المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي كذلك نجزي كل كفور لما ذكر تعالى حال اهل الجنة ونعيمهم ذكر حال اهل النار وعذابهم. فقال والذين كفروا اي جحدوا ما جاءت به رسلهم من البينات وانكروا لقاء ربهم لهم نار جهنم يعذبون فيها اشد العذاب وابلغ العقاب يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها. لا يقضى عليهم بالموت فيموت فيستريح ولا يخفف عنهم من عذابها. فشدة العذاب وعظمه مستمر عليهم في جميع الانات واللحظات كذلك نجزي كل كفور. وهم يصطرحون فيها ربنا اخرجنا ان اعمل صالحا غير الذي كنا نعمل. وهم يصطرخون فيها اي يصرخون تصايحون ويستغيثون ويقولون صالحا غير الذي كنا نعمل فاعترفوا بذنوبهم وعرفوا ان الله عدل فيهم. ولكن سألوا الرجعة في غير وقتها. فيقال لهم فذوقوا فما للظالمين من اولم نعمركم اي دهرا وعمرا ما يتذكر فيه من تذكر اي يتمكن فيه من اراد التذكر من العمل متعناكم في الدنيا وادررنا عليكم الارزاق وقيضنا لكم اسباب الراحة ومددنا لكم في العمر وتابعنا الايات واوصلنا اليكم النذر. وابتليناكم بالسراء والضراء. لتنيبوا الينا وترجعوا الينا. فلم ينجح فيكم انذار ولم تفيد فيكم موعظة واخرنا عنكم العقوبة حتى اذا انقضت اجالكم وتمت اعماركم ورحلتم عن دار الامكان باشر الحالات ووصلتم الى هذه الدار دار الجزاء على الاعمال. سألتم الرجعة هيهات هيهات. فات وقت الامكان وغضب الرحيم الرحمن واشتد عليكم عذاب النار ونسيكم اهل الجنة فامكثوا فيها خالدين مخلدين وفي العذاب مهانين ولهذا قال ينصرهم فيخرجهم هم منها او يخفف عنهم من عذابها ان الله عالم غيب السماوات والارض انه عليم لما ذكر تعالى جزاء اهل الدارين وذكر اعمال الفريقين اخبر تعالى عن سعة علمه تعالى واطلاعه على غيب السماوات والارض. التي غابت عن ابصار الخلق وعن علمهم. وانه عالم بالسرائر. وما تنطوي في عليه الصدور من الخير والشر. والزكاء وغيره فيعطي كلا ما يستحقه. وينزل كل احد منزلته ففي الارض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم ولا يزيد الكافرين كفرهم الا خسارة. يخبر تعالى عن كمال حكمته رحمته بعباده انه قدر بقضائه السابق ان يجعل بعضهم يخلف بعضا في الارض ويرسل لكل امة من الامم النذر انظر كيف يعملون. فمن كفر بالله وبما جاءت به رسله. فان كفره عليه. وعليه اثمه وعقوبته. ولا يحمل عنه احد ولا يزداد الكافر بكفره الا ما اقترب به له وبغضه اياه. واي عقوبة اعظم من مقت الرب الكريم اي يخسرون انفسهم واهليهم واعمالهم ومنازلهم في الجنة. فالكافر لا يزال في زيادة من الشقاء والخسران والخزي عند الله وعند خلقه والحرمان السماوات ان اتيناهم كتابا ام اتيناهم كتابا فهم على بينة يقول تعالى معجزا لالهة المشركين ومبينا نقصها وبطلان شركه من جميع الوجوه. قل يا ايها الرسول لهم ارأيتم اي اخبروني عن شركائكم الذين تدعون من دون الله هل هم مستحقون للدعاء والعبادة؟ فاروني ماذا خلقوا من الارض؟ هل خلقوا بحرا؟ ام خلقوا جبالا او خلقوا حيوانا او خلقوا جمادا. سيقرون ان الخالق لجميع الاشياء هو الله تعالى. ام لشركائكم شركة في السماوات في خلقهما وتدبيرها سيقولون ليس لهم شركة. فاذا لم يخلقوا شيئا ولم يشاركوا الخالق في خلقه. فلما عبدتموهم مع اقراركم بعجزهم. فانتفى الدليل العقلي على صحة عبادتهم. ودل على بطلانها. ثم ذكرت دليل السمعي وانه ايضا منتف فلهذا قال ام اتيناهم كتابا يتكلم بما كانوا به يشركون. يأمرهم بالشرك وعبادة الاوثان. فهم في شركهم على بينة من ذلك الكتاب الذي نزل عليهم في صحة الشرك ليس الامر كذلك فانهم ما نزل عليهم كتاب قبل القرآن ولا جاءهم نذير قبل رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ولو قدر نزول كتاب اليهم وارسال رسول اليهم وزعموا انه امرهم بشركهم فانا نجزم بكذبهم لان الله قال وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون. فالرسل والكتب كلها متفقة على الامر باخلاص الدين لله تعالى. وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء. فان قيل اذا كان الدليل العقلي والنقلي قد دل على بطلان الشرك. فما الذي حمل المشركين على الشرك؟ وفيهم ذوو العقول والذكاء والفطنة. اجاب تعالى اي ذلك الذي مشوا عليه ليس لهم هم فيه حجة فانما ذلك توصية بعضهم لبعض به. وتزيين بعضهم لبعض. واقتداء المتأخر بالمتقدم الضال. واماني من نهى وزين لهم سوء اعمالهم فنشأت في قلوبهم وصارت صفة من صفاتها. فعسر زوالها وتعسر انفصالها. فحصل ما حصل من الاقامة على الكفر والشرك الباطل المضمحل ان الله يمسك السماوات والارض ان تزولا. ولان زالتا ان امسكهما من يخبر تعالى عن كمال قدرته وتمام رحمته وسعة حلمه ومغفرته. وانه تعالى يمسك السماوات والارض عن الزوال. فانهما لو زالتا ما امسكهما احد من الخلق. ولعجز قدرهم وقواهم عنها. ولكنه تعالى قضى ان يكون كما وجد ليحصل للخلق القرار. والنفع والاعتبار. وليعلموا من عظيم سلطانه وقوة قدرته ما به تمتلئ قلوبهم له اجلالا وتعظيما. ومحبة وتكريما وليعلموا كمال حلمه ومغفرته لامهال المذنبين وعدم معاجلته للعاصين. مع انه لو امر السماء لحصبتهم ولو اذن للارض لابتلعتهم ولكن وسعت ومغفرته وحلمه وكرمه انه كان حليما غفورا نذير ما زادهم الا نفورا. اي واقسم هؤلاء الذين كذبوك يا رسول الله. قسما من اجتهدوا فيه بالايمان الغليظة اي اهدى من اليهود والنصارى اهل الكتب. فلم يفوا بتلك الاقسامات والعهود. فلما جاءهم نذير لم يهتدوا ولم اهدى من احدى الامم بل لم يدوموا على ضلالهم الذي كان. بل ما زادهم ذلك الا نفورا. زيادة ضلال وبغي وعناد استكبارا في الارض ومكر السيء ولا يحيق المكر السيء الا باهله. فهل فهل ينظرون الا الاولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا اه وليس اقسامهم المذكور بقصد حسن وطلب للحق والا لوفقوا له. ولكنه صادر عن استكبار في الارض على الخلق على الحق وبهرجة في كلامهم هذا يريدون به المكر والخداع. وانهم اهل الحق الحريصون على طلبه فيغتر به المغترون ويمشي خلفهم المقتدون. ولا يحيق المكر السيء الذي مقصوده مقصود سيء. ومآله وما يرمي اليه سيء باطل الا باهله. فمكرهم انما يعود عليهم. وقد ابان الله لعباده في هذه المقالات وتلك الاقسامات. انهم كذبة في ذلك مزورون فاستبان خزيهم وظهرت فضيحتهم. وتبين قصدهم السيء فعاد مكرهم في نحورهم. ورد الله كيدهم في صدورهم فلم يبق لهم الا انتظار ما يحل بهم من العذاب. الذي هو سنة الله في الاولين. التي لا تبدل ولا تغير. ان كل من سار في الظلم والعناد والاستكبار على العباد ان يحل به نقمته وتسلب عنه نعمته فليترقب هؤلاء ما فعل باولئك اشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات يحض تعالى على السير في الارض في القلوب القلوب والابدان للاعتبار لا لمجرد النظر والغفلة. وان ينظروا الى عاقبة الذين من قبلهم ممن كذبوا الرسل. وكانوا اكثر منهم اموالا واولادا واشد قوة. وعمروا الارض اكثر مما عمرها هؤلاء. فلما جاءهم العذاب لم تنفعهم قوتهم. ولم تغني عنهم اموالهم ولا اولادهم من الله شيئا. ونفذت فيهم قدرة الله ومشيئته كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الارض. لكمال علمه وقدرته ثم ذكر تعالى كمال حلمه وشدة امهاله وانظاره ارباب الجرائم والذنوب. فقال ولكن يؤخرهم الى اجل اجلهم بعباده بصيرا. ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا من الذنوب. ما ترك على ظهرها من دابة اين استوعبت العقوبة حتى الحيوانات غير المكلفة؟ ولكن يمهلهم تعالى ولا يهملهم ويؤخرهم الى اجل مسمى اجلهم كان بعباده فيجازيهم بحسب ما علمه منهم من خير وشر