خير بل قامت عليهم بذلك الحجة. ويقولون من افكهم وافترائهم للحق لما جاءهم هذا سحر مبين. اي ظاهر لا شك وهذا من باب قلب الحقائق. الذي لا يروج الا على ضعفاء العقول. والا فبين الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. وبين السحر المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم. حا ميم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم. هذا ثناء منه تعالى على كتابه العزيز وتعظيم له. وفي ضمن ذلك ارشاد العباد اليه الاهتداء بنوره والاقبال على تدبر اياته واستخراج كنوزه ولما بين انزال كتابه متضمنا للامر والنهي ذكر خلقه السماوات والارض فجمع بين الخلق والامر الاله الخلق والامر؟ كما قال تعالى الله هو الذي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن. وكما قال تعالى ينزل الملائكة بالروح من امره على من يشاء ومن عباده ان انذروا انه لا اله الا انا فاتقون. خلق السماوات والارض بالحق. فالله تعالى هو الذي خلق المكلفين وخلق ومساكنهم وسخر لهم ما في السماوات وما في الارض. ثم ارسل اليهم رسله وانزل عليهم كتبه. وامرهم ونهاهم. واخبرهم ان هذه الدار دار اعمال وممر للعمال. لا دار اقامة لا يرحل عنها اهلها. وانهم سينتقلون منها الى دار الاقامة والقرار وموطن الخلود والدوام. وانما اعمالهم التي عملوها في هذه الدار. سيجدون ثوابها في تلك الدار كاملا موفرا قام تعالى الادلة الدالة على تلك الدار. واذاق العباد نموذجا من الثواب والعقاب العاجل. ليكون ادعى لهم الى طلب المحبوب. والهرب من المرهوب ولهذا قال هنا ما خلقنا السماوات والارض وما بينهما الا بالحق. اي لا عبثا ولا سدى بل يعرف العباد عظمة خالقهم ويستدل على كماله ويعلم ان الذي خلقهما على عظمهما قادر على ان يعيد العباد بعد موتهم للجزاء. وان خلقهما وبقاؤهما مقدر الى اجل مسمى. فلما اخبر بذلك وهو اصدق القائلين واقام الدليل وانار السبيل. اخبر مع ذلك ان طائفة من الخلق قد ابوا الا اعراضا عن الحق. وصدوفا عن دعوة الرسل. فقال واما الذين امنوا فلما علموا حقيقة الحال قبلوا وصايا ربهم وتلقوها بالقبول والتسليم وقابلوها بالانقياد والتعظيم. ففازوا بكل خير واندفع عنهم كل شر. قل ارأيتم ما تدعون من دون الله اتوني بكتاب من قبل اي قل لهؤلاء الذين اشركوا بالله اوثانا واندادا لا تملك نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا. قل لهم مبينا عجز اوثانهم وانها لا تستحق شيئا من العبادة. اروني ماذا خلقوا من الارض ام لهم شرك في السماوات هل خلقوا من اجرام السماوات والارض شيئا؟ هل خلقوا جبالا؟ هل اجروا انهارا؟ هل نشروا حيوان هل انبتوا اشجارا؟ هل كان منهم معاونة على خلق شيء من ذلك؟ لا شيء من ذلك باقرارهم بانفسهم فضلا عن غيره فهذا دليل عقلي قاطع على ان كل من سوى الله فعبادته باطلة. ثم ذكر انتفاء الدليل النقلي فقال ائتوني بكتاب من قبل هذا هذا الكتاب يدعو الى الشرك او اثارة من علم موروث عن الرسل يأمر بذلك. من المعلوم انهم عاجزون ان يأتوا عن احد من الرسل بدليل يدل على ذلك بل نجزم ونتيقن ان جميع الرسل دعوا الى توحيد ربهم ونهوا عن الشرك به. وهي اعظم ما يؤثر عنهم من العلم قال تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. وكل رسول قال لقومه اعبدوا الله ما لكم من اله حيرة فعلم ان جدال المشركين في شركهم غير مستندين فيه على برهان ولا دليل. وانما اعتمدوا على ظنون كاذبة واراء ايه ده وعقول فاسدة يدلك على فسادها استقراء احوالهم وتتبع علومهم واعمالهم والنظر في حال من افنوا اعمارهم هل افادهم شيئا في الدنيا او في الاخرة؟ ولهذا قال تعالى لا يستجيب له الى يوم القيامة وهم عن دعاءهم غافلون. واذا حشر الناس كانوا لهم اعداء. وكانوا بعبادتهم كافرين. ومن اضل من من يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة. اي مدة مقامه في الدنيا لا ينتفع به بمثقال ذرة لا يسمعون منهم دعاء ولا يجيبون لهم نداء. هذا حالهم في الدنيا ويوم القيامة يكفرون بشركهم. واذا حشر الناس كانوا لهم اعداء يلعن بعضهم بعضا. ويتبرأ بعضهم من بعض. واذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين اي واذا تتلى على المكذبين اياتنا بينات بحيث تكون على وجه الله يمطرى بها ولا يشك في وقوعها وحقها لم تفدهم من المنافاة والمخالفة اعظم مما بين السماء والارض. وكيف يقاس الحق الذي علا وارتفع ارتفاعا على الافلاك وفاق بضوئه ونوره نور الشمس وقامت الادلة الافقية والنفسية عليه. واقرت به واذعنت اولو البصائر والعقول الرزينة. بالباطل الذي هو السحر الذي لا يصدر الا من ضال ظالم خبيث النفس خبيث العمل. فهو مناسب له وموافق لحاله. وهل هذا الا من البهرجة هو اعلم بما تفيض هنا في كفى به شهيدا بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم. ان يقولون افتراه اي ترى محمد هذا القرآن من عند نفسه فليس هو من عند الله. قل لهم ان افتريته فالله علي قادر وبما تفيضون فيه في عالم فكيف لم يعاقبني على افتراء الذي زعمتم؟ فهل تملكون لي من الله شيئا ان ارادني الله بضر او ارادني برحمة كفى به شهيدا بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم. كفى به شهيدا بيني وبينكم. فلو كنت اولا عليه لاخذ مني باليمين ولعاقبني عقابا يراه كل احد. لان هذا اعظم انواع الافتراء لو كنت متقولا. ثم دعاهم الى التوبة مع ما صدر منهم من معاندة الحق ومخاصمته. فقال اي فتوبوا اليه واقلعوا اما انتم فيه يغفر لكم ذنوبكم ويرحمكم فيوفقكم للخير ويثيبكم جزيل الاجر ان اتبع الا ما يوحى الي وما انا الا نذير قل ما كنت بدعا من الرسل اي لست باول رسول جاءكم حتى تستغربوا رسالتي وتستنكروا دعوتي فقد تقدم من الرسل والانبياء من وافقت دعوتي دعوتهم. فلاي شيء تنكر رسالتي؟ وما ادري ما يفعل بي ولا بكم. اي لست الا ليس بيدي من الامر شيء. والله تعالى هو المتصرف بي وبكم. الحاكم علي وعليكم. ولست الاتي بالشيء من عندي فان قبلتم رسالتي واجبتم دعوتي فهو حظكم ونصيبكم في الدنيا والاخرة. وان رددتم ذلك علي فحسابكم على الله وقد انذرت ومن انذر فقد اعذر ان الله لا يهدي القوم الظالمين. اي اخبروني لو كان هذا القرآن من عند الله وشهد على صحته الموفقون من اهل الكتاب. الذين عندهم من الحق ما يعرفون انه الحق. فامنوا به واهتدوا. فتطابقت انباء الانبياء واتباعهم النبلاء. واستكبرتم ايها الجهلاء فهل هذا الا اعظم الظلم واشد الكفر؟ ان الله لا يهدي القوم الظالمين ومن الظلم الاستكبار عن الحق بعد التمكن منه واذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا افك قليل ينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين. اي قال الكفار بالحق معاندين له ورادين لدعوته. لو كان كان خيرا ما سبقونا اليه اي ما سبقنا اليه المؤمنون. اي لكنا اول مبادر به وسابق اليه. وهذا من البهرجة في مكان. فاي دليل يدل على ان علامة الحق سبق المكذبين به للمؤمنين. هل هم ازكى نفوسا ام اكملوا عقولا ام الهدى بايديهم ولكن هذا الكلام الذي صدر منهم يعزون به انفسهم بمنزلة من لم يقدر على الشيء ثم طفق يذمه. ولهذا قال اذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا افك قديم. اي هذا السبب الذي دعاهم اليه انهم لما لم يهتدوا بهذا القرآن وفاتهم اعظم المواهب واجل الرغائب. قدحوا فيه بانه كذب. وهو الحق الذي لا شك فيه ولا امتراء يعتريه الذي قد وافق الكتب السماوية خصوصا اكملها وافضلها بعد القرآن. وهي التوراة التي انزلها الله على موسى اماما ورحمة ان يقتدي بها بنو اسرائيل ويهتدون بها فيحصل لهم خير الدنيا والاخرة لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين. وهذا القرآن كتاب مصدق للكتب السابقة شهد بصدقها وصدقها بموافقته لها. وجعله الله لسانا عربيا ليسهل تناول ويتيسر تذكره لينذر الذين ظلموا انفسهم بالكفر والفسوق والعصيان ان استمروا على ظلمهم بالعذاب الوبيل ويبشر المحسنين في عبادة الخالق وفي نفع المخلوقين بالثواب الجزيل في الدنيا والاخرة وبذكر الاعمال التي ينذر عنها والاعمال التي يبشر بها