المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي اي قل يا ايها الرسول الكريم للذين جعلوا لله ولدا وهو الواحد الاحد الفرد الصمد. الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا. ولم يكن له كفوا احد. فانا اول العابدين لذلك الولد لانه جزء من والده. وانا اولى الخلق انقيادا للامور المحبوبة لله. ولكني اول المنكرين لذلك واشدهم له نفيا فعلم بذلك بطلانه. فهذا احتجاج عظيم عند من عرف احوال الرسل. وانه اذا علم انهم اكملوا الخلق وان كل خير فهم اول الناس سبقا اليه وتكميلا له. وكل شر فهم اول الناس تركا له وانكارا له وبعدا منه. فلو كان على هذا للرحمن ولد وهو الحق لكان محمد بن عبدالله افضل الرسل اول من عبده. ولم يسبقه اليه المشركون. ويحتمل ان معنى الاية لو كان للرحمن ولد فانا اول العابدين لله. ومن عبادتي لله اثبات ما اثبته. ونفي ما نفاه. فهذا من العبادة القولية الاعتقادية ويلزم من هذا لو كان حقا لكنت اول مثبت له فعلم بذلك بطلان دعوى المشركين وفسادها عقلا ونقلا من الشريك والظهير والعوين وغير ذلك مما نسبه اليه المشركون فذرهم يخوضوا ويلعبوا. اي يخوضوا بالباطل. ويلعبوا بالمحال. فعلومهم ضارة غير نافعة. وهي الخوض والبحث بالعلوم التي يعارضون بها الحق. وما جاءت به الرسل واعمالهم لعب وسفاهة. لا تزكي النفوس ولا تثمر المعارف. ولهذا توعدهم بما امامهم من يوم القيامة فقال فسيعلمون فيه ماذا حصل وما حصلوا عليه من الشقاء الدائم والعذاب المستمر وهو الحكيم العليم. يخبر تعالى انه له المألوه المعبود في السماوات والارض. فاهل السماوات كلهم والمؤمنون من اهل الارض. يعبدونه ويعظمونه ويخضعون لجلاله لكماله تسبح له السماوات السبع والارض ومن فيهن. وان من شيء الا يسبح بحمده. ولله يسجد من في السماوات والارض ارضي طوعا وكرها. فهو تعالى المعبود المألوه الذي يألهه الخلائق كلهم. طائعين مختارين وكارهين. وهذه قوله تعالى وهو الله في السماوات وفي الارض اي الوهيته ومحبته فيهما. واما هو فهو فوق عرشه بائن من خلقه. متوحد بجلاله متمجد بكماله. وهو الحكيم الذي احكم ما خلقه. واتقن ما شرعه. فما خلق شيئا الا لحكمة. ولا شرع شيئا الا لحكمة وحكمه القدري والشرعي والجزائي مشتمل على الحكمة. العليم بكل شيء يعلم السر واخفى. ولا يعزب عنه مثقال ذرة في العالم العلوي والسفلي. ولا اصغر منها ولا اكبر. وتبارك الذي له ملك السماوات والارض وما بينهما وعنده علم الساعة واليه ترجعون. وتبارك الذي له ملك السماوات والارض وما بينهما تبارك بمعنى تعالى وتعاظم وكثر خيره واتسعت صفاته وعظم ملكه. ولهذا ذكر سعة ملكه للسموات والارض ما بينهما وسعة علمه وانه بكل شيء عليم. حتى انه تعالى انفرد بعلم كثير من الغيوب التي لم يطلع عليها احد من لا نبي مرسل ولا ملك مقرب. ولهذا قال وعنده علم الساعة قدم الظرف ليفيد الحصر. اي لا يعلم ومتى تجيء الساعة الا هو؟ ومن تمام ملكه وسعته انه مالك الدنيا والاخرة؟ ولهذا قال اي في الاخرة فيحكم بينكم بحكمه العدل. ومن تمام ملكه انه لا يملك احد من خلقه من الامر شيئا. ولا يقدم على الشفاعة عنده احد الا باذنه ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة اي كل من دعي من دون الله من الانبياء والملائكة وغيرهم لا يملكون الشفاعة ولا يشفعون الا باذن الله ولا يشفعون الا لمن ارتضى. ولهذا قال الا من شهد بالحق اي نطق بلسانه مقرا بقلبه عالما بما شهد به. ويشترط ان تكون شهادته بالحق. وهو الشهادة لله تعالى بالوحدانية ولرسله بالنبوة والرسالة وصحة ما جاءوا به من اصول الدين وفروعه وحقائقه وشرائعه فهؤلاء الذين فيهم شفاعة الشافعين وهؤلاء الناجون من عذاب الله الحائزون لثوابه. ثم قال تعالى ليقولن الله اي ولئن سألت المشركين عن توحيد الربوبية ومن هو الخالق لاقروا انه الله وحده لا شريك له اي فكيف يصرفون عن عبادة الله والاخلاص له وحده. فاقرارهم بتوحيد الربوبية يلزمهم به الاقرار بتوحيد توحيد الالوهية وهو من اكبر الادلة على بطلان الشرك قوم لا يؤمنون. هذا معطوف على قوله وعنده علم الساعة. اي وعنده علم قيله اي الرسول صلى الله عليه شاكيا لربه تكذيب قومه متحزنا على ذلك. متحسرا على عدم ايمانهم. فالله تعالى عالم بهذه الحال. قال على معادلتهم بالعقوبة ولكنه تعالى حليم يمهل العباد ويستأني بهم لعلهم يتوبون ويرجعون. ولهذا قال فاصفح عنهم وقل سلام فسوف اصفح عنهم وقل سلام. اي اصفح عنهم ما يأتيك من اذيتهم القولية والفعلية. واعف عنهم ولا يبدر منك الا السلام الذي يقابل به اولو الالباب والبصائر الجاهلين. كما قال تعالى عن عباده الصالحين. واذا خاطبهم الجاهلون اي خطابا بمقتضى جهلهم قالوا سلاما. فامتثل صلى الله عليه وسلم لامر ربه. وتلقى ما يصدر اليه من قومه وغيره من الاذى بالعفو والصفح. ولم يقابلهم عليه الا بالاحسان اليهم. والخطاب الجميل. فصلوات الله وسلامه على من خصه الله بالخير خلقي العظيم الذي فضل به اهل الارض والسماء وارتفع به اعلى من كواكب الجوزاء وقوله اي غب ذنوبهم وعاقبة جرمهم