يسر مشروع كبار العلماء بالكويت ان يقدموا لكم هذه المادة من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز الى من يراه من المسلمين نصيحة لحجاج بيت الله الحرام من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز الى كل من يطلع عليها. من حجاج بيت الله الحرام والمسلمين في كل مكان اخواني حجاج بيت الله الحرام. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اما بعد فمرحبا بكم في بلد الله الحرام وعلى ارض المملكة العربية السعودية التي شرفها الله تعالى بخدمة الحجاج والعمار والزوار الذين يفدون اليها من كل مكان ومن عليها بخدمة المقدسات وتأمينها للطائفين والعاكفين والركع السجود واسأل الله عز وجل ان يكتب لكم حج بيته وزيارة مسجد رسوله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم في امن وامان وسكينة واطمئنان. ويسر وقبول وان تعودوا الى دياركم سالمين مأجورين وقد غفر الله لكم واتاكم من فضله. انه جواد كريم وبالاجابة جدير اخواني حجاج بيت الله الحرام المسلمون بخير ما تناصحوا وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر وتعاونوا على البر والتقوى ولذلك فاني اذكر اخواني حجاج بيت الله الحرام بانهم في ايام فاضلة واماكن مباركة وانهم قدموا من ديار بعيدة وتحملوا مشقات كثيرة استجابة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وقياما بواجب عظيم وعمل صالح جليل امرهم الله تعالى به حيث قال ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين وهذا يقتضي منهم امورا ينبغي المحافظة عليها والعناية بها حتى يكون حجهم مبرورا وسعيهم مشكورا وذنبهم مغفورا بتوفيق من الله وعون فالحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة ومن هذه الامور اولا يجب على الحاج وغيره ان يخلص نيته وقصده لله تعالى فيجعل عمله خالصا لوجهه الكريم حتى يقع اجره على الله تعالى وينال ثوابه قال تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة. وذلك دين القيمة وقال تعالى فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا ثانيا يجب على الحاج وغيره ان يكون العمل الذي يتقرب به الى ربه مما شرعه الله تعالى لعباده وان يقتدي في ادائه بنبيه صلى الله عليه وسلم القائل خذوا عني مناسككم. رواه مسلم رحمه الله والقائل صلوا كما رأيتموني اصلي رواه البخاري رحمه الله وقد قال الله تعالى لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر. وذكر الله كثيرا فالعمل مهما كان صاحبه مخلصا فيه لله ولم يكن متابعا فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مردود عليه لا يقبله الله. للحديث الصحيح الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد رواه مسلم رحمه الله والله عز وجل يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ثالثا يجب على الحاج وغيره ان يكون على علم وبصيرة بامور دينه. حتى يقوم قياما صحيحا ويؤديها اداء سليما على الوجه المشروع فقد قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله وما انا من المشركين وقد امرنا الله تعالى ان نسأل اهل العلم فيما اشكل علينا من امور ديننا فقال سبحانه فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وانك اخي الحاج ستجد بعون الله في مكة المكرمة والمدينة المنورة وفي المشاعر المقدسة وفي كساسات الطوافة بمكة والادلاء بالمدينة علماء عينتهم الدولة حرسها الله للاجابة عن اسئلة واستفسارات الحجاج. فيما اشكل عليهم من امور حجهم وعمرتهم خاصة ومن امور دينهم عامة وذلك مما يسره الله تعالى للحجاج بفضل منه سبحانه. ثم بفضل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية وفقه الله حتى يكون الحجاج على علم ومعرفة بالحق والصواب فيما يفعلون وفيما يتركون فلا تتردد يا اخي في سؤالهم والاستفادة منهم حتى تكون على بينة من امرك قال تعالى قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون انما يتذكر اولو الالباب وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الى الجنة رواه مسلم رحمه الله رابعا يجب على الحاج وغيره ان يعلم ان ما شرعه الله لعباده من طاعات وقربات وما احل لهم وحرم عليهم من اقوال وافعال انما هي لتزكية انفسهم وصلاح مجتمعاتهم. وعلى حسب اخلاصهم له وصدقهم في العمل معه. يكون انتفاعهم ذلك في الدنيا والاخرة وثواب الله خير وابقى قال الله تعالى قد افلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى وقال تعالى ونفس وما سواها فالهمها فجورها وتقواها قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها وقال الله تعالى من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون والحج اخي الحاج من اعظم ما فرض الله على عباده لتزكية انفسهم وسلامتها من العداوة والبغضاء والشح قوى الايذاء ورغبتها فيما عند الله وتذكيرها بلقائه يوم الدين. لما فيه من بذل الجهد وانفاق المال وتحمل المشاق والصعاب ومفارقة الاهل والاوطان وهجر الاعمال الدنيوية والاقبال على الله بالطاعة عبادة والاجتماع بالاخوان في الله الوافدين من سائر انحاء الارض. ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في ايام معلومات لو مات فليحرص الحاج على ما يرضي ربه ويكثر من تلبيته وذكره ودعائه والتقرب اليه بالمواظبة على فعل الطاعات والبعد عن السيئات وفي الحديث الصحيح ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله تعالى قال من عادى لي وليا فقد اذنته بالحرب وما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه من حديث رواه البخاري رحمه الله وولي الله هو المؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم. المستقيم على دينه بامتثال امره واجتناب نهيه كما قال سبحانه الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين امنوا وكانوا يتقون ومن اهم ما ينبغي ان يحرص عليه الحاج وغيره. المحافظة على اداء الصلوات المفروضة جماعة في اوقاتها. وفي مساجدي التي اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه. ولا سيما المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف فان لهما ميزة عظيمة على سائر المساجد. والله يضاعف فيهما اجر الصلاة فعن جابر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلاة في مسجدي هذا افضل من الف صلاة فيما سواه الا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام افضل من مائة الف صلاة فيما سواه اخرجه احمد وابن ماجة رحمهما الله باسناد صحيح واخرج الامام احمد مثله عن ابن الزبير وصححه ابن حبان واسناده صحيح وهذا خير جزيل وفضل من الله عظيم. ينبغي العناية به والحرص عليه يقول الله تعالى وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين خامسا يجب على الحاج وغيره ان يحفظ لهذه الاماكن المقدسة حرمتها. فلا يهم فيها بعمل سوء فقد توعد الله من فعل ذلك بعذاب اليم قال تعالى ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم قال عطية العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما في بيان معنى الظلم في هذه الاية وهو ان تستحل من الحرم ما حرم الله عليك من اساءة او قتل فتظلم من لا يظلمك وتقتل من لا يقاتلك فاذا فعل ذلك فقد وجب له العذاب الاليم ذكره ابن كثير رحمه الله في تفسيره لهذه الاية فالواجب على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة الا يؤذي بعضهم بعضا لا في نفس ولا في مال ولا في عرض بل يجب ان يتعاونوا على البر والتقوى. وان يتناصحوا وان يتواصوا بالحق والصبر عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه. التقوى ها هنا بحسب امرئ من الشر ان يحقر اخاه المسلم رواه مسلم رحمه الله في صحيحه وقد حرم الله ايذاء المؤمنين والمؤمنات باي نوع من الايذاء في كل مكان وفي كل زمان فكيف بايذائهم في البلد الامين وفي الاشهر الحرم وفي وقت اداء المناسك وفي مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم لا شك ان هذا يكون اشد اثما واعظم جرما. قال الله تعالى الحج اشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وقال تعالى والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا. فقد احتملوا بهتانا واثما مبينا فالمطلوب من الحاج ان يكون سلما على نفسه. سلما على غيره من انسان وحيوان وطير ونبات. ولا تنالهم منه اذى فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من امنه الناس على دمائهم واموالهم واعراضهم وحرمة المسلم عند الله عظيمة وظلمه معصية كبيرة والظلم عاقبته وخيمة قال الله تعالى ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا قال الشيخ في الهامش يشير سماحته رحمه الله الى ما اخرجه الترمذي في البر من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ونظر ابن عمر الى الكعبة فقال ما اعظمك وما اعظم حرمتك والمؤمن اعظم حرمة عند الله تعالى منك سادسا يجب على الحاج وغيره ان يعلم ان الدعوة الى الخير والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصح لكل مسلم بالحكمة والموعظة الحسنة من اعظم واجبات الدين وبها قوامه وحفظه بين المسلمين قال الله تعالى ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن وقال تعالى ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون وقال تعالى والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله اولئك سيرحمهم الله ان الله عزيز حكيم وعن جرير بن عبدالله رضي الله عنهما قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على اقام الصلاة وايتاء الزكاة والنصح لكل مسلم. متفق عليه فعلى كل مسلم ان يعتني بهذا الامر تمام العناية ولا يقصر فيه. كل بحسب استطاعته فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان. رواه مسلم رحمه الله سابعا ينبغي على كل مسلم من الحجاج وغيرهم ان يهتم بامور المسلمين في كل مكان. وايصال الخير اليهم والدفاع عنهم وتعليم جاهلهم حسب طاقته وعلمه وان يعاون المجاهدين منهم. الذين يجاهدون في سبيل الله لاعلاء كلمة الله. ورد الكافرين والملحدين من من اليهود وغيرهم من اصناف الكفرة عن ديار المسلمين والمقدسات الاسلامية نصرة للحق ودفاعا عن اهله وذودا عن بلاد المسلمين وحماية لها من الاعداء ويكون ذلك باللسان والمال والانفس وسائر انواع المساعدات قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا هل ادلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله باموالكم وانفسكم ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون والرسول صلى الله عليه وسلم يقول المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة اخيه كان الله في حاجته. متفق عليه وقال صلى الله عليه وسلم من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزى ومن خلف غازيا في اهله بخير فقد غزى متفق عليه فلا يجوز للمسلمين ان يسلموا اخوانهم لعدوهم او يسلموهم للجوع والعري والمرض وفتنة المنصرين والملحدين. يستغلون حاجتهم وينفثون بينهم سمومهم واباطيلهم وهذا ما يجب ان يهتم به كل مسلم. ويحرص عليه اشد الحرص. كلما رأى ضعفا من المسلمين لانهم كما قال الله تعالى ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا. حسدا من عند انفسهم ان من بعد ما تبين لهم الحق واسأل الله باسمائه الحسنى وصفاته العلا ان يوفقنا والحجاج وجميع المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه. ولكل ما فيه نصر ديننا وصلاح امرنا وسلامة بلادنا من مكائد اعدائنا. وان ينصر دينه ويعلي كلمته وان يوفق جميع ولاة امور المسلمين وحكامهم للحكم بشريعة الله سبحانه والزام الشعوب بها. لانها تبين السعادة والنجاة في الدنيا والاخرة وان يوفق حكام هذه البلاد بصفة خاصة لكل ما فيه رضاه وصلاح امر المسلمين وان يزيدهم من كل خير وان يجزيهم بما قدموا للمسلمين عموما ولحجاج بيت الله الحرام خصوصا من مساعدات وتسهيلات. اعظم الجزاء وافضله وان يوفق حجاج بيته لاداء مناسكهم على الوجه الذي يرضيه حتى يكون حجهم مبرورا وسعيهم مشكورا وذنبهم مغفورا وان يردهم الى بلادهم سالمين غانمين. اللهم امين وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه المكتبة الصوتية لسماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله. اعداد مشروع كبار العلماء كويت اعزها الله بالتوحيد والسنة