الفخر والخيلاء والزينة وقهر العباد بالجبروت من الامور المذمومة الموروثة عن الامم الطاغية. كما قال الله في قصة عاد وان كار هود عليهم قال اتبنون بكل ريع اية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله قصة هود عليه السلام. بعث الله هودا عليه السلام الى قومه عادا الاولى. المقيمين بالاحقاف من رمال حضرموت لما كثر شرهم وتجبروا على عباد الله وقالوا من اشد منا قوة مع شركهم بالله وتكذيبهم لرسل الله فارسلهم الله اليهم يدعوهم الى عبادة الله وحده وينهاهم عن الشرك والتجبر على العباد. ويدعوهم بكل وسيلة ويذكرهم ما انعم الله عليهم به من خير الدنيا والبسطة في الرزق والقوة. فردوا دعوته وتكبروا عن اجابته وقالوا يهود ما جئتنا بينة وهم كاذبون في هذا الزعم فانه ما من نبي الا اعطاه الله من الايات ما على مثله يؤمن البشر. ولو لم يكن من يأتي الرسل الا نفس الدين الذي جاءوا به اكبر دليل انه من عند الله. لاحكامه وانتظامه للمصالح في كل زمان حسبه وصدق اخباره وامره بكل خير ونهيه عن كل شر. وان كل رسول يصدق من قبله ويشهد له ويصدقه من بعده ويشهد له. ومن ايات هود الخاصة انه متفرد وحده في دعوته وتسفيه احلامهم وتضليلهم والقدح في بهاتهم وهم اهل البطش والقوة والجبروت. وقد خوفوه بالهتهم ان لم ينتهي ان تمسه بجنون او سوء. فتحداهم علنا وقال لهم جهارا اني اشهد الله واشهدوا باني بريء مما تشركون. من دونه تكيدوني جميعا ثم لا تنظرون. اني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة الا ها هو اخذ بناصيتها. ان ربي على صراط مستقيم. فلم يصلوا اليه بسوء. فاي اية اعظم منها هذا التحدي لهؤلاء الاعداء الحريصين على ابطال دعوته بكل طريق. فلما انتهى طغيانهم تولى عنهم وحذرهم العذاب فجاءهم العذاب معترضا في الافق. وكان الوقت وقت شدة عظيمة. وحاجة شديدة الى المطر. فلما استبشروا وقالوا هذا عارض ممطرنا. قال الله بل هو ما استعجلتم به بقولكم فاتنا بما تعدنا ان كنت من من الصادقين ريح فيها عذاب اليم. تدمر كل شيء. تمر عليه. سخرها الله سبع ليال وثمانية لايام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم اعجاز نخل خاوية. فاصبحوا لا يرى الا مساكنهم. كذلك نجزي القوم المجرمين. فبعدما كانت الدنيا لهم ضاحكة. والعز بليغ. ومطالب الحياة متوفرة. وقد لهم من حولهم من الاقطار والقبائل. اذ ارسل الله اليهم ريحا صرصرا في ايام نحسات. لنذيقهم عذاب في الحياة الدنيا والعذاب الاخرة اخزى وهم لا ينصرون. واتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة الا ان عادا كفروا ربهم الا بعدا لعاد قوم هود. ونجى الله هودا ومن معه من المؤمنين ان في ذلك لاية على كمال قدرة الله واكرامه الرسل واتباعهم ونصرهم في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد واية على ابطال الشرك. وان عواقبه شر العواقب واشنعها. واية على البعث والنشور. فوائد من ايه القصة فيها ما تقدم من قصة نوح من الفوائد المشتركة بين الرسل. ومنها ان الله بحكمته يقص علينا نبأ الامم مجاورين لنا في جزيرة العرب وما حولها. لان القرآن يذكر اعلى الطرق في التذكير. والله تعالى صرف فيه التذكيرات تصريف نافعا ولا ريب ان الاقطار النائية عنا في مشارق الارض ومغاربها قد بعث الله اليهم رسلا ولهم معهم نظير للمذكورين من اجابة ورد واكرام وعقوبة. وما من امة الا بعث الله فيهم رسولا. ولكن نفعنا بتذكير قيرنا بما حولنا وما نتناقله جيلا بعد جيل. بل نشاهد اثارهم ونمر بديارهم كل وقت. ونفهم واتهم وطبائعهم اقرب الى طبائعنا. لا ريب ان نفع هذا عظيم وانه اولى من تذكيرنا بامم لم نسمع لهم بذكر ولا خبر ولا نعرف لغاتهم ولا تتصل الينا اخبارهم بما يطابق ما يخبرنا الله به. فيؤخذ من هذا ان تذكير الناس بما هو اقرب الى عقولهم. وانسب لاحوالهم. وادخلوا على مداركهم وانفع لهم من غيره. اولى من التذكير راتب طرق اخرى وان كانت حقا. لكن الحق يتفاوت والمذكر والمعلم اذا سلك هذا الطريق واجتهد في ايصال العلم والخبر الى الناس بالوسائل التي يفهمونها ولا ينفرون منها او تكون اقرب لاقامة الحجة عليهم نفع وانتفع ترى الباري الى هذا في اخر قصة عاد فقال ولقد اهلكنا ما حولكم من القرى وصرفنا الايات اي نوعناها بكل فن ونوع لعلهم يرجعون. اي ليكون اقرب لحصول الفائدة. ومنها ان اتخاذ المباني الفخمة وبالجملة فالبنايات للقصور والحصون والدور وغيرها من الابنية اما ان تتخذ مساكن للحاجة اليها حاجات تتنوع وتختلف. فهذا النوع من الامور المباحة. وقد يتوسل به بالنية الصالحة الى الخير. واما ان تكون البنايات حصونا واقية لشرور الاعداء. وثغورا تحفظ بها البلاد ونحوها مما ينفع المسلمين. ويقيهم الشر. فهذا نوع يدخل في الجهاد في سبيل الله. وهو داخل في الامر باتخاذ الحذر من الاعداء. واما ان يكون للفخر والخيلاء والبطش بعباد الله وتبذير الاموال التي يتعين صرفها في طرق نافعة. فهذا النوع هو المذموم الذي انكره الله على عاد وغير ومنها ان العقول والاذهان والذكاء وما يتبع ذلك من القوة المادية. وما يترتب عليها من النتائج والاثار وان عظمت بلغت مبلغا هائلا فانها لا تنفع صاحبها الا اذا قارنها الايمان بالله ورسله. واما الجاحد لايات الله لرسل الله فانه وان استدرج في الحياة وامهل فان عاقبته وخيمة. وسمعه وبصره وعقله لا يغني عنه شيئا اذا جاء امر الله كما قال الله عن عاد ولقد مكناهم فيما ان مكناكم فيه وجعلنا لهم امعو وابصارا وافئدة. فما اغنى عنهم سمعهم ولا ابصارهم. ولا افئدتهم من شيء. اذ كانوا يحذون بايات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون. وفي الاية الاخرى فما اغنت عنهم الهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء امر ربك وما زادوهم غير تتبيب