المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. يأمر تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم ان يذكر الناس مسلمهم وكافرهم. لتقوم حجة الله على الظالمين ويهتدي بتذكيره الموفقون انه لا يبالي بقول المشركين المكذبين واذيتهم. واقوالهم التي يصدون بها الناس عن اتباعه. مع علمهم انه ابعد الناس عنها ولهذا نفى عنه كل نقص رموه به. فقال فما انت بنعمة ربك اي منه ولطفه بكاه اي له رأي من الجن يأتيه باخبار بعض الغيوب التي يضم اليها مئة كذبة ولا مجنون فاقد للعقل. بل انت اكمل الناس عقلا وابعدهم عن الشرك الشياطين واعظمهم صدقا واجلهم واكملهم تارة يقولون فيه انه شاعر يقول الشعر. والذي جاء به شعر. والله يقول وما علمناه الشعر وما ينبغي له. نتربص به ريب المنون اي ننتظر به الموت فسيبطل امره ونستريح منه قل لهم جوابا لهذا الكلام السخيف. تربصوا اي انتظروا بي الموت فاني معكم من المتربصين. نتربص ان يصيبكم الله بعذاب من عنده او بايدينا اي اهذا التكذيب لك؟ والاقوال التي قالوها هل صدرت عن عقولهم واحلامهم؟ فبئس العقول والاحلام التي اثرت ما اثرت وصدر منها ما صدر. فان عقولا جعلت اكمل الخلق عقلا مجنونا. واصدق الصدق واحق الحق كذبا وباطلا. لهي العقول التي ينزه المجانين عنها. ام الذي حملهم على ذلك ظلمهم وطغيانهم؟ وهو الواقع. فالطغيان ليس له حد يقف عليه فلا يستغرب من الطاغي المتجاوز الحد كل قول وفعل صدر منه بل لا يؤمنون. ام يقولون تقولا اي تقول محمد القرآن. وقاله من تلقاء نفسه فلو امنوا لم يقولوا ما قالوا ان كانوا صادقين انه تقوله فانكم العرب الفصحاء والفحول البلغاء. وقد تحداكم ان تأتوا بمثله. فتصبح معارضتكم او تقروا بصدقه وانكم لو اجتمعتم انتم والانس والجن لم تقدروا على معارضته والاتيان بمثله. فحينئذ بين امرين اما مؤمنون به مهتدون بهديه واما معاندون متبعون لما علمتم من الباطل وهذا استدلال عليهم بامر لا يمكنهم فيه الا التسليم للحق. او الخروج عن موجب العقل والدين وبيان ذلك انهم منكرون لتوحيد الله مكذبون لرسوله. وذلك مستلزم لانكار ان الله خلقهم. وقد تقرر في عقلي مع الشرع ان الامور لا تخلو من احد ثلاثة امور. اما انهم خلقوا من غير شيء اي لا خالق خلقهم. بل وجدوا من غير ايجاد ولا موجد وهذا عين المحال. ام هم الخالقون لانفسهم؟ وهذا ايضا محال. فانه لا يتصور ان يوجدوا انفسهم فاذا بطل هذان الامران وبان استحالتهما تعين القسم الثالث ان الله الذي خلقهم. واذا تعين ذلك علم ان الله تعالى هو المعبود وحده. الذي لا تنبغي العبادة ولا تصلح الا له تعالى. وقوله ام خلقوا السماوات والارض وهذا استفهام يدل على تقرير النفي. اي ما خلقوا السماوات والارض فيكونون شركاء لله. وهذا امر واضح جدا. ولكن المكذبين لا يوقنون. اليس عندهم علم تام ويقين يوجب لهم الانتفاع بالادلة الشرعية والعقلية اي اعند هؤلاء المكذبين خزائن رحمة ربك؟ فيعطون من يشاؤون ويمنعون من يريدون. اي فلذلك حجروا على الله ليعطي النبوة عبده ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم. وكانهم الوكلاء المفوضون على خزائن رحمة الله. وهم احقر واذل من فليس في ايديهم لانفسهم نفع ولا ضر. ولا موت ولا حياة ولا نشور. اهم يقسمون رحمة ربك؟ نحن قسمنا بينهم معيشتهم هم في الحياة الدنيا. اي المتسلطون على خلق الله وملكه بالقهر والغلبة؟ ليس الامر كذلك بل هم العاجزون الفقراء ام لهم سلم يستمعون فيه؟ اي الهم اطلاع على الغيب واستماع له بين الملأ الاعلى؟ فيخبرون عن من امور لا يعلمها غيرهم. فليأتي مستمعهم المدعي لذلك بسلطان مبين وانى له ذلك؟ والله تعالى عالم الغيب والشهادة فلا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضى من رسول يخبره بما اراد من علمه. واذا كان محمد صلى الله عليه وسلم افضل الرسل واعلمهم وامامهم. وهو المخبر بما من توحيد الله ووعده ووعيده. وغير ذلك من اخباره الصادقة. والمكذبون هم اهل الجهل والضلال والغي والعناد. فاي المخبر احق بقبول خبره. خصوصا والرسول صلى الله عليه وسلم قد اقام من الادلة والبراهين على ما اخبر به. ما يوجب ان يكون خبره وعين اليقين واكمل الصدق. وهم لم يقيموا على ما ادعوه شبهة. فضلا عن اقامة حجة. وقوله البنات ولكم البنون. ام له البنات كما زعمتم ولكم البنون فتجمعون بين المحذورين. جعلكم له الولد واختيار له انقص الصنفين. فهل بعد هذا التنقص لرب العالمين غاية او دونه نهاية ام تسألهم يا ايها الرسول اجرا على تبليغ الرسالة؟ فهم من مغرم مختقلون ليس الامر كذلك بل انت الحريص على تعليمهم تبرعا من غير شيء. بل تبذل لهم الاموال الجزيلة على قبول رسالتك والاستجابة لامرك ودعوتك وتعطي المؤلفة قلوبهم ليتمكن العلم والايمان من قلوبهم فهم يكتبون ما كانوا يعلمونه من الغيوب. فيكونون قد اطلعوا على ما لم يطلع عليه رسول الله. فعارضوه وعاندوه بما عندهم من علم الغيب وقد علم انهم الامة الامية الجهال الضالون ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي عنده من العلم اعظم من وانبأه الله من علم الغيب على ما لم يطلع عليه احدا من الخلق. وهذا كله الزام لهم بالطرق العقلية والنقلية على فساد قولهم وتصوير بطلانه باحسن الطرق واوضحها واسلمها من الاعتراض. وقوله ام يريدون بقدحهم فيك وفيما جئتهم به؟ كيدا يبطلون به دينك ويفسدون به فالذين كفروا هم المكيدون. اي كيدهم في نحورهم ومضرته عائدة اليهم. وقد فعل الله ذلك ولله الحمد فلم يبق الكفار من مقدورهم من المكر شيئا الا فعلوه. فنصر الله نبيه ودينه عليهم. وخذلهم وانتصر منهم ام لهم اله غير الله سبحان الله عما يشركون ام لهم اله غير الله؟ اي الهم اله يدعى ويرجى نفعه؟ ويخاف من ضره غير الله تعالى انا يشركون. فليس له شريك في الملك ولا شريك في الوحدانية والعبادة. وهذا هو المقصود من الكلام الذي سيق لاجله وهو بطلان عبادة ما سوى الله. وبيان فسادها بتلك الادلة القاطعة. وان ما عليه المشركون هو الباطل. وان الذي ينبغي ان يعبد ويصلى له هو يسجد ويخلص له دعاء العبادة ودعاء المسألة هو الله المألوه المعبود. كامل الاسماء والصفات كثير النعوت الحسنة والافعال الجميلة ذو الجلال والاكرام والعز الذي لا يرام. الواحد الاحد الفرد الصمد الكبير الحميد المجيد يقول تعالى في ذكر بيان ان المشركين المكذبين بالحق الواضح قد عتوا عن الحق وعسوا على الباطل. وانه لو قام على الحق كل دليل لما اتبعوه وعاندوه وان يروا كسفا من السماء ساقطا. اي لو سقط عليه من السماء من الايات الباهرة كسف اي قطع كبار من العذاب يقول سحاب مركون. اي هذا سحاب متراكم على العادة. اي فلا يبالون بما رأوا من الايات. ولا يعتبرون بها وهؤلاء لا دواء لهم الا العذاب والنكال. ولهذا قال فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي وهو يوم القيامة الذي يصيبهم فيه من العذاب والنكال. ما لا يقادر قدره ولا يوصف امره يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون. يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا. اي الى قليل ولا كثيرا وان كان في الدنيا قد يوجد منهم كيد يعيشون به زمنا قليلا. فيوم القيامة يضمحل كيدهم. وتبطل مساعيهم لا ينتصرون من عذاب الله. ان للذين ظلموا عذابا دون ذلك لما ذكر الله عذاب الظالمين في القيامة. اخبر ان لهم عذابا دون عذاب يوم القيامة. وذلك شامل لعذاب الدنيا بالقتل والسبي والاخراج من الديار. ولعذاب البرزخ والقبر. اي اقاموا على ما يوجب العذاب وشدة العقاب ومن الليل فسبح وادبارا النجوم ولما بين تعالى الحجج والبراهين على بطلان اقوال المكذبين. امر رسوله صلى الله عليه وسلم الا يعبأ بهم شيئا وان يصبر لحكم ربه القدري والشرعي بلزومه والاستقامة عليه. ووعده الله بالكفاية بقوله فانك باعيننا اي مرءا منا وحفظ واعتناء بامره وامره ان يستعين على الصبر بالذكر والعبادة. فقال اي من الليل ففيه الامر بقيام الليل او حين تقوم الى الصلوات الخمس بدليل قوله فسبح وادبار النجوم اي اخر الليل ويدخل فيه صلاة الفجر والله اعلم