المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفصل الثاني والثلاثون في الوسائل الى اهم المقاصد. قد جعل الله لكل مطلوب طريقا وسببا. متى سلكه العبد اوصله باذنه الله ومشيئته الى ذلك المطلوب. وبهذا يعلم افتقار الانسان الى معرفة الاسباب والوقوف عليها. ثم يستعين الله على سلوكها ليتم له مطلوب. فمتى بذل المجهود واستعان بالمعبود واتى بالامور من ابوابها افلح وانجح. والخلل والنقص ياتي من فوات هذه الامور بثلاثة او احدها الايمان بالله حقيقة والتقوى. جعل الله هذين الامرين سببين وطريقين تنال بهما خيرات الدنيا والاخرة ويعصمان من شرورهما ومن كل مكروه. وكم لهذين الامرين من الثمرات والفوائد. والنتائج الطيبة التي لا تعد ولا تحصى. ومن تدبر الكتاب والسنة رأى الشارع رتب عليها امورا كثيرة وخيرات غزيرة ورتب على فقدهما ضد ذلك. حسن السؤال وحسن الاصغاء والتفكر وكثرة التأمل مفاتيح للعلوم كلها. السعي في طلب الرزق في السبب المناسب لحال العبد مع الاتكال على الله والثقة به سبب اصول الرزق وبركته. الالحاح في الدعاء كل وقت مع قوة الرجاء سبب لحصول مطالب الدنيا والاخرة. الجزاء من جنس العمل. فمن احسن الى عباد الله احسن الله اليه. ومن كان في حاجة اخيه كان الله في حاجته. ومن نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والاخرة. ومن شاق شاق الله به. ومن ضار ضار الله به. ومن تفرغ لعيوب الناس تفرغ الناس لعيوبه. ومن يستعفف يعفه الله. ومن يستغني يغنه الله. ومن يتصبر يصبره الله. ومن قوي توكله على الله كفاه امر دينه ودنياه. ومن توكل على نفسه او على غيره وكلاه الله الى ما توكل عليه. وخذله ولم يتم له ومطلوبه ومن نوى الخير والنصيحة للخلق يسر الله امره واثابه بالجزاء الجزيل. ومن نوى الشر والغش للخلق تعسرت عليه اموره وجوزي بالعقاب الوبيل. التواضع وحسن الخلق ينالان بالرغبة في مكارم الاخلاق. ومعرفة ما لها من الثمرات الجليلة. ومعرفة نفسي ومجاهدتها وتمرينها على ذلك يدرك به كل خلق جميل. كما ان اعجاب الانسان بنفسه وسكر الرياسة والحمق جالبان لسوء الخلق. المثابرة على الاعمال والصبر عليها. والثبات وعدم اليأس اسباب لحصول نتائج الاعمال وثمراتها. وضد ذلك سبب للخيبة. توطين النفس على الواردات الكريهة سبب لسهولتها وعدم الانزعاج لوقوعها. ومن القواعد الاساسية قول الشاعر وقل من جد في امر تطلبه واستصحب الصبر الا فاز بالظفر. تعلق القلب بالله وحده واللهج بذكره والقناعة اسباب لنزوم همومي والغموم وانشراح الصدر والحياة الطيبة والضد بالضد فلا اضيق صدرا واكثرهما ممن تعلق قلبه بغير الله. ونسي ذكر والله ولم يقنع بما اتاه الله والتجربة اكبر شاهد. حسن النية والاخلاص لله سبب لتيسير الامور ونجاح الاعمال وكثرة فوائدها وثمراتها والضد بالضد. الدعوة بالحكمة والتربية بالحكمة والتعلم بالحكمة سبب للنجاح. ومعنى الحكمة وضع الاشياء مواضعها وتنزيل الامور منازلها واتيان الامور من ابوابها وطرقها ودعوة كل احد بما يليق به ويناسب حاله وتعليمه ما يستطيع فهمه ويتحمله ذهنه وتربيته بالتدريج بالاسهل فالاسهل والتوفيق بيد الله. بالصبر واليقين تنال الامامة في الدين. فان ان اليقين يبصر العبد في عقائده واخلاقه واعماله. والصبر يحمله على السعي والعمل والجد والاجتهاد في الامور النافعة. وبهما الكمال والنقص من فقد الصنفين او احدهما الشكر مقرون بالمزيد وسبب بقاء النعم وبركتها ونموها. وهو الاعتراف بنعم المولى والثناء عليه بها والاستعانة بها على طاعته وضد ذلك بضده. اكبر الاسباب للاهتداء بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الكتاب سنة والوصول الى الحق في جميع الحقائق والمطالب العالية. العلم اليقيني ان النبي صلى الله عليه وسلم هو الغاية في العلم والنصح والبيان ان فهو اعلم الخلق على الاطلاق وانصحهم للخلق واعظمهم بيانا للحق. ومتى علم المنصف كمال الرسول في هذه الامور علم ان كل ما جاء به هو الحق وان كل ما خالف ذلك فهو باطل بلا ريب. يعلم ذلك بهذا الاصل الكبير. الذي لا يسع مؤمنا الا به ثم يعرف بطلانه بتصوره والادلة الدالة على بطلانه فانه محال ان يكون الحق في غير ما جاء به الرسول. وهذا يتضح بتتبع لذلك في اصول الدين وفروعه. وقد بين اهل العلم ذلك غاية البيان. اقوى الاسباب للسلامة من كيد الشيطان وطرقه قوة الايمان بالله. وقوة التوكل على الله وكثرة ذكر الله والاستعانة بالله منه والابتعاد عن جميع اسباب المعاصي والمبادرة للتوبة النصوح اذا وقع منه كي اسباب صحة الابدان تدبير الاغذية بان لا يأكل مضرا بل يأكل المناسب له بقصد بغير اسراف وبغير ادخال طعام اخر ترى قبل انهضامه والحمية عن جميع المؤذيات الداخلية والخارجية والابتعاد عن اسباب الهم والغم ومعالجة الواقع منها. والابتعاد عن الخبيثة وتنظيف البدن من الاوساخ والمسكن العدي والهواء الطري والرياضة كما تقدم شرحها. والسعي في الاسباب الجالبة بالحياة الطيبة وسعة الصدر. واستعمال الادوية عند الضرورة. واما دوام استعمالها ولو لاقل سبب فانه ينفع من جهة ويضر من جهة اخرى وقد يكون الضرر اكثر فينبغي ان يجعل الدواء بمنزلة الامور الضرورية. ومن اسباب تحكم الالام ووقوع الاسقام كثرة الاوهام وضعف القلب كما ان قوة القلب والطمع في فضل الله والتوكل عليه في رفع النازل من البلاء ودفع ما لم ينزل سبب قوي جدا في الصحة ودفع المؤذيات. اعظم الاسباب لنيل مغفرة الله ورحمته. الايمان والتوبة والاعمال الصالحة. والاحسان في عبادة الله والاحسان الى الخلق والعفو عن الناس وجماع ذلك كله طاعة الله ورسوله. قال تعالى واطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون. شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم تنال بكمال الاخلاص لله. وبكثرة الصلاة والسلام عليه وبحسب اتباعه في اقواله وافعاله وهديه وبمحبته وتوقيره صلى الله عليه وسلم. وتقديم طاعته على طاعة كل احد من الخلق باب قبول الاعمال كثيرة وكلها ترجع الى شيئين. الاخلاص لله والاتباع لرسول الله. فكل من كان اقوى اخلاصا واحسن كان اعظم قبولا واكثر مضاعفة واجل ثوابا واجرا. الصبر والثبات والمشاورة والتوكل اكبر الاسباب لحصول النصر على الاعداء لا سيما اذا انضم ذلك الى القوة المادية والاستعداد بعلوم الحرب وفنونه كما ذكر الله هذه الاسباب كلها في سورة الانفال الصدق يهدي الى البر والبر يهدي الى الجنة والصدق في المعاملات تقترن به البركة ويقارنه الشرف والاعتذار. وضد ذلك بضد الكسل مفتاح الحرمان والكبر مفتاح كل شر. الشح والحرص مفتاح البخل وقطيعة الرحم. والسماحة مفتاح لكل خير وسبب لكثرة الخير والفضائل وخصوصا اذا انضم اليها الصبر. فالصبر والسماحة اثارهما جليلة وثمراتهما جميلة. ومن ذلك ان اكبر الاسباب وانفعها واقربها لحصول المقاصد النافعة. وينبغي ان تفرد بفصل فنقول