وتعاقدوا وحلفوا الايمان المغلظة وكتموا امرهم خشية من منع اهل بيته. لانه في بيت عز وشرف. وقالوا بيتنه واهله. ثم اذا ظن بنا اننا قد قتلناه حلفنا لاوليائه اننا ما شهدنا مهلك اهله وانا المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله قصة صالح عليه السلام كانت ثمود وهي عاد الثانية يسكنون في الحجر وما حولها. وكانوا اهل مواش كثيرة واهل حروف وزروع. وتواصلت عليهم النعم. فكانوا يتخذون من السهول قصورا مزخرفة. ومن الجبال بيوتا منحوتة متقنة. فبطروا النعم وكفروا وعبدوا غير الله فارسل الله اليهم اخاهم صالحا من قبيلتهم يعرفون نسبه وحسبه وفضله وكماله وصدقه وامانته. فدعاهم الى الله والى اخلاص الدين لله. وترك ما كانوا يعبدون من دونه. وذكرهم بنعم الله وبايامه بالامم المجاورة لهم. فلم يتبعه الا القليل. وحين ذكرهم واقام الادلة والبراهين على وجوب توحيد الله اشمأزوا ونفروا واستكبروا وقالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا اي قد كنا قد تخايلنا فيك انك تفضلنا جميعا بكمالك وكمال اخلاقك وادابك الطيبة. وهذا اعتراف منهم له بهذه الامور قبل ان يقول ما قال فما نزله عن هذه المرتبة عندهم الا انه دعاهم الى عبادة الخالق من عبادة العبيد والى السعادة الابدية. وما ذنبه الا انه خالف اباءهم الضالين. وهم كانوا اضل منهم ثم اقام لهم بينة عظيمة واية وبرهانا ونعمة على جميع القبيلة باسرها. وقال هذه ناقة الله لا يشبهها شيء من النوق في ذاتها وشرفها. ومنافعها لكم. اية على صدق وعلى سعة رحمة ربكم فذروها تأكل في ارض الله. على الله رزقها. ولكم نفعها. تلد الماء يوما فتلد القبيلة باسرها على ضرعها كل يصدر عن ضرعها قد ملأ انيته. ثم تردون انتم في اليوم الثاني. فمكثت على هذا ما شاء الله وكان في مدينتهم تسعة رهط من شياطينهم. قد قاوموا ما جاء به صالح اشد المقاومة. يصدون عن سبيل الله ويفسدون في الارض ولا يصلحون. وكان صالح قد حذرهم من عقر الناقة. لما رأى من كبرهم وردهم الحق فاول ما فعل اولئك الملأ الاشرار ان عقدوا مجلسا عاما ليتفقوا على عقر الناقة. فاتفقوا فانتدب لذلك اشقى القبيلة. ولهذا قال الله تعالى اذ انبعث اشقاها. اي بعد اتفاقهم وندبهم اياه بعثوه لذلك. فانبعث لو استعد وتكفل لهم بعقرها وهم جميعا راضون بل امرون فعقروها. فكان هذا العقر مؤذنا بهلاك القبيلة باسرها فلما شعر صالح بالامر ورأى منظرا فظيعا علم ان العذاب قد تحتم لا محالة. لان الجريمة قد تفاقمت ولم يبق طحالة يرجى فيها لهم تقويم. فقال لهم صالح تمتعوا في داركم ثلاثة ايام. ذلك وعد غير مكذوب ونبه بهذا الكلام دانيهم وقاسيهم ففي اثناء هذه المدة اتفق هؤلاء الرهط التسعة على امر اغلظ من عقر الناقة على قتل نبيهم صالح. وتعاهدوا صادقون فدبروا هذا المكر العظيم ولكنهم يمكرون ويمكر الله لنبيه صالح. فحين كمنوا في اصل جبل لينظروا الفرصة في صالح بدأ الله بعقوبتهم فكانوا سلفا مقدما لقومهم الى نار جهنم. فارسل الله صخرة من اعلى الجبل فشدختهم وقتلوا اشنع قتلة. ثم لما تمت ثلاثة هذه الايام جاءتهم صيحة من فوقهم. ورجفة من اسفل منهم. فاصبحوا خامدين. ونجى الله صالحا ومن معه من المؤمنين وتولى عنهم وقال يا قومي لقد ابلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم. ولكن لا تحبون الناصحين فوائد تتعلق بهذه القصة. منها ان جميع الانبياء دعوتهم واحدة. وان من كذب واحدا منهم فقد كذب الجميع. لان انه لا يكذب الحق الذي جاء به كل واحد منهم. ولهذا يقول في كل قصة كذبت قوم نوح المرسلين. كذبت اتعاد المرسلين كذبت ثمود المرسلين ومنها ان عقوبات الله للامم الطاغية عند تناهي طغيانها وتفاقم جرائمها. فكفرهم وتكذيبهم موجب للهدي ولكن تحتم الاهلاك عند تناهي الشرور. ولهذا ارجى ما يكون لوقوع العقوبة بالظالمين المجرمين عند اجرامهم. لان الله تعالى بالمرصاد فيمهل ثم يمهل حتى اذا اخذهم اخذهم اخذ عزيز مقتدر ومنها ان العقائد الباطلة الراسخة المأخوذة عمن يحسن بهم الظن من اباء او غيرهم من اكبر الموانع لقبول الحق والحال انها ليست في العير ولا في النفير. ولا لها مقام في الحجج الصحيحة الدالة على الحقائق. فلهذا اكبر ما رد به قوم مصالح لدعوته ان قالوا اتنهانا ان نعبد ما يعبد اباؤنا؟ وقالت جميع الامم المكذبة رادين لدعوة الرسل انا وجدنا اباءنا على امة. وانا على اثارهم مقتدون. وهذا سبيل لا يزال بالسالكين من اهل الباطل. نهجته الشياطين ليصدوا به العباد عن سبيل الله. ومن المعلوم ان طريق الرسل هي طريق الهدى والحق. فماذا بعد الحق الا الضلال