المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي اي لم يكن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ابى احد من رجالكم ايها الامة فقطع انتساب زيد ابن حارثة منه من هذا الباب ما كان هذا النفي عاما في جميع الاحوال ان حمل ظاهر اللفظ على ظاهره اي لا ابوة نسب ولا ابوة ادعاء وقد كان تقرر فيما تقدم ان الرسول صلى الله عليه وسلم اب للمؤمنين كلهم وازواجه امهاتهم. فاحترز ان يدخل في هذا النوع بعموم النهي المذكور. فقال ولكن رسول الله وخاتما النبيين اي هذه مرتبته. مرتبة المطاع المتبوع المهتدى به المؤمن له. الذي يجب تقديم محبته على محبة كل احد. الناصح لهم اي للمؤمنين. الذي من بره ونصحه كأنه اب لهم. اي قد احاط علمه بجميع الاشياء ويعلم حيث يجعل رسالاته ومن يصلح لفضله ومن لا يصلح يا ايها الذين امنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه يأمر تعالى المؤمنين بذكره ذكرا كثيرا. من تهليل وتحميد وتسبيح وتكبير وغير ذلك من كل قول فيه قربة الى الله واقل ذلك ان يلازم الانسان اوراد الصباح والمساء وادبار الصلوات الخمس وعند العوارض وينبغي مداومة ذلك في جميع الاوقات على جميع الاحوال فان ذلك عبادة يسبق بها العامل وهو مستريح وداع الى محبة الله ومعرفته وعون على الخير وكف اللسان عن الكلام القبيح. اي اولا واخرة لفضلها وشرفها وسهولة العمل فيها آآ ليخرجكم من الظلمات الى النور. كان مؤمنين رحيما تحيتهم يوم يلقونه سلام اين من رحمته بالمؤمنين ولطفه بهم ان جعل من صلاته عليهم وثنائه وصلاة ملائكته ودعائهم ما يخرجهم من ظلمات الذنوب والجهل الى نور الايمان والتوفيق والعلم والعمل. فهذه اعظم نعمة انعم بها على العباد الطائعين. تستدعي منهم شكرها والاكثار من ذكر الله الذي لطف بهم ورحمهم وجعل حملة عرشه افضل الملائكة ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين امنوا فيقول يقولون ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما. فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم. ربنا وادخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من ابائهم وازواجهم وذرياتهم انك انت العزيز الحكيم وقهم السيئات ومن تقي السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم. فهذه رحمته ونعمته عليهم في الدنيا واما رحمته بهم في الاخرة فاجل رحمة وافضل ثواب. وهو الفوز برضا ربهم وتحيتهم واستماع كلامه الجليل ورؤية وجهه الجميل وحصول الاجر الكبير. الذي لا يدري ولا يعرف كونه الا من اعطاهم اياه. ولهذا قال ان يا ايها النبي انا ارسلناك شاهدا ومبشرا هذه الاشياء التي وصف الله بها رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم. هي المقصود من رسالته وزبدتها التي اختص بها وهي خمسة اشياء احدها كونه شاهدا اي شاهدا على امته بما عملوه من خير وشر. كما قال تعالى لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا. فكيف اذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا فهو صلى الله عليه وسلم شاهد عدل مقبول. الثاني والثالث كونه مبشرا ونذيرا. وهذا يستلزم ذكر المبشر والمنذر وما يبشر به وينذر. والاعمال الموجبة لذلك. فالمبشر هم المؤمنون المتقون. الذين جمعوا بين الايمان والعمل الصالح. وترك المعاصي لهم البشرى في الحياة الدنيا بكل ثواب دنيوي وديني رتب على الايمان والتقوى. وفي الاخرى بالنعيم المقيم. وذلك كله يستلزم ذكر تفصيل المذكور من تفاصيل الاعمال وخصال التقوى وانواع الثواب. والمنظر هم المجرمون الظالمون. اهل الظلم والجهل لهم النذارة في الدنيا من العقوبات الدنيوية والدينية المرتبة على الجهل والظلم وفي الاخرى بالعقاب الوبيل والعذاب طويل وهذه الجملة تفصيلها ما جاء به صلى الله عليه وسلم من الكتاب والسنة المشتمل على ذلك. الرابع كونه داعية الى الله. اي ارسله الله يدعو الخلق الى ربهم ويسوقهم لكرامته. ويأمرهم بعبادته التي خلقوا لها. وذلك يستلزم استقامته على ما يدعو اليه. وذكرى تفاصيل ما يدعو اليه بتعريفهم لربهم بصفاته المقدسة وتنزيهه عما لا يليق بجلاله وذكر انواع العبودية والدعوة الى الله باقرب طريق ممكن اليه واعطاء كل ذي حق حقه. واخلاص الدعوة الى الله لا الى نفسه وتعظيمها. كما قد يعرض ذلك لكثير من النفوس في هذا المقام وذلك كله باذن الله تعالى له في الدعوة وامره وارادته وقدره. الخامس كونه سراجا منيرا. وذلك يقتضي ان الخلق في في ظلمة عظيمة لا نور يهتدى به في ظلماتها. ولا علم يستدل به في جهالاتها. حتى جاء الله بهذا النبي الكريم. فاضاء الله به تلك الظلمات وعلم به من الجهالات وهدى به ضلالا الى الصراط المستقيم. فاصبح اهل الاستقامة قد وضح لهم الطريق. فمشوا خلف هذا الامام وعرفوا به الخير والشر. واهل السعادة من اهل الشقاوة. واستناروا به لمعرفة معبودهم. وعرفوه باوصافه الحميدة وافعاله السديدة واحكامها الرشيدة وقوله ذكر في هذه الجملة المبشر وهم المؤمنون. وعند ذكر الايمان بمفرده تدخل فيه الاعمال الصالحة وذكر المبشر به وهو الفضل الكبير اي العظيم الجليل الذي لا يقادر قدره من النصر في الدنيا وهداية القلوب وغفران الذنوب وكشف الكروب وكثرة الارزاق الضارة وحصول النعم السارة والفوز برضا ربهم وثوابه والنجاة من سخطه وعقابه. وهذا مما ما ينشط العاملين ان يذكر لهم من ثواب الله على اعمالهم ما به يستعينون على سلوك الصراط المستقيم. وهذا من جملة حكم الشرع. كما ان من حكمه ان يذكر في مقام الترهيب العقوبات المرتبة على ما يرهب منه. ليكون عونا على الكف عما حرم الله. ولما كانت ثمة طائفة من الناس مستعدة للقيام بصد الداعين الى الله من الرسل واتباعهم. وهم المنافقون الذين اظهروا الموافقة في الايمان وهم كفرة فجرت في الباطن والكفار ظاهرا وباطنا. نهى الله رسوله عن طاعتهم وحذره ذلك. فقال وتوكل على الله ولا تطع الكافرين والمنافقين اي في كل امر يصد عن سبيل الله ولكن لا يقتضي هذا اذاهم بل لا تطعهم ودع اذاهم. فان ذلك جالب لهم وداع الى قبول الاسلام. والى كف كثير من اذيتهم له ولاهله. وتوكل توكل على الله في اتمام امرك وخذلان عدوك وكفى بالله وكيلا توكل اليه الامور المهمة فيقوم بها ويسهلها على عبده يا ايها الذين امنوا اذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوه يخبر تعالى المؤمنين انهم اذا نكحوا المؤمنات ثم طلقوهن من قبل ان يمسوهن. فليس عليهن في ذلك عدة يعتدها ازواجهن عليهن. وامرهن بتمتيعهن بهذه الحالة بشيء من متاع الدنيا. الذي يكون فيه جبر لخواطرهن. لاجل فراقهن وان يفارقوهن فراقا جميلا من غير مخاصمة ولا مشاتمة ولا مطالبة ولا غير ذلك. ويستدل بهذه الاية على ان الطلاق لا الا بعد النكاح فلو طلقها قبل ان ينكحها او علق طلاقها على نكاحها لم يقع لقوله اذا نكحتم المؤمنات ثم طلقن فجعل الطلاق بعد النكاح. فدل على انه قبل ذلك لا محل له. واذا كان الطلاق الذي هو فرقة تامة وتحريم تام. لا قبل النكاح فالتحريم الناقص لظهار او ايلاء ونحوه. من باب اولى واحرى ان لا يقع قبل النكاح. كما هو اصح قولي العلماء يدل على جواز الطلاق لان الله اخبر به عن المؤمنين على وجه لم يلمهم عليه ولم يؤنبهم مع تصدير الاية بخطاب المؤمنين على جوازه قبل المسيس. كما قال في الاية الاخرى لا جناح عليكم ان طلقتم النساء ما لم تمسوهن. وعلى ان المطلقة قبل الدخول لا عدة عليها بل بمجرد طلاقها يجوز لها التزوج حيث لا مانع. وعلى ان عليها العدة بعد الدخول. وهل المراد بالدخول والمسيس الوطئ كما هو مجمع عليه او وكذلك الخلوة ولو لم يحصل معها وطئ كما افتى بذلك الخلفاء الراشدون وهو الصحيح فمن دخل عليها ام لا اذا خلا بها وجب عليها العدة؟ وعلى ان المطلقة قبل المسيس تمتع على الموسع قدره. وعلى المقطر قدره. ولكن هذا اذا لم يفرض لها مهر فان كان لها مهر مفروض. فانه اذا طلق قبل الدخول تنصف المهر. وكفى عن المتعة. وعلى انه ينبغي لمن فارق قبل الدخول او بعده ان يكون الفراق جميلا. يحمد فيه كل منهما الاخر. ولا يكون غير جميل. فان في ذلك من الشر المرتب عليه من قدف كل منهما بالاخر شيء كثير. وعلى ان العدة حق للزوج لقوله فما لكم عليهن من عدة دل مفهومه انه لو بعد المسيس كان له عليها عدة. وعلى ان المفارقة بالوفاة تعتد مطلقا. لقوله ثم طلقتموهن. وعلى ان من عدا غير المدخول بها من المفارقات من الزوجات بموت او حياة عليهن العدة لك ازواجك اللاتي اتيت اجورهن وما ملكت يمينك مما افاء الله عليك وامرأة يقول تعالى ممتنا على رسول باحلاله لهما احل مما يشتركه هو والمؤمنون. وما ينفرد به ويختص. يا ايها النبي انا احللنا لك ازواجك اللاتي اتيت اجور اي اعطيتهن مهورهن من الزوجات. وهذا من الامور المشتركة بينه وبين المؤمنين. فان المؤمنين كذلك يباح لهم ما اتوهن اجورهن من الازواج وكذلك احللنا لك ما ملكت يمينك. اي الاماء التي ملكت مما افاء الله عليك من غنيمة الكفار من عبيدهم والاحرار من لهن زوج منهم ومن لا زوج لهن وهذا ايضا مشترك. وكذلك من المشترك قوله شمل العم والعمة والخالة والخالة القريبين والبعيدين وهذا حصر المحللات. يؤخذ من مفهومه ان ما عاداهن من الاقارب غير محلل. كما تقدم في سورة النساء فانه لا يباح من الاقارب من النساء غير هؤلاء الاربع. وما عداهن من الفروع مطلقا. والاصول مطلقا. وفروع الاب والام. وان نزلوا وفروع فوقهم لصلبه فانه لا يباح. وقوله اللاتي هاجرن معك قيد لحل هؤلاء للرسول. كما هو الصواب من القولين في تفسير هذا هذه الاية واما غيره عليه الصلاة والسلام فقد علم ان هذا قيد لغير الصحة واحللنا لك امرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي بمجرد هبتها نفسها ان اراد النبي ان يستنكحها اي هذا الارادة والرغبة خالصة لك من دون المؤمنين. يعني اباحة موهبة. واما المؤمنون فلا يحل لهم ان يتزوجوا امرأة بمجرد هبتها نفسها لهم في ازواجهم وما ملكت ايمانهم لكي لا يكون عليك قد علمنا ما فرضنا عليهم في ازواجهم وما ملكت ايمانهم. اي قد علمنا ما على وما يحل لهم وما لا يحل من الزوجات وملك اليمين. وقد علمناهم بذلك وبينا فرائضه. فما في هذه الاية مما يخالف ذلك فانه خاص لكون الله جعله خطابا للرسول وحده بقوله يا ايها النبي انا احللنا لك وقوله خالصة لك من دون المؤمنين وابحنا لك يا ايها النبي ما لم نبح لهم ووسعنا لك ما لم نوسع على غيرك لكي لا يكون عليك حرج وهذا من زيادة اعتناء الله تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم وكان الله غفورا رحيما. اي لم يزل متصفا بالمغفرة والرحمة. وينزل على عباده من مغفرته ورحمته وجوده واحسانه ما اقتضته حكمته ووجدت منهم اسباب