المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي ان نجعلهم كالذين امنوا وعملوا الصالحات سواء ما يحكمون. اي ام حسب المكثرون من الذنوب المقصرون في حقوق ربهم ان نجعلهم كالذين امنوا وعملوا الصالحات بان قاموا بحقوق ربهم واجتنبوا مساخطه ولم مؤثرين رضاه على هوى انفسهم اي احسبوا ان يكونوا سواء في الدنيا والاخرة ساء ما ظنوا وحسبوا وساء ما حكموا به فانه حكم يخالف حكمة احكام الحاكمين وخير العادلين. ويناقض العقول السليمة والفطر المستقيمة. ويضاد ما نزلت به الكتب واخبرت به الرسل بل الحكم الواقع القطعي ان المؤمنين العاملين الصالحات لهم النصر والفلاح والسعادة والثواب في العاد والآجل كل على قدر احسانه. وان المسيئين لهم الغضب والاهانة والعذاب والشقاء في الدنيا والاخرة. وخلق الله السماوات والارض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يضلون اي خلق الله السماوات والارض بالحكمة. وليعبد وحده لا شريك له. ثم يجازي بعد ذلك من امرهم بعبادته وانعم عليهم بالنعم الظاهرة والباطنة. هل شكروا الله تعالى وقاموا بالمأمور؟ ام كفروا فاستحقوا جزاء افرأيت من اتخذ الهه هواه واضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله افلا تذكروا يقول تعالى افرأيت الرجل الضال الذي اتخذ الهه هواه؟ فما هويه سلكه سواء كان يرضي الله او يسخطه الله على علم وختم على سمعه وقلبه. واضله الله على علم من الله تعالى انه لا تليق به الهداية ولا يزكو عليها وختم على سمعه فلا يسمع ما ينفعه وقلبه فلا يعي الخير. وجعل على بصره غشاوة وجعل على بصره غشاوة تمنعه من نظر الحق اي لا احد يهديه. وقد سد الله عليه ابواب الهداية وفتح له ابواب الغواية وما ظلمه الله ولكن هو ظلم نفسه وتسبب لمنع رحمة الله عليه. افلا تذكرون ما تنفعكم فتسلكونه وما يضركم فتجتنبونه. وقالوا ما هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلك وقالوا اي منكروا البعث اي ان هي الا عادات على رسوم الليل والنهار. يموت اناس ويحيا اناس ومن مات فليس براجع الى الله. ولا مجازيه بعمله. وقولهم هذا صادر عن غير علم. فانكروا المعاد وكذبوا الرسل الصادقين من غير دلهم على ذلك ولا برهان. ان هي الا ظنون واستبعادات خالية عن الحقيقة. ولهذا قال تعالى وهذا جراءة منهم على الله حيث اقترحوا هذا الاقتراح وزعموا ان صدق رسول الله متوقف على الاتيان بابائهم. وانهم لو جاءوهم بكل اية لم يؤمنوا. الا ان تبعتهم الرسل على ما قالوا وهم كذبة فيما قالوا. وانما قصدهم دفع دعوة الرسل. لا بيان الحق. قال تعالى ثم يميتكم ثم يجمعكم الى يوم القيامة لا ريب فيه. ولكن اكثر والا فلو وصل العلم باليوم الاخر الى قلوبهم لعملوا له اعمالا وتهيأوا ولله ملك السماوات والارض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون يخبر تعالى عن سعة ملكه وانفراده بالتصرف والتدبير في جميع الاوقات. وانه يوم تقوم الساعة ويجمع الخلائق لموقف يحصل الخسار على المبطلين الذين اتوا بالباطل ليدحضوا به الحق. وكانت اعمالهم باطلة. لانها متعلقة بالباطل بطلت في يوم القيامة اليوم الذي تستبين به الحقائق. واضمحلت عنهم وفاتهم الثواب. وحصلوا على اليم العقاب. ثم تعالى شدة يوم القيامة وهوله ليحذره العباد ويستعد له العباد فقال الى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون. وترى ايها الرائي لذلك اليوم كل امة جافية على ركبها خوفا وذعرا. وانتظارا لحكم الملك الرحمن اي الى شريعة نبيهم الذي جاءهم من عند الله. وهل قاموا به فيحصل لهم الثواب والنجاة؟ ام ضيعوها؟ فيحصل لهم الخسران فامة موسى يدعون الى شريعة موسى وامة عيسى كذلك وامة محمد كذلك وهكذا غيرهم. كل امة تدعى الى شرعها الذي كلفت به. هذا احد الاحتمالات في الاية. وهو معنى صحيح في نفسه. غير مشكوك فيه. ويحتمل ان المراد كل امة تدعى الى كتابها اي الى كتاب اعمالها. وما سطر عليها من خير وشر. وان كل احد يجازى بما عمله كقوله تعالى من عمل صالحا فلنفسه ومن اساء فعليها ويحتمل ان المعنيين كليهما مراد من الاية يدل على هذا قوله. اي هذا كتابنا الذي انزلنا عليكم يفصل بينكم بالحق الذي هو العدل فهذا كتاب الاعمال. ولهذا فصل ما يفعل الله بالفريقين فقال الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته. ذلك هو الفوز المبين فاما الذين امنوا وعملوا الصالحات ايمانا صحيحا وصدقوا ايمانهم بالاعمال الصالحة من واجبات لا يدخلهم ربهم في رحمته. التي محلها الجنة وما فيها من النعيم المقيم. والعيش سليم. ذلك هو الفوز المبين. اي المفاز والنجاة والربح. والفلاح فاضح البين الذي اذا حصل للعبد حصل له كل خير واندفع عنه كل شر تكن اياتي تتلى عليكم فاستكبرتم كنتم قوما مجرمين. واما الذين بالله فيقال لهم توبيخا وتقريعا. افلم تكن اياتي تتلى عليكم. افلم تكن اياتي تتلى عليكم وقد دلتكم على ما فيه صلاحكم ونهتكم عن ما فيه ضرركم وهي اكبر نعمة وصلت اليكم لو وفقتم لها ولكن استكبرتم واعرظتم وكفرتم بها فجنيتم اكبر جناية واجرمتم اشد الجرم. فاليوم تجزون ما كنتم تعملون. ويوبخون ايضا بقوله واذا قيل ان وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم منكرين ذلك ما ندري ما الساعة ان نظن الا ظنا وما نحن بمستيقنين. فهذه حالهم في الدنيا وحال البعث. الانكار له ورد قول من جاء به قال تعالى يستهزؤون اي وظهر لهم يوم القيامة عقوبات اعمالهم اي نزل بهم العذاب الذي كانوا في الدنيا يستهزؤون به وبوقوعه وبمن جاء به. وقيل اليوم لقاء يومكم هذا ومأواكم ومأواكم النار وما لكم من ناصرين وقيل اليوم مساكم اي نترككم في العذاب. كما نسيتم لقاء يومكم هذا. فان الجزاء من جنس العمل ومأواكم النار. اي هي مقركم ومصيركم. ينصرونكم من عذاب الله ويدفعون عنكم عقابه ذلكم بانكم اتخذتم ايات الله هزوا وغرتكم الحياة الدنيا دنيا وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون ذلك الذي حصل لكم من العذاب. بسبب انكم اتخذتم ايات الله هزوا. مع انها موجبة للجد والاجتهاد وتلقيها بالسرور والاستبشار والفرح. بزخارفها ولذاتها وشهواتها فاطمأننتم اليها وعملتم لها وتركتم العمل للدار الباقية اي ولا يمهلون. ولا يردون الى الدنيا ليعملوا صالحا. فلله الحمد رب فلله الحمد كما ينبغي لجلاله وعظيم سلطانه اي له الحمد على ربوبيته لسائر الخلائق حيث خلق رباهم وانعم عليهم بالنعم الظاهرة والباطنة والارض وهو العزيز الحكيم اي له الجلال والعظمة والمجد. فالحمد فيه الثناء على الله بالصفات الكمال ومحبته تعالى واكرامه. والكبرياء فيها عظمته وجلاله. والعبادة مبنية على ركنين احبتي الله والذل له وهما ناشئان عن العلم بمحامد الله وجلاله وكبريائه. وهو العزيز الحكيم وهو العزيز القاهر لكل شيء. الحكيم الذي يضع الاشياء مواضعها. فلا يشرع ما يشرعه الا لحكمة ومصلحة. ولا يخلق ما يخلقه الا لفائدة ومنفعة