المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الغني المغني قال تعالى يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد وانه هو اغنى واغنى فهو تعالى الغني بذاته الذي له الغنى التام المطلق من جميع الوجوه والاعتبارات لكماله وكمال صفاته التي لا يتطرق اليها نقص بوجه ولا يمكن الا ان يكون غنيا لان غناه من لوازم ذاته فكما لا يكون الا خالقا رازقا رحيما محسنا فلا يكون الا غنيا عن جميع الخلق لا يحتاج اليهم بوجه من الوجوه ولا يمكن ان يكونوا كلهم الا مفتقرين اليه من كل وجه لا يستغنون عن احسانه وكرمه وتدبيره وتربيته العامة والخاصة طرفة عين ومن كمال غناه ان خزائن السماوات والارض بيده وان نجوده على خلقه متواصل اناء الليل والنهار وان يمينه سحاء في كل وقت ومن كمال غناه انه يدعو عباده الى سؤاله كل وقت ويعدهم عند ذلك بالاجابة ويأمرهم بعبادته ويعدهم القبول والاثابة وقد اتاهم من كل ما سألوه واعطاهم كل ما ارادوه وتمنوه ومن كمال غناه انه لو اجتمع اهل السماوات والارض واول الخلق واخرهم في صعيد واحد. فسألوه كل ما تعلقت به مطالبهم فاعطاهم سؤلهم لم ينقص ذلك مما عنده الا كما ينقص المخيط اذا غمس في البحر ومن كمال غناه العظيم الذي لا يقادر قدره ولا يمكن وصفه ما يبسطه على اهل دار كرامته من اللذات المتتابعات والكرامات المتنوعات والنعم المتفننات مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فهو الغني بذاته المغني جميع مخلوقاته اغنى عباده بما بسط لهم من الارزاق وما تابع عليهم من النعم التي لا تعد ولا تحصى وبما يسره من الاسباب الموصلة الى الغنى واخص من ذلك انه اغنى خواص عباده بما افاضه على قلوبهم من المعارف والعلوم الربانية والحقائق الايمانية حتى تعلقت قلوبهم به ولم يلتفتوا الى احد سواه وهذا هو الغنى العالي. كما قال صلى الله عليه وسلم ليس الغنى عن كثرة العرض. انما الغنى غنى القلب فمتى غني القلب بالله وبما فيه من المعارف وحقائق الايمان وغني برزقه وقنع به وفرح بما اعطاه الله صار العبد الذي وصل الى هذه الحال لا يغبط الملوك واهل الرئاسات لانه حصل له الغنى الذي لا يبغي به بدلا والذي به يطمئن القلب وتسر به الروح وتفرح به النفس فنسأل الله ان يغني قلوبنا بالهدى والنور والمعرفة والقناعة وان يمدنا من واسع فضله وحلاله