المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله قصة لوط عليه السلام. وقصة لوط عليه السلام تبع لقصة ابراهيم لانه تلميذه وقد تعلم من ابراهيم وكان له بمنزلة الابن. فنبأه الله بحياة الخليل. وارسله الى قرى سدوم من غور فلسطين. وكانوا مع شركهم لا يلوطون بالذكور ولم يسبقهم احد الى هذه الفاحشة الشنعاء. فدعاهم الى عبادة الله وحده. وحذرهم من هذه الفاحشة فلم يزدادوا الا عتوا وتماديا فيما هم فيه. ولما اراد الله هلاكهم ارسل الملائكة لذلك ومروا بطريقهم على ابراهيم واخبروه بذلك وجعل ابراهيم يجادل في اهلاكهم وكان رحيما حليما. وقال ان فيها لوطا. قالوا نحن اعلم بمن فيها لننجينه واهله فقيل يا ابراهيم اعرض عن هذا انه قد جاء امر ربك وانهم اتيهم عذاب غير مردود. ولما ذهب الملائكة الى لوط بصورة اضياف ادميين شباب. ساء لوط ذلك وضاق بهم ذرعا. وقال هذا يوم عصيب. لعلمه بما عليه قومه من هذه الجراءة الشنيعة. ووقع اخاف منه فجاءه قومه يهرعون اليه يريدون فعل الفاحشة بأضياف لوط فقال يا قوم هؤلاء بناتي هن اطهر لكم. لعلمه انه لا حق لهم فيهن كما عرض سليمان للمرأتين حين اختصمتا في الولد فقال ائتوني بالسكين اشقه بينكما. ومن المعلوم انه لا يقع ذلك وهذا مثله. ولهذا قال قومه لقد علمت ما لنا في بناتك من حق. وانك لتعلم ما نريد. وايضا يريد بعض العذر من اضيافه وعلى هذا التأويل لا حاجة الى العدول الى قول بعض المفسرين هؤلاء بناتي يعني زوجاتهم يعني لان النبي اب لامته. فان هذا يمنعه امران. احدهما قوله هؤلاء بناتي يشير اليهن اشارة الحاضر ثانيا هذا الاطلاق على زوجاتهم لا نظير له. وايضا النبي انما هو بمنزلة الاب للمؤمنين به لا للكفار. والمحظور الذي توهموه يزول بما ذكرنا وانه يعلم انه لا حق لهم فيهن. وانما يريد مدافعتهم بكل طريق. فاشتد الامر بلوط. وقال لو ان بكم قوة او آوي الى ركن شديد. اي لدافعتكم. فلما رآهم جازمين على مرادهم الخبيث. قال قومه فاتقوا الله ولا تخزوني في ضيفي. اليس منكم رجل رشيد؟ فاستجلوا في طغيانهم وسكرهم فحين اذ اخبرته ملائكة الرحمن بامرهم وانهم ارسلوا لاهلاكهم فصدم جبريل او غيره من الملائكة الذين يعالجون الباب ليدخلوا على لوط وطمس بهذه الصدمة اعينهم. فكان هذا عذابا معجلا. نموذجا لمن باشروا مراودة لوط على اضيافه. وامروا ان يسري باول الليل باهله. ويلح في السير حتى يخلف ديارهم. وينجو من معرة العذاب. فخرج بهم فما اصبح الصباح حتى خلفوا ديارهم وقلب الله عليهم ديارهم فجعل اعلاها اسفلها. وامطر عليهم حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك. وما هي من الظالمين الذين يعملون عملهم ببعيد. وفي هذه القصة اكبر دليل على ان فاحشة الواط من اشنع القبائح وانها توجب العقاب الشديد. وان من ابتلي بهذه الفاحشة فمع ذهاب قد انقلب عليه الحسن بالقبيح استحسن ما كان قبيحا ونفر من الطيب. وذلك دليل على انحراف الاخلاق. وفيها وفي قصة ابراهيم جواز التعريض. اما قصة ففي قوله فنظر نظرة في النجوم فقال اني سقيم واما لوط ففي قوله هؤلاء بناتي هن اطهر لكم. والتعريض يكون في الاقوال ويكون في الافعال. وهو ان يقصد المتكلم او العامل عمل امرا من الامور التي لا بأس بها. ويوهم السامع والرائي امرا اخر. ليستجلب منفعة او يدفع مضرة. ومنها ان من علامة الرجل الرشيد انه هو المسدد في اقواله وافعاله. ومن ذلك انه ينصر المظلومين ويفرج الكرب عن المكروبين. ويأمر بالخير وينهى عن الشر هذا هو الرشيد حقيقة فلهذا قال لوط اليس منكم رجل رشيد؟ اي فيأمر بمعروف وينهى عن منكر ويدفع اهل الشر والبغي. ومنها الحث على في الاعوان على امور الخير ودفع الشر. ولو كان المعاون على ذلك من اهل الشر فان الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر وباقوام لا خلاق لهم عند الله ولهذا قال لوط لو ان لي بكم قوة او اوي الى ركن شديد. واكثر الانبياء يبعثهم الله في وفي قومهم ويحصل بذلك من تأييد الحق وقمع الباطل والتمكن من الدعوة ما لا يحصل لو لم يكن كذلك واعتبر هذا بحال شعيب وقول قومه له ولولا رهتك لرجمناك وما انت علينا بعزيز كذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بعث في اشرف بيت في قريش واعزه قد رماه قومه بالعداوة البليغة وعقدوا المجالس المتعددة في ابطال قوله ودينه. بل وفي كيفية الفتك به ومن الاسباب التي اوقفتهم عند حدهم خوفهم من قبيلته. وانظر الى حالته في تضييقهم عليه بالشعب. وانحياز قبيلته معهم مسلمهم وكافرهم ولم يخطر ببالهم انهم يصلون الى الفتك بشخصه الكريم حتى مكروا ذلك المكر العظيم اذ اتفق رأيهم ان ينتدب لقتله من كل قبيلة رجل ليتفرق دمه في القبائل فيعجز قومه عن الاخذ بفأره ولكنهم يمكرون ويمكر الله. والله خير الماكرين