المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الرابع والثلاثون والثلاثمائة الحديث الرابع عن انس بن مالك رضي الله عنه ان جارية وجد رأسها مردودا بين حجرين فقيل من فعل هذا بك فلان فلان حتى ذكر يهودي فاومئت برأسها فاخذ اليهودي فاعترف فامر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يرد رأسه بين حجرين ولمسلم والنسائي ان يهوديا قتل جارية على اوضاح فاقاده بها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث انس رضي الله عنه ان جارية وجد رأسها مربوطا بين حجرين اي وكان بها رمق ولكنها لا تقدر على الكلام فقيل من فعل بك هذا فلان فلان اي عدوا من اتهموه في ذلك حتى ذكر يهودي فأومأت برأسها اي اشارت اليهم النعم فاخذ اليهودي فاعترف اي قرر حتى اقر فامر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يرد رأسه بين حجرين اي جزاء له بما فعل وفي الرواية الاخرى قتل جارية على اوضاح وهي القلادة فيها الخرز مفصلة بالفضة اي انه قتلها لاجل هذه القلادة ففي هذا الحديث فوائد عديدة منها انه يقتل الذكر بالانثى. وقد تقدم الجواب عن قوله والانثى بالانثى من ثلاثة اوجه احدها ان المفهوم لا عموم له الثاني ان عموم قوله النفس بالنفس مقدم على مفهوم قوله والانثى بالانثى الثالث ان هذا الحديث صريح في قتل الذكر بالانثى فان قيل انما قتله لانه انتقض عهده بقتل الجارية فليس القتل قصاصا فالجواب ان هذا مردود بصريح قوله فاقاده وبانه رب رأسه ولو كان الانتقاض عهده لقتله بالسيف ومن فوائد هذا الحديث انه يقتل القاتل بما قتل وقد اختلف العلماء في هذه المسألة فمذهب احمد انه يقتل بالسيف مطلقا سواء قتله به او القاه من شاهق فمات او القاه في نار او رأسه فمات استدلالا بقوله عليه السلام واذا قتلتم فاحسنوا القتلة والوجه الثاني في المذهب انه يفعل به كما فعل فلو رض رأسه رد رأسه ولو القاه من شاهق القي منه ولو القاه في نار القي في النار واستدلوا بهذا الحديث فان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم رد رأس اليهودي كما فعل هو بالجارية ولان معنى القصاص لا يفهم منه الا هذا فانه كما قالوا من قص الاثر ومعناه الاتباع فهو ان يفعل بالجاني كما فعل وليس من العدل ان يقتل بالسيف ويراح بذلك وقد عذب المقتول بالنار او بالقتل الشنيع مع ان من فوائد القصاص اظهار عدل الله تعالى وايضا فانه اذا فعل به كما فعل كان ابلغ في الردع عن هذا الفعل واجابوا عن استدلالهم بقوله واذا قتلتم فاحسنوا القتلة بان الامر باحسان القتل في الحدود ونحوها من الاشياء التي توجب القتل واما القصاص فلا يدخل في هذا لفعله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ولمعنى القصاص ولقوله وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولا شك ان هذا اصح من الاول فان فعل به كما فعل ولم يمت اعيد حتى يموت فلو القاه من شاهق مثلا فمات القي هو من الشاهق فان لم يمت القي ثانيا وهكذا حتى يموت ومنها انه يعمل بقول المدعي في مثل هذه الحالة التي يغلب على الظن ثبوته فيها ويعمل بقوله من جهة ثبوت الشبهة ولا يعمل به مطلقا فيثبت ذلك تقريره وحبسه وتعزيره فان اقر ثبت الحق كله باقراره والا لم يثبت وهكذا كل امر فيه شبهة كما دفع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كنانة ابن الربيع الى الزبير لما كتم ما لبن النضير وذلك انه لما فتح خيبر وسأله عن المسك الذي فيه مال حيي ابن اخطب فقال اذهبته النفقات فقال المال كثير والعهد قريب وامره ان يمسه بشيء من العذاب حتى اقر