المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله كتاب القصاص قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته طوله كتاب القصاص وهو ان يفعل بالجاني كما فعل بالمجني عليه مأخوذ من القص وهو الاتباع يقال قص الاثر اي اتبعه قال تعالى فارتد على اثارهما قصصا ان يتبعان اثارهما والقصاص ونحوه مما يبين كمال حكمة الله تعالى وعدله ورحمته فان الله تعالى يشرع الشرائع لكل وقت ما يوافق حاله ولما كانت هذه الشريعة كاملة من جميع الوجوه جعلها الله تعالى هي اخر الشرائع وليس بعدها شريعة فانها وافية ببيان جميع ما يحتاجون اليه في كل زمان ومكان واذا اردت انموذجا لذلك فانظر الى حكمة الله تعالى في شرع القصاص فان فيه بيان عدل الله تعالى بين عباده في الدنيا والاخرة وفيه بيان رحمته تعالى وقد نبه الله تعالى على ذلك بقوله ولكم في القصاص حياة الاية فان قيل كيف نهى الله تعالى عن القتل وشرع القصاص مع ان فيه تكفيرا للقتل قيل ليس فيه تكثير للقتل فانه اعظم رادع عن القتل وقد بين الله ذلك بقوله ولكم في القصاص حياة الاية وذلك من وجوه فانه اذا علم الانسان انه اذا قتل احدا قتل به ارتدع عن ذلك خوف القتل ولولا ذلك لكثر القتل جدا وايضا فانه اذا قتل احدا ثم قتل به ورأى غيره انه قد اقتص منه ارتدع غيره ان يفعل مثل فعله فيفعل به كما فعل به وايضا فانهم كانوا في الجاهلية لا يكتفون بقتل القاتل وحده بل يقتلون من يتصل به من قرابته ويقتل القوي الضعيف وتقع بينهم الحروب العظيمة كما هو مشاهد ومعروف من حالتهم فانزل الله قوله ولا تزر وازرة وزر اخرى وشرع الاقتصاص من القاتل وحده وحقن بذلك الدماء والقصاص ثابت بالكتاب والسنة واجماع الامة وقد ورد الوعيد على القتل وهو من كبائر الذنوب قال تعالى ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما الحادي والثلاثون والثلاثمائة الحديث الاول عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا يحل دم امرئ مسلم يشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله الا باحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته فلا يباح دم المسلم الا باحدى ثلاث كما ذكره في حديث ابن مسعود بقوله لا يحل دم امرئ مسلم يشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله هذه الجملة كاشفة فانه عرف المسلم بقوله يشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله الا باحدى ثلاث احداها قال الثيب الزاني اي فيرجم وهذه اشنع القتلات فانه يرجم بالحجارة حتى يموت ويثبت الزنا بشهادة اربعة رجال او اقراره اربع مرات والثيب هو من دخل بزوجته ووطئها في نكاح صحيح واما البكر فيجلد مائة ويغرب عاما وهذا الحد رحمة بالمحدود لانه ردع له عن مثل هذا الفعل وايضا فانه كفارة له وايضا رحمة بغيره ليرتدع عن ذلك الفعل فينبغي لمن يقيم الحدود من امام او نائبه ان يحسن نيته وينوي رحمة المحدود وردعه عن مثل هذا الفعل وتطهيره مما وقع منه فبذلك تحصل البركة بحده بخلاف من يقصد مجرد التشفي والانتقام ودفع غضبه الشخصي فقط الثانية قال والنفس بالنفس اي من قتل نفسا فانه يقتل بها وهذا عام سواء كان المقتول شريفا او وضيعا كبيرا او صغيرا عربيا او عجميا ذكرا او انثى فيقتل الشريف بالوضيع والكبير بالصغير ولو قتله وهو في المهد والعربي بالعجمي والعالم بالجاهل والذكر بالانثى فان قيل فما تقولون في قوله تعالى والانثى الانثى فان مفهومه ان الذكر لا يقتل بالانثى فالجواب عنه من وجوه احدها ان المفهوم لا عموم له فان العموم للمنطوق خاصة الثاني انه ثبت كما يأتي بالسنة الصريحة الصحيحة ان الرسول قتل اليهودي بالجارية قصاصا الثالث ان عموم قوله وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس والعين نبي العين والعين بالعين والانف بالانف والاذن بالاذن والسن السن والجروح قصاص مقدم على مفهوم قوله والانثى بالانثى ففي هذه الاية ثبوت القصاص بالنفس والاطراف والجراح فهذا من حكمة الله تعالى وعدله واما لو قتل الصغير والمجنون احدا فلا يقتل به لانه ليس بمكلف وعمدهما خطأ تجب فيه الدية على عاقلتهما واما الانثى فهي كالرجل اذا ثبت القصاص واما في الدية فعلى النصف من دية الرجل الا فيما دون ثلث الدية فديتهما فيه واحدة وهنا مسألة من غرائب العلم وهي انه لو قطع من الانثى ثلاثة اصابع ففي ذلك ثلاثون بعيرا لان دية الاصبع عشر من الابل ويستوي في ذلك الذكر والانثى لانها لم تبلغ ثلث الدية فلو قطع اربعة ففيها عشرون لانها زادت على الثلث فكانت نصف دية الذكر ودية الاربعة من الذكر اربعون ولو قطع منها خمسة فعليه خمسة وعشرون فاذا قطع منها ستة اصابع فعليه ثلاثون وهذه من الغرائب ولهذا لما سأل رجل سعيد بن المسيب عن ذلك وقال كيف لما عظمت مصيبتها قل عقلها قال تلك السنة يا ابن اخي واما ما دار على السنة العوام من ان دية العبد اي الخضيري الذي ليس بقبيلي نصف دية القبيلي فلا اصل له وهما سواء واما العبد المملوك فديته قيمته لانه من جملة السلع فان قيل هل يقتل الحر بالمملوك قيل في هذه المسألة خلاف طويل بين العلماء وقد تجاذبتها الادلة من الجانبين فلهذا كثر فيها الخلاف الثالثة قال والتارك لدينه المفارق للجماعة قيل معناه انه الذي يرتد بعد اسلامه ويفارق جماعة المسلمين فيستتاب فان تاب والا قتل سواء كان ذكرا او انثى فانه اعظم من الكافر الاصلي لان الانثى لا تقتل اذا كانت كافرة اصلية واما المرتدة فتقتل وقيل معناه الذي يخرج على الامام ويفارق جماعة المسلمين ويكون معنى قوله لدينه اي في هذه المسألة لانه ورد من مات وليس في رقبته بيعة لامام مات ميتة جاهلية فيلزم طاعة الامام ولو كان ظالما كما ورد اسمع واطع ولو ضرب ظهرك واخذ مالك ولا يجوز الخروج عليه لظلمه فاذا خرجت عليه طائفة وجب على رعيته اعانته على قتالهم كما ورد من جاءكم وامركم على رجل منكم يريد ان يفرق جماعتكم فاقتلوه فمن خرج على الامام فدمه هدر والمعنيان صحيح ان ولعل الاول اقرب لمراد الحديث وقد ذكر الفقهاء بابا في بيان حكم المرتد والاشياء التي تحصل بها الردة