المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي يقولون بالسنتهن ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا ان اراد بكم وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن ان السوء الكافرين سعيرا. يذم تعالى المتخلفين عن رسوله في الجهاد في سبيله. من الاعراب الذين ضعف ايمانهم. وكان في قلوبهم مرض وسوء ظن بالله تعالى وانهم سيعتذرون بان اموالهم واهليهم شغلتهم عن الخروج في الجهاد وانهم طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يستغفر لهم قال الله تعالى فان طلبهم استغفار من رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على ندمهم واقرارهم على انفسهم بالذنب وانهم تخلفوا تخلفا يحتاج الى توبة استغفار فلو كان هذا الذي في قلوبهم لكان استغفار الرسول نافعا لهم. لانهم قد تابوا وانابوا. ولكن الذي في قلوبهم انهم انما تخلفوا لانهم ظنوا بالله ظن السوء. فظنوا ان لن ينقلب الرسول والمؤمنون الى اهليهم ابدا. اي انهم يقتلون ويستأصلون ولم يزل هذا الظن يزين في قلوبهم ويطمئنون اليه حتى استحكم. وسبب ذلك امران. احدها انهم كانوا قوما بورا اي هلكى لا خير فيهم. فلو كان فيهم خير لم يكن هذا في قلوبهم. الثاني ضعف ايمانكم ويقينهم بوعد الله ونصر دينه واعلاء كلمته. ولهذا قال ان اعتدنا للكافرين سعيرا. ومن لم يؤمن بالله ورسوله اي فانه كافر مستحق للعذاب. فانا اعتدنا كافرين سعيرا يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان اي هو تعالى المنفرد بملك السماوات والارض يتصرف فيهما بما يشاء من الاحكام القدرية الاحكام الشرعية والاحكام الجزائية. ولهذا ذكر حكم الجزاء المرتب على الاحكام الشرعية. فقال يغفر لمن يشاء هو من قام بما امره الله به ويعذب من يشاء ممن تهاون بامر الله. اي وصفه اللازم الذي لا ينفك عنه المغفرة والرحمة. فلا يزال في جميع الاوقات يغفر للمذنبين. ويتجاوز عن الخطائين. ويتقبل توبة تائبين وينزل خيره المدرار اناء الليل والنهار خذوا هذا رونا نتبعكم يريدون ان يبدلوا كلام الله بل كانوا لا يفقهون الا قليلا. لما ذكر تعالى المخلفين وذمهم ترى ان من عقوبتهم الدنيوية ان رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه اذا انطلقوا الى غنائم لا قتال فيها ليأخذوها طلبوا منهم الصحبة والمشاركة. ويقولون ذرونا نتبعكم. يريدون بذلك ان يبدلوا كلام الله. حيث حكم بعقوبتهم قصاص الصحابة المؤمنين بتلك الغنائم شرعا وقدرا. قل لهم لن تتبعون كذلكم قال الله من قبل. انكم محرومون منها بما جنيتم على انفسكم وبما تركتم القتال اول مرة فسيقولون مجيبين لهذا الكلام الذي منعوا به عن الخروج بل تحسدوننا على الغنائم. هذا منتهى علمهم في هذا الموضع. ولو فهموا رشدهم لعلموا ان حرمانهم بسبب عصيانهم وان المعاصي لها عقوبات دنيوية ودينية. ولهذا قال قل للمخلفين من الاعراب ستدعون الى قوم اولي بأس شديد قاتلونهم او يسلمون لما ذكر تعالى ان المخلفين من الاعراب يتخلفون عن الجهاد في سبيله ويعتذرون بغير عذر وانهم يطلبون الخروج معهم اذا لم يكن شوكة ولا قتال بل لمجرد الغنيمة. قال تعالى ممتحنا لهم قل مخلفين من الاعراب ستدعون الى قوم اولي بأس شديد. اي سيدعوكم الرسول ومن ناب منابه من الخلفاء الراشدين والائمة وهؤلاء القوم فارس والروم ومن نحى نحوهم واشباههم تقاتلونهم او يسلمون اي اما هذا واما هذا وهذا الامر الواقع فانهم في حال قتالهم ومقاتلتهم لاولئك الاقوام. اذ كانت شدتهم وبأسهم معهم. فانهم في تلك الحال لا يقبلون ان يبذلوا الجزية بل اما ان يدخلوا في الاسلام واما ان يقاتلوا على ما هم عليه. فلما اثخنهم المسلمون وضعفوا وذلوا هب بأسهم فصاروا اما ان يسلموا واما ان يبذلوا الجزية. فان تطيعوا الداعي الى قتال هؤلاء يؤتيكم الله اجرا حسنا. وهو الاجر الذي رتبه الله ورسوله على الجهاد في سبيله وان تتولوا كما توليتم من قبل عن قتال من دعاكم الرسول الى وقتاله يعذبكم عذابا اليما. ودلت هذه الاية على فضيلة الخلفاء الراشدين. الداعين لجهاد اهل البأس من الناس. وان تجب طاعتهم في ذلك. ثم ذكر الاعذار التي يعذر بها العبد عن الخروج الى الجهاد. فقال آآ اي في التخلف عن الجهاد لعذرهم المانع ومن يطع الله ورسوله في امتثال امرهما واجتناب يدخله جنات تجري من تحتها الانهار. فيها ما تشتهيه الانفس وتلذ الاعين ومن يتولى عن طاعة الله ورسوله يعذبه عذابا اليما. فالسعادة كلها في طاعة الله والشقاوة في معصيته ومخالفته يخبر تعالى بفضله ورحمته برضاه عن المؤمنين اذ بايعون الرسول صلى الله عليه وسلم تلك المبايعة التي بيضت وجوههم واكتسبوا بها سعادة الدنيا والاخرة. وكان سبب هذه البيعة التي يقال لها بيعة الرضوان لرضى الله عن المؤمنين فيها. ويقال لها بيعة اهل الشجرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دار الكلام بينه وبين المشركين يوم الحديبية في شأن مجيئه. وانه لم يجيء لقتال احد وانما جاء زائرا هذا البيت معظما له فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان لمكة في ذلك. فجاء خبر غير صادق ان عثمان له المشركون. فجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم من معه من المؤمنين. وكانوا نحوا من الف وخمسمائة. فبايعوه تحت الشجرة الى قتال المشركين والا يفروا حتى يموتوا. فاخبر تعالى انه رضي عن المؤمنين في تلك الحال. التي هي من اكبر الطاعات واجل القربات فعلم ما في قلوبهم فانزل السكينة عليهم واثابهم فتحا قريبا. فعلم ما في قلوبهم من الايمان فانزل السكينة عليهم شكرا لهم على ما في قلوبهم زادهم هدى وعلم ما في قلوبهم من الجزع من تلك الشروط التي شرطها المشركون على رسوله فانزل عليهم السكينة تثبتهم وتطمئن بها قلوبهم واثابهم فتحا قريبا وهو فتح خيبر لم كرهوا سوى اهل الحديبية فاختصوا بخيبر وغنائمها. جزاء لهم وشكرا على ما فعلوه من طاعة الله تعالى والقيام بمرضاته ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما. ومغانم كثيرة يأخذونها اي له العزة والقدرة التي قهر بها الاشياء. فلو شاء لانتصر من الكفار في كل وقعة تكون بينهم وبين المؤمنين. ولكنه حكيم يبتلي بعضهم ببعض ويمتحن المؤمن بالكافر وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه فعجل لكم مستقيما. وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها. وهذا يشمل كل غنيمة غنمها المسلمين الى يوم القيامة. فعد لكم هذه اي غنيمة خيبر اي فلا تحسبوها وحدها بل ثم شيء كثير من الغنائم سيتبعها. واحمدوا الله اذ كف ايدي الناس القادرين على قتالكم الحريصين عليه عنكم فهي نعمة وتخفيف عنكم ولتكون هذه الغنيمة اية للمؤمنين يستدلون بها على خبر الله الصادق ووعدهم الحق وثوابه للمؤمنين. وان الذي قدرها سيقدر غيرها. ويهديكم بما يقيض لكم من الاسباب صراطا تقييم من العلم والايمان والعمل. واخرى لم تقدروا عليها قد احاط الله بها وكان الله على كل شيء واخرى اي وعدكم ايضا غنيمة اخرى لم تقدروا عليها وقت هذا الخطاب. قد احاط الله بها اي هو قادر عليها وتحت تدبيره وملكه. وقد وعدكموها فلا بد من وقوع ما وعد به. لكمال اقتدار الله تعالى لهذا قال