اعمالهم وهم لا يزاد في سيئاتهم ولا ينقص من حسناتهم الدنيا واستمتعتم بها. فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الارض يذكر تعالى حال الكفار عند عرضهم على النار بما كانوا يعملون من الايمان بالله. المقتضي للاعمال الصالحة التي استقاموا عليها حتى اذا بلغ اشده وبلغ اربعين سنة فتن قال رب اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي اي ان الذين اقروا بربهم وشهدوا له بالوحدانية. والتزموا طاعته وداموا على ذلك. واستقاموا مدة حياتهم فلا خوف عليه من كل شر امامهم. ولا هم يحزنون على ما خلفوا وراءهم. اولئك اصحاب الجنة اولئك اصحاب الجنة اي اهلها الملازمون لها الذين لا يبغون عنها حولا ولا يريدون بها بدلا. خالدين فيها جزاء بما كانوا اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي وان اعمل صالحا ترضى اه واصلح لي في ذريتي اني تبت اليك واني من المسلمين. هذا من من لطفه تعالى بعباده وشكره للوالدين. ان وصى الاولاد وعهد اليهم ان يحسنوا الى والديهم بالقول اللطيف. والكلام اللين بذل المال والنفقة وغير ذلك من وجوه الاحسان. ثم نبه على ذكر السبب الموجب لذلك. فذكر ما تحملته الام من ولدها. وما قاسته من من المكاره وقت حملها ثم مشقة ولادتها المشقة الكبيرة ثم مشقة الرضاع وخدمة الحضانة وليست المذكورات مدة ساعة او ساعتين وانما ذلك مدة طويلة. قدرها ثلاثون شهرا. للحمل تسعة اشهر ونحوها. والباقي للرضاع هذا الغالب ويستدل بهذه الاية مع قوله والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين ان اقل مدة الرضاع ستة اشهر لان مدة الرضاع وهي سنتان اذا سقطت من الثلاثين شهرا بقي ستة اشهر مدة للحمل ابلغ شده وبلغ اربعين سنة قال رب اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي حتى اذا بلغ اشده. اي نهاية قوته وشبابه وكمال عقله. وبلغ اربعين سنة. قال ربي اوزعني اي الهمني ووفقني. ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي. اي نعم الدين ونعم وشكره بصرف النعم في طاعة مسديها وموليها. ومقابلته منته بالاعتراف والعجز عن الشكر. والاجتهاد في الثناء بها على الله والنعم على الوالدين نعم على اولادهم وذريتهم. لانهم لابد ان ينالهم منها ومن اسبابها واثارها. خصوصا نعم الدين ان صلاح الوالدين بالعلم والعمل من اعظم الاسباب لصلاح اولادهم. بان يكون جامعا لما يصلحه سالما مما يفسده. فهذا العمل الذي يرضاه الله ويقبله. ويثيب عليه واصلح لي في ذريتي لما دعا لنفسه بالصلاح تعالوا ذريته ان يصلح الله احوالهم. وذكر ان صلاحهم يعود نفعه على والديهم. لقوله واصلح لي اليك واني من المسلمين. اني تبت اليك من الذنوب والمعاصي. ورجعت الى طاعتك. واني من المسلمين لمين؟ اولئك الذين نتقبل عنهم احسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم ونتجاوز عن سيئاتهم في اصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون اولئك الذين ذكرت اوصافهم الذين نتقبل عنهم احسن ما عملوا. وهو الطاعات. لانهم يعملون ايضا غيرها نتجاوز عن سيئاتهم في جملة اصحاب الجنة فحصل لهم الخير والمحبوب وزال عنهم الشر والمكروه. وعد الصدق وعد الصدق الذي كانوا يوعدون. اي هذا الوعد الذي وعدناهم هو وعد صادق من اصدق القائلين الذي لا يخلف الميعاد. والذي قال لوالديه اف لك ما اتعدانني ان اخرج وقد خلت من القرون من قبلي وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله يستغيثان الله ويلك آمن ان وعد الله حق. فيقول ما هذا الا اساطير الاولين لما ذكر تعالى حال الصالح البادر لوالديه. ذكر حال العاق وانها شر الحالات. فقال والذي قال لوالديه اذ دعواه الى الايمان بالله واليوم الاخر. وخوفاه الجزاء. وهذا اعظم احسان يصدر من الوالدين لولدهما. ان يدعواه الى ما في فيه سعادته الابدية وفلاحه السرمدي. فقابلهما باقبح مقابلة. فقال اف لك ما اي تبا لك ما جئتما به ثم ذكر وجه استبعاده وانكاره لذلك فقال اتعدانني ان اخرج من قبري الى يوم القيامة؟ وقد خلت القرون من قبلي على تكذيب وسلفه على الكفر وهم الائمة المقتدى بهم لكل كفور وجهول ومعاند. وهما يستغيثا ويلك امن وهما اي والداه يستغيثان الله عليه ويقولان له ويلك امن. اي يبذلان غاية جهدهما ويسعيان في هدايته اشد السعي. حتى انهما من حرصهما عليه. انهما يستغيثان الله استغاثة الغريق يسألانه سؤال الشريق ويعدلان ولدهما ويتوجعان له ويبينان له الحق فيقولان ثم يقيمان عليه من الادلة ما امكنهما. وولدهما لا يزداد الا عتوا ونفورا. واستكبارا عن الحق وقدحا فيه فيقول ما هذا الا اساطير الاولين. اي الا من قول من كتب المتقدمين. ليس من عند الله ولا اوحاه الله الى رسوله وكل احد يعلم ان محمدا صلى الله عليه وسلم امي لا يكتب ولا يقرأ ولا تعلم من احد فمن اين يتعلمه؟ وان للخلق ان يأتوا بمثل هذا القرآن ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا. اولئك الذين اولئك الذين بهذه الحالة الذميمة حق عليهم القول اي حقت عليهم كلمة العذاب في جملة امم قد خلت من قبلهم من الجن والانس على الكفر والتكذيب فسيدخل هؤلاء في غمارهم وسيغرقون في تيارهم خاسرين. والخسران فوت رأس مال الانسان. واذا فقد رأس ما له فالارباح من باب اولى واحرى. فهم قد فاتهم الايمان ولم يحصلوا على شيء من النعيم ولا سلموا من عذاب الجحيم اعمالهم وهم لا يظلمون ولكل من اهل الخير واهل الشر درجات مما عملوا اي كل على حسب مرتبته من الخير والشر. ومنازلهم في الدار الاخرة على قدر اعمالهم. ولهذا قال حين يوبخون ويقرعون فيقال لهم اذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا حيث اطمأننتم الى الدنيا واغتررتم بلذاتها ورضيتم بشهواتها والهتكم طيباتها عن السعي لاخرتكم وتمتعتم تمتع الانعام السارحة فهي حظكم من فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الارض بغير الحق وبما فاليوم تجزون عذاب الهون. اي العذاب الشديد الذي يهينكم ويفضحكم بما كنتم تقولون على الله غير الحق. اي تنسبون الطريق الضالة التي انتم عليها الى الله والى حكمه. وانتم كذبة في ذلك اكنتم تفسقون. اي تتكبرون عن طاعته. فجمعوا بين قول الباطل والعمل بالباطل. والكذب على الله بنسبته الى رضاه والقدح في الحق والاستكبار عنه. فعوقبوا اشد العقوبة. واذكر اخاذ حذر قومه بالاحقاف اعبدوا ان الله اني اخاف عليكم عذاب يوم عظيم. اي واذكر بالثناء الجميل اخا عاد وهو هود عليه السلام حيث كان من الرسل الكرام الذين فضلهم الله تعالى بالدعوة الى دينه وارشاد الخلق اليه. اذ انذر قومه وهم عاد بالاحقاف اي في منازلهم المعروفة بالاحقاف وهي الرمال الكثيرة في ارض اليمن. وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه لم يكن بدعا منهم ولا مخالفا لهم قائلا لهم عذاب يوم عظيم فامرهم بعبادة الله الجامعة بكل قول سديد وعمل حميد. ونهاهم عن الشرك والتنديد. وخوفهم ان لم يطيعوه عذاب الشديد فلم تفد فيهم تلك الدعوة قالوا اجئتنا لتأفكنا عن الهتنا فاتنا بما تعدنا من الصادقين. قالوا اجئتنا لتأفكنا عن الهتنا. اي ليس لك من القصد. ولا معك من الحق الا انك حسدتنا على الهتنا فاردت ان تصرفنا عنها. وهذا غاية الجهل والعناد قال انما العلم عند الله ابلغكم ما ارسلت به ولكني اراكم قوما تجهلون قال انما العلم عند الله فهو الذي بيده ازمة الامور ومقاليدها. وهو الذي يأتيكم بالعذاب ان شاء. وابلغكم ما ارسلت به اي ليس علي الا البلاغ المبين. ولكني اراكم قوما تجهلون. فلذلك صدر منكم ما صدر من هذه الجرأة الشديدة. فارسل صلى الله عليهم العذاب العظيم. وهي الريح التي دمرتهم واهلكتهم. ولهذا قال قالوا هذا عارض فيه ريح فيها عذاب اليم. ريح فيها عذاب اليم. فلما رأوه اي العذاب عارضا مستقبل اوديتهم اي معترضا كالسحاب. قد اقبل على اوديتهم التي تسيل. فتسقي نوابتهم ويشربون من ابارها وغدرانها قالوا مستبشرين هذا عارض ممطرنا اي هذا السحاب سيمطرنا. قال تعالى بل هو ما استعجلتم به اي هذا الذي جنيتم به على انفسكم حيث قلتم فاتنا بما تعدنا ان كنت من الصادقين كذلك نجزي القوم المجرمين تدمر كل شيء تمر عليه من شدتها ونحسها فسلطها الله عليهم سبع ليال وثمانية ايام حسوما. فترى القوم فيها صرعى كانهم اعجاز كاز نخل خاوية بامر ربها اي باذنه ومشيئته. فاصبحوا لا يرى الا بساكنهم. قد تلفت مواشيهم اموالهم وانفسهم بسبب جرمهم وظلمهم هذا مع ان الله تعالى قد ادرهم عليهم النعم العظيمة. فلم يشكروه ولا ذكروه. ولهذا قال وجعلنا لهم سمعا وابصارا وافئدة. فما اغنى عنهم سمعهم ولا ابصارهم ولا افئدتهم من اي اذ كانوا يجحدون بايات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون. ولقد مكناهم هم فيما ان مكناكم فيه اي مكناهم في الارض يتناولون طيباتها ويتمتعون بشهواتها وعمرناهم عمرا يتذكر فيهما من تذكر ويتعظ فيه المهتدي اي ولقد مكنا عادا كما مكناكم يا هؤلاء المخاطبون اي فلا تحسبوا ان ما مكناكم فيه بكم وانه سيدفع عنكم من عذاب الله شيئا بل غيركم اعظم منكم تمكينا فلم تغني عنهم اموالهم ولا اولادهم ولا جنود من الله شيئا. وجعلنا لهم سمعا وابصارا وافئدة. اي لا قصور في سمعهم ولا ابصارهم ولا اذهانهم. حتى يقالوا انهم تركوا حق جهلا منهم وعدم تمكن من العلم به ولا خلل في عقولهم ولكن التوفيق بيد الله وذلك بسبب انهم يجحدون بايات الله الدالة على توحيده وافراده بالعبادة اذ كانوا يجحدون بايات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون. اي نزل بهم العذاب الذي يكذبون بوقوعه ويستهزئون بالرسل الذين حذروهم منه