بل هم قوم خصمون. وقالوا االهتنا خير ام هو؟ يعني عيسى حيث نهي عن عبادة الجميع وشورك بينهم بالوعيد على من عبدهم. ونزل ايضا قوله تعالى انكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي لما قال تعالى واسأل من ارسلنا من قبلك من رسلنا اجعلنا من دون الرحمن الهة يعبدون؟ بين تعالى حال موسى اخوتي التي هي اشهر ما يكون من دعوات الرسل. ولان الله تعالى اكثر من ذكرها في كتابه. فذكر حاله مع فرعون. فقال قد ارسلنا موسى باياتنا التي دلت دلالة قاطعة على صحة ما جاء به. كالعصا والحية وارسال الجراد والقمل الى اخر الاية ايات ان فرعون وملأه فقال اني رسول رب العالمين فدعاهم الى الاقرار بربهم ونهاهم عن ما سواه باياتنا اذا هم منها يضحكون اي ردوها وانكروها بها ظلما وعلوا. فلم يكن لقصور بالايات وعدم وضوح فيها. ولهذا قال وما نريه من اية الا هي اكبر من اختها اي الاية المتأخرة اعظم من السابقة. واخذناهم بالعذاب كالجراد والقمل والضفادع والدم. ايات فالصلاة لعلهم يرجعون الى الاسلام. ويذعنون له ليزول شركهم وشرهم. وقالوا عندما نزل عليهم العذاب يا ايها ساحر يعنون موسى عليه السلام وهذا اما من باب التهكم به. واما ان يكون هذا الخطاب عندهم مدحا. فتضرعوا اليه بان خاطبوه بما يخاطبون به من يزعمون انهم علماؤهم وهم السحرة. فقالوا يا ايها الساحر ادعو لنا ربك بما عهد عندك اي بما خصك الله به وفضلك به من الفضائل والمناقب ان يكشف عنا العذاب. انكشف الله عنا كذلك اي لم يفوا بما قالوا بل غدروا واستمروا على كفرهم وهذا كقوله تعالى فارسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ايات المفصلات. واستكبروا وكانوا قوما مجرمين ولما وقع عليهم الريدز قالوا يا موسى ادعو لنا ربك بما عهد عندك. لان كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني اسرائيل فلما كشفنا عنهم الرزق الى اجل هم بالغوه اذا هم ينكثون. ونادى فرعون في قومه قال مستعليا بباطله قد غره ملكه واعطاه ماله وجنوده. يا قومي اليس لي ملك مصر؟ اي الست المالك لذلك؟ المتصرف فيه هذه الانهار تجري من تحتي. اي الانهار المنسحبة من النيل في وسط القصور والبساتين. افلا تبصرون هذا الملك الطويل العريض هذا من جهله البليغ حيث افتخر بامر خارج عن ذاته. ولم يفخر باوصاف حميدة ولا افعال سديدة هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين. يعني قبحه الله بالمهين. موسى ابن عمران كليم الرحمن. الوجيه عند الله اي انا العزيز وهو الذليل المهان المحتقر. فاينا خير؟ ومع هذا فلا يكاد يبين عما في ضميره بالكلام لانه ليس بفصيح اللسان. وهذا ليس من العيوب في شيء. اذا كان يبين ما في قلبه ولو كان ثقيلا عليه الكلام. ثم قال فرعون فلولا القي عليه اسورة من ذهب اي فهلا كان موسى بهذه الحالة ان يكون مزين مجملا بحلي والاساور الملائكة مقتنين. يعاونونه على دعوته ويؤيدونه على قوله. فاستخف قومه فاطاعوه. اي تخف عقولهم بما ابدى لهم من هذه الشبه. التي لا تسمن ولا تغني من جوع. ولا حقيقة تحتها. وليست دليلا على حق ولا على باطل ولا تروج الا على ضعفاء العقول. فاي دليل يدل على ان فرعون محق؟ لكون ملك مصر له وانهاره تجري من تحته واي دليل يدل على بطلان ما جاء به موسى لقلة اتباعه. وثقل لسانه وعدم تحلية الله له. ولكنه لقي ملأ لا معقول عندهم فمهما قال اتبعوه من حق وباطل. فبسبب فسقهم قيد الله لهم فرعون يزين لهم الشرك والشر. فلما ما اسفونا اي اغضبونا بافعالهم فجعلناهم سلفا ومثلا للاخرين ليعتبر بهم المعتبرون ويتعظ باحوالهم المتعظون ما ضرب ابن مريم مثلا اذا قومك منه يصدون. يقول تعالى ولما ضرب ابن مريم مثلا اي نهي عن عبادته وجعلت عبادته بمنزلة عبادة الاصنام والانداد. اذا قومك المكذبون لك منه اي من اجل هذا المثل المضروب. يصدون ان يستلذون في خصومتهم لك ويصيحون ويزعمون انهم قد غلبوا في حجتهم وافلجوا. وقالوا االهتنا خير جهنم انتم لها واردون. ووجه حجتهم الظالمة انهم قالوا قد تقرر عندنا وعندك يا محمد ان عيسى من عباد الله المقربين الذين لهم العاقبة الحسنة فلما سويت بينه وبينها في النهي عن عبادة الجميع؟ فلولا ان حجتك باطلة لم تتناقض ولم قلت انكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم. انتم لها واردون وهذا لفظ بزعمهم. يعم الاصنام وعيسى. فهل الا تناقب وتناقض الحجة دليل على بطلانها. هذا انهى ما يقررون به هذه الشبهة. التي فرحوا بها واستبشروا. وجعلوا يصدون ويتباشرون. وهي ولله الحمد من اضعف الشبه وابطلها. فان تسوية الله بين النهي عن عبادة المسيح وبين النهي عن الاصنام لان العبادة حق لله تعالى لا يستحقها احد من الخلق. لا الملائكة المقربون ولا الانبياء المرسلون ولا من سواهم من الخلق فاي شبهة في تسوية النهي عن عبادة عيسى وغيره؟ وليس تفضيل عيسى عليه السلام وكونه مقربا عند الله ما يدل على الفرق بينها وبينه في هذا الموضع. وانما هو كما قال تعالى ان هو الا عبد انعمنا عليه بالنبوة والحكمة والعلم والعمل يعرفون به قدرة الله تعالى على ايجاده من دون اب. واما قوله تعالى انكم وما تعبدون من دون الله حصب جهل ان انتم لها واردون. فالجواب عنها من ثلاثة اوجه. احدها ان قوله انكم وما تعبدون من دون الله. انما اسم لما لا يعقل. لا يدخل فيه المسيح ونحوه. الثاني ان الخطاب للمشركين الذين بمكة وما حولها. وهم انما يعبدون اصناما واوثانا ولا يعبدون المسيح. الثالث ان الله قال بعد هذه الاية ان الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون. فلا شك ان عيسى وغيره من الانبياء والاولياء داخلون في هذه الاية. ثم قال تعالى اي لجعلنا بدلكم ملائكة يخلفونكم في الارض يكونون في الارض حتى نرسل اليهم ملائكة من جنسهم. واما انتم يا معشر البشر فلا تطيقون ان ترسل اليكم الملائكة. فمن رحمة الله بكم ان ارسل اليكم رسلا من جنسكم تتمكنون من الاخذ عنهم هذا صراط مستقيم. وانه لعلم للساعة اي وان عيسى عليه السلام لدليل على الساعة. وان القادر على ايجاده من ام بلا اب. قادر على بعث الموتى من قبورهم. او وان عيسى عليه السلام سينزل في اخر الزمان. ويكون نزوله على من علامات الساعة فلا تمترن بها اي لا تشكن في قيام الساعة فان الشك فيها كفر واتبعوني بامتثال ما امرتكم واجتناب ما نهيتكم. هذا صراط مستقيم. موصل الى الله عز وجل. ولا ولا يصدنكم الشيطان عن ما امركم الله به فان الشيطان لكم عدو حريص على اغوائكم باذل جهده في ذلك فاتقوا الله واطيعوه ولما جاء عيسى بالبينات الدالة على صدق نبوته وصحة ما جاءهم به. من احياء الموتى وابراء الاكمه والابرص. ونحو ذلك من الايات قال لبني اسرائيل قد جئتكم بالحكمة النبوة والعلم بما ينبغي على الوجه الذي ينبغي اي ابين لكم صوابه وجوابه. فيزول عنكم بذلك اللبس. فجاء عليه السلام مكملا ومتمما لشريعة موسى عليه السلام ولاحكام التوراة واتى ببعض التسهيلات الموجبة للانقياد له وقبول ما جاءهم به. فاتقوا الله واطيعوه اي اعبدوا الله وحده لا شريك له. وامتثلوا امره. واجتنبوا نهيه. وامنوا بي وصدقوني واطيعون ان الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم. ففيه الاقرار بتوحيد الربوبية بان الله هو المربي جميع خلقه بانواع النعم الظاهرة والباطنة. والاقرار بتوحيد العبودية بالامر بعبادة الله وحده لا شريك له. واخبار عيسى عليه السلام انه عبد من عباد الله ليس كما قال فيه النصارى. انه ابن الله او ثالث ثلاثة. والاخبار بان هذا المذكور صراط مستقيم. موصل الى الله والى جنته. فلما جاءهم عيسى عليه السلام بهذا فويل للذين ظلموا من عذاب يوم اليم اختلف الاحزاب المتحزبون على التكذيب من بينهم كل قال بعيسى عليه السلام مقالة باطلة. ورد ما جاء به الا من هدى الله من المؤمنين. الذين شهدوا له بالرسالة وصدقوا بكل ما جاء به. وقالوا انه عبد الله ورسوله. فويل للذين ظلموا من عذاب يوم اليم اي ما اشد حزن الظالمين. وما اعظم خسارة هم في ذلك اليوم. هل ينظرون الا الساعة يقول تعالى ما ينتظر المكذبون وهل يتوقعون اي فاذا جاءت فلا تسأل عن احوال من كذب بها تهزأ بمن جاء بها. يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين وان الاخلاء يومئذ اي يوم القيامة المتخالين على الكفر والتكذيب ومعصية الله. بعضهم لبعض عدو. لان ومحبتهم في الدنيا لغير الله. فانقلبت يوم القيامة عداوة الا المتقين للشرك والمعاصي. فان محبتهم تدوم وتتصل بدوام من كانت المحبة لاجله. ثم ذكر ثواب المتقين. وان الله تعالى يناديهم يوم القيامة بما يسر قلوبهم ويذهب عنهم كل افة وشر فيقول يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا اي لا خوف يلحقكم فيما تستقبلونه من الامور ولا حزن يصيبكم فيما مضى منها. واذا انتفى المكروه من كل وجه ثبت المحبوب المطلوب امنوا باياتنا وكانوا اي وصفهم الايمان بايات الله وذلك يشمل التصديق بها وبما لا يتم التصديق الا به من العلم بمعناها والعمل بمقتضاها. وكانوا مسلمين لله منقادين له في جميع احوالهم. فجمعوا بين الاتصال بعمل الظاهر والباطن. ادخلوا الجنة التي هي دار القرار انتم وازواجكم. اي من كان على مثل عملكم من كل مقارن لكم. من زوجة وولد وصاحب وغيره ان تحظرون اي تنعمون وتكرمون. ويأتيكم من فضل ربكم من الخيرات والسرور والافراح واللذات. ما لا تعبر الالسن عن وصفك يطاف عليهم اي تدور عليهم خدامهم من الولدان المخلدة بطعامهم باحسن الاواني وافخرها. وهي صحاف الذهب وشرابهم بالطف الاواني. وهي الاكواب التي لا عرى لها وهي من اصفى الاواني من فضة اعظم من صفاء القوارير وفيها اي الجنة ما تشتهيه الانفس وتلذ الاعين. وهذا جامع يأتي على كل نعيم وفرح وقرة عين وسرور قلب. فكل ما اشتهته النفوس من مطاعم ومشارب وملابس ومناكح ولذته العيون من مناظر حسنة واشجار محدقة ونعم مونقة ومبان مزخرفة فانه حاصل فيها معد لاهلها على اكمل الوجوه وافضلها. كما قال تعالى لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون فيها خالدون. وهذا هو تمام نعيم اهل الجنة. وهو الخلد الدائم فيها. الذي يتضمن دوام نعيمها وزيادته وعدم انقطاعه. وتلك الجنة الموصوفة باكمل الصفات هي التي اورثتموها بما كنتم تعملون. اي اورثكم الله اياها باعمالكم وجعلها من فضله جزاء لها واودع فيها من رحمته ما اودع. لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكل لكم فيها فاكهة كثيرة. كما في الاية الاخرى فيهما من كل فاكهة زوجان. منها تأكلون اي مما تتخيرون من تلك الفواكه الشهية والثمار اللذيذة تأكلون. ولما ذكر نعيم الجنة عقبه بذكر عذاب جهنم فقال ان المجرمين الذين اجرموا بكفرهم وتكذيب بهم في عذاب جهنم اي منغمرون فيه. محيط بهم العذاب من كل جانب. خالدون فيه. لا يخرجون منه ابدا. لا فيفتر عنهم وهم فيه مبلسون. ولا يفتر عنهم العذاب ساعة بازالته ولا بتهوين عذابه اي ايسون من كل خير. خير راجين للفرج. وذلك انهم ينادون ربهم فيقولون ربنا اخرجنا منها فان عدنا فانا ظالمون. قال اخسئوا فيها ولا تكلمون. وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين وهذا العذاب العظيم بما قدمت ايديهم وبما ظلموا به انفسهم. والله لم يظلمهم ولم يعاقبهم بلا ذنب ولا جرم نادوا يا مالك ليقض علينا ربك. قال انكم ماكثون. ونادوا وهم في في النار لعلهم يحصل لهم استراحة. يا ما لك ليقضي علينا ربك. اي ليمتنا فنستريح. فاننا في غم شديد وعذاب غليظ لا صبر لنا عليه ولا جلد. فقال لهم ما لك خازن النار. حين طلبوا منه ان يدعو الله لهم ان يقضي عليهم اي مقيمون فيها. لا تخرجون عنها ابدا. فلم يحصل لهم ما قصدوه. بل اجابهم بنقيض قصدهم وزادهم غما الى غمهم. ثم وبخهم بما فعلوا فقال لقد جئناكم بالحق ولكن اكثركم لقد جئناكم بالحق الذي يوجب عليكم ان تتبعوه فلو تبعتموه لفزتم وسعدتم فلذلك شقيتم شقاوة لا سعادة بعدها مبرمون. يقول تعالى ام ابرم المكذبون بالحق المعاندون له امرا اي كادوا كيدا ومكروا للحق ولمن جاء في الحق ليدحضوه بما موهوا من الباطل المزخرف المزوق. اي محكمون امرا ومدبرون يعلو تدبيرهم وينقضه ويبطله. وهو ما قيده الله من الاسباب والادلة لاحقاق الحق وابطال الباطل. كما قال تعالى نقذف بالحق على الباطل فيدمغه كلنا لديهم يكتبون. ام يحسبون بجهلهم وظلمهم انا لا نسمع سرهم الذي لم يتكلموا به. بل هو سر في قلوبهم ونجواهم اي كلامهم الخفي. الذي يتناجون به اي فلذلك اقدموا على المعاصي. وظنوا انها لا تبعة لها ولا مجازاة على ما خفي منها فرد الله عليهم بقوله بلى اي انا نعلم سرهم ونجواهم ورسلنا الملائكة الكرام لديهم يكتبون كل ما عملوه وسيحفظ ذلك عليهم حتى يريدوا القيامة فيجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك احدا