المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الثاني عشر والثلاثمائة الحديث الثاني عن فاطمة بنت قيس ان ابا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب وفي رواية طلقها ثلاثا فارسل اليها وكيله بشعير فسخطته فقال والله ما لك علينا من شيء فجاءت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فذكرت ذلك له فقال ليس لك عليه نفقة وفي لفظ ولا سكنى فامرها ان تعتد في بيت ام شريك ثم قال تلك امرأة يغشاها اصحابي اعتدي عند ابن ام مكتوم فانه رجل اعمى تضعين ثيابك فاذا حللت فاذنيني قالت فلما حللت ذكرت له ان معاوية ابن ابي سفيان وابا جهم خطبان فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اما ابو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه واما معاوية فصعلوك لا مال له انكحي اسامة ابن زيد فكرهته ثم قال انكحي اسامة فنكحته فجعل الله فيه خيرا واغتبطت به رواه مسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث فاطمة بنت قيس ان ابا عمرو بن حفص طلقها البتة الى اخره وفي الرواية الاخرى طلقها ثلاثا ويفسر هاتين الروايتين الرواية الاخرى انه ارسل اليها بتطليقة بقيت من اخر ثلاث تطليقات اي انه طلقها واحدة وقد سبق لها منه طلقتان قبل ذلك فبانت منه بهذه الاخيرة بانه كما تقدم انها تبين باستكمال الثلاث والبت القطع اي انه لا رجعة له عليها وليس معنى قولها طلقها ثلاثا انه اوقعها جميعا بدليل الرواية الاخرى ولانه يحرم ايقاع الثلاث معا ولما فعل ذلك رجل في زمن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قام غضبان وقال ايلعب بكتاب الله وانا بين اظهركم ولانه من اتخاذ ايات الله هزوا وقوله فارسل اليها وكيله بشعير اي نفقة لها مدة العدة وهذا تبرع منه وكان قد تقرر عندهم ان المطلقة الرجعية لها النفقة والسكنى لانها في حكم الزوجات ما لم يأمرها بالاقامة عنده مدة العدة فتمتنع فانها تسقط لانها ناشز واذا نشزت الزوجة اي عصت زوجها سقطت نفقتها فالرجعية اولى وان لم يأمرها بالعدة في بيته فانها تجب عليهم مدة العدة فان لم ينفق عليها بقيت دينا في ذمته واما البائن فان كانت حاملا فلها النفقة لاجل الحمل وان لم تكن حاملا فلا نفقة لها لانها اجنبية منه وكان هذا الحكم خفي على كثير من الصحابة ولولا ان الله تعالى يسر وقوعه بسبب فاطمة بنت قيس لخفي هذا الحكم وكانت رضي الله عنها من النساء العالمات وخفي هذا الحكم حتى على عمر رضي الله عنه فكان يرى ان لها النفقة مطلقا ولكن هذا الحديث صحيح صريح في التفريق بين البائن والرجعية ولما ظنت فاطمة ان لها النفقة سخطت الشعير لما بعث به وكيله اليها وقوله سخطته اي اما ردته واما اخذته وتكلمت به على وجه التكره وكان قد علم انه لا حق لها عليه ولهذا قال والله ما لك علينا من شيء فاقسم على ذلك فجاءت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فذكرت له ذلك اي اشتكته عليه فقال ليس لك عليه نفقة وفي لفظ ولا سكنى اي لانها بائنة فلما ذكر انه لا سكنى لها وكانت بالاول في بيت زوجها امرها ان تعتد في بيت ام شريك ثم ذكر المانع فرجع فقال تلك امرأة يغشاها اصحابي ان يكثرون الدخول عليها اعتدي عند ابن ام مكتوم ثم ذكر الداعي لذلك فقال فانه رجل اعمى تضعين ثيابك اي ولا يراك وكان ابن عمها ثم قال فاذا حللت اي فرغت عدتك فاذنيني اي اخبريني ولعله اراد ان يشير عليها بنكاح اسامة بدليل اخر الحديث وعدتها ان كانت حاملا بوضع الحمل ولكن في هذه المسألة لم تكن حاملا وعدة الحائض ثلاث حيض وان لم تكن تحيض بان كانت صغيرة او ايسة فعدتها ثلاثة اشهر وان كانت تحيض وارتفع حيضها بسبب رضاع او مرض فعدتها ثلاث حيض ولو استمر السبب ولم يأتها الحيض سنة او سنتين او اكثر وقولها فلما حللت اي فرغت العدة ذكرت له ان معاوية بن ابي سفيان وابا جهم خطبان كلاهما من قريش من بني عمها فلما استشارته بذل لها النصح وهكذا يلزم من استشير ان ينصح فان المستشار مؤتمن فقال اما ابو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه اي انه ضراب للنساء سيء الخلق واما معاوية فصعلوك اي فقير لا مال له وهو الذي تولى امرة المؤمنين رضي الله عنه فانظر كيف انتقل من حالته الاولى الى حالته هذه ثم لما بين لها ان هذين لا يصلحان لها اشار عليها بنكاح اسامة فقال انكحي اسامة ابن زيد اي ابن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قالت فكرهته اي لانه مولى وهي من اشراف قريش وهو ايضا عربي لانه من بني كلب ولكنه مسه الرق وهذا عندهم يقدح في الانسان فلما رآها تلكأت وكرهته اعاد عليها مرة اخرى قال انكحي اسامة قالت فنكحته اي قبولا لنصحه وامتثالا لامره والا فهي كارهة له ولكن صار الخير بما ارشدها اليه وقد يكون المكروه سببا للامر المحمود كما قال تعالى وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وفي الاية الاخرى ويجعل الله فيه خيرا كثيرا فقالت فجعل الله فيه خيرا واغتبطت به اي انها اصابت منه خيرا كثيرا من الدين والدنيا واحبته محبة شديدة ففي هذا الحديث فوائد عديدة منها ان المرأة تبين باستكمال ثلاث تطليقات ومنها ان البائن لا نفقة لها ولا سكنى اذا لم تكن حاملا ومنها وجوب العدة ومنها انه يجب النصح للمستشير ومنها ان القدح في الشخص المستشار فيه اذا كان للنصح لا يكون غيبة كالمستفتى فيه ولو كان يكره ذلك ولهذا قال بعضهم في بيان الاشياء التي لا يكون الذم فيها غيبة الذم ليس بغيبة في ستة متظلم ومعرف ومحذر ولمظهر فسقا ومستفت ومن طلب الاعانة في ازالة منكر ومنها ان امتثال امر الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم خير كله سواء احب الانسان ام كره