المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله التاسع عشر والثلاثمائة الحديث الثالث عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال جاء رجل من بني فزارة الى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال ان امرأتي ولدت غلاما اسود فقال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم هل لك ابل قال نعم قال فما الوانها قال حمر قال فهل يكون فيها من اورق قال ان فيها لورقى قال فانى اتاها ذلك قال عسى ان يكون نزعه عرق قال وهذا عسى ان يكون نزعه عرق رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي هريرة جاء رجل من بني فزارة الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال ان امرأتي ولدت غلاما اسود اي وهو وزوجته مخالفان للونه وكان يعرض بقذفها ويسأله هل له ذلك فلما فهم منه المرشد عليه الصلاة والسلام فهمه بعبارة تقرب اليه فقال هل لك من ابل وخصها لانه من اهل البادية قال نعم قال فما الوانها قال حمر اي كلها على هذا اللون قال فهل يكون فيها من اورق وهو لون معروف قال ان فيها لورقى اي واحدة على هذا اللون قال فانى اتاها ذلك اي من اين لها هذا اللون مع ان سائر الابل مخالف للون هذه وهي مولودة من هذه الابل فقال عسى ان يكون نزعه عرق اي لعله من اجداده او جداته شيء على هذا اللون فجاء لون الولد عليه فلما قال له ذلك واجاب سؤاله بنفسه قال له رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهذا عسى ان يكون نزعه عرق اي ان الجواب عنهما واحد فلعل من اجدادك او جداتك احدا اسود فجاء هذا الغلام بصفته فقنع بهذا الجواب الشافي الذي بين له الحال اتم بيان ففيه انه لا يجوز القذف بمجرد الظن بل لابد من اليقين فلو رأى مثل هذه القرينة لم يرخص له في القذف وفيه ان التعريض اذا كان على وجه السؤال والاسترشاد ولو فهم منه معنى القذف فلا يعد قذفا ولا حد عليه فيه وانما الحد في التصريح والتعريض اذا قصد به القذف والقدح به بالمقذوف لا لاجل الاسترشاد وفيه حسن تعليمه صلى الله عليه وعلى اله وسلم وارشاده فانه قد امتثل ما امره به ربه بقوله ادعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة الى غير ذلك من الاداب التي ادبه بها ربه ولو قال له انه لا يجوز لك رميها بهذا الظن والولد ولدك ونحو ذلك لكفى في الجواب وامتثل الرجل امره ولكن اراد صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يقنع ويتضح له حقيقة الامر وفيه انه ينبغي مع تبيين الحكم تبيين حكمة الشيء ومأخذه من الكتاب والسنة فهذا اعلى درجات العلم فان صاحبه يكون على يقين واطمئنان قلب وراحة تامة من كل وجه فلا يزيل علمه شك ولا شبهة لانه بلغ به اليقين التام