من عبادة هؤلاء واخلصوا العبادة للذي بيده الملك والنفع والضر والعطاء والمنع وهو الولي النصير كقولهم انا نعلم ما يسرون وما يعلنون. اي فلا يحزنك يا ايها الرسول. قول المكذبين في غاية البعد على ما يعهد من قدرة البشر. وهذا القول الذي صدر من هذا الانسان غفلة منه. ونسيان لابتداء خلقه. فلو فطن القه بعد ان لم يكن شيئا مذكورا فوجد عيانا لم يضرب هذا المثل. فاجاب تعالى عن هذا الاستبعاد بجواب شاف كاف المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. يقول تعالى ومن نعمره من بني ادم ادم ننكسه في الخلق ان يعودوا الى الحالة التي ابتدأ حالة الضعف. ضعف العقل وضعف القوة. افلا يعقلون ان الادمي ناقص من كل لوجه فيتدارك قوتهم وعقولهم فيستعملونها في طاعة ربهم ينزه تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم عما رماه به المشركون من انه شاعر وان الذي جاء به شعر فقال وما علمناه الشعر وما ينبغي له ان يكون شاعرا اي هذا من الجنس المحالي ان يكون شاعرا. لانه رشيد مهتد والشعراء غاوون. يتبعهم الغاوون. ولان الله تعالى حسم جميع الشبه التي يتعلق بها الضالون على رسوله. فحسم ان يكون يكتب او يقرأ واخبر انه ما علمه الشعر وما ينبغي له اي ما هذا الذي جاء به الا ذكر يتذكر به اولو الالباب؟ جميع المطالب الدينية فهو عليها اتم اشتمال وهو يذكر العقول ما ركز الله في فطرها من الامر بكل حسن والنهي عن كل قبيح اي مبين لما يطلب بيانه. ولهذا حذف المعمول ليدل على انه مبين لجميع الحق. بادلته التفصيلية والاجماعية مالية والباطل وادلة بطلانه. انزله الله كذلك على رسوله القول على الكافرين. لينذر من كان حيا اي حي القلب واعية. فهو الذي يزكو على هذا القرآن وهو الذي يزداد من العلم منه والعمل ويكون القرآن لقلبه بمنزلة المطر للارض الطيبة الزاكية. لانهم قامت عليهم به حجة الله وانقطع احتجاجهم فلم يبقى لهم ادنى عذر وشبهة يدلون بها مما عملت ايدينا انعاما فهم لها مالكون. ودللناها لهم فمنها ركون افلا يشكرون يأمر تعالى باد بالنظر الى ما سخر لهم من الانعام وذللها. وجعلهم مالكين لها مطاوعة لهم في كل امر يريدونه منها. وانه جعل لهم فيها منافع كثيرة من حملهم وحمل اثقالهم ومحاملهم وامتعتهم من محل الى محل ومن اكلهم منها وفيها دفء ومن ابارها واشعارها واصوافها اثاثا ومتاعا الى حين. وفيها زينة وجمال وغير ذلك من المنافع المشاهدة منها. افلا يذكرون الله تعالى الذي انعم بهذه النعم ويخلصون له العبادة ولا يتمتعون بها تمتعا خاليا من العبرة والفكرة. واتخذوا هذا بيان لبطلان الهة المشركين التي اتخذوها مع الله تعالى ورجوا نصرها وشفعها فانها في غاية العجز لا يستطيعون نصرهم ولا انفسهم ينصرون. فاذا كانوا لا يستطيعون نصرهم فكيف ينصرونهم؟ والنصر له شرط الاستطاعة والارادة. فاذا استطاع يبقى هل يريد نصرة من عبده ام لا. فنفي الاستطاعة ينفي الامرين كليهما اي محضرون هم وهم في العذاب. ومتبرئ بعضهم من بعض. افلا تبرأوا في الدنيا من والمراد بالقول ما دل عليه السياق كل قول يقدحون فيه في الرسول او فيما جاء به. اي فلا تشغل قلبك بالحزن عليهم انا نعلم ما يسرون وما يعلنون. فنجازيهم على حسب علمنا بهم. والا فقولهم لا يضرك شيئا اه هذه الايات الكريمات فيها ذكر شبهة منكري البعث. والجواب عنها باتم جواب واحسنه واوضحه. فقال تعالى يرى الانسان المنكر للبعث والشاك فيه. امرا يفيده اليقين التام بوقوعه. وهو ابتداء خلقه من نطفة ثم تنقله في الاطوار شيئا فشيء حتى كبر وشب وتم عقله واستتب. بعد ان كان ابتداء خلقه من فلينظر التفاوت بين هاتين الحالتين. وليعلم ان الذي انشأه من العدم قادر على ان يعيده بعدما تفرق وتمزق. من باب اولى وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم. وضرب لنا مثلا لا ينبغي لاحد ان يضربه وهو قياس قدرة الخالق بقدرة المخلوق. وان الامر المستبعد على قدرة المخلوق. مستبعد على كقدرة الخالق فسر هذا المثل بقوله. قال ذلك الانسان من يحيي العظام وهي رميم اي هل احد يحييها استفهام انكار؟ اي لا احد يحييها بعدما بليت وتلاشت. هذا وجه الشبهة والمثل وهو ان هذا امر قال يحييك الذي انشأها اول مرة وهذا بمجرد تصوره يعلم به علما يقينا لا شبهة فيه ان الذي انشأها اول مرة قادر على عادة ثانية مرة وهو اهون على القدرة اذا تصوره المتصور. هذا ايضا دليل ثان من صفات الله تعالى وهو ان علمه تعالى محيط بجميع مخلوقاته في جميع احوالها. في جميع الاوقات ويعلم ما تنقص الارض من اجساد وما يبقى ويعلم الغيب والشهادة. فاذا اقر العبد بهذا العلم العظيم علم انه اعظم واجل من احياء الله الموتى من قبورهم ثم ذكر دليلا ثالثا فاذا اخرج النار اليابسة من الشجر الاخضر. الذي هو في غاية الرطوبة مع تضادهما. وشدة لتخالفهما فاخراجه الموتى من قبورهم مثل ذلك. ثم ذكر دليلا رابعا فقال اوليس الذي خلق السماوات بلى وهو الخلاق بلى وهو الخلاق العليم. اوليس الذي خلق السماوات والارض على سعتهم وعظمهما بقادر على ان يخلق مثلهم. اي ان يعيدهم باعيانهم. بلى قادر على ذلك. فان خلق السماوات والارض اكبر من خلق الناس. وهذا دليل خامس فانه تعالى الخلاق الذي جميع المخلوقات متقدمها ومتأخرها صغيرها وكبيرها. كلها اثر من اثار خلقه وقدرته. وانه لا يستعصي عليه مخلوق اراد خلقه فاعادته للاموات فرد من افراد اثار خلقه. ولهذا قال انما امره اذا اراد شيئا ان ان يقول له كن فيكون. انما امره اذا اراد شيئا نكرة في سياق الشرط تعم كل شيء. ان يقول له كن فيكون. اي في الحال من غير تمانع سبحان الذي بيده ملكوت كل شيء. فسبحان الذي بيده في ملكوت كل شيء واليه ترجعون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء. وهذا دليل سادس فانه تعالى هو الملك المالك لكل شيء. الذي جميع ما سكن في العالم العلوي والسفلي. ملك قل له وعبيد مسخرون ومدبرون. يتصرف فيهم باقداره الحكمية واحكامه الشرعية واحكامه الجزائية. فاعادته واياهم بعد موتهم لينفذ فيهم حكم الجزاء من تمام ملكه. ولهذا قال من غير امتراء ولا شك لتواتر البراهين القاطعة والادلة الساطعة على ذلك. فتبارك الذي جعل في كلامه الهدى والشفاء النور