المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي والملائكة تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة وابشروا بالجنة التي يخبر تعالى عن اوليائه وفي ضمن ذلك تنشيطهم والحث على الاقتداء بهم فقال ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا اي اعترفوا ونطقوا ورضوا بربوبية الله تعالى واستسلموا لامره ثم استقاموا على الصراط المستقيم علما وعملا فلهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الاخرة. تتنزل عليهم الملائكة الكرام ان يتكرر نزولهم عليهم مبشرين لهم عند الاحتضار. الا خافوا على ما يستقبل من امركم ولا تحزنوا على ما مضى فنفوا عنهم المكروه الماضي والمستقبل. وابشروا بالجنة فانها قد وجبت لكم وثبتت. وكان وعد الله مفعولا يقولون لهم ايضا مثبتين لهم ومبشرين. نحن اولياءكم في الحياة الدنيا يحثونهم في الدنيا على الخير ويزينونه لهم ويرهبونهم عن الشر ويقبحونه في قلوبهم ويدعون ان الله لهم ويثبتونهم عند المصائب والمخاوف وخصوصا عند الموت وشدته والقبر وظلمته وفي القيامة واهوالها وعلى الصراط وفي الجنة يهنئونهم بكرامة ربهم. ويدخلون عليهم من كل باب. سلام عليكم بما صبرتم. فنعم عقبى ويقولون لهم ايضا ولكم فيها اي في الجنة ما تشتهي انفسكم قد اعد وهيئ ولكم فيها ما تدعون اي تطلبون من كل ما تتعلق به ارادتكم. وتطلبونه من انواع اللذات والمشتهيات. مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر اي هذا الثواب الجزيل والنعيم المقيم. نزل وضيافة من غفور. غفر ولكم السيئات. رحيم حيث وفقكم لفعل الحسنات. ثم قبلها منكم فبمغفرته ازال عنكم المحذور. وبرحمته انا لكم المطلوب انني من المسلمين. هذا استفهام بمعنى النفي المتقرر. اي لا احد احسن قولا. اي كلاما وطريقة وحالة ممن دعا الى الله بتعليم الجاهلين ووعظ الغافلين والمعرضين. ومجادلة المبطلين بالامر بعبادة الله بجميع انواعها والحث عليها وتحسينها مهما امكن. والزجر عما نهى الله عنه. وتقبيحه بكل طريقة يوجب تركه. خصوصا من هذه الدعوة الى اصل دين الاسلام وتحسينه. ومجادلة اعدائه بالتي هي احسن. والنهي عما يضاده من الكفر والشرك. والامر بالمعروف والنهي عن المنكر. ومن الدعوة الى الله تحبيبه الى عباده بذكر تفاصيل نعمه. وسعة جوده وكمال رحمته وذكر اوصاف كماله ونعوت جلاله. ومن الدعوة الى الله الترغيب في اقتباس العلم والهدى من كتاب الله وسنة رسوله. والحث على ذلك بكل طريق موصل اليه. ومن ذلك الحث على مكارم الاخلاق والاحسان الى عموم الخلق. ومقابلة المسيء بالاحسان والامر بصلة الارحام وبر الوالدين. ومن ذلك الوعظ لعموم الناس في اوقات المواسم والعوارض والمصائب. بما يناسب ذلك الحال الى غير ذلك مما لا تنحصر افراده. مما يشمله الدعوة الى الخير كله. والترهيب من جميع الشر. ثم قال تعالى وعمل صالحا اي مع دعوته الخلق الى الله بادر هو بنفسه الى امتثال امر الله بالعمل الصالح الذي يرضي ربه اي المنقذين لامره السالكين في طريقه. وهذه المرتبة تمامها للصديقين. الذين عملوا على تكميل انفسهم وتكميلهم وحصلت لهم الوراثة التامة من الرسل. كما ان من اشر الناس قولا. من كان من دعاة الضلال السالكين لسبله. وبين هاتين المرتبتين المتباينتين التي ارتفعت احداهما الى اعلى عليين ونزلت الاخرى الى اسفل سافلين مراتب لا يعلمها الا الله وكلها معمورة بالخلق. ولكل درجات مما عملوا. وما ربك بغافل عما يعملون سنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن. يقول تعالى ولا تستوي الحسنة ولا السيئة. اي لا يستوي فعل والطاعات لاجل رضا الله تعالى. ولا فعل السيئات والمعاصي التي تسخطه ولا ترضيه. ولا يستوي الاحسان الى الخلق ولا الاساءة اليه لا في ذاتها ولا في وصفها ولا في جزائها. هل جزاء الاحسان الا الاحسان؟ ثم امر باحسان خاص له موقع كبير وهو الاحسان الى من اساء اليك فقال ادفع بالتي هي احسن اي فاذا اساء اليك مسيء من الخلق خصوصا من له حق كبير عليك كالاقارب والاصحاب ونحوهم اساءة بالقول او بالفعل. فقابله بالاحسان اليه. فان قطعك فصله وان ظلمك فاعفو عنه وان تكلم فيك غائبا او حاضرا فلا تقابله. بل اعفو عنه وعامله بالقول اللين وان هجرك وترك خطابك فطيب له الكلام وابذل له السلام. فاذا قبلت الاساءة بالاحسان حصل فائدة عظيمة اي كأنه قريب شفيق وما يلقاها اي وما يوفق لهذه الخصلة الحميدة الا الذين صبروا نفوسهم على ما تكره واجبروها على ما يحبه الله فان النفوس مجبولة على مقابلة المسيء باساءته. وعدم العفو عنه. فكيف بالاحسان؟ فاذا صبر الانسان نفسه وامتثل امر ربه وعرف جزيل الثواب وعلم ان مقابلته للمسيء بجنس عمله لا يفيده شيئا ولا يزيد العداوة لا قوة الا الشدة وان احسانه اليه ليس بواضع قدره. بل من تواضع لله رفعه هان عليه الامر. وفعل ذلك متلذذا تحليا له. لكونها من خصال خواص الخلق التي ينال بها العبد الرفعة في الدنيا والاخرة. التي هي من اكبر خصال مكارم الاخلاق من الشيطان نزغ فاستعن بالله. انه هو السميع العليم لما ذكر تعالى ما يقابل به العدو من الانس. وهو مقابلة اساءته بالاحسان. ذكر ما يدفع به العدو الجني وهو الاستعاذة بالله والاحتماء من شره. فقال واما ينزغنك من الشيطان نزغ. اي وقت من الاوقات احسست بشيء من نزغات الشيطان اي من وساوسه وتزيينه للشر وتكسيله عن الخير واصابة ببعض الذنوب واطاعة له ببعض ما يأمر فاستعن بالله اي اسأله مفتقرا اليه ان يعيذك ويعصمك منه فانه يسمع قولك وتضرعك ويعلم حالك واضطرارك الى عصمته وحمايته هاته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر لله. ثم ذكر تعالى ان من اياته الدالة على كمال قدرته. ونفوذ مشيئته وسعة سلطانه رحمته بعباده وانه الله وحده لا شريك له الليل والنهار هذا بمنفعة ضيائه وتصرف العباد فيه وهذا بمنفعة وسكون الخلق فيه والشمس والقمر اللذان لا تستقيم معايش العباد ولا ابدانهم ولا ابدان حيواناتهم الا بهما وبهما من المصالح ما لا يحصى عدده. لا تسجدوا للشمس ولا للقمر فانهما مدبران مسخران مخلوقان الله الذي خلقهن انكن اياه تعبدون. واسجدوا لله الذي خلقهن اي اعبدوه وحده لانه الخالق العظيم. ودعوا عبادة ما سواه من المخلوقات. وان كبر جرمه وكثرت مصالحه فان ذلك ليس منه وانما هو من خالقه تبارك وتعالى فخصوه بالعبادة واخلاص الدين له الليل والنهار وهم لا يسألون. فان استكبروا عن عبادة الله تعالى ولم ينقادوا لها فانهم لن يضروا الله شيئا. والله غني عنهم وله عباد مكرمون. لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون ولهذا قال فالذين عند ربك يعني الملائكة المقربين اي لا يمنون من عبادته بقوتهم وشدة الداعي القوي منهم الى ذلك اهتزت وربت. ومن اياته الدالة على كمال قدرته وانفراده بالملك والتدبير والوحدانية انك ترى الارض خاشعة اي لا نبات فيها. فاذا انزلنا عليها الماء اي المطر اهتزت اي تحركت بالنبات. ثم انبت من كل زوج بهيج فيحيي به العباد والبلاد آآ ان الذي احياها بعد موتها وهمودها لمحيي الموتى من قبورهم الى يوم بعثهم ونشورهم فكما لم تعجز قدرته على احياء الارض بعد موتها لا تعجز عن احياء موتى