نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد آآ كنا قد وقفنا على آآ الدرس الثالث فيما يتعلق بتقسيم الارادة المضافة الى الله تبارك اه وتعالى الارادة مصدر من اراد يريد ارادته والقاعدة في المصادر انها اذا اضيفت الى الله تبارك وتعالى فقد يكون اه فقد تكون الاظافة بمعنى الوصفية اظافة الصفة الى الموصوف وقد تكون الاظافة اظافة اثبات الفعل قد تكون الاظافة اظافة مفعول لفاعله. واذا قلنا ارادة الله جل وعلا فهذه ننتبه انها تأتي بمعنى اذا اراد الله بقوم سوءا فلا مرد له. فهذه ارادة الله صفة من صفاته جل في علاه وارادة الله تبارك وتعالى بالنظر الى النصوص الشرعية منقسمة الى قسمين ارادة كونية وهي من علاماتها انها لازمة الوقوع ولا يلزم ان تكون محبوبة لله جل وعلا. فكل ارادة وقعت وصارت فهي من الارادة الكونية التي ارادها الله تبارك وتعالى وذلك ان الله جل وعلا اذا اراد كونا شيئا لا يتخلف. كما قال سبحانه انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون. وهنا اراد يعني الارادة الكونية فلا خلف في الارادة الكونية ابدا فهو سبحانه وتعالى حينما يقول اه عن اه اه الكفار مثلا آآ ولو شاء الله لامن من في الارض كلهم جميعا اذا معناه لو شاء يعني المشيئة بمعنى الارادة الكونية فهي لازمة الوقوع لا تتخلف. اما النوع الثاني وهي الارادة الشرعية. يعني ارادها الله بمعنى شرعه الله ومما يدل على انه اراد انه اخبر عن ذلك وحكم بذلك وامر بذلك ونهى عن ذلك هذه الارادة الشرعية لازمة للمحبة وليست لازمة للوقوع عكس الاول الارادة الكونية لازمة للوقوع ليست لازمة للمحبة. قد تكون محبوبة وقد لا تكون محبوبة اما الارادة الشرعية فهي لازمة المحبة لا يشرع الله شيئا الا وهو يحبه. لكنها لا ليست لازمة الوقوع. قد يشرع شيئا فيقع وقد يشرع شيئا لا يقع فهو امر بالصلاة فوقع اه الامر والالتزام هذا الامر بالصلاة شرعا من المؤمنين ولم يقع شرعا من الكافرين اذا الارادة الشرعية لازمة المحبة وليست لازمة الوقوع. كما قال جل وعلا والله يريد ان يتوب عليكم فنحن نرى كثيرا او بعضا من العصاة لا يتوبون اذا معنى الارادة هنا الارادة الشرعية يريد ان يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات ان تميلوا ميلا عظيما. يريد الله ان يخفف عنكم. فهذه ارادة شرعية يريد الله ان يخفف عنكم هذه ارادة شرعية وبهذا بان الفرق بين الارادة الكونية وبين الارادة الشرعية فالله جل وعلا شرعا لا يمكن ان يرظى لعباده الكفر لكن كونا اذن بالكفر حتى يتم الابتلاء لانه سبحانه لو اراد الكافر الكفر ومنعه ما تم الابتلاء لو اراد المنافق النفاق واهلكه ما تم الابتلاء لكنه سبحانه ليتم ليتم الابتلاء ترك الكفار والمنافقين والمشركين والعاصين وما ارادوا وهي فهي من باب الارادة الكونية واما الارادة الشرعية فان الله جل وعلا شرعه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وانبه تنبيها اخر ان الارادة الكونية هي تأتي بمعنى المشيئة في القرآن. فالمشيئة في القرآن والسنة مشيئة الله بمعنى الارادة الكونية كما قال جل وعلا وما تشاؤون الا ان يشاء الله الا ان يشاء الله يعني كونا وننتقل لموضوع اخر وهو هل الاخذ بالاسباب مناف اه اه التوكل والقدر؟ الجواب لا وذلك من وجهين. الوجه الاول ان الله سبحانه وتعالى الذي قدر المقادير رتب الاشياء على اسبابها فجعل النار محرقة وجعل الماء مرويا وجعل الطعام مشبعا وهو سبحانه الذي خلق هذه الاشياء واسبابها ومسبباتها هو سبحانه قادر على ان يسلب هذه الاشياء فيجعل النار غير محرقة ويجعل الماء غير مروي يسلب هذا الوصف منهم لانه سبحانه على كل شيء قدير فالاخذ بالاسباب هو اه مما امر الله به في الشرع كما قال جل وعلا قل سيروا في الارض ها سيروا في الارض. فقال فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله فامر كسب الرزق وامر بطلب الهداية والذين اهتدوا زادهم هدى. زادهم هدى فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى اتخذ بالاسباب فجاءته زيادة الايمان فسنيسره لليسرى فالامور مرتبة على اسبابها. من اراد الرزق يسعى ويكسب ومن اراد الهداية يسعى ويكسب ومن اراد ان آآ يشفيه الله جل وعلا يدعو الله ويبذل الاسباب فالاخذ بالاسباب وهو من قدر الله جل وعلا وهو من تمام التوكل. لان حقيقة التوكل هي الاخذ بالاسباب مع اعتماد القلب على خالق الاسباب جل في علاه. والقرآن الكريم مليء بالايات التي تأمر بالاخذ بالاسباب فقال في شأن الحرب واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل وقال في شأن المال وانفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بايديكم الى التهلك. والسنة النبوية كذلك فيها حديث يعني دلائل كثيرة على اه اه وجوب الاخذ بالاسباب فالاخذ بالاسباب مأمور به شرعا اما واجبا او مندوبا آآ وقد تكون هذه الاسباب شرعية وقد تكون هذه الاسباب محرمة ولذلك من اخذ بالاسباب الشرعية اجر ولو لم تقع مسبباتها ومن اخذ بالاسباب المحرمة اثم سواء وقعت مسبباتها او لم تقع والنبي صلى الله عليه وسلم قد بين في هذا الباب امر التوكل فقال آآ لو انكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير. تغدوا خماصا يعني جياع وتروح بطانا يعني شباعا فهذا الحديث فيه دلالة على ان حقيقة التوكل السعي فالطاهر لا يجلس في وكره وانما يسعى لكنه في نفس الوقت لا يخزن بتمام توكله على الله تبارك وتعالى والسنة النبوية وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه من بعده مليء بالاخذ بالاسباب لكن ينبغي ان ننتبه ان لا نكون بين الافراط والتفريط. فبعض الناس غلوا في الاسباب ونسوا خالق الاسباب تبارك وتعالى وبعض الناس اهملوا الاسباب وصار قلبهم بزعمهم متوكلين على الله وحقيقة الامر انهم متواكلون او انهم يختبرون الله عياذا بالله فالذي لا يتخذ الاسباب يقول ان شاء الله يرزقني يرزقني فلا يمد يده ليأكل يقول ان شاء الله ان يأتي الطعام الى فمي لجاء فهذا في واقع الامر هو لا يفهم عقلا وهو واقع في اختبار ربي من حيث لا يدري. كانه يطلب اية ومعجزة في كل لحظة وحين واما الاخذ بالاسباب فهو مستعمل عقله مستعمل شرعة ربه تبارك وتعالى لكن قلبه معلق بخالق الاسباب تبارك وتعالى و ننتقل الى ما آآ بعظ المسائل المتعلقة في الدرس الرابع والمسألة الاولى هل الانسان يكون في مقابل القدر يكون صابرا اولى هذه مسألة عظيمة اذا وصل الانسان الى مرحلة من الايمان العالي وهي درجة الاحسان فانه يشهد فعلا ربي تبارك وتعالى في كل تسكينة وتحريك يجد ان الله جل وعلا هو الخالق لكل شيء. ويرى ذلك عيانا بيانا فحينئذ يصل الى مرتبة يقابل قدر الله جل وعلا في المصائب والبلايا بصدر رحب يكاد يصل الى ما يسميه العلماء الرضا بالقدر بل وربما يصعد فوق ذلك فيشكر الله جل وعلا على هذا التقدير المبني على علمه سبحانه وحكمته وخبرته فهو العليم ميم الحكيم الخبير سبحانه وتعالى ويعلم ان في هذا الابتلاء خيرا له ان عاجلا او اجلا لعلمه بما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله اشد الناس بلاء الانبياء. فالامثل فالامثل ومن هنا ندرك انه ما من مبتلى نوعا من البلاء الا ويجد له قدوة من الانبياء فنوح عليه السلام قدوة من لم يجد استجابة في الدعوة ومكث الف سنة الا خمسين عام وابراهيم عليه السلام قدوة في الهجرة قدوة في الفدا وموسى عليه السلام قدوة في كثير من الامور وعيسى عليه السلام كذلك وايوب عليه السلام ويونس عليه السلام ومحمد عليه الصلاة والسلام فينبغي على المسلم ان ينتبه ان الدرجة الاعلى شكر الله على القدر ادنى من ذلك بقليل الرضا بقضاء الله وقدره اما الدرجة التي بعد الرضا انزل منها فهي واجبة وهي درجة الصبر. والصبر مرتبة واجبة على عبادي اما الرضا بالقضاء والشكر على القضاء فهذان مندوبان مستحب على العبد اما الرضا بالقضاء مستحب اما الصبر على القضاء فواجب ان لم يصبر العبد على مر البلاء ولم يتب العبد من شر المعاصي ولم يشكر العبد ربه على النعم فانه يقع ولا ريب في الجزع والهلع وكفران النعمة فالواجب الصبر على البلاء هذا واجب والشكر على النعماء هذا واجب والتوبة من الذنوب والمعاصي هذا واجب هذا القدر واجب واذا علم العبد هذه المسائل فينبغي على الانسان ان يدرك ان الانسان عليه ان يعمل ما امر به شرعا في كل لحظة وفي كل وقت المسألة الثانية ان القدر يستوجب العمل فان العبد عليه ان يجتهد وان يعمل لانه اولا لا يعلم ما الذي قدر له فيسعى كما الذي لا يعلم اه في الاختبار ما الذي هو سيكتب له؟ هل يكتب له من الممتازين والراسبين؟ فيجتهد ويبذل وسعه وطاقته لكن الفرق بين من يدخل في امتحان الدنيا وامتحان الاخرة ان امتحان الدنيا مدته قصيرة ربما تكون في نهاية الفصل الدراسي او في نهاية العام الدراسي او كل عام دراسي او كل اربعة اعوام دراسية او اكثر من ذلك او اقل اما الاختبار الاخروي فنهايته عند الموت فعلى عبدي ان يسعى وننتقل الى مسألة اخرى وهي هل العباد مخيرون؟ او مجبورون هذه المسألة قد ذكرنا طرفا منها لكن لابد ان ننتبه ان العبد يسير على حاليه. حال تقع عليه الامور بلا ارادة منه كتاريخ ميلاده تاريخي وفاتي كلونه كطوله كعرضه كاختياره ابويه كاختياره قوم ونحو ذلك من الامور. فهذا الذي ليس له فيه خيار ينحيه جانبا ليس عليه الابتلاء ليس عليه الارادة ليس عنده فيها ارادة فليس فيه للانسان تكليف فالله لا يكلفك فيحاسبك لماذا ولدت في اليوم الفلاني؟ لماذا تموت في اليوم الفلاني؟ لماذا لونك صبغتك سوداء او حمراء او صفراء لا يسألك الله جل وعلا لماذا شعرك اشقر واسود لا يسألك الله جل وعلا لماذا عينك جميلة او قبيحة؟ ان الله لا ينظر الى صوركم ولا الى اجسادكم. ولكن ينظر الى قلوبكم واعمالكم واما ما كان العبد له في اختيار فهو مخير فيه بين الفعل والترك هديناه النجدين يعني الطريقين اما يصدق واما يكذب هو مخير فان اختار الصدق ما خرج من قدر الله. وان اختار الكذب ما خرج من قدر الله وهذا مثاله حينما يسافر العبد من الكويت الى مثلا الى مكة فاما ان يسافر برا او يسافر جوا فهو مخير بين الطريقين لكن سواء سلك هذا او سلك هذا فهو خرج بإرادة من الحكومة التي سهلت السبيلين فالله جل وعلا يسر السبيلين وهدانا النجدين وعلمنا علامات الهداية وحذرنا من طريق الغواية وبين لنا انها محفوفة بالمخاطر محفوفة بالمضار محفوفة بسوء المآلات فمن سلكه لا يضر الا نفسه. اذا العبد مخير في كثير من الاعمال التي هي داخلة تحت قدرته ووسعه وطاقته وماله فيه عقل وارادة فهذا الذي هو مخير فيه وهذا الذي وقع عليه التكليف فالله يسألك لماذا لم تقم للصلاة لماذا قمت الى اللهو واللعب يسألك الله جل وعلا لماذا لم تصم ولماذا شربت وقت الصوم يسألك الله جل وعلا لماذا لم تزكي يسألك الله جل وعلا لماذا خنت الامانة؟ لماذا لم تكن امينا فكل ما هو داخل في وسعك وقدرتك يسألك الله جل وعلا اما المجنون والمضطر المسلوب الارادة كالمكره الملجئ والمجنون والمعتوه والنايم لا يكلفهم الله تبارك وتعالى. وهذا من رحمته سبحانه وتعالى اه ننتقل الى مسألة اخرى وهي من المسائل التي ذكروها في هذا الدرس مخلوقات الله تعالى ومفعولاته سبحانه وتعالى باعتبار الخير والشر قلنا في درس امس ان الله ليس في فعله شر ابدا كما ليس في شرعه شر ابدا اذا اين يكون الشر يكون الشر في المفعولات في المخلوقات وفي افعال المخلوقات يكون الشر في افعال المخلوقات فهناك ما هو شر النحو شر محض كل افعال ابليس شر محض كل افعال ابليس شر محض وهذه مسألة مهمة ومنه ما هو خير محض كالجنة والرسل والملائكة فهم خير محضا بينما ابليس وافعاله ووجود النار في الاخرة شر بالنسبة للكافرين والقسم الثالث ما فيه خير وشر. والعبرة بما غلب منه كما هو الحال في الانس والجن والحيوان فمن غلب فيه خيره على شره كان سعيدا وثم ذكروا ثمرات الايمان بالقدر وهي كثيرة جدا ومتنوعة سواء من حيثما تعلق من هذه الثمرات بالايمان ومن حيث ما تعلق من هذه الثمرات بالنفس ومن حيثما تعلق من هذه الثمرات بالعمل. هذا ما يتعلق بالقضاء والقدر ومسائله ومن اا اكتفى بما ورد في القضاء والقدر في شرع الله جل وعلا فاز وافلح ونجح ومن لم يكتفي بذلك خسر. نسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان ليجعل ايماننا قويا عظيما كبيرا متينا في جميع اركان الايمان وفي الايمان بالقدر على وجه الخصوص وصلى الله وسلم وبارك وانعم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين. وفي الختام اشكر الاستاذات الفضليات في دور القرآن الكريم حيث دعونني الى القاء مثل هذه المحاضرات الثلاث حول مسائل القدر الى الملتقى ان شاء الله في مادة اخرى وصل اللهم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته