المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي يخبر تعالى عن كمال قدرته وتمام حكمته وانه ما خلق السماء السماوات والارض لعبا ولا لهوا او سدى من غير فائدة. وانه ما خلقهما الا بالحق. اي نفس خلقهما بالحق. وخلقهما مجتمع على الحق وانه اوجدهما ليعبدوه وحده لا شريك له. وليأمر العباد وينهاهم ويثيبهم ويعاقبهم ان اكثرهم لا يعلمون. فلذلك لم يتفكروا في خلق السماوات والارض ان يوم الفصل وهو يوم القيامة الذي يفصل الله به بين الاولين والاخرين وبين كل مختلفين ميقاتهم اي الخلائق اجمعين. كلهم سيجمعهم الله فيه. ويحضرهم ويحضر اعمالهم. ويكون الجزاء عليها لا يغني مولى عن مولاي شيئا ولا هم ينصرون ولا ينفع مولى عن مولى شيء لا قريب عن قريبه ولا صديق عن صديقه. اي يمنعون من عذاب الله عز وجل لان احدا من الخلق لا يملك من الامر شيئا انه هو العزيز الرحيم. فانه هو الذي ينتفع ويرتفع برحمة الله تعالى. التي تسبب اليها وسعى لها سعيها في الدنيا. ثم قال تعالى لما ترى يوم القيامة وانه يفصل بين عباده فيه ذكر افتراقهم الى فريقين فريق في الجنة وفريق في السعير وهم الاثمون بعمل الكفر والمعاصي. وان طعامهم شجرة الزقوم شر الاشجار وافظعها. وان طعامها كالمهل اي كالصديد المنتن. خبيث الريح والطعم. شديد الحرارة. يغلي في بطونهم ويقال للمعذب هذا العذاب الاليم والعقاب الوخيم. اي بزعمك انك عزيز ستمتنع من عذاب الله وانك كريم على الله لا يصيبك بعذاب. فاليوم تبين لك انك انت الذليل المهان الخسيس اما كنتم به تمترون. ان هذا العذاب العظيم ما كنتم به تمترون. اي تشكون فالانصار عندكم حق اليقين يلبسون من سندس واستبرق متقابل هذا جزاء المتقين لله. الذين اتقوا سخطه وعذابه بتركهم المعاصي وفعلهم الطاعات. فلما السخط عنهم والعذاب ثبت لهم الرضا من الله. والثواب العظيم في ظلال ظليل من كثرة الاشجار والفواكه وعيون سارحة تجري من تحتهم الانهار. يفجرونها تفجيرا في جنات النعيم. فاضافت جنات الى النعيم. لان كلما اشتملت عليه كله نعيم وسرور كامل من كل وجه. ما فيه منغص ولا مكدر بوجه من الوجوه. ولباسهم من الحرير الاخضر من السندس والاستبرق اي غليظ الحرير ورقيقه مما تشتهيه انفسهم متقابلين متقابلين في قلوبهم ووجوههم في كمال الراحة والطمأنينة والمحبة والعشرة الحسنة والاداب المستحسنة كذلك النعيم التام والسرور الكامل اي نساء جميلات من جمالهن وحسنهن انه يحار الطرف في حسنهن. وينبهر العقل بجمالهن وينخلب اللب لكمالهن. عين اي ضخام الاعين حسانها ان امنين يدعون فيها اي الجنة بكل فاكهة مما له اسم في الدنيا ومما الا يوجد له اسم ولا نظير في الدنيا؟ فمهما طلبوه من انواع الفاكهة واجناسها احضر لهم في الحال من غير تعب ولا كلفة امنين امنين من انقطاع ذلك. وامنين من مضرته. وامنين من كل مكدر وامنين من الخروج منها والموت. ولهذا قال عذاب الجحيم. اي ليس فيها موت بالكلية ولو كان فيها موت يستثنى. لم يستثني الموتة الاولى التي هي الموتة في الدنيا. فتم لهم كل محبوب مطلوب. ووقاهم عذاب الجحيم فضلا من ربك ذلك هو الفوز فضلا من ربك حصول النعيم واندفاع العذاب عنهم من فضل الله عليهم وكرمه. فانه تعالى هو الذي وفقهم للاعمال الصالحة. التي بها نالوا خير الاخرين واعطاهم ايضا ما لم تبلغه اعمالهم واي فوز اعظم من نيل رضوان الله وجنته والسلامة من عذابه وسخطه فانما يسرناه اي القرآن بلسانك اي سهلناه بلسانك الذي هو افصح الالسنة على الاطلاق واجلها. فتيسر به لفظه وتيسر معناه لعلهم يتذكرون ما فيه نفعهم فيفعلونه. وما فيه ضررهم فيتركونه فارتقب. اي انتظر ما وعدك ربك من الخير والنصر انهم مرتقبون ما يحل بهم من العذاب. وفرق بين الارتقابين. رسول الله واتباعه يرتقبون الخير في الدنيا والاخرة وضدهم يرتقبون الشر في الدنيا والاخرة