تجده يرحمكم الله. اسأل الله ان يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد مجلسنا هذا اليوم في شرح الحديث الثالث من كتاب شمائل النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الكتاب كما سبق لنا انه كتاب قد جعل له القبول في الارض ونحب هذا الكتاب ونحب احاديثه ونحب رواته لانه متعلق بشرح حال النبي صلى الله عليه وسلم وحصاره الشريفة هذا الحديث من رواية بندار عن غندر عن شعبة عن ابي اسحاق عن البراء وهذا سند مليء بالاتقان والجودة والحسن وكما قلنا باننا نتبع طريقة اخينا الشيخ مصطفى محمد نجم بقراءة المتن بالسند والمتن ثم الشرح قال الامام الترمذي حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا محمد ابن جعفر قال حدثنا شعبة عن ابي اسحاق قال سمعت البراء ابن عازب يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا مربوعا بعيد ما بين المنكبين عظيم الجمة الى شحمة اذنيه عليه حلة حمراء ما رأيت شيئا قط احسن منه هذا الحديث حديث عظيم قال فيه الترمذي حدثنا محمد بن بشار وهو بندار محمد بن بشار بن عثمان العبدي يلقب ببنداغ توفي عام اثنتين وخمسين ومئتين وقد ولد عام سبع وثمانين ومئة وهو من كبار ثقات الحفاظ وهذا ممن بر امه فجعل الله البركة في علمه وعمره قال حدثنا محمد ابن جعفر وهو غندر ربيب شعبة وقد انتفع من شعبة انتفاعا عظيما وهو من اوثق الناس في شعبة قال حدثنا شعبة اللي هو شعبة ابن الحجاج ابن الورد العتكي الواسطي ابو بسطام عن ابي اسحاق وابو اسحاق السبيعي هو عمرو بن عبدالله الهمداني السبيعي وهو ثقة عابد ومن زعم انه اختلط باثر فقد جانب الصواب فالرجل قد شاخ ونسي وما حدث عنه في حال نسيانه سوى سفيان ابن عيينة ولذلك لم يخرج له الشيخان من طريقه شيئا اذا هذا السند صحيح وشعبة ابن الحجاج اذا روى عن احد المختلطين او من تغير حفظه فيكون قد سمع منه قبل الاختلاط وقبل تغير وكذا اذا روى عن مدلس فنأمن تدليسه لان شعبة كان لا يحمل عن شيوخه المدلسين الا ما كان مسموعا لهم قال سمعت البراء ابن عازب هنا قد صرح ابو اسحاق بسماعه من البراء ابن عازب لهذا الحديث والبراء ابن عازب صحابي جليل ابن صحابي جليل يقول وهذه العبارة جميلة حينما هي يقول لانه الان قد مضى على وفاته الف وثلاث مئة ثمانين عاما تقريبا ومع هذا الشيء نحن الان نقرأ الحديث الذي رواه فحينما نقرأه كأنه قد قاله الان فنسأل الله ان يكتب اجره وان يكتب لنا مثل ما كتب الله له كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا مربوعا بعيدا ما بين المنكبين فالنبي صلى الله عليه وسلم كان مربوعا اي ليس بالطويل ولا بالقصير بل وسط بين ذلك الى حد الجمال. وهو الى الطول اقرب بعيدا ما بين المنكبين اي لم يكن هذا قصيرا منهم عظيم الجم الى شحمة اذنه. شعر النبي صلى الله عليه وسلم عليه حلة حمراء. ما رأيت شيئا قط احسن منه هكذا وصفه هذا الصحابي الجليل فقوله بعيدا ما بين المنكبين اي عريضة اعلى الظهر ويلزم منه ان يكون صدره عليه الصلاة والسلام رحبا اي واسعا فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا مربوعا بعيد ما بين المنكبين عظيم الجمة وشعر النبي صلى الله عليه وسلم كان يختلف حال شعره فتارة يكون قصيرا وتارة يكون طويلا الى منكبيه او الى انصاف اذنيه وهكذا وكان اهل الكتاب يسدلون شعورهم وكان المشركون يفرقون رؤوسهم فسدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم فرق بعد ذلك لما اسلم غالب عباد الاوثان اما اهل الكتاب فلم يؤمن منهم الا القليل فحين ذاك احب النبي صلى الله عليه وسلم مخالفة اهل الكتاب وامر بمخالفتهم يقول ما رأيت شيئا قط احسن منه وانما قال ذلك قال ما رأيت شيئا انما قال شيئا دون ان يقول انسان ليشمل غير البشر كالشمس والقمر ابن القيم يرحمه الله تعالى يقول لو صور العلم صورة لكان اجمل من الشمس والقمر وهنا نفي الجمال عن ما هو اجمل من النبي قد نفاه عن بقوله شيئا ما رأيت شيئا قط وعبر بقط اشارة الى انه كان كذلك صلى الله عليه وسلم من المهدي الى اللحد لان معنى قط الزمن الماضي ولا يستعمل الا في النفي اذا هذا الحديث ايها الاخوة على قلة كلماته وقد جاء من هذا الصحابي فيه اشارة الى ما صان الله تعالى به نبيه صلى الله عليه وسلم من الصفات غير الحسنة لان رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وهي الرسالة العامة تستدعي رغبة الناس فيها وعدم نفورهم منه وليس في صفات جسمه الشريف تشريع يمكن ان يعمل به ويقتدى به انما التشريع في ذلك هو الحكم بما كان عليه من الصفات وعدم مثيلاتها ولكن في هذا الخبر فيه اشارة الى ان النبي صلى الله عليه وسلم كان في غاية حسن الاخلاق وفي غاية حسن الجسم فالطول البائن والقصر البائن ليس من الوضع الاحسن في الخلقة بل الاحسن الوسطية المائلة قليلا نحو الطول والنحافة وغلظ الجسم ليس من الوضع الاحسن ولذلك لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم لا نحيفا ولا غليظ الجسم والشيب ايضا هو علامة ظهور الظعف بعد القوة وعدم ذلك هو الاحسن والشعر للانسان من سمات الجمال وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ على نظافته ويحافظ على دهن شعره وعلى تطييبه وتسريحه وفرقه بعد ان كان يسدله ومعلوم ايها الاخوة ان للعرف والعادة والبيئة دخلا كبيرا في الصورة التي ينبغي ان يكون المسلم بالنسبة لها فيما يتعلق بشعرها ولذا قد تجد في بيئة من البيئات يعني طول الشعر للرجل مستحب ويستنكر حلقه وقد تحبذ بي من المئات حلق الشعر وتستنكر طوله كذلك خطاب الشعر بالسواد او بالسفرة او بالحمرة للبيئة اثر كبير في قبوله او رفضه وقد تتأثر البيئة بتقليد الكافرين فتحب ما هم عليهم وفي هذه الحالة لا تجيز الشريعة التشبه بالكفار واذا استصحب الانسان قصد ذلك فهذا يسيء الى اسلام المسلم فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين ومن العزة استقلال الشخصية حتى في المظهر وفي اللباس ومعلوم ان اهل الكتاب كانوا يسدلون شعورهم اي يرسلون شعور رؤوسهم على جباههم النووي علينا وعليه رحمة الله قال المراد هنا ارساله على الجبين واتخاذه كالقص او في القصة يروى بالقصة ويروى بالقصة ويسدلون بفتح الياء يقال سدلة بفتح الدال يسدل بظمها وكسرها اي ارسل وسذا شعره وثوبه اذا ارسله ولم يضم جوانبه وكان المشركون يفرقون اي يعني يفرقون رؤوسهم فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يحب موافقة اهل الكتاب فيما لم يؤمر بهم لماذا؟ لصلتهم بالشرائع والكتب وآآ هذا الحب هل هو من الشريعة ام من الجبلة الله اعلم قد يكون من الشريعة وقد يكون من الجبل لا ثم فرق بعد اي فرق النبي صلى الله عليه وسلم شعر رأسه بعد ان كان يسدل وهنا قل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا مربوعا طبعا في صحيح البخاري قال كان ربعة بفتح الراء وسكون الباء اي مربوعا وسبق لدينا في الدروس السابقة ان التأنيث باعتبار النفس. يقال رجل ربعة وامرأة ربعة وقد فسر الربع بالحديث بانه ليس بالطويل البائن ولا بالقصير والمراد بالطويل باين اي المفلس في الطول مع اضطراب القامة وفي رواية كان ربعه وهو الى الطول اقرب كان ربعة وهو الى الطول اقرب وفي رواية رجل بين رجلين وعند ابن ابي خيثم لم يكن احد يماشيه من الناس ينسب الى الطول الا طاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وهنا بعيد ما بين المنكبين علي الظهر وقوله عظيم الجمة الى شحمة اذنيه الجم بضم الجيم وتجديد الميم المفتوحة. الشاعر الذي نزل الى المنكبين وفي رواية كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق الوفرة ودون الجمة فالوفرة اقل من الجمة وهي الشعر النازل الى شحمة الاذنين واللحم التي المت بالمنكبين وشحمة الاذن الجزء اللين في اسفلها وهو معلق القرط منها. وفي الرواية الثالثة شعره يضرب منكبيه. وفي الرواية الخامسة كان شعرا رجلا كان شعرا رجلا بفتح الراء وكسر الجيم اي سلسا متسرحا بين الجعودة والصبوغ اي ليس بالجعد ولا السبط ومعلوم ان الجعود في الشعر ان لا يتكسر ولا يسترسل والسبوط ضده وفي رواية البخاري ليس بجعد قطط ولا بصمت اي بين اذنيه وعاتقيه اذا هذه روايات تدل على ان شعر النبي صلى الله عليه وسلم كان وسطا بين شعور العالمين اذا كان النبي صلى الله عليه وسلم احسن الناس وجها وكان احسن الناس خلقا وخلقا فهذه صفات النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الخبر من الاخبار المختصرة في بيان صفته الامام الترمذي ساقه بهذا السند الذي هو غاية في الصحة والاتقان رواه عن بندار عن غندر عن شعبة عن ابي اسحاق وهذا السند يتكرر كثيرا في كتب الصحاح والمساند يرويه البراء بهذه الصياغة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا مربوعا بعيد ما بين المنكبين واذا كان الانسان ما بين منكبيه قريب فهذا من المعايب عظيم الجمة الى شحمة اذنيه اي ان شعر النبي صلى الله عليه وسلم كان عظيما ثم بين هذه العظمة الى انه الى شحمة اذنيه قال عليه حلة حمراء فكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس الحلة والحلة سميت حلة لانه يحل بعضها على بعض والمقصود بالحلة الحمراء ليس هو الاحمر الذي كله احمر بل هو الاحمر اللباس الذي فيه احمر مع خطوط ليس حمر اما الاحمر المنهي عنه فهو الاحمر الخالص قال ما رأيت شيئا قط احسن منه. فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يوجد اجمل منه من البشر ولا يوجد اجمل منه صلى الله عليه وسلم من غير البشر فربنا جل جلاله قد جمله بانواع الجمال والانسان حينما يقرأ هذه الاحاديث ويرى كيف انه قد وصف بهذه الاوصاف يعمل الانسان لاجل ان يتخلق باوصاف النبي صلى الله عليه وسلم ويكون على طريقته في هذه الشمائل والانسان لا يبالغ في تجميد نفسه ولا يهمل نفسه بل ان الانسان يكون وسط وهكذا ديننا الحنيف في كل مسألة يكون الانسان وسط فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يفتح لنا ولكم في طلب العلم وفي استيعاب العلم وفي تعلم العلم وفي نشره وفي بثه ونحن نتحدث دائما ان الانسان يجد في تعلم هذه الاشياء ويعلمه الناس وايضا مما ينبغي لنا ان نبثه وان ننشره بين الناس شمائل النبي صلى الله عليه وسلم وفي ختام مجلسنا هذا اذكره بمسألة لطالما ذكرت بها وحذرت منها الا وهي ان يقصر الانسان في محبة اخوانه فقد جاء في الصحيحين من حديث انس ابن مالك ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه فالمحبة ايها الاخوة من لوازم الايمان وهذه المحبة تقتضي اعمالا وهو ان يحب الانسان ما يحب لاخيه من الخير وان يكره لاخيه ما يكره لنفسه من الشر وعلامة من علامات هذه المحبة ان يعلم الانسان اخوانه هذا العلم النافع لان في العلم النافع القربى الى الله تعالى ولان في العلم النافع العمل بان يترقى الانسان بطاعة الله تعالى فعلينا ان نعلم ان من المحبة تعليم الاخرين وتوجيه الاخرين