المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي يخبر تعالى انه انضرب في القرآن من جميع الامثال. امثال اهل الخير وامثال اهل الشر. وامثال التوحيد وكل مثل يقرب حقائق الاشياء. والحكمة في ذلك لعلهم يتذكرون عندما نوضح لهم الحق. فيعلمون ويعملون قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون. قرآنا عربيا غير ذي عوج اي جعلناه عربيا واضح الالفاظ سهل المعاني خصوصا على العرب غير ذي عوج اي ليس فيه خلل ولا نقص بوجه من الوجود لا في الفاظه ولا في معانيه. وهذا يستلزم كمال اعتداله واستقامته. كما قال تعالى الحمدلله الذي انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لعلهم يتقون الله تعالى حيث سهلنا عليهم طرق التقوى العلمية والعملية بهذا القرآن العظيم عربي المستقيم الذي ضرب الله فيه من كل مثل ثم ضرب مثلا للشرك والتوحيد فقال متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد بل اكثرهم لا يعلمون. ضرب الله مثلا رجل اي عبدا فيه شركاء متشاكسون. فهم وليسوا متفقين على امر من الامور وحالة من الحالات حتى تمكن راحته. بل هم متشاكسون متنازعون فيه. كل له مطلب يريد تنفيذه ويريد الاخر غيره. فما تظن حال هذا الرجل مع هؤلاء الشركاء المتشاكسين؟ ورجلا سلما لرجل اي خالصا قد عرف مقصود سيده وحصلت له الراحة التامة هل يستويان اي هذان الرجلان مثلا لا يستويان. كذلك المشرك فيه شركاء متشاكسون هذا ثم يدعو هذا فتراه لا يستقر له قرار ولا يطمئن قلبه في موضع والموحد مخلص لربه فقد خلصه الله من لغيره فهو في اتم راحة واكمل طمأنينة الحمد لله على تبيين الحق من الباطل وارشاد الجهال. بل اكثرهم لا يعلمون اي كلكم لابد ان يموت. وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد افا ان مت فهم الخالدون فيما تنازعتم فيه فيفصل بينكم بحكمه العادل ويجازي كل ما عمله وصاه الله ونسوه يقول تعالى محذرا ومخبرا انه لا اظلم واشد ظلما ممن كذب على الله اما بالنسبة الى ما لا يليق بجلاله او بادعاء النبوة او الاخبار بان الله تعالى قد قال كذا او اخبر بكذا او حكم بكذا وهو كاذب فهذا داخل في قوله تعالى وان تقولوا على الله ما لا تعلمون. ان كان جاهلا والا فهو اشنع واشنع وكذب بالصدق اذ جاءه. اي ما اظلم ممن جاءه الحق المؤيد بالبينات فكذبه. فتكذيبه ظلم عظيم منه. لانه رد الحق بعدما تبين فان كان جامعا بين الكذب على الله والتكذيب بالحق كان ظلما على ظلم. اليس في جهنم مثوى للكافرين يحصل بها الاشتفاء منهم واخذ حق الله من كل ظالم وكافر. ان الشرك لظلم عظيم. ولما ذكر الكاذب المكذب وجنايته وعقوبته. ذكر الصادق المصدق وثوابه فقال والذي جاء بالصدق في قوله وعمله فدخل في ذلك الانبياء. ومن قام مقامهم ممن صدق فيما قاله عن خبر الله واحكامه وفيما فعله من خصال الصدق وصدق به اي بالصدق لانه قد يجيء الانسان بالصدق ولكن قد لا يصدق به بسبب استكباره او احتقاره لمن قاله واتى به. فلا بد في المدح من الصدق والتصديق. فصدقه يدل على علمه وعدله. وتصديقه يدل على تواضعه عدم استكباره اولئك هم المتقون. اولئك اي الذين وفقوا للجمع بين الامرين هم المتقون فان جميع خصال التقوى ترجع الى الصدق بالحق والتصديق به ذلك جزاء المحسنين. لهم ما يشاؤون عند ربهم من الثواب. مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. فكل ما تعلقت به ارادتهم ومشيئتهم. من اصناف اللذات والمشتهيات فانه حاصل لهم. معد مهيأ الذين يعبدون الله كأنهم يرونه فان لم يكونوا يرونه فانه يراهم المحسنين الى عباد الله عمل الانسان له ثلاث حالات اما اسوأ او احسن او لا اسوأ ولا احسن. والقسم اخير قسم المباحات وما لا يتعلق به ثواب ولا عقاب والاسوأ. المعاصي كلها والاحسن. الطاعات كلها. فبهذا هذا التفصيل يتبين معنى الاية. وان قوله ليكفر الله عنهم اسوأ الذي عملوا. اي ذنوبهم الصغار بسبب احسانهم وتقواهم ويجزيهم اجرهم باحسن الذي كانوا يعملون. اي بحسناتهم كلها. ان الله لا يظلم مثقال ذرة. وان تك حسنة ضاعفها ويؤتي من لدنه اجرا عظيما اي اليس من كرمه وجوده وعنايته بعبده الذي قام بعبوديته وامتثل امره واجتنب نهيه خصوصا اكمل الخلق عبودية لربه. وهو محمد صلى الله عليه وسلم. فان الله تعالى سيكفيه في امر دينه ودنياه ويدفع عنه من ناوأه بسوء ويخوفونك بالذين من دونه. من الاصنام والانداد ان تنالك بسوء. وهذا من غيهم وضلالهم. ومن يضلل الله فما له من هاد. ومن يهد الله فما له من مضل. اليس الله بعزيز ذن ومن يهدي الله فما له من مضل. لانه تعالى الذي بيده الهداية والاضلال. وهو الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن اليس الله بعزيز له الكاملة التي قهر بها كل شيء. وبعزته يكفي عبده ويدفع عنه مكرهم. ذي انتقام ممن عصاه. فاحذروا موجبات نقمة