المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الثلاثون والثلاثمائة الحديث الرابع عن البراء بن عازب رضي الله عنهما انه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يعني من مكة فتبعتهم ابنة حمزة تنادي يا عم فتناولها علي فاخذ بيدها وقال لفاطمة دونك ابنة عمك فاحتملتها فاختصم فيها علي وزيد وجعفر فقال علي انا احق بها وهي ابنة عمي وقال جعفر ابنة عمي وخالتها تحتي وقال زيد بنت اخي فقضى بها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لخالتها وقال الخالة بمنزلة الام وقال لعلي انت مني وانا منك وقال لجعفر اشبهت خلقي وخلقي وقال لزيد انت اخونا ومولانا رواه البخاري قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث البراء ابن عازب خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يعني من مكة وهذا في عمرة القضاء سنة سبع من الهجرة فانه لما خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم معتمرا سنة ست من الهجرة جراة وصده المشركون ورجع من الحديبية وتعاهدوا على وضع الحرب عشر سنين واشترطوا شروطا فيما بينهم منها انه يعتمر من قابل ويخلون له مكة ثلاثة ايام فاعتمروا سنة سبع وسميت عمرة القضاء فلما خرجوا من مكة تبعتهم ابنة حمزة تنادي يا عم اي تعني رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فانه عمها من الرضاعة وايضا فقد جرت عادة العرب ان الصغير ينادي الكبير بالسن او الشرف بقول يا عم كما هو متعارف اليوم ان الكبير ينادي الصغير بقوله يا ابن اخي اي لا تخرجوا وتتركوني فتناولها علي بن ابي طالب ابن عمها فاخذ بيدها وقال لفاطمة دونك ابنة عمك فاحتملتها اي في هودجها فاختصم فيها علي وزيد اي ابن حارثة وجعفر اي ابن ابي طالب كلهم يريد حضانتها وكل واحد منهم ادلى بحجته وما يراه مرجحا له على غيره فقال علي انا احق بها اي لانه سبق اليها واخذها وهي ابنة عمي فهذان مرجحان وقال جعفر ابنة عمي وخالتها تحتي. فهذان مرجحان ايضا وقال زيد ابنة اخي فان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اخى بين زيد وحمزة وكان عادتهم في الجاهلية واول الاسلام التوارث والتناصر بالتآخي حتى انزل الله تعالى واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله فكان الميراث للقرابة دون غيرهم فكان في هذا دليل على محبتهم للخير وصلة الرحم وقوله فقضى بها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لخالتها وقال الخالة بمنزلة الام اي ان الحضانة لها مع فقد الام فانها بمنزلتها في الرحمة والاحقية بالحضانة فان قيل كيف قضى بها للخالة مع انها لم تدعها معهم قيل اما انه قضى بها لجعفر فانه زوجها واما انه قضى بها لها وهو الصحيح ولكن كانه قضى بها لجعفر لانها تحته فلما لم يقض بها لواحد منهم وعلم حرصهم ومحبتهم للخير جبر قلوبهم بما هو خير لهم من حضانتها واحب لهم من ذلك فقال لعلي انت مني وانا منك وهذه البعضية خاصة لمن اتبع امر الله ورسوله كما قال تعالى والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض الاية فان من اتصف بذلك كان منه صلى الله عليه وعلى اله وسلم ومن لم يتصف بذلك فليس منه كما قال ليس منا من غشنا وكقوله ليس منا من لطم وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية وقال لي جعفر اشبهت خلقي وخلقي الاول بفتح الخاء وسكون اللام هو الصورة الظاهرة والثاني بضم الخاء واللام هو الصفات الباطنة من الحلم والاناة ونحوها فهذا مدح عظيم لجعفر اما المدح باتصافه بالاخلاق الحميدة والتي هي اخلاقه صلى الله عليه وعلى اله وسلم فظاهر واما المدح باتصافه بصورة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم الظاهرة فلان المشابهة الظاهرة عنوان على المشابهة الباطنة وقال لزيد انت اخونا ومولانا هذه اخوة وولاية خاصة فانه رضي الله عنه كان من العرب من بني كلب ثم سبي في الجاهلية وبيع بمكة فاشترته خديجة ووهبته للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فجاء ابوه الى مكة وطلبه من النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بفداء فقال الا ترضى ان اخيره فان اختارك فاذهب به ولا ينبغي لك فداء وان اختارني تركته فرضي ابوه وظن انه يختاره فلما خيره قال لا ابغي بك بديلا يا رسول الله فرضي ابوه وذهب وتركه عند النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ثم بعد ذلك تبناه النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فكان يدعى زيد بن محمد حتى انزل الله تعالى ادعوهم لابائهم الاية وقوله ما كان محمد ابا احد من رجالكم الاية فدعي بعد ذلك لابيه فقيل زيد بن حارثة وكان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قد اخى بينه وبين حمزة ومن فضله رضي الله عنه انه لم يذكر من الصحابة احد في القرآن باسمه غيره فقال تعالى فلما قضى زيد منها وطرا زوجناها الاية فهذا الحديث اصل في باب الحضانة ففيه ان الام مقدمة على كل احد حتى على الاب فانها احق بحضانة الطفل وكذا كل انثى وذكر في درجة واحدة فتقدم الانثى على الذكر فتقدم الجدة على الجد والخالة على الخال والاخت على الاخ والعمة على العم والحضانة هي حفظ الصبي ونحوه عما يضره والقيام بمصالحه وحكمها انها فرض كفاية وفيه فضل الصحابة وبرهم وصلتهم لارحامهم وفيه انه اذا رضي زوج من لها حق الحضانة وكان يمكنها القيام بمصالحه فانه لا يسقط حقها وفيه حق الخالة وانه يقارب حق الام بالبر ونحوه ولهذا ورد ان رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن عمل يدخله الجنة فقال هل لك من ام قال لا قال فهل لك من خالة قال نعم قال برها وفيه انه ينبغي مساعدة من اراد فعل الخير وان من كان له مطالبة ونحو ذلك ففاته مطلوبه فينبغي جبر خاطره