بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد ولما بين الله صفات المؤمنين المتقين الذين صلح ظاهرهم وباطنهم ذكر صفات الكافرين الذين فسد ظاهرهم وباطنهم فقال ان الذين كفروا سواء عليهم اانذرتهم ام لم تنذر هم لا يؤمنون ان الذين جحدوا ما انزل الله على رسوله مستمرون على ضلالهم وعنادهم فانذارك لهم وعدمه سواء ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى ابصارهم غشاء اوا ولهم عذاب عظيم. لان الله طبع على قلوبهم فاغلقها على ما فيها من باطل وطبع على سمعهم فلا يسمعون الحق سماع قبول وانقياد وجعل على ابصارهم غطاء فلا يبصرون الحق مع وضوحه ولهم في الاخرة عذاب عظيم ولما بين الله الكافرين الذين فسد ظاهرهم وباطنهم بين صفات المنافقين الذين فسد باطنهم وصلح ظاهرهم فيما يبدو للناس فقال ومن الناس من يقول امنا بالله وباليوم الاخر وما هو بمؤمنين ومن الناس طائفة يزعمون انهم مؤمنون يقولون ذلك بالسنتهم خوفا على دمائهم واموالهم وهم في الباطن كافرون يخادعون الله والذين امنوا وما يخدعون الا انفسهم وما يشعرون يخادعون الله والمؤمنين باظهار الايمان وابطال الكفر وهم في الحقيقة يخدعون انفسهم فقط ولكنهم لا يشعرون بذلك لان الله تعالى يعلم السر واخفى وقد اطلع المؤمنين على صفاتهم واحوالهم في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون. والسبب ان في قلوب ويهم شكا فزادهم الله شكا الى شركهم والجزاء من جنس العمل ولهم عذاب اليم في الدرك الاسفل من النار بسبب كذبهم على الله وعلى الناس وتكذيبهم بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بهذه الاية الكريمة التحذير من اولئك الذين يكذبون على الله تعالى وعلى الناس بالفتاوى الباطلة وكذلك يكذبون على الله وعلى رسوله بالاحاديث الموضوعة الشنيعة وفي هذه الاية تهديد خطير من كل ذنب من هذه الذنوب ومن ومن جميع الذنوب اسأل الله ان يجنبنا والسامعين والحاضرين كل ذنب وقهم السيئات ومن تقي السيئات يومئذ فقد رحمته. وذلك هو الفوز العظيم اللهم قنا السيئات يا ارحم الراحمين واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون واذا نهوا عن الافساد في الارض بالكفر والذنوب وغيرها انكروا وزعموا انهم هم اصحاب الصلاح والاصلاح ويا ايها الاخوة كل ذنب من الذنوب هو افساد في الارض وربنا قد جعل هذه الارض للعبادة والطاعة فمن اذنب ذنبا فقد افسد في الارض. نسأل الله ان يجنبنا الذنوب. نعم الا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون واذا نهوا عن الافساد في الارض بالكفر والذنوب وغيرها انكروا وزعموا انهم اصحاب الصلاح والاصلاح. والحقيقة انهم هم اصحاب افساد ولكنهم لا يشعرون بذلك ولا يشعرون ان فعلهم عين الفساد وهذه عقوبة من العقوبة انك تكون في ذنب ولا تشعر انك في ذنب عياذا بالله تعالى من مكر الله تعالى. نعم واذا قيل لهم امنوا كما امن الناس قالوا انؤمن كما امن السفهاء الا انهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون واذا امروا بالايمان كما امن اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اجابوا على سبيل الاستنكار والاستهزاء بقولهم انؤمن كايمان خفاف العقول والحق انهم هم السفهاء ولكنهم يجهلون ذلك واذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا واذا خلوا الى اياطينه واذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا معكم انما نحن يستهزئون واذا التقوا المؤمنين قالوا صدقنا بما تؤمنون به يقولون ذلك خوفا من المؤمنين واذا انصرفوا عن المؤمنين الى رؤسائهم منفردين بهم قالوا مؤكدين ثباتهم على متابعتهم انا معكم على طريقتكم ولكنا نوافق المؤمنين ظاهرا سخرية بهم واستهزاء الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون الله يستهزئ بهم في مقابلة استهزائهم بالمؤمنين جزاء لهم من جنس عملهم. ولهذا اجرى لهم احكام المسلمين في الدنيا واما في الاخرة فيجازيهم على كفرهم ونفاقهم وكذلك يملي لهم ليتمادوا في ضلالهم وطغيانهم فيبقوا فيبقون حائرين مترددين. نسأل الله العافية والسلامة نعم اولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربح تجارتهم وما مهتدين. اولئك هم السفهاء لانهم استبدلوا الكفر بالايمان فما ربحت تجارتهم بخسارتهم الايمان بالله وما كانوا مهتدين الى الحق من فوائد الايات ان من طبع الله على قلوبهم بسبب عنادهم وتكذيبهم لا تنفع معهم الايات. وان عظمت ان امهال الله تعالى للظالمين المكذبين لم يكن عن غفلة او عجز عنهم بل ليزدادوا اثما فتكون عقوبتهم اعظم. نسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يجعلنا من الذين يحملون كتاب الله ويبلغونه الى امتي الدعوة والاجابة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته