المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي ولئن سألت هؤلاء الضلال الذين يخوفونك بالذين من دونه. واقمت عليهم دليلا من انفسهم فقلت من خلق السماوات والارض لم يثبتوا لالهتهم من خلقها شيئا. ليقولن الله الذي خلقها وحده قل لهم مقررا عجز الهتهم بعدما تبينت قدرة الله افرأيتم اي اخبروني ما تدعون من دون الله ان ارادني الله بضر. اي ضر كان هل هن كاشفات بازالته بالكلية او بتخفيفه من حال الى حال. او ارادني برحمة هل هن ممسكات رحمة او ارادني برحمة يوصل الي بها منفعة. في ديني او دنياي. هل هن ممسكات رحمته؟ ومانعاتها عني سيقولون لا يكشفون الضر ولا يمسكون الرحمة. قل لهم بعدما تبين الدليل القاطع على انه وحده المعبود. وانه الخالق للمخلوقات نافع الضار وحده وان غيره عاجز من كل وجه عن الخلق والنفع والضر. مستجلبا كفايته مستدفعا مكرهم وكيدهم. قل حسبي يتوكل المتوكلون. اي عليه يعتمد المعتمدون في جلب مصالحهم ودفع مضارهم. فالذي بيده وحده الكفاية هو حسبي سيكفيني كل ما اهمني وما لا اهتم به. قل يا قوم اعملوا على مكانتكم فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب اي قل لهم يا ايها الرسول يا قومي اعملوا على مكانتكم. اي على حالتكم التي رضيتموها لانفسكم من عبادة من لا يستحق من العبادة شيئا ولا له من الامر شيء. اني عامل على ما دعوتكم اليه من اخلاص الدين لله تعالى لا وحدة فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم فسوف تعلمون لمن العاقبة. ومن يأتيه عذاب يخزيه في الدنيا. ويحل عليه في الاخرى عذاب مقيم لا يحول عنه ولا يزول. وهذا تهديد عظيم لهم. وهم يعلمون انهم المستحقون للعذاب المقيم. ولكن الظلم والعناد حال بينهم وبين الايمان انما يضل عليها يخبر تعالى انه انزل على رسوله الكتاب المشتمل على الحق في اخباره واوامره ونواهيه. الذي هو مادة الهداية وبلاغ لمن اراد الوصول الى الله والى دار كرامته. وانه قامت به الحجة وعلى العالمين. فمن اهتدى بنوره واتبع اوامره فان نفع ذلك يعود الى نفسه. ومن ضل بعدما تبين له الهدى فانما يضل عليها لا يضر الله شيئا. تحفظ عليهم اعمالهم وتحاسبهم عليها. وتجبرهم على على ما تشاء وانما انت مبلغ تؤدي اليه ما امرت به في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الاخرى. ويرسل الاخرى الى اجر يخبر تعالى انه المتفرد بالتصرف بالعباد في حال يقظتهم ونومهم وفي حال حياتهم وموتهم. فقال الله يتوفى الانفس حين موتها. وهذه الوفاة الكبرى وفاة الموت واخباره انه يتوفى الانفس واضافة الفعل الى نفسه. لا ينافي انه قد وكل بذلك ملك الموت واعوانه. كما قال تعالى قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم. حتى اذا جاء احدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون. لانه تعالى يضيف الاشياء الى نفسه باعتبار انه الخالق المدبر. ويضيفها الى اسبابها باعتبار ان من سنته تعالى وحكمته ان جعل لكل امر من الامور سببا وقوله والتي لم تمت في منامها وهذه الموتة الصغرى. اي ويمسك النفس التي لم تمت في منامها فيمسك ومن هاتين النفسين النفس التي قضى عليها الموت. وهي نفس من كان مات. او قضى ان يموت في منامه ويرسل النفس الاخرى الى اجل تم اي الى استكمال رزقها واجلها. على كمال اداريه واحيائه الموتى بعد موتهم. وفي هذه الاية دليل على ان الروح والنفس جسم قائم بنفسه. مخالف جوهره جوهر البدن وانها مخلوقة مدبرة يتصرف الله فيها في الوفاة والامساك والارسال. وان ارواح الاحياء والاموات تتلاقى في البرزخ فتجتمع فتتحادث فيرسل الله ارواح الاحياء ويمسك ارواح الاموات ينكر تعالى على من اتخذ من دونه شفعاء يتعلق بهم ويسألهم ويعبدهم. قل لهم مبينا جهلهم وانها لا تستحق شيئا من العبادة. او لو كانوا اي من اتخذتم من الشفعاء لا يملكون شيئا اي لا مثقال ذرة في السماوات ولا في الارض ولا اصغر من ذلك ولا اكبر بل وليس لهم عقل يستحقون ان امدحوا به لانها جمادات من احجار واشجار وصور واموات. فهل يقال ان لمن اتخذها عقلا؟ ام هو من اضل الناس واجهلهم اعظمهم ظلما قل لهم لله الشفاعة جميعا. لان الامر كله لله وكل شفيع فهو يخافه. ولا يقدر ان يشفع عنده احد احد الا باذنه. فاذا اراد رحمة عبده اذن للشفيع الكريم عنده ان يشفع. رحمة بالاثنين. ثم قرر ان الشفاعة كلها له بقول له ملك السماوات والارض ثم اليه ترجعون. له ملك السماوات والارض. اي جميع ما فيه ما من الذوات والافعال والصفات. فالواجب ان تطلب الشفاعة ممن يملكها. وتخلص له العبادة. ثم اليه ترجعون. فيجازي المخلص له بالثواب الجزيل. ومن اشرك به بالعذاب الويل يذكر تعالى حالة المشركين وما الذي اقتضاه شركهم؟ انهم اذا ذكر الله توحيدا له وامر باخلاص الدين له وترك ما يعبد من دونه. انهم يشمئزون وينفرون ويكرهون ذلك اشد الكراهة. واذا ذكر الذين من دونه من الاصنام والانداد. ودعا الداعي الى عبادتها ومدحها. اذا هم يستبشرون بذلك. فرحا بذكر معبوداتهم ولكون الشرك موافقا لاهوائهم وهذه الحال اشر الحالات واشنعها. ولكن موعدهم يوم الجزاء فهناك يؤخذ الحق منهم وينظر هل تنفعهم الهتهم التي كانوا يدعون من دون الله شيئا؟ ولهذا قال بالغيب والشهادة انت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون. قل اللهم فاطر السماوات والارض اي خالقهما ومدبرهما. عالم الغيب الذي غاب عن ابصارنا وعلمنا. والشهادة الذي نشاهده ان عبادك فيما كانوا فيه يختلفون. وان من اعظم الاختلاف اختلاف الموحدين المخلصين القائلين. انما هم عليه هو الحق وان لهم الحسنى في الاخرة دون غيرهم. والمشركين الذين اتخذوا من دونك الانداد والاوثان. وسووا فيك من لا يسوى شيئا كغاية النقص واستبشروا عند ذكر الهتهم واشمأزوا عند ذكرك وزعموا مع هذا انهم على الحق وغيرهم على الباطل. وان لهم الحسنى. قال الله تعالى ان الذين امنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين اشركوا. ان الله يفصل بينهم يوم القيامة ان الله على كل شيء شهيد. وقد اخبرنا بالفصل بينهم بعدها بقوله هذان خصمان اختصموا في ربهم. فالذي كفروا قطعت لهم ثياب من نار. يصب من فوق رؤوسهم الحميم. يصهر به ما في بطونهم والجلود. ولهم مقامع من حديد. الى قال ان الله يدخل الذين امنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الانهار. يحلون فيها من اساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير. وقال الله تعالى الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الامن وهم مهتدون. انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار. ففي هذه الاية بيان عموم خلقه تعالى وعموم علمه. وعموم حكمه بين عباده فقدرته التي نشأت عنها المخلوقات وعلمه المحيط بكل شيء دال على حكمه بين عباده وبعثهم وعلمه باعمالهم خير وشرها وبمقادير جزائها وخلقه دال على علمه. الا يعلم من خلق ولو انني الذين ظلموا ما في الارض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون لما ذكر تعالى انه الحاكم بين عباده وذكر مقالة المشركين وشناعتها كأن النفوس تشوقت الى ما يفعل الله بهم يوم القيامة. فاخبر ان لهم سوء العذاب اي اشده وافظعه. كما قالوا اشد الكفر واشنعه. وانهم على الفرض والتقدير لو كان لهم ما في الارض جميعا من ذهبها وفضتها ولؤلؤها وحيواناتها واشجارها وزروعها. وجميع اوانيها واثاثها. ومثله معه ثم بذلوه يوم القيامة ليفتدوا من العذاب وينجوا منه ما قبل منهم. ولا اغنى عنهم من عذاب الله شيئا. يوم لا ينفع مال ولا بنون. الا من اتى الله بقلب سليم. ايظنون من السخط العظيم والمقت الكبير وقد كانوا يحكمون لانفسهم بغير ذلك. وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا وبدا لهم سيئات ما كسبوا. اي الامور التي تسوؤهم بسبب صنيعهم وكسبهم احاط بهم ما كانوا به يستهزئون من الوعيد والعذاب الذي نزل بهم وما حل عليهم العقاب