وهو الجهاد في سبيل الله. فقال ولنبلونكم اي نختبر ايمانكم وصبركم فمن امتثل امر الله وجاهد في سبيل الله لنصر دينه واعلاء كلمته فهو المؤمن حقا. ومن تكاسل عن ذلك كان ذلك نقصا في ايمانه المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي يقول تعالى ام حسب الذين في قلوبهم مرض من شبهة او شهوة حيث تخرج القلب عن حال صحته واعتداله ان الله لا يخرج ما في قلوبهم من الاضغان والعداوة للاسلام واهله. هذا ظن لا يليق بحكمة الله فانه لا بد ان يميز الصادق من الكاذب وذلك بالابتلاء بالمحن. التي من ثبت عليها ودام ايمانه فيها. فهو المؤمن حقيقة. ومن ردته على عقبيه فلم يصبر عليها وحين اتاه الامتحان جزع وضعف ايمانه وخرج ما في قلبه من الضغن وتبين نفاقه. هذا مقتضى الحكمة الالهية مع انه تعالى قال اي بعلاماتهم التي هي كالوسم في وجوههم. ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم اي لابد ان يظهر ما في قلوبهم ويتبين بفلتات السنتهم. فان الالسن مغارف القلوب يظهر منها ما في القلوب من الخير والشر. والله يعلم اعمالكم. فيجازيكم عليها. ثم ذكر اعظم امتحان يمتحن به عباده الله شيئا لن يضر الله شيئا وسيحبط اعمالهم. هذا وعيد شديد لمن جمع انواع الشرك السر كلها من الكفر بالله وصد الخلق عن سبيل الله الذي نصبه موصلا اليه. وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى اعاندوه وخالفوه عن عمد وعناد. لا عن جهل وغي وضلال فانهم لن يضروا الله شيئا. فلا ينقص به ملكه اي مساعيهم التي بذلوها في نصر الباطل. بالا تثمر لهم الا الخيبة والخسران واعمالهم التي يرجون بها الثواب. لا تقبل لعدم وجود شرطها اطيعوا الله واطيعوا الرسول ولا تبطلوا اعمالكم. يأمر تعالى المؤمنين بامر به تتم امورهم. وتحصل سعادتهم والدنيوية وهو طاعته وطاعة رسوله في اصول الدين وفروعه. والطاعة هي امتثال الاوامر واجتناب النهي على الوجه المأمور به بالاخلاص وتمام المتابعة. وقوله ولا تبطلوا اعمالكم. يشمل النهي عن ابطالها بعد عملها بما يفسدها من من بها واعجاب وفخر وسمعة ومن عمل بالمعاصي التي تطمحل معها الاعمال ويحبط اجرها ويشمل النهي عن افساد حال وقوعها بقطعها او الاتيان بمفسد من مفسداتها. فمبطلات الصلاة والصيام والحج ونحوها. كلها داخلة في هذا ومنهي عنها ويستدل الفقهاء بهذه الاية على تحريم قطع الفرض. وكراهة قطع النفل من غير موجب لذلك. واذا كان الله قد نهى عن ابطال الاعمال. فهو امر باصلاحها واكمالها واتمامها والاتيان بها على الوجه الذي تصلح به علما وعملا ان الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله هذه الاية والتي في البقرة قوله ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر. فاولئك حبطت اعمالهم في الدنيا والاخرة مقيدتان لكل نص مطلق. فيه احباط العمل بالكفر. فانه مقيد بالموت عليه. فقال هنا ان الذين كفروا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر. وصدوا الخلق عن سبيل الله بتزهيدهم اياهم بالحق. ودعوتهم الى الباطل وتزيينه ثم ماتوا وهم كفار لم يتوبوا منه. لا بشفاعة ولا بغيرها لانه قد تحتم عليهم العقاب وفاتهم الثواب. ووجب عليهم الخلود في النار. وسدت عليهم رحمة الرحيم الغفار. ومفهوم الاية الكريمة انهم ان تابوا من ذلك قبل موتهم فان الله يغفر لهم ويرحمهم ويدخلهم الجنة. ولو كانوا مفنين اعمارهم في الكفر به والصد عن سبيله. والاقدام على معصية فسبحان من فتح لعباده ابواب الرحمة ولم يغلقها عن احد ما دام حيا متمكنا من التوبة وسبحان الحليم الذي لا يعادل العاصين بالعقوبة بل يعافيهم ويرزقهم كانهم ما عصوه مع قدرته عليهم. ثم قال تعالى فلا فلا تهنوا اي لا عن قتال عدوكم ويستولي عليكم الخوف بل اصبروا واثبتوا ووطنوا انفسكم على القتال والجلاد طلبا لمرضاة ربكم ونصحا للاسلام واغضابا للشيطان. ولا تدعو الى المسألة والمتركة بينكم وبين اعدائكم. طلبا للراحة والحال ان ولن يتركم ان ينقصكم اعمالكم فهذه الامور الثلاثة كل منها مقتض للصبر وعدم الوهن. كونهم الاعلين اي قد توفرت لهم اسباب النصر ووعدوا من الله بالوعد الصادق فان الانسان لا يهن الا اذا كان اذل من غيره واضعف عددا وعددا. وقوة داخلية وخارجية. الثاني ان الله معهم فانهم مؤمنون. والله مع المؤمنين بالعون والنصر والتأييد. وذلك موجب لقوة قلوبهم واقدامهم على عدوهم الثالث ان الله لا ينقصهم من اعمالهم شيئا. بل سيوفيهم اجورهم ويزيدهم من فضله. خصوصا عبادة جهاد فان النفقة تضاعف فيه الى سبعمائة ضعف الى اضعاف كثيرة. وقال تعالى ذلك بانهم لا يصيبهم ظمأ ولا لا نصب ولا مخمصة في سبيل الله. ولا يطأون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو ميلا الا كتب لهم به عمل صالح الله لا يضيع اجر المحسنين. ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة. ولا يقطعون واديا الا كتب لهم. ليجزيهم الله احسن ما كانوا يعملون. فاذا عرف الانسان ان الله تعالى لا يضيع عمله وجهاده. اوجب له ذلك النشاط وبذل الجهد فيما يترتب عليه الاجر والثواب. فكيف اذا اجتمعت هذه الامور الثلاثة؟ فان ذلك يوجب النشاط التام. فهذا من ترغيب الله لعباده. وتنشيطهم تقوية انفسهم على ما فيه صلاحهم وفلاحهم. انما الحياة الدنيا لعب ولهو. وان تؤمنوا يؤتكم اجوركم ولا يسألكم اموالكم. هذا تزهيد منه لعباده في الحياة الدنيا. باخبارهم عن حقيقة امرها بانها لعب ولهو. لعب في الابدان ولهو في القلوب. فلا يزال العبد لاهيا في ماله واولاده وزينته ولذاته من النساء والمآكل والمشارب والمساكن والمجالس والمناظر والرياسات. لاعبا في كل عمل لا فائدة فيه. بل هو دائر بين البطالة والغفل والمعاصي حتى تستكمل دنياه. ويحضره اجله. فاذا هذه الامور قد ولت وفارقت. ولم يحصل العبد منها على طائل بل قد تبين له خسرانه وحرمانه وحضر عذابه فهذا موجب للعاقل الزهد فيها وعدم الرغبة فيها والاهتمام بشأنها وانما الذي ينبغي ان يهتم به ما ذكره بقوله. وان تؤمنوا وتتقوا بان تؤمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر تقوم بتقواه التي هي من لوازم الايمان ومقتضياته. وهي العمل بمرضاته على الدوام. مع ترك معاصيه. فهذا الذي ينفع العبد وهو الذي ينبغي ان يتنافس فيه. وتبذل الهمم والاعمال في طلبه. وهو مقصود الله من عباده رحمة بهم ولطفا. ليثيبهم الثواب الجزيل ولهذا قال وان تؤمنوا وتتقوا يؤتكم اجوركم ولا يسألكم اموالكم اي لا يريد تعالى ان يكلفكم ما يشق عليكم. ويعنتكم من اخذ اموالكم وبقائكم بلا مال. او ينقصكم نقصا يضركم. ولهذا قال اي ما في قلوبكم من الضغن اذا طلب منكم ما تكرهون وان تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم والدليل على ان الله لو طلب منكم اموالكم واحفاكم بسؤالها انكم تمتنعون منها انكم تدعون لتنفقوا في سبيل الله على هذا الوجه. الذي فيه مصلحتكم الدينية والدنيوية. فمنكم من يبخل اي كيف لو سألكم وطلب منكم اموالكم في غير امر ترونه مصلحة عاجلة؟ اليس من باب اولى واحرى؟ امتناعكم من ذلك ثم قال ومن يبخل فانما يبخل عن نفسه لانه حرم نفسه ثواب الله تعالى وفاته خير كثير ولن يضر الله بترك الانفاق شيئا فان الله هو الغني وانتم الفقراء. والله الغني وانتم الفقراء تحتاجون اليه في جميع اوقاتكم لجميع اموركم. وان تتولوا عن الايمان بالله وامتثال ما يأمركم به ثم لا يكونوا امثالكم في التولي بل يطيعون الله ورسوله ويحبون الله ورسوله. كما قال تعالى يا ايها الذين امنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه