عندما يتجلى وينزل للفصل بينهم وذلك اليوم يجعل الله للخلق قوة وينشئهم نشأة يقوون على الا يحرقهم نوره ويتمكنون ايضا من رؤيته والا فنوره تعالى عظيم. لو كشفه لاحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه. ووضع الكتاب المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات سبحانه وتعالى عما يشركون يقول تعالى وما قدر هؤلاء المشركون ربهم حق قدره ولا عظموه حق تعظيمه بل فعلوا ما يناقض ذلك من اشراكهم به من هو ناقص في اوصافه وافعاله. فاوصافه ناقصة من كل وجه وافعاله ليس عنده نفع ولا ضر. ولا عطاء ولا منع ولا يملك من الامر شيئا. فسووا هذا المخلوق الناقص بالخالق الرب العظيم. الذي من عظمته الباهرة وقدرته القاهرة ان جميع الارض يوم القيامة قبضة للرحمن. وان السماوات بسعتها وعظمها مطويات بيمينه. فلا عظمه حق عظمته من سوى به غيره. ولا اظلم منه اي تنزه وتعاظم عن شركهم به. ونفخ في الصور فصعق من لما خوفهم تعالى من عظمته خوفهم باحوال يوم القيامة ورغبهم ورهبهم فقال نفخ في الصور وهو قرن عظيم. لا يعلم عظمته الا خالقه. ومن اطلعه الله على علمه من خلقه فينفخ فيه اسرافيل عليه السلام احد الملائكة المقربين واحد حملة عرش الرحمن فصعق اي غشي او مات على اختلاف القولين من في السماوات ومن في الارض اي كلهم لما سمعوا نفخة الصور ازعجتهم من شدتها وعظمها. وما يعلمون انها مقدمة له ممن ثبته الله عند النفخة فلم يصعق كالشهداء او بعضهم وغيرهم. وهذه النفخة الاولى نفخة الصاعقة ونفخة الفزع. ثم نفخ فيه اخرى النفخة الثانية نفخة البعث. اي قد قاموا من قبورهم لبعثهم وحسابهم. قد تمت منهم الخلقة الجسدية والارواح وشخصت ابصارهم ينظرون ماذا يفعل الله بهم واشرقت الارض بنور ربها. علم من هذا ان الانوار الموجودة تذهب يوم القيامة وتضمحل. وهو كذلك فان الله اخبر ان الشمس تكور. والقمر يخسف والنجوم تندثر. ويكون الناس في ظلمة فتشرق عند ذلك الارض بنور ربها اي كتاب الاعمال وديوانه. وضع ونشر ليقرأ ما فيه من الحسنات والسيئات. كما قال تعالى ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها. ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك احدا. ويقال للعامل من تمام العدل والانصاف. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا وجيء بالنبيين ليسألوا عن التبليغ وعن اممهم عليهم والشهداء من الملائكة والاعضاء والارض قضي بينهم بالحق اي العدل التام والقسط العظيم. لانه حساب صادر ممن لا يظلم مثقال ذرة. ومن هو محيط بكل شيء. وكتابه الذي هو اللوح المحفوظ محيط بكل ما عملوه. والحفظة الكرام والذين لا يعصون ربهم. قد كتبت عليهم ما عملوه واعدلوا الشهداء قد شهدوا على ذلك الحكم فحكم بذلك من يعلم مقادير الاعمال ومقادير استحقاقها للثواب والعقاب. فيحصل حكم يقر به الخلق ويعترف لله بالحمد والعدل. ويعرفون به من عظمته وعلمه وحكمته ورحمته. ما لم يخطر بقلوبهم ولا تعبر عنه السنتهم. ولهذا قال ووفيت كل نفس ما عملت وهو اعلم بما يفعلون وسيق الذين كفروا هم خزنتها وقال لهم خزنتها الم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم ايات ربكم يتلون عليكم ايات ربكم وينذرونكم اه يومكم هذا. قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين لما ذكر تعالى حكمه بين عباده الذين جمعهم في خلقه ورزقه وتدبيره. واجتماعهم في الدنيا واجتماعهم في موقف القيامة تعالى عند جزائهم كما افترقوا في الدنيا بالايمان والكفر والتقوى والفجور. فقال اي سوقا عنيفا يضربون بالسياط الموجعة من الزبانية الغلاظ الشداد الى شر محبس وافظع موضع وهي جهنم التي قد جمعت كل عذاب. وحضرها كل شقاء. وزال عنها كل سرور. كما قال تعالى يوم يدعون الى نار جهنم داعية اي يدفعون اليها دفعا. وذلك لامتناعهم من دخولها. ويساقون اليها زمرا. اي فرقا متفرقة. كل زمرة مع زمرة التي تناسب عملها وتشاكل سعيها. يلعن بعضهم بعضا. ويبرأ بعضهم من بعض حتى اذا جاؤوها اي وصلوا الى ساحتها فتحت لهم اي لاجلهم ابوابها لقدومهم وقرا لنزولهم وقال لهم خزنتها مهنئين لهم بالشقاء الابدي والعذاب السرمدي وموبخين لهم على الاعمال التي اوصلتهم الى هذا المحل الفظيع. الم يأتكم رسل منكم اي من جنسكم تعرفونهم وتعرفون صدقهم وتتمكنون من التلقي عنهم. يتلون عليكم ايات ربكم التي ارسلهم الله بها الدالة على الحق اليقين باوضح البراهين هذا ايوه هذا يوجب عليكم اتباعهم. والحذر من عذاب هذا اليوم باستعمال تقواه. وقد كانت حالكم بخلاف هذه الحال قالوا مقرين بذنبهم وان حجة الله قامت عليهم. بل قد جاءتنا رسل ربنا باياته وبيناته. وبينوا لنا غاية التبيين ترونا من هذا اليوم ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين. اي بسبب كفرهم وجبت عليهم كلمة العذاب. التي هي لكل من كفر بايات الله وجحد ما جاءت به المرسلون. فاعترفوا بذنبهم وقيام الحجة عليهم. فقيل لهم على وجه الاهانة والاذلال فبئس مثوى المتكبرين. ادخلوا ابواب جهنم كل طائفة تدخل من الباب الذي يناسبها ويوافق عملها. خالدين فيها ابدا. لا يطعنون عنها. ولا يفتر عنهم العذاب ساعة ولا ينظرون. اي بئس المقر. النار مقرهم. وذلك لانه تكبروا على الحق فجزاهم الله من جنس عملهم بالاهانة والذل والخزي. ثم قال عن اهل الجنة اتقوا ربهم الى الجنة زمرا. وسيق الذين اتقوا ربهم بتوحيده والعمل بطاعته فوق اكرام واعزاز يحشرون وفدا على النجائب الى الجنة زمرا فرحين مستبشرين كل زمرة مع الزمرة التي تناسب عملها وفتحت سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين. حتى اذا جاءوها اي وصلوا لتلك الرحاب الرحيبة والمنازل الانيقة وهب عليهم ريحها ونسيمها وان خلودها ونعيمها وفتحت لهم ابوابها فتح اكرام لكرام الخلق ليكرموا فيها. وقال لهم خزنتها تهنئة لهم وترحيبا. سلام عليكم اي سلام من كل افة وشر حال عليكم. طبتم اي طابت قلوبكم بمعرفة الله ومحبته وخشيته. والسنتكم بذكره وجوارحكم بطاعته. فبسبب طيبكم ادخلوها خالدين لانها الدار الطيبة ولا يليق بها الا الطيبون. وقال في النار فتحت ابوابها وقال في الجنة وفتحت بالواو اشارة الى ان اهل النار بمجرد وصولهم اليها فتحت لهم ابوابها من غير انظار ولا امهال. وليكون فتحها في وجوههم وعلى وصولهم اعظم لحرها واشد لعذابها. واما الجنة فانها الدار العالية الغالية. التي لا يوصل اليها ولا ينال كل احد الا من اتى بالوسائل الموصلة اليها. ومع ذلك فيحتاجون لدخولها لشفاعة اكرم الشفعاء عليه. فلم تفتح لهم بمجرد ما وصلوا اليها بل يستشفعون الى الله بمحمد صلى الله عليه وسلم. حتى يشفع فيشفعه الله تعالى. وفي الايات دليل على ان النار الجنة لهما ابواب تفتح وتغلق. وان لكل منهما خزنة وهما الداران الخالصتان اللتان لا يدخل فيهما الا من استحقهما. بخلاف مسائل الامكنة والدور وقالوا عند دخولهم فيها واستقرارهم حامدين ربهم على ما اولاهم ومن عليهم وهداهم. الحمد لله الذي صدقنا وعده عدنا الجنة على السنة رسله. ان امنا وصلحنا فوفى لنا بما وعدنا وانجز لنا ما من انا. واورثنا ونتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم اجر العاملين واورثنا الارض اي ارض الجنة. نتبوأ من الجنة حيث نشاء. اي ننزل منها اي مكان شئنا. ونتناول ومنها اي نعيم اردنا ليس ممنوعا عنا شيء نريده. فنعم اجر العاملين. فنعم اجر العاملين الذين اجتهدوا بطاعة ربهم في زمن قليل منقطع. فنالوا بذلك خيرا عظيما باقيا مستمرا. وهذه الدار التي تستحق المدح على الحقيقة التي يكرم الله فيها خواص خلقه ورضيها الجواد الكريم لهم نزلا وبنى اعلاها واحسنها وغرسها بيده وحشاها من رحمته وكرامتهما ببعضه يفرح الحزين. ويزول الكدر ويتم الصفاء من حول العرش. وترى الملائكة ايها الرائي ذلك اليوم العظيم حافين من حول العرش. اي قد قاموا في خدمة ربهم واجتمعوا حول عرشه. خاضعين لجلاله معترفين بكماله. مستغرقين بجماله يسبحون بحمد ربهم اي ينزهونه عن كل ما لا يليق بجلاله مما نسب اليه المشركون وما لم ينسبوا وقضي بينهم اي بين الاولين والاخرين من الخلق. بالحق الذي لا اشتباه فيه ولا انكار. ممن عليه الحق لله رب لم يذكر القائل من هو ليدل ذلك على ان جميع الخلق نطقوا بحمد ربهم وحكمته على ما قضى به على اهل الجنة واهل النار. حمد فضل واحسان وحمد عدل وحكمة