بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين امين. نقل الشيخ الحافظ النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين في باب فضل الزهد في الدنيا. وقال تعالى اعلموا انما الحياة الدنيا لعبوا وله وزنة وتفاخر بينكم وتكاثر في الاموال الاولاد كمثل غيث اعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما. وفي الاخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور. بسم الله الرحمن الرحيم. قال رحمه الله تعالى به باب فضل الزهد في الدنيا. والحث على ذلك وقال الله تعالى اعلموا انما الحياة الدنيا اعلموا الخطاب هنا لجميع الناس. يعني اعلموا ايها الناس والمراد بذلك العلم الذي يحصل به التدبر والتفكر والاعتبار. اعلموا انما الحياة الدنيا يعني الدار التي نعيش بها الان وسميت دنيا بامرين. اولا لدنوها زمنا لانها قبل الاخرة. وثانيا لدنو مرتبتها لان مرتبتها دنيئة بالنسبة للاخرة وما اعده الله تعالى فيها لعباده المؤمنين. اعلموا انما الحياة الدنيا لاعب ولهو وصف الله تعالى الحياة الدنيا هنا بخمسة اوصاف. الاول لعب لعب بالابدان والجوارح بذلك اللعب الذي يصد عن ذكر الله وعن الصلاة. وعن طاعة الله. ولهو اللهو هو غفلة القلب. وهو اشد من اللعب لان القلب اذا غفل تبعه الجوارح. ثم ايضا ان القلب اذا غفل لم تؤثر فيه العبادات بصلاح القلب وزيادة الايمان. اعلموا انما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر. وزينة اي تزين بالمطاعم والمشارب والمراكب والمساكن وغير ذلك. فيتزينون بها ويريد كل واحد من الناس ان يكون احسن من الاخر في مثل هذا. وزينة وتفاخر اي افتخار. يفتخر بعضهم على بعض في الاحساب والانساب والمال والجاه والعلم. واقبح ذلك هو الافتخار بالعلم. بان يفتقر بما عنده من العلم الشرعي. لان الشأن في اهل العلم الشرعي ان يكونوا متواضعين للحق وللخلق. ومن تواضع لله عز وجل رفعه الله في الدنيا والاخرة. وتفاخر وتكاثر بينكم. اي مكاثرة في الاموال والاولاد شبه الله هذه الدنيا قال كمثل غيث اعجب الكفار نباته كمثل غيث الغيث هو الماء المطر من السماء الذي تزول به الشدة ويحصل به الغوث كمثل غيث اعجب الكفار نباته. الكفار هنا قيل ان المراد بهم الزراع جمع زارع وسمي الزارع كافرا لانه يدفن الحب في الارض ويخفيه فيستره. وقيل ان المراد بالكفار هنا الكفار بالله عز وجل فهم الذين تعجبهم الحياة الدنيا وهم الذين يغترون بها. ويؤيد هذا الاحتمال او القول انه لم يعهد ان الله عز وجل عبر في القرآن بوصف الكفار عن الزراع. فغالب ايات القرآن انما يراد بها الكفار اي الذين كفروا بالله عز وجل. اعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا. يعني بعد ان كان اخظر وكان بهجة للناظرين يهيج فتراه مصفرا. يعني انه يؤول الى الزوال فيكون هشا مصفرا. ثم يكون حطاما تذروه الرياح. هكذا هي حال الدنيا. فالانسان يعتبر فهو في اول عمره كان شابا نشيطا. ثم اكتمل بدنه وقوته شيئا فشيئا. حتى بلغ الكمال ثم يأخذ بالنقص شيئا فشيئا حتى يهرم ويفنى. فهكذا الحياة الدنيا تبدو للانسان في اول وهلة انها دائمة وانها لا تفنى وانها تبقى ولكن الامر على عكس ذلك. ولهذا قال الله تبارك وتعالى كمثل غيث اعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا. ثم يكون حطاما وفي الاخرة عذاب شديد للكافرين. ومغفرة من الله ورضوان للمؤمنين ورضوان الله عز وجل هو اغلى ما يتمناه المؤمن رضي الله عنهم ورضوا عنه. فكون الله تعالى يرضى للعبد ويحل عليه رضوانه عز وجل هو اشرف ما يكون للانسان يوم القيامة. ثم قال وما الحياة دنيا الا متاع الغرور. فالدنيا متاع يتمتع به الانسان زمنا معينا ثم تزول عنه او هو يزول عنه ففي هذه الاية الكريمة دليل على بيان حقارة الدنيا وانها مهما زخرفت للانسان ومهما كما زينت للانسان فان مآلها الى الزوال والفناء. ومنها ايضا انه ينبغي للعاقل ان لا يغتر سر بالحياة الدنيا. ولهذا قال وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور. فالعاقل لا يغتر بها وكيف يغتر بها وهي ظل زائل سوف تزول او يزول الانسان عنها. ومنها ايضا الحث على تجنب هذه الاشياء التي ذكرها الله عز وجل من اللهو والغفلة والزينة والتفاخر بالانساب والاحساب. لان هذه الامور تصد الانسان عن ذكر الله وعن الصلاة. ولا سيما كما سبق التفاخر بالعلم الشرعي. ومن التفاخر ايضا ما يفعله بعض الشعراء من كون بعضهم يفخر بحسبه ونسبه. بل ربما ادى ذلك الى التطاول على الناس وعلى بعض القبائل فهذا من التفاخر المذموم ومن اعمال اهل الجاهلية. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية. فمن دعوى الجاهلية التفاخر بالاحساب والانساب حسابك لن ينفعك شيئا عند الله عز وجل. وانما الذي سينفعك هو عملك الصالح. نسأل الله تعالى ان واياكم الصراط المستقيم. وان يوقظ قلوبنا ويفتح علينا من رحماته. انه جواد كريم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين