المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله التاسع والثلاثمائة الحديث الثاني عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم جاءته امرأة فقالت اني وهبت نفسي لك فقامت طويلا فقال رجل يا رسول الله زوجنيها ان لم يكن لك بها حاجة فقال هل عندك من شيء تصدقها فقال ما عندي الا ازاري هذا فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ازارك ان اعطيتها جلست ولا ازار لك فالتمس شيئا قال ما اجد قال التمس ولو خاتما من حديد فالتمس فلم يجد فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم هل معك شيء من القرآن قال نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم زوجتكها بما معك من القرآن رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث سهل ابن سعد رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم جاءته امرأة فقالت يا رسول الله اني وهبت نفسي لك الى اخره هذه من خصائصه صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه يجوز له ان يتزوج بدون مهر قال تعالى وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي ان اراد ان اراد النبي ان يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين فاذا وهبت نفسها له فهو بالخيار ان شاء قبلها وتزوجها وان شاء ردها فلما قالت له هذه المرأة وهبت نفسي لك شخص النظر بها وصوبه فلم يرغب بها وكره ان يردها فتخجل فلهذا سكت وتركها قائمة لعل احد الصحابة يرغب فيها لانه رأى حاجتها الى الزواج فكأن الصحابة فهموا مراده وانه لم يرغب بها فقال رجل يا رسول الله زوجنيها ان لم يكن لك بها حاجة فقال هل عندك شيء تصدقها اي انه لا يجوز الا بصداق فقال ما عندي الا ازاري اي انه لا يجد شيئا حتى ولا رداء والازار هو ما يجعل من السرة فانزل وقوله ازارك ان اعطيتها الى اخره قال بعض العلماء يؤخذ منه ان المرأة تملك جميع صداقها من حين العقد لانه اخبره انها تملك اخذه وقوله التمس ولو خاتما من حديد فيه انه يجزئ الصداق باقل شيء فلما لم يجد قال هل معك شيء من القرآن قال نعم وفي بعض الروايات سورة كذا وكذا وفي بعضها سورة البقرة وال عمران فقال زوجتكها بما معك من القرآن اي ان صداقها ان تعلمها هذا الذي تعرف من القرآن ففيه فوائد كثيرة منها هذه الخصيصة للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ومنها انه لا غضاضة على المرأة اذا وهبت نفسها له ولو لم يقبلها فان اعظم الفخر واعلى المراتب للمرأة ان تكون زوجة للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ولهذا لما كبرت سوده ورأت انه يريد فراقها احبت البقاء معه واسقطت حقها من القسم فوهبت قسمها لعائشة فكان يقسم لعائشة يومها ويوم سوده فاحبت البقاء معه لهذه المنقبة العظيمة وفيها حسن خلقه صلى الله عليه وعلى اله وسلم وانه يحب جبر خواطر اصحابه فانه لم يردها حين لم يرغب بها بل سكت حتى طلبها منه بعض اصحابه ومنها ان المرأة تملك صداقها كله بمجرد العقد ومنها ان الصداق يجزئ ان يكون اقل شيء ومنها انه يجزئ ان يكون عينا او منفعة دنيوية او دينية ومنها هذه المسألة بالخصوص وهي انه يجوز ان يصدقها تعليم شيء من القرآن فان العلماء اختلفوا في صحة ذلك فمنهم من منعه وهو المشهور من مذهب احمد محتجين بقوله تعالى ان تبتغوا باموالكم وهذا ليس بمال قالوا ومثل هذا تعليم فقه ونحوه من الاشياء التي لا يجوز اخذ الاجرة على تعليمها بخلاف كتابة ونحو ولغة ونحوها مما يجوز اخذ الاجرة عليه واجابوا عن هذا الحديث بانه خاص بذلك الرجل لانه ورد انه قال ولا تجزئ عن احد بعدك وقال بعضهم ان قوله بما معك من القرآن اي بسبب انك من اهل القرآن وهذا بعيد جدا والقول انه يجوز ان يكون صداقا وهو رواية عن احمد اختارها الشيخ وهي صحيحة لان هذا الحديث صريح في جواز ذلك واما الاية فلا تنافي هذا الحديث فانه يجوز بالمال والمنفعة المقصودة والنكاح ليس معاوضة مالية محضة حتى يقال لا يجوز فيه الا المال وقد ورد صريحا انه لما خطب ابو طلحة ام انس بن ما لك وكان كافرا ابت عليه وقالت ان تسلم فهو صداقي فاسلم وتزوجها فكان صداقها اسلامه وليس مالا ولا منفعة مالية واما قولهم ان هذا الحديث خاص بذلك الرجل ولا دليل عليه البتة والحديث في انه خاص لم يثبت ولو ثبت لكان فاصلا للنزاع كما ثبت خصيصة ابي بردة في اجزاء العناق عنه دون غيره ومن فوائد هذا الحديث قلة الدنيا عند الصحابة وقصف الحال عليهم