ليوفيهم اجورهم اي اجور اعمالهم على حسب قلتها وكثرتها وحسنها وعدمه ويزيدهم من فضله عن اجورهم غفر لهم السيئات وقبل منهم القليل من الحسنات ان الله بعباده لخبير بصير يذكر تعالى المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي يذكر تعالى خلقه للاشياء المتضادات التي اصلها واحد ومادتها واحدة. وفيها من من التفاوت والفرق ما هو مشاهد معروف. ليدل العباد على كمال قدرته وبديع حكمته. فمن ذلك ان الله تعالى انزل من السماء فاخرج به من الثمرات المختلفات والنباتات المتنوعات. ما هو مشاهد للناظرين؟ والماء واحد والارض واحدة ومن ذلك الجبال التي جعلها الله اوتادا للارض تجدها جبالا مشتبكة بل جبلا واحدا وفيها الوان متعددة جدد بيض اي طرائق بيض وفيها طرائق صفر وحمر وفيها غرابيب سود. اي شديدة السواد جدا والانعام مختلف الوانه كذلك. انما لا يخشى الله من عباده العلماء ان الله عزيز غفور ومن ذلك الناس والدواب والانعام فيها من اختلاف الالوان والاوصاف والاصوات والهيئات ما هو مرئي بالابصار مشهود للنظار والكل من اصل واحد ومادة واحدة. فتفاوتها دليل عقلي على مشيئة الله تعالى التي خصصت ما خصص منها بلونه ووصفه وقدرة الله تعالى حيث اوجدها كذلك. وحكمته ورحمته حيث كان ذلك الاختلاف وذلك التفاوت فيه من المصالح والمنافع ومعرفة الطرق ومعرفة الناس بعضهم بعضا ما هو معلوم. وذلك ايضا دليل على سعة علم الله الله تعالى وانه يبعث من في القبور. ولكن الغافل ينظر في هذه الاشياء وغيرها نظر غفلة. لا تحدث له التذكر وانما ينتفع وبها من يخشى الله تعالى ويعلم بفكره الصائب وجه الحكمة فيها. ولهذا قال فكل من كان بالله اعلم كان اكثر له خشية واوجبت له خشية الله الانكفار عن المعاصي والاستعداد للقاء من يخشاه. وهذا دليل على فضيلة العلم. فانه داع الى خشية الله واهل خشيته. هم اهل كرامته كما قال تعالى رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه ان الله عزيز كامل العزة. ومن عزته خلق هذه المخلوقات المتضادات. غفور لذنوب التائبين ان الذين يتلون كتاب الله واقاموا الصلاة وانفقوا مما رزقنا رزقناهم سرا وعلانيتين ان الذين يتلون كتاب الله ان يتبعونه في اوامره فيمتثلون وفي نواهيه فيتركونها وفي اخباره فيصدقونها ويعتقدونها. ولا يقدمون عليه ما خالفه من الاقوال. ويتلون ايضا الفاظه بدراسته ومعانيه بتتبعها واستخراجها ثم خص من التلاوة بعدما عم الصلاة التي هي عماد الدين المسلمين وميزان الايمان وعلامة صدق الاسلام والنفقة على الاقارب والمساكين واليتامى وغيرهم من الزكاة والكفارات والنذور والصدقات سرا وعلانية في جميع الاوقات يرجون بذلك تجارة لن تبور. اي لن تكسد وتفسد. بل تجارة هي اجل التجارات واعلاها وافضلها. الا هي رضا ربهم والفوز بجزيل ثوابه والنجاة من سخطه وعقابه. وهذا فيه انهم يخلصون باعمالهم. وانهم لا يرجون من المقاصد السيئة والنيات الفاسدة شيئا. وذكر انهم حصل لهم ما رجوه. فقال ان الكتاب الذي اوحاه الى رسوله هو الحق من كثرة ما اشتمل عليه من الحق كان الحق منحصر فيه فلا يكن في قلوبكم حرج منه ولا تتبرموا منه ولا تستهينوا به. فاذا كان هو الحق لزم ان كل ما دل عليه من المسائل الالهية والغيبية وغيرها مطابق لما في الواقع فلا يجوز ان يراد به ما يخالف ظاهره وما دل عليه. مصدقا لما بين يديه من الكتب والرسل انها اخبرت به فلما وجد وظهر ظهر به صدقها فهي بشرت به واخبرت وهو صدقها. ولهذا لا يمكن احدا ان يؤمن من الكتب السابقة وهو كافر بالقرآن ابدا. لان كفره به ينقض ايمانه بها. لان من جملة اخبارها الخبر عن القرآن ولان اخبارها مطابقة لاخبار القرآن فيعطي كل امة وكل شخص ما هو اللائق بحاله. ومن ذلك ان الشرائع السابقة لا تليق الا بوقتها زمانها ولهذا ما زال الله يرسل الرسل رسولا بعد رسول حتى ختمهم بمحمد صلى الله عليه وسلم فجاء بهذا الشرع الذي يصلح لمصالح الخلق الى يوم القيامة ويتكفل بما هو الخير في كل وقت. ولهذا لما كانت هذه الامة اكمل الامم عقولا واحسنهم افكارا وارقهم قلوبا وازكاهم انفسا. اصطفاهم الله تعالى واصطفى لهم دين الاسلام. واورثهم الكتاب المهيمن على سائر الكتب ولهذا قال ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا وهم هذه الامة. فمنهم ظالم لنفسه بالمعاصي التي هي دون الكفر. ومنهم مقتصد مقتصر على ما يجب عليه. تارك للمحرم ومنهم سابق بالخيرات اي سارع فيها واجتهد فسبق غيره. وهو المؤدي للفرائض المكثر من النوافل التارك للمحرم والمكروه. فكلهم اصطفاهم الله تعالى لورثة هذا الكتاب وان تفاوتت مراتبهم وتميزت احوالهم. فلكل منهم قسط من وراثته حتى الظالم لنفسه فان ما معه من اصل الايمان وعلوم الايمان واعمال الايمان من وراثة الكتاب. لان المراد بوراثة الكتاب وراثة علمه وعمله ودراسة الفاظه واستخراج معانيه. وقوله باذن الله راجع الى السابق بالخيرات. لان لا يغتر بل ما سبق الى الخيرات الا بتوفيق الله تعالى ومعونته. فينبغي له ان يشتغل بشكر الله تعالى على ما انعم به عليه اي وراثة الكتاب الجليل لمن اصطفى تعالى من عباده هو الفضل الكبير الذي جميع نعم بالنسبة اليه كالعدم فاجل النعم على الاطلاق. واكبر الفضل وراثة هذا الكتاب. ثم ذكر جزاء الذين اورثهم كتابه فقال جنات عدن يدخلونها اي جنات مشتملات على الاشجار والظل والظليل والحدائق الحسنة والانهار المتدفقة والقصور العالية والمنازل المزخرفة في ابد لا يزول وعيش لا ينفد. والعدل الاقامة فجنات عدن جنات اقامة اضافها للاقامة لان الاقامة والخلود وصفها ووصف اهلها يحلون في بها من اساور من ذهب وهو الحلي الذي يجعل في اليدين على ما يحبون. ويرون انه احسن من غيره. الرجال والنساء في الحلية في جنة سواء ويحلون فيها لؤلؤا ينظم في ثيابهم واجسادهم ولباسهم فيها حرير. من سندس ومن استبرق اخضر ولما تم نعيمهم وكملت لذتهم. وقالوا الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن ان ربنا لغفور شكور. وقالوا الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن. وهذا كل حزن فلا حزن يعرض لهم بسبب نقص في جمالهم ولا في طعامهم وشرابهم ولا في لذاتهم ولا في اجسادهم ولا في دوام فهم في نعيم ما يرون عليه مزيدا. وهو في تزايد ابد الاباد ان ربنا لغفور حيث غفر لنا الزلات شكور حيث قبل منا الحسنات وضاعفها اعطانا من فضله ما لم تبلغه اعمالنا ولا امانينا. فبمغفرته نجوا من كل مكروه ومرهوب. وبشكره وفضله حصل لهم كل مرغوب محبوب الذي احلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا لا يمسنا فيها لغوم. الذي احلنا اي انزلنا نزول حلول واستقرار. لا نزول معبر واعتبار دار المقامة. اي الدار التي تدوم فيها الاقامة. والدار التي يرغب في المقام فيها. لكثرة خيراتها. وتوالي مساراتها وزوال قدراتها وذلك الاحلال من فضله علينا وكرمه لا باعمالنا فلولا فضله لما وصلنا الى ما اليه. اي لا في الابدان ولا في القلب والقوى ولا في كثرة التمتع. وهذا يدل على ان الله تعالى يجعل ابدانهم في نشأة كاملة. ويهيئ لهم من اسباب الراحة على الدوام ما يكونون بهذه الصفة بحيث لا يمسهم نصب ولا لغوب ولا هم ولا حزن. ويدل على انهم لا ينامون في الجنة لان النوم فائدته زوال التعب. وحصول الراحة به. واهل الجنة بخلاف ذلك. ولانه موت اصغر. واهل لا يموتون جعلنا الله منهم بمنه وكرمه