المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الثالث والاربعون والثلاثمائة الحديث الرابع عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال اتى رجل من المسلمين رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهو في المسجد فناداه فقال يا رسول الله اني زنيت فاعرض عنه فتنحى تلقاء وجهه فقال يا رسول الله اني زنيت فاعرض عنه حتى ثنى ذلك عليه اربع مرات فلما شهد على نفسه اربع شهادات دعاه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال ابك جنون قال لا قال فهل احسنت قال نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذهبوا به فارجموه قال ابن شهاب فاخبرني ابو سلمة بن عبدالرحمن انه سمع جابر بن عبدالله رضي الله عنهما يقول كنت فيمن رجمه فرجمناه بالمصلى فلما اذلقته الحجارة هرب فادركناه بالحرة فرجمناه رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي هريرة اتى رجل من المسلمين الى اخره وهو ماعز ابن مالك الاسلمي وقوله وهو في المسجد فناداه فقال يا رسول الله اني زنيت فاعرض عنه وليس هذا الاعراض لانه لا يثبت بالاقرار مرة بل لان هذا كلام لم يقله احد قبله فلم يحب ان يؤاخذه اول مرة فتنحى تلقاء وجهه فقال يا رسول الله اني زنيت فاعرض عنه حتى ثنى ذلك اي كرر اقراره اربع مرات فلما شهد على نفسه اربع شهادات دعاه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال ابيك جنون قال لا وفي بعض الروايات انه سأل قومه عنه فقالوا ليس في عقله خلل ففيه ان المجنون تسقط عنه التكاليف وقوله فقال هل احسنت قال نعم اي هل تزوجت والاحصان هو ان يتزوج حرة ويطأها فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذهبوا به فارجموه اي حتى يموت قال ابن شهاب فاخبرني ابو سلمة بن عبدالرحمن انه قال سمعت جابرا يقول كنت فيمن رجمه فرجمناه بالمصلى اي مصلى العيد فلما اذلقته الحجارة اي حمي عليه الرجم واشتد الم الحجارة عليه هرب بموجب الطبائع البشرية انها لا تصبر على المؤلم فادركناه بالحرة فرجمناه اي حتى مات رضي الله عنه وفي بعض الروايات ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم امر ان يستنكح اي لعله سكران فلا يثبت عليه الحد ففي هذا الحديث فوائد كثيرة منها ان الزنا يثبت بالاقرار كما يثبت بشهادة اربعة واولى واشترط بعضهم ان يقر اربعا والا يرجع عن اقراره حتى يتم عليه الحد لانه في هذا الحديث اقر اربعا وقال اخرون يكفي الاقرار مرة واحدة فيثبت عليه الحد بذلك استدلالا بما تقدم من قوله عليه السلام واغدو يا انيس لرجل من اسلم الى امرأة هذا فان اعترفت فارجمها ولم يشترط ان تقر اربع مرات ولو كان واجبا لذكره وظاهر الحال انها لم تقر الا مرة واحدة ولانه قد لا يمكن الاقرار الا مرة واحدة فكيف يعطل الحد حتى يقر اربعا وفصل بعضهم فقال ان كان لم يشتهر ولم يتهم قبل اقراره لم يثبت حتى يقر اربعا كما في قصة ماعز وان كان قد اشتهر واتهم بالفاحشة كفى اقراره مرة واحدة كما تقدم في قوله وغدو يا انيس الى امرأتي هذا فان اعترفت فارجمها وهذا التفصيل احسن الاقوال وهو الذي تجتمع فيه الاحاديث ومنها ان المجنون ليس بمكلف ولا تثبت عليه الحدود ومعنى قولنا لا يحد اي لا يحد الحد الذي قدر الله تعالى والا فيؤدب تأديبا يردعه وامثاله وتأديبه كتأديب البهائم وكل اقواله ليست معتبرة ومنها ان السكران لا تعتبر اقراراته كما ان جميع اقواله وعقوده لاغية على الصحيح فلا يثبت طلاقه ولا عتقه ولا اقراره بمال ولا غيره ولا هبته ولا رهنه ولا سائر تبرعاته وتصرفاته هذا الصحيح بلا شك ومن قال يقع طلاقه وبعض عقوده فليس معه دليل بل الدليل على خلاف ما قال وغاية ما يقولون يقع عليه عقوبة له الجواب عن هذا ان الله تعالى لم يوجب على السكران الا الحد فقط وايضا فان ضرر المرأة بايقاع الطلاق ابلغ من ضرر الرجل فكيف تعاقب ولم تفعل ذنبا فهذا قول ضعيف جدا ومنها انه يجب الاستفصال في مقام الاحتمال اذا كان الحكم يختلف كما تقدم هذا اذا كان الاحتمال قريبا واما اذا كان بعيدا جدا فلا يلزم الاستفصال عنه ومنها انه يسأل عن الانسان اذا اشتبه في امره من يتصل به كاقاربه واصدقائه ومنها انه يجب على المحصن الرجم وقد ورد ان من القرآن الذي نسخ لفظه وبقي حكمه اية الرجم وهي الشيخ والشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم والمراد بالشيخ المحصن والشيخة المحصنة وفي بعض روايات هذا الحديث انهم لما اخبروا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه هرب قال هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه ففيه انه اذا ثبت عليه الزنا بمجرد اقراره ولم يشتهر بالفاحشة ورجع عن اقراره قبل ان يتم عليه الحد فانه يترك ولو كان رجوعه بعدما ذاق الم الرجم واما اذا كان مشتهرا بذلك وثبت عليه الزنا بالشهود فيلزم اتمام الحد رجع او لم يرجع ومنها فضل ماعز رضي الله عنه فانه غضب على نفسه لله تعالى ورضي باتلافها غضبا لله ومنها انه يلزم الانسان ان يحذر من فعل الذنب فاذا غلبته نفسه وفعله وستر الله عليه فلا يفضح نفسه ويهتك ستر الله تعالى بل يتوب فيما بينه وبين الله تعالى