المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله باب حد الخمر قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب حد الخمر اضيف الى سببه كسائر ابواب الفقه واحسن ما فسر به الخمر واجمع ما قيل فيه على الاطلاق هو ما فسره به من اوتي جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصارا صلى الله عليه وعلى اله وسلم فانه فسره بقوله كل مسكر خمر وكل خمر حرام فذكر في هذا فعرف الخمر وذكر حكمه في هذا الكلام المختصر فخرج بقوله كل مسكر خمر البنج ونحوه فانه يغطي العقل ولكنه ليس بمسكر فانه يباح تعاطيه للضرورة لانه يسهل الادوية والتداوي وقال عمر الخمر ما خامر العقل اي سمي الخمر خمرا لانه يخامر العقل ان يغطيه وورد ما اسكر كثيره فملئ الكف منه حرام فالعبرة بالكثير فاذا كان الكثير يسكر فالقليل حرام ولا يباح لجوع ولا لعطش لانه يعطش ولا يباح بحال الا لدفع لقمة غص بها ويدخل في الخمر الحشيشة ونحوها من الاشياء المسكرة وحرم الله تعالى الخمر لانه يفسد العقل ويذهبه فيكون الانسان في هذه الحالة اسوأ حالا من البهيمة وقد تقدم ان الله تعالى اوجب القصاص حفظا للابدان واوجب قطع السارق حفظا للاموال وفي هذا اوجب حد الخمر حفظا للعقول وربما تجرأ السكران على المحرمات كلها من الزنا والقذف والقتل وغير ذلك ولهذا سميت الخمرة ام الخبائث والله تعالى ميز الانسان عن سائر الحيوانات بالعقل فاذا زال عقله فلا فرق بينه وبين البهائم بل يكون اسوأ حالا منها كما تقدم وقد اعتاد الناس الخمر في الجاهلية ومكث حبها في قلوبهم فلهذا نهاهم الله تعالى عنها على وجه التدريج فاول ما انزل في الخمر قوله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى فاولا نهاهم عنها عند ارادة الصلاة فلما تمرنوا على هذه الحالة انزل قوله يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير الاية فهذا اعم من الاول ولكن لم يحتم النهي والميسر هو جميع المغالبات غير ما استثني وهو المسابقة في الخيل والابل والسهام فتباح هذه للحاجة واما غيرها فرهان منهي عنه ثم بعد ذلك انزل الله تعالى يا ايها الذين امنوا انما الخمر والميسر والانصار صابوا الازلام رجس والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان الاية فالانصاب هو ما يعبد من دون الله والازلام هو ما يستقسمون به في الجاهلية فيجعل احدهم ثلاثة اقداح في احدها افعل وفي الثاني لا تفعل وفي الثالث غفل فيدخلها في جيبه ونحوه ثم يجيلها فيه ويخرج واحدا منها فان خرج افعل مضى لشأنه الذي هم به وان خرج لا تفعل رجع عن ذلك وان خرج الغفل اعادها فبدل المسلمين عن ذلك بخير منه وهو الاستخارة فذكر الله تعالى ثمانية اشياء توجب ترك الخمر والميسر وكان عمر رضي الله عنه يقول اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فلما نزلت هذه الاية قال انتهينا انتهينا التاسع والاربعون والثلاثمائة الحديث الاول عن انس بن مالك رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اوتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدة نحو اربعين قال وفعله ابو بكر فلما كان عمر استشار الناس فقال عبدالرحمن بن عوف اخف الحدود ثمانون فامر به عمر رضي الله عنه رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدة نحو اربعين جلدة وورد صريحا انه جلده اربعين وفعله ابو بكر رضي الله عنه اي وكان هذا العدد من الجلد يكفي في ردع الناس ذلك الوقت فلما كان عمر اي وكثرت الفتوحات وتتطرف الناس وكثرت الاموال بين ايديهم كثر فيهم شرب الخمر ولم يرتدعوا بذلك العدد من الجلد فلهذا جمع عمر الناس واستشارهم في ذلك كما هي عادتهم رضي الله عنهم اذا وقع امر مهم اجتمعوا وتشاوروا وقوله فقال عبدالرحمن بن عوف يا امير المؤمنين اخف الحدود اي التي قدرها الله في كتابه ثمانون يريد حد القذف وفي بعض الاحاديث ان عليا قال اذا سكر هدا واذا هذا افترى وحد المفتري ثمانون اي اذا غاب عقله فاقل ما يصدر منه القذف وهو غالب الوقوع من السكران فامر به عمر فكان العمل على ذلك فلما استخلف علي قال قد جلد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اربعين وابو بكر كذلك وجلد عمر ثمانين والكل حق ثم جلده واربعين فهذا تصريح منه بان كل ذلك حق واختلف في حد الخمر هل يجب الا ينقص عن الثمانين او يجب الا يزاد على الاربعين او ان الاربعين لا ينقص عنها وما فوق الاربعين يرجع فيه الى المصلحة فان كان يحصل في الاربعين النكاية والردع عن هذا الفعل اقتصر عليها كما كان في زمن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وابي بكر وان كان لا يحصل في الاربعين الردع والنكاية تزيد عليها حتى يحصل الردع عن هذا الفعل كما في زمن عمر فيه ثلاثة اقوال الاول هو المشهور من مذهب احمد والثالث اي الرجوع فيه الى المصلحة اصح الاقوال وهو رواية عن احمد اختارها جملة من الاصحاب