المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله العاشر والثلاثمائة الحديث الثالث عن انس بن مالك رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم رأى عبدالرحمن بن عوف وعليه ردع زعفران فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مهيم فقال يا رسول الله تزوجت امرأة فقال ما اصدقتها قال وزن نواة من ذهب قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم بارك الله لك او لم ولو بشاه رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث انس ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم رأى عبدالرحمن بن عوف وعليه ردع زعفران وكان هذا من طيب النساء لانه ورد طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه وطيب النساء ما خفي ريحه وظهر لونه واذا كانت في بيتها فلتتطيب بما شاءت فلما استغرب هذا الاثر قال مهيم اي ما العلم وما الخبر فقال يا رسول الله تزوجت امرأة اي فاصابني هذا منها فلا غرابة فقال ما اصدقتها اي ما قدر صداقها وما هو قال وزن نواة من ذهب اي قدر عشر جنيه فان الجنيه الافرنجي وزنه عشر نوى هذا مع انه رضي الله عنه من اغنى الصحابة واكثرهم مالا فدعا له صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال بارك الله لك ثم امره بالوليمة فقال او لم ولو بشاه ففي هذا الحديث فوائد كثيرة منها انه ينبغي للانسان تفقد احوال اصحابه واذا رأى شيئا سألهم عنه وليس هذا مما لا يعني خصوصا له صلى الله عليه وعلى اله وسلم ومن قام مقامه في تبيين الاوامر والنواهي فانه صلى الله عليه وعلى اله وسلم يسألهم عن الشيء فاما ان ينهى عنه ان كان مخالفا للشرع واما ان يقرره ان كان على وفق الشرع واما ان يأمر باكماله وتتميمه ان كان لم يكمل وفي هذا الحديث قرره على ما فعل وامره ان يتمم ذلك ويكمله بالوليمة ومنها مشروعية الصداق وانه لا بد منه في النكاح ولهذا قال ما اصدقتها اي فهو متقرر انه لا بد منه ومنها مشروعية تخفيفه فان عبدالرحمن بن عوف من اغنى الصحابة ومع هذا فهذا قدر صداقه وكان صداق ازواج رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وبناته اربع مئة درهم او خمس مئة اي مقدار خمسين ريالا الى الستين ومنها استحباب المباركة للمتزوج وقد ورد انه يستحب ان يقول له بارك الله لك ما وعليكما اي هو وزوجته وجمع بينكما في خير وعافية ومنها استحباب الوليمة في النكاح وهي الطعام الذي يصنع في ايام العرس سواء صنعه المتزوج او اهل الزوجة فكله مستحب ما لم يبلغ حد الاسراف وكل الدعوات مباحة بالاصل ما لم يكن ثم عارض فتستحب ان كان فيها مصلحة او تكره ان كان فيها مفسدة او تحرم كما اذا كان فيها منكر لا يقدر على ازالته وكما حرم على القاضي اجابة الدعوة حيث كان تهمه واما الدعوة الى وليمة العرس فمستحبة والاجابة الى سائر الدعوات مستحبة بالاصل ما لم يوجد عارض كما تقدم واما الاجابة الى وليمة العرس فواجبة فهي من حقوق المسلم على المسلم وقد ورد شر الطعام طعام الوليمة اي وليمة العرس يدعى اليها من يأباها ويحرم منها من يريدها ان يدعى اليها الاغنياء دون الفقراء ثم قال ومن لم يجب فقد عصى ابا القاسم صلى الله عليه وعلى اله وسلم فينبغي للانسان الا يجعل الوليمة بهذه فينبغي ان يدعو اليها عموم الناس من اقاربه وجيرانه والاغنياء والفقراء ويحصل ادراك السنة في الوليمة باقل شيء وقد تقدم ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اولم على صفية بحيس فينبغي للانسان ان يولم على قدر حاله بل وان كان فقيرا لا يقدر على الطعام ادرك السنة بالقهوة ونحوها من الاشياء التي اعتادها الناس وطعام اهل المرأة على الزواج وليمة تحصل بها السنة واذا صنع الزوج الوليمة عند رحيله وكان قريبا من ايام العرس ادرك السنة ولا تكره اذا وانما المكروه ان يدعو الناس يومين او ثلاثة لان هذا اسراف ورياء ومما دل عليه هذا الحديث استحباب اظهار النكاح واعلانه لانه من الشعائر التي ينبغي اعلانها وانه يحصل بذلك الاقتداء ولانه قد يكون بينهما رضاع يجهلونه فاذا اشتهر فان كان احد يعلم رضاعا اخبر به الى غير ذلك من المصالح وقد امر بالدف عليه واما نكاح الخفية وهو الذي يتواصون بكتمانه فقد اتفق العلماء على انه مذموم مخالف للشرع وان صاحبه على خطر عظيم واختلفوا في صحته فالجمهور على انه صحيح مع ما فيه من المفاسد وقال بعض العلماء منهم الامام مالك وشيخ الاسلام تقي الدين انه لا يصح فهو سفاح لا نكاح واستدلوا على ذلك بادلة كثيرة منها انه خلاف الشرع ومخالف لامر الله ورسوله ومنها انه سبب لتهمة الانسان بالريبة ولو كان من اعف الناس فانه اذا رآه الناس يدخل على بيت لا يعرفون له فيه زوجة اتهموه ولابد ومنها انه سبب لكثرة الزنا فلا يشاء احد ان يزني بامرأة الا فعل فاذا رأى انه قد اطلع عليه اتى لانسان فعقد له عقد سر وفيه من الفساد ما الله به عليم ومنها انه قد يكون بينهما رضاع لا يعلمونه فينكح ذات محرمه ومنها انه قد تلد له فيموت الشهود او ينسون فينكر الاولاد فتضيع انسابهم ومنها انه لا بد ان يجور ولا يعدل بين هذه التي نكحها خفية وبين زوجته الاولى او زوجاته فانه لا يأتي الى هذه الا على وجه السرقة والاختفاء فلا يقسم لها ولا يمكن العدل في هذه الحال وهي وان لم تطالبه بحقها فهي لم ترض باسقاطه وانما تركته على وجه الاغماض الى غير ذلك من المفاسد واذا نظرت الى ما احتوى عليه من المفاسد رأيت ان جانب التحريم ارجح واذا تأملت احوال الناس اليوم فاذا هي محنة عظيمة جسيمة ويجب على الشهود ومن علم به افشاؤه واظهاره والاخبار به ولا يدخل فيه اخفاء ليلة الدخول مع اظهار الزواج ولا اخفاؤه قبل قرب وقت الدخول لبعض الاغراض واعلانه عند الدخول لانه ليس اخفاء له