في عجبا وتكبرا. وان مسه الشر اي المرض او الفقر او غيرهما اي كثير جدا لعدم صبره فلا صبر في الضراء ولا شكر في الرخاء الا من هداه الله ومن عليه المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي الالحاد في ايات الله الميل بها عن الصواب باي وجه كان. اما بانكارها وجحودها وتكذيب من جاء بها واما بتحريفها وتصريفها عن معناها الحقيقي. واثبات معان لها ما ارادها الله منها. فتوعد تعالى من امحد فيها بانه لا يخفى عليه بل هو مطلع على ظاهره وباطنه. وسيجازيه على الحاده بما كان يعمل. ولهذا قال افمن يلقى في النار مثل الملحد بايات الله خير امن يأتي امنا يوم القيامة من عذاب الله مستحقا لثوابه. من المعلوم ان هذا خير. لما تبين الحق من الباطل والطريق المنجي من عذابه من الطريق المهلك قال اعملوا ما شئتم ان شئتم فاسلكوا طريق الرشد الموصلة الى رضا ربكم وجنته. وان شئتم فاسلكوا طريق الغي المسخطة لربكم الموصلة الى دار الشقاء يجازيكم بحسب احوالكم واعمالكم كقوله تعالى وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. ثم قال تعالى لا يأتيه الباطل من بين يديه ان الذين كفروا بالذكر اي يجحدون القرآن الكريم المذكر للعباد جميع مصالحهم الدينية والدنيوية والاخروية. المعلي لقدر من اتبعه لما جاءهم نعمة من ربهم على يد افضل الخلق اكملهم والحال انه لكتاب جامع لاوصاف الكمال. عزيز اي منيع من كل من اراده بتحريف او سوء. ولهذا قال اي لا يقربن شيطان من شياطين الانس والجن. لا بسرقة ولا بادخال ما ليس منه به ولا بزيادة ولا نقص. فهو محفوظ في تنزيله. محفوظ الفاظه ومعانيه قد تكفل من انزله بحفظه كما قال تعالى انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون تنزيل من حكيم حميد. تنزيل من حكيم في خلقه وامره. يضع كل شيء موضعه وينزلها منازلها حميد على ما له من صفات الكمال. ونعوت الجلال وعلى ما له من العدل والافضال. فلهذا كان كتابه مشتملا على تمام الحكمة وعلى تحصيل المصالح والمنافع ودفع المفاسد والمضار التي يحمد عليها. ما يقال لك الا ما قد قيل للرسل من قبلك ان ربك لذو مغفرة وذو عقاب اليم. اي ما يقال لك ايها الرسول من الاقوال الصادرة ممن كذبك وعاندك. الا ما قد قيل للرسل من قبلك. اي من جنسها بل ربما انهم تكلموا بكلام واحد كتعجب جميع الامم المكذبة للرسل. من دعوتهم الى الاخلاص لله وعبادته وحده لا شريك له. وردهم هذا بكل طريق عليه وقولهم ما انتم الا بشر مثلنا. واقتراحهم على رسلهم الايات التي لا يلزمهم الاتيان بها ونحو ذلك من اقوال اهل التكذيب لما تشابهت قلوبهم في الكفر تشابهت اقوالهم وصبر الرسل عليهم السلام على اذاهم بهم فاصبر كما صبر من قبلك. ثم دعاهم الى التوبة والاتيان باسباب المغفرة. وحذرهم من الاستمرار على الغي فقال ان ربك لذو مغفرة وذو عقاب اليم. ان ربك لذو مغفرة اي عظيمة يمحو بها كل ذنب لمن اقلع وتاب وذو عقاب اليم لمن اصر واستكبر آآ والذين لا يؤمنون في اذانهم مكروه وهو عليهم عمى اولئك ينادون يخبر تعالى عن فضله وكرمه حيث انزل كتابه عربيا على الرسول العربي بلسان قومه ليبين لهم وهذا مما يوجب لهم زيادة الاعتناء به. والتلقي له والتسليم. وانه لو جعله قرآنا اعجميا بلغة غير العرب لا اعترض المكذبون وقالوا لولا فصلت اياته اي هلا بينت اياته ووضحت وفسرت ااعجمي عربي اي كيف يكون محمد عربيا والكتاب اعجمي؟ هذا لا يكون. فنفى الله تعالى كل امر يكون فيه شبهة لاهل عن كتابه ووصفه بكل وصف يوجب لهم الانقياد. ولكن المؤمنون الموفقون انتفعوا به وارتفعوا. وغيرهم بالعكس من احوال ولهذا قال ان يهديهم لطريق الرشد والصراط المستقيم. ويعلمهم من العلوم النافعة ما به تحصل الهداية التامة. وشفاء له من الاسقام البدنية والاسقام القلبية. لان انه يصدر عن مساوئ الاخلاق واقبح الاعمال. ويحث على التوبة النصوح التي تغسل الذنوب وتشفي القلب والذين لا يؤمنون بالقرآن في اذانهم وقر. اي صمم عن واعراض وهو عليهم عمى. اي لا يبصرون به رشدا ولا يهتدون به. ولا يزيدهم الا ضلالا. فانهم اذا الحق ازدادوا عمى الى عماهم وغيا الى غيهم اي ينادون الى الايمان ويدعون اليه فلا يستجيبون. بمنزلة الذي ينادى وهو في مكان بعيد. لا يسمع داعيا ولا يجيب مناديا والمقصود ان الذين لا يؤمنون بالقرآن لا ينتفعون بهداه ولا يبصرون بنوره ولا يستفيدون منه خيرا. لان سدوا على انفسهم ابواب الهدى باعراضهم وكفرهم يقول تعالى وقد اتينا موسى الكتاب كما اتيناك الكتاب فصنع به الناس وما صنعوا معك اختلفوا فيه. فمنهم من امن به واهتدى وانتفع ومنهم من كذبه ولم ينتفع به. وان الله تعالى لولا حلمه وكلمته السابقة بتأخير العذاب الى اجل مسمى. لا يتقدم عليه ولا يتأخر. لقضي بينهم بمجرد ما يتميز المؤمنون من الكافرين. باهلاك الكافرين في الحال. لان سبب الهلاك قد وجب وحق. اي قد بلغ بهم الى الريب الذي يطلقهم. فلذلك كذبوه وجحدوه. من عمل صالحا فلنفسه. وهو العمل الذي امر الله به ورسوله. فلنفسه نفعه ثوابه في الدنيا والاخرة. ضرره وعقابه في الدنيا والاخرة. وفي هذا حث عليه على فعل الخير وترك الشر. وانتفاع العاملين باعمالهم الحسنة. وضررهم باعمالهم السيئة. وانه لا تزر وازرة وزر اخرى وما ربك بظلام للعبيد. فيحمل احدا فوق سيئاتهم تخرج من ثمرة من اكمامها وما تحمل من انثى ولا تضع الا بعلمه ويوم ينادي فيهم اين شركاء قالوا اذناك ما منا من شهيد. هذا اخبار عن سعة علمه هذا واختصاصه بالعلم الذي لا يطلع عليه سواه. فقال اليه يرد علم الساعة اي جميع الخلق ترد علمها الى الله تعالى ويقرون بالعجز عنه. الرسل والملائكة وغيرهم. وما تخرج من ثمرات من اكمامها اي وعائها الذي تخرج منه. وهذا شأن امن للثمرات جميع الاشجار التي في البلدان والبراري. فلا تخرج ثمرة شجرة من الاشجار. الا وهو يعلمها علما تفصيليا وما تحمل من انثى ولا تضع الا بعلمه. وما تحمل من انثى من بني ادم وغيرهم. من انواع الحيوانات الا بعلمه ولا تضع انثى حملها الا بعلمه. فكيف سوى المشركون به تعالى من لا علم عنده ولا سمع ولا بصر ويوم يناديهم اين شركائي قالوا اذناك ما منا من شهيد. ويوم ينادى اي المشركين به يوم القيامة توبيخا واظهارا لكذبهم. فيقول لهم اين شركائي الذين زعمتم انهم شركاء فعبدتموهم وجادلتم على ذلك. وعاديتم الرسل لاجلهم. قالوا مقنين ببطلان الهيتهم وشركتهم مع الله ما منا من شهيد. اي اعلمناك يا ربنا واشهد علينا انه ما منا احد يشهد بالصحة الاهيتهم وشركتهم فكلنا الان قد رجعنا الى بطلان عبادتها وتبرأنا منها. ولهذا قال وضل عنهم ما كانوا يدعون من دون الله اي ذهبت عقائدهم واعمالهم التي افنوا فيها اعمارهم على عبادة غير الله. وظنوا انها تفيدهم وتدفع عنهم العذاب. وتشفع لهم عند الله. فخاب سعيهم وانتقض ظنهم ولم تغني عنهم شركاؤهم شيئا. وظنوا اي ايقنوا في تلك الحال ما لهم من محيص. اي منقذ تنقذهم ولا مغيث ولا ملجأ. فهذه عاقبة من اشرك بالله غيره. يبينها الله لعباده. ليحذروا الشرك به. لا هذا اخبار عن طبيعة الانسان من حيث هو وعدم صبره وجلده. لا على الخير ولا على الشر. الا من نقله الله من هذه الحال الى حال الكمال فقال لا يسأم الانسان من دعاء الخير اي لا يمل دائما من دعاء الله في الغنى والمال والولد وغير ذلك من مطالب الدنيا ولا يزال يعمل على ذلك. ولا يقتنع بقليل ولا كثير منها. فلو حصل له من الدنيا ما حصل. لم يزل طالبا للزيادة وان مسه الشر اي المكروه كالمرض والفقر وانواع البلايا اي ييأس من رحمة الله تعالى ويظن ان هذا البلاء هو القاضي عليه بالهلاك. ويتشرف من اتيان الاسباب على غير ما يحب ويطلب. الا الذين صبروا وعملوا الصالحات. فانهم اذا اصابهم الخير والنعمة والمحاب. شكروا الله تعالى وخافوا ان تكون نعم الله عليهم استدراجا وامهالا. وان اصابتهم مصيبة في انفسهم واموالهم واولادهم صبروا ورجو فضل ربهم فلم ييأسوا. ثم قال تعالى ليقولن هذان وما اظن الساعة قائمة ولئن اذقناه اي الانسان الذي لا يسأم من دعاء الخير وان مسه الشر فيؤوس قنوط رحمة منا اي بعد ذلك الشر الذي اصابه بان عافاه الله من مرضه او اغناه من فقره فانه لا يشكر الله تعالى بل يبغي ويطغى ويقول هذا لي. اي اتاني لاني له اهل وانا مستحق له. وما اظن الساعة قائمة. وهذا فانكار منه للبعث وكفر للنعمة والرحمة التي اذاقها الله له حسنا اي على تقدير اتيان الساعة. واني سارجع الى ربي ان لي عنده للحسنى. فكما حصلت لي النعمة في الدنيا فان ستحصل لي في الاخرة وهذا من اعظم الجراءة والقول على الله بلا علم. فلهذا توعده الله بقوله اي شديد جدا واذا انعمنا على الانسان بصحة او رزق او غيرهما اعرض عن ربه وعن شكره ونأى اي ترفع بجانبه من اضل ممن هو في اي قل لهؤلاء المكذبين بالقرآن المسارعين الى الكفران. ارأيتم ان كان هذا القرآن من عند الله من غير شك ولا ارتياب اي معاندة لله ولرسوله. لانه تبين لكم الحق والصواب ثم عدلتم عنه. لا الى حق بل الى باطل وجهل فاذا تكونون اضل الناس واظلمهم بين لهم انه الحق او لم يكفي بربك انه على كل شيء شهيد فان قلتم او شككتم بصحته وحقيقته فسيقيم الله لكم ويريكم من اياته في الافاق كالايات التي في السماء وفي الارض وما يحدثه الله تعالى من الحوادث العظيمة الدالة للمستبصر على الحق. وفي انفسهم مما اشتملت عليه ابدانهم من بديع ايات الله صنعته وباهر قدرته وفي حلول العقوبات والمثلات في المكذبين ونصر المؤمنين. حتى يتبين لهم من تلك الايات بيانا لا يقبل الشك انه الحق. وما اشتمل عليه حق. وقد فعل تعالى فانه ارى عباده من الايات ما به تبين لهم انه الحق. ولكن الله هو الموفق للايمان من شاء. والخاذل لمن يشاء وعلى كل شيء شهيد. اي او لم يكفهم على ان القرآن حق ومن جاء به صادق بشهادة الله تعالى فانه قد شهد له بالتصديق وهو اصدق الشاهدين. وايده ونصره نصرا متضمنا لشهادته القولية. عند من شك فيها الا انهم في مرية من لقاء ربهم الا انهم في مرية من لقاء ربهم اي في شك من البعث والقيامة وليس عندهم دار سوى الدار الدنيا. فلذلك لم يعملوا للاخرة ولم يلتفتوا لها. الا علما وقدرة وعزة