المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم فلكم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم يخبر تعالى ان هذا الكتاب الكريم انه تنزيل نزل من رب العالمين امين الذي رباهم بنعمته ومن اعظم ما رباهم به. هذا الكتاب الذي فيه كل ما يصلح احوالهم ويتمم اخلاقهم انه لا ريب فيه ولا شك ولا افتراء ما اتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون. ومع ذلك قال المكذبون للرسول الظالمون في ذلك افتراه محمد واختلقه من عند نفسه. وهذا من اكبر الجراءة على انكار كلام الله. رمي محمد صلى الله عليه وسلم عظم الكذب وقدرة الخلق على كلام مثل كلام الخالق. وكل واحد من هذه الامور العظائم قال الله رادا على من قال افتراه بل هو الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. تنزيل من حكيم حميد. من ربك انزله رحمة للعباد اي هم في حالة ضرورة وفاقة لارسال الرسول وانزال الكتاب لعدم النذير بل هم في جهلهم يعمهون وفي ظلمة ضلالهم يترددون فانزلنا ما عليك الكتاب. لعلهم يهتدون من ضلالهم فيعرفون الحق فيؤثرونه. وهذه الاشياء التي الله كلها مناقضة لتكذيبهم له. وانها تقتضي منهم الايمان والتصديق التام به. وهو كونه من رب العالمين وانه الحق الحق مقبول على كل حال. وانه لا ريب فيه بوجه من الوجوه. فليس فيه ما يوجب الريبة. لا بخبر لا يطابق للواقع. ولا واشتباه معانيه. وانهم في ضرورة وحاجة الى الرسالة. وان فيه الهداية لكل خير واحسان. الله الذي خلق السماوات والارض ما بينهما في ستة ايام ثم استوى على العرش ما لكم من من دونه من ولي ولا شفيع افلا تتذكرون. يخبر تعالى عن كمال قدرته بخلق السماء السماوات والارض وما بينهما في ستة ايام. اولها يوم الاحد واخرها الجمعة. مع قدرته على خلقها بلحظة. ولكنه الا رفيق حكيم. ثم استوى على العرش الذي هو سقف المخلوقات. استواء يليق بجلاله ما لكم من دونه من ولي يتولاكم في اموركم فينفعكم ولا شفيع يشفع لكم ان توجه عليكم العقاب. فتعلمون ان خالق الارض والسماوات المستوية على العرش العظيم. الذي انفرد بتدبيركم وتوليكم. وله الشفاعة كلها هو المستحق لجميع انواع العبادة. يدبر يدبر الامر القدري والامر الشرعي الجميع هو المنفرد بتدبيره. نازلة كالتدابير من عند المليك القدير من السماء الى الارض فيسعد بها ويشقي ويغني ويفقر ويعز ويذل ويكرم ويرفع اقواما ويضع اخرين وينزل الارزاق. ثم يعرج اليه اي الامر ينزل من عنده ويعرج اليه وهو يعرج اليه ويصله في لحظة. ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز ذلك الذي خلق تلك المخلوقات العظيمة الذي استوى على العرش العظيم وانفرد بالتدابير في المملكة فبسعة علمه وكمال عزته وعموم اوجدها واودع فيها من المنافع ما اودع. ولم يعسر عليه تدبيرها اي كل مخلوق خلقه الله. فان الله احسن خلقه خلقه خلق يليق به ويوافقه فهذا عام. ثم خص الادمي لشرفه وفضله فقال وذلك بخلق ادم عليه السلام ابي البشر ثم جعل نسله اي ذرية ادم ناشئة من ماء مهين وهو النطفة المستقذرة الضعيفة ثم سواه بلحمه واعضائه واعصابه وعروقه احسن خلقته ووضع كل عضو منه بالمحل الذي لا يليق به غيره. ونفخ فيه من روحه بان ارسل اليه الملك فينفخ فيه الروح فيعود باذن الله حيوانا بعد اذ كان جمادا. وجعل لكم السمع والابصار والافئدة قليلا وجعل لكم السمع والابصار اي ما زال يعطيكم من المنافع شيئا فشيئا حتى اعطاكم الابصار والافئدة. قليلا ما تشكرون الذي خلقكم وصوركم وقالوا ائذا ضللنا في الارض بل هم بلقاء ربهم اي قال المكذبون بالبعث على وجه الاستبعاد ائذا ضللنا في الارض اي بلينا وتمزقنا وتفرقنا في المواضع التي لا تعلم. اين مبعوثون بعثا جديدا؟ بزعمهم ان هذا من ابعد الاشياء وذلك لقياسهم قدرة الخالق بقدرهم. وكلامهم هذا ليس لطلب الحقيقة. وانما هو ظلم وعناد وكفر بلقاء ربهم ولهذا قال فكلامهم علم مصدره وغايته والا فلو كان قصدهم بيان الحق لبين لهم من الادلة القاطعة على ذلك. ما يجعله مشاهدا للبصيرة بمنزلة الشمس للبصر. ويكفيه ام انهم معهم علم انهم قد ابتدأوا من العدم. فالإعادة اسهل من الابتداء. وكذلك الارض الميتة ينزل الله عليها المطر. فتحيا بعد موتها وينبت به متفرق بذورها اي جعله الله وكيلا على قبض الارواح وله اعوان فيجازيكم باعمالكم وقد انكرتم البعث. فانظروا ماذا يفعل الله بكم لما ذكر تعالى رجوعهم اليه يوم القيامة. ذكر حالهم في مقامهم بين يديه. فقال ولو ترى اذ المجرمون الذين اصروا على الذنوب العظيمة ناكسوا رؤوسهم عند ربهم خاشعين خاضعين اذلاء مقرين بجرمهم. سائلين الرجعة قائلين ربنا ابصرنا وسمعنا اي بان لنا الامر ورأيناه عيانا فصار عين يقين اي صار عندنا الان يقين بما كنا نكذب به. اي لرأيت امرا فظيعا وحالا مزعجة واقواما خاسرين وسؤلا غير مجاب لانه قد مضى وقت الامهال. وكل هذا بقضاء الله وقدره. حيث خلى بينهم وبين الكفر والمعاصي فلهذا قال ولو شئنا لاتينا كل نفس هداها اي لهدينا الناس كلهم وجمعناهم على الهدى مشيئتنا صالحة لذلك ولكن الحكمة تأبى ان يكونوا كلهم على الهدى. ولهذا قال ولكن حق القول مني اي وجب وثبت ثبوت تغير فيه. فهذا الوعد لا بد منه ولا محيد عنه فلابد من تقدير اسبابه من الكفر والمعاصي اي يقال المجرمين الذين ملكهم الذل. وسألوا الرجعة الى الدنيا ليستدركوا ما فاتهم. قد فات وقت الرجوع ولم يبق الا العذاب. فذوقوا العذاب الاليمة بما نسيتم لقاء يومكم هذا. وهذا النسيان نسيان ترك. اي بما اعرظتم عنه وتركتم العمل له. وكانكم غير قادمين عليه ولا ملاقيه. انا نسيناكم. اي تركناكم بالعذاب جزاء من جنس عملكم. فكما نسيتم نسيتم وذوقوا عذاب الخلد اي العذاب غير المنقطع. فان العذاب اذا اذا كان له اجل وغاية كان فيه بعض التنفيس والتخفيف. واما عذاب جهنم اعاذنا الله منها. فليس فيه روح راحة ولا قطاع لعذابهم فيها. من الكفر والفسوق والمعاصي اياتنا الذين اذا ذكروا بها خروف سجدا. خروا سجدوا وسبحوا بحمد لما ذكر تعالى الكافرين باياته وما اعد لهم من العذاب ذكر المؤمنين بها ووصفهم وما اعد لهم من الثواب فقال انما يؤمن باياتنا اي ايمانا حقيقيا ان يوجد منه شواهد الايمان وهم الذين اذا ذكروا بايات ربهم فتليت عليهم ايات القرآن واتتهم النصائح على ايدي رسل الله ادعوا الى التذكر سمعوها فقبلوها وانقادوا وخروا سجدا اي خاضعين لها خضوع ذكر لله وفرح بمعرفته لا بقلوبهم ولا بابدانهم فيمتنعون من الانقياد لها بل متواضعون لها. وقد تلقوها بالقبول والتسليم وقابلوها والتسليم وتوصلوا بها الى مرضات الرب الرحيم. واهتدوا بها الى الصراط المستقيم. تتجافى جنوبهم عن مضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون تجافى جنوبهم عن المضاجع. اي ترتفع جنوبهم وتنزعج عن مضاجعها اللذيذة الى ما هو الذ عندهم منه واحب اليهم. وهو الصلاة في الليل ومناجاة الله تعالى. ولهذا قال يدعون ربهم اي في جلب المصالح الدينية والدنيوية ودفع مضارهم فيما خوفا وطمعا اي جامعين بين الوصفين خوفا ان ترد اعمالهم وطمعا في قبولها خوفا من عذاب الله وطمعا في ثوابه. ومما رزقناه من الرزق قليلا كان او كثيرا ولم يذكر قيد النفقة ولا المنفق عليه ليدل على العموم. فانه يدخل فيه النفقة الواجبة كالزكوات والكفارات ونفقات الزوجات والاقارب والنفقة المستحبة في وجوه الخير. والنفقة والاحسان المالي خير مطلقا. سواء وافق غنيا او فقيرا قريبا او بعيدا. ولكن الاجر يتفاوت بتفاوت النفع. فهذا عملهم. واما جزاؤهم فقال نفس ما اخفي لهم من قرة اعين جزاء بما كانوا يعملون. فلا تعلم نفس يدخل فيه جميع نفوس الخلق. لكونها نكرة في سياق النفي. اي فلا يعلم احد ما اخفي لهم من قرة اعين من الخير الكثير والنعيم الغزير والفرح والسرور واللذة والحبور كما قال تعالى على لسان رسوله اعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. فكما صلوا في الليل ودعوا واخفوا العمل جازاهم من جنس عملهم فاخفى اجرهم. ولهذا قال بما كانوا يعملون. افمن كان مؤمنا كان فاسقا لا ينبه تعالى العقول على ما تقرر فيها. من عدم تساوي المتفاوتين المتباينين. وان حكمته تقتضي عدم فقال افمن كان مؤمنا قد عمر قلبه بالايمان وانقادت جوارحه لشرائعه واقتضى ايمانه اثاره وموجباته من ترك مساخط الله التي يضر وجودها بالايمان. كمن كان فاسقا قد خرب قلبه وتعطل من الايمان فلم يكن فيه وازع ديني فاسرعت جوارحه بموجبات الجهل والظلم من كل اثم ومعصية. وخرج بفسقه عن طاعة الله. افيسأل هذان الشخصان. لا يستوون عقلا وشرعا. كما لا يستوي الليل والنهار والضياء والظلمة وكذلك لا يستوي ثوابهما في الاخرة المأوى فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون اما الذين امنوا وعملوا الصالحات من فروض ونوافل فلهم جنات المأوى. اي الجنات التي هي مأوى اللذات ومعدن الخيرات ومحل الافراح ونعيم القلوب والنفوس والارواح ومحل الخلود وجوار الملك المعبود والتمتع بقربه والنظر الى وجهه وسماع خطابه نزولا لهم اي ضيافة وقرى. فاعمالهم تفضل الله بها عليهم هي التي اوصلتهم لتلك المنازل الغالية العالية التي لا يمكن التوصل اليها ببذل الاموال ولا بالجنود والخدمات ولا بالاولاد بل ولا بالنفوس والارواح. ولا يتقرب اليها بشيء اصلا سوى الايمان والعمل الصالح حين فسقوا فمأواهم واما الذين فسقوا فمأواهم النار اي مقر ومحل خلودهم النار التي جمعت كل عذاب وشقاء. ولا يفتر عنهم العقاب ساعة منها اعيدوا فيها. فكلما حدثتهم ارادتهم بالخروج لبلوغ العذاب منهم كل مبلغ اليها فذهب عنهم روح ذلك الفرج واشتد عليهم الكرب. وقيل لهم ذوقوا عذابا فهذا عذاب النار. الذي يكون فيه مقرهم ومأواهم. واما العذاب الذي قبل ذلك ومقدمة الله وهو عذاب البرزخ. فقد ذكره بقوله اي ولا نذيقن الفاسقين المكذبين نموذجا من العذاب الادنى وهو عذاب البرزخ فنذيقهم طرفا منه قبل ان يموتوا اما بعذاب بالقتل ونحوه. كما جرى لاهل بدر من المشركين. واما عند الموت كما في قوله تعالى ولو ترى اذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا ايديهم اخرجوا انفسكم اليوم تجزون هذا بلهون ثم يكمل لهم العذاب الادنى في برزخهم. وهذه الاية من الادلة على اثبات عذاب القبر. ودلالتها ظاهرة فان انه قال ولنذيقنهم من العذاب الادنى. اي بعض وجزء منه فدل على ان ثم عذابا ادنى قبل العذاب الاكبر. وهو عذاب النار ولما كانت الاذاقة من العذاب الادنى في الدنيا قد لا يتصل بها الموت. فاخبر تعالى انه يذيقهم ذلك لعلهم يرجعون اليه يتوبون من ذنوبهم كما قال تعالى ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون اي لا احد اظلم وازيد تعديا ممن ذكر بايات ربه التي اوصلها اليه ربه الذي يريد تربيته وتكميل الى نعمته عليه على يد رسله تأمره وتذكره مصالحه الدينية والدنيوية. وتنهاه عن مضاره الدينية والدنيوية. التي ان يقابلها بالايمان والتسليم. والانقياد والشكر. فقابلها هذا الظالم بضد ما ينبغي. فلم يؤمن بها ولا اتبعها. بل اعرض عنها وتركها وراء ظهره. فهذا من اكبر المجرمين الذين يستحقون شديد النقمة. ولهذا قال ولقد اتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقاءه جعلناه هدى لبني اسرائيل لما ذكر تعالى اياته التي ذكر بها عباده وهو القرآن الذي انزله على محمد صلى الله عليه وسلم. ذكر انه ليس ببدع من الكتب ولا من جاء به بغريب من الرسل. فقد اتى الله موسى الكتاب الذي هو التوراة المصدقة للقرآن التي قد صدقها القرآن فتطابق حقهما وثبت برهانهما. فلا تكن في مرية من لقائه لانه قد تواردت ادلة الحق وبيناته فلم يبق للشك والمرية محل وجعلناه اي الكتاب الذي اتينا موسى هدى لبني اسرائيل. يهتدون به في اصول دينهم وفروعه. وشرائعه لذلك الزمان في بني اسرائيل. واما هذا القرآن الكريم فجعله الله هداية للناس كلهم. لانه هداية للخلق في امر دينهم ودنياهم الى يوم القيامة. وذلك لكماله وعلوه. وانه في ام الكتاب لدينا لعلي حكيم. وجعلنا انهم ائمة باياتنا يوقنون. وجعل انا منهم اي من بني اسرائيل ائمة يهدون بامرنا اي علماء بالشرع وطرق الهداية مهتدين في انفسهم يهدون غيرهم الهدى فالكتاب الذي انزل اليهم هدى. والمؤمنون به منهم على قسمين. ائمة يهدون بامر الله واتباع مهتدون بهم والقسم الاول ارفع الدرجات بعد درجة النبوة والرسالة. وهي درجة الصديقين. وانما نالوا هذه الدرجة العالية بالصبر على التعلم والتعليم والدعوة الى الله والاذى في سبيله وكفوا انفسهم عن جماحها في المعاصي واسترسالها في الشهوات اي وصلوا في الايمان بايات الله الى درجة اليقين. وهو العلم التام الموجب للعمل. وانما ما وصلوا الى درجة اليقين لانهم تعلموا تعلما صحيحا. واخذوا المسائل عن ادلتها المفيدة لليقين. فما زالوا يتعلمون المسائل يستدلون عليها بكثرة الدلائل حتى وصلوا لذاك. فبالصبر واليقين تنال الامامة في الدين. وثم مسائل اختلف فيها بنو اسرائيل منهم من اصاب فيها الحق ومنهم من اخطأه خطأ او عمدا فيما كانوا فيه يختلفون. والله تعالى يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون. وهذا القرآن اقص على بني اسرائيل بعض الذي يختلفون فيه. فكل خلاف وقع بينهم ووجد في القرآن تصديق لاحد القولين فهو الحق وما عداهم مما خالفه باطل يعني اولم يتبين لهؤلاء المكذبين للرسول؟ ويهديهم الى كم اهلكنا من قبله من القرون الذين سلكوا مسلكهم يمشون في مساكنهم فيشاهدونها عيانا كقوم هود وصالح وقوم لوط ان في ذلك لايات افلا يسمعون. ان في ذلك لايات يستدل بها على صدق الرسل التي جاءتهم وبطلان ما هم عليه من الشرك والشر. وعلى ان من فعل مثل فعلهم فعل بهم كما فعل باشياعه من قبل. وعلى ان الله تعالى مجازي العباد وباعثهم للحشر والتناد. افلا يسمعون ايات الله فيعونها؟ فينتفعون بها لو كان لهم سمع صحيح وعقل رجيح لم يقيموا على حالة يجزم بها بالهلاك اولم يروا بابصارهم نعمتنا وكمال حكمتنا؟ انا نسوق الماء الى الارض الجرز التي لا نبات فيها. فيسوق الله المطر الذي لم يكن قبل موجود فيها فيفرغه فيها من السحاب او من الانهار. فنخرج به زرعا اي نباتا مختلف الانواع وانعمهم وانفسهم افلا يبصرون. تأكل منه انعامهم وهو نبات البهائم وانفسهم وهو طعام الادميين. افلا يبصرون تلك المنة التي احيا الله بها البلاد والعباد فيستبصرن فيهتدون بذلك البصر وتلك البصيرة الى الصراط المستقيم. ولكن غلب عليهم العمى واستولت عليهم الغفلة. فلم في ذلك بصر الرجال. وانما نظروا الى ذلك نظر الغفلة. ومجرد العادة. فلم يوفقوا للخير ان يستعجل المجرمون بالعذاب الذي وعدوا به على التكذيب جهلا منهم ومعاندة ويقولون متى هذا الفتح الذي يفتح بيننا وبينكم بتعذيبنا على زعمكم ان كنتم ايها الرسل صادقين في دعواكم قل يوم الفتح الذي يحصل عقابكم لا تستفيدون به شيئا. فلو كان اذا حصل حصل امهالكم لتستدركوا ما فاتكم. حين صار الامر عندكم يقين لكان لذلك وجه. ولكن اذا جاء يوم الفتح انقضى الامر. ولم يبق للمحنة محل. فلا ينفع الذين كفروا ايمانهم لانه صار ايمان ضرورة. اي يمهلون فيؤخر عنهم العذاب فيستدركون امرهم فاعرض عنهم منتظر فاعرض عنهم لما وصل خطابهم الى حالة الجهل واستعجال العذاب. وانتظر الامر الذي يحل بهم فانه لا بد منه. ولكن له اجل. اذا جاء لا يتقدم ولا يتأخرون انهم منتظرون بك ريب المنون ومتربصون بكم دوائر والسوء والعاقبة للتقوى