن ننتفع بهذه النصوص على ان امر التصحيح والاعلال امر يحتاج الى مزيد من العناية وان الانسان لا يبرز في هذا كما برز اولئك الائمة المتقدمون لكن الله سبحانه وتعالى امرنا بالاجتهاد والتعلم وامرنا ان نجد في تحصيل العلم حتى لو لم نبلغ تلك المراتب العالية فعلى طالب العلم ان يسدد ويقارب اذا لابد من الحديث ان يعرف مصطلحات علماء الحديث بالجملة ولابد من معرفة مناهج ائمة الحديث ومعرفة طرائقهم في هذا الفن مع ظرورة ادمان النظر في كتب النقد مع جودة الفهم ومع ترداد المقروء مع دقة تامة في النظر هذا ما يسمى بالتأصيل. انا سمعت اليوم لحلقة الشيخ البطاطي يتحدث فيها عن التأصيل مع دقة تامة في النظر والتطبيق العملي المستمر وحفظ الرجال الذين تدور عليهم الاسانيد ومراتب الرواة وطبقات الرواة ومعرفة الاسانيد الصحيحة والمعلق ومعرفة قرائن الترجيح وطرقه ومعرفة الثقات من الضعفاء ومعرفة مواليدهم ووفياتهم وبلدانهم ومعرفة المكثرين من رواة الحديث ومعرفة مراتب اصحابهم فيهم كاصحاب الزفري وقتادة ونحوهما من المكثرين مع لزوم معرفة اشهر الاسانيد ومعرفة المدلسين والمختلطين ومعرفة المنقطع من الاساليب حتى يكون من العارفين بعلم الحديث وحتى يكون حسن الترجيح لدى الاختلاف ولذلك هذا الامر التصحيح والاعلال لابد ان يكون الانسان على تقوى كبيرا يتقي الانسان ربه في السر والعلن والغضب والربا ومن تتبع سير من برع في هذا فن من السابقين والمتأخرين والمعاصرين وجد لهم وجد ان لهم اعمالا صالحة ظاهرة وخفية ومراقبة عظيمة لله تعالى هذا هو السبب في ان وفقهم الله تعالى على الصواب في هذا الفن العظيم ثم لابد من الصبر والجلد وطول النفس في البحث والتفتيش واستفاد الوسع مع الانصاف والعدل والفطنة والذكاء مع اظهار الذل والافتقار للعلي القهار والالحاح اي بالدعاء وصدق اللجأ الى الله تعالى قال الحافظ الذهبي قال محمد ابن بركة الحلبي سمعت عثمان ابن خرزان يقول يحتاج صاحب الحديث الى خمس فان عدمت واحدة فهي نقص يحتاج الى عقل جيد ودينا وضبط وحذاقة بالصناعة مع امانة تعرف منه قلت طبعا القائد الذهبي الامانة جزء من الدين والظبط داخل في الحدق فالذي يحتاج اليه الحافظ ان يكون تقيا ذكيا نحويا لغويا ذكيا حييا سلفيا يكفيه ان يكتب بيده مئتي مجلد ويحصل من الدواوين المعتبرة خمسمئة مجلد وان لا يكثر من طلب العلم الى الممات بنية خالصة وتواضع والا فلا يتعنى. طبعا هذا قاله في السير الجزء الثالث عشر صحيفة ثلاث مئة وثمانين وابن القيم قال ينبغي للمفتي الموفق اذا نزلت به المسألة ان ينبعث من قلبه الافتقار الحقيقي الحالي للعلم المجرد الى ملهم الصواب ومعلم الخير وهذا القلوب ان يلهمه الصواب ويفتح له طريق السداد يدله على حكمه الذي شرعه لعباده في هذه المسألة فمتى قرأ هذا الباب فقد قرع باب التوفيق وما اجدر من ان اما لفضل ربه ان لا يحرمه اياه. فاذا وجد في قلبه هذه الهمة فهي طلائع بشرى التوفيق فعليه ان يوجه وجهه ويحدق نظره الى منبع الهدى ومعدن الصواب ومطلع الرشد وهو النصوص من القرآن والسنة واثار الصحابة فيستفرغ وسعه في تعرف حكم تلك النازلة منها فان ظفر بذلك اخبر به وان اشتبه عليه بادر الى التوبة. والاستغفار والاكثار من ذكر الله تعالى فان العلم نور يقذفه الله في قلب عبده اذا لا بد للانسان من اخلاص في الظاهر والباطن حتى يوفق هذا وبالله التوفيق