مثل ان يكون عنده ماء قليل لا يكفي لطهارته فانه يستعمله فيما يكفي ويتيمم عن الباقي وان عجز عن غسل بعض اعضائه لافة غسل ما يقدر عليه منها وسقط ما عجز عنه وان عجز عن الصلاة قائما صلى قاعدا فان عجز صلى مضطجعا وان قدر ان يصلي بعد صلاته قائما وعجز عن القيام في بعضها قام فيما يقدر عليه وسقط ما عجز عنه وسلم تسليما كثيرا وقد حكي عن بعض السلف كالنخعي فيه خلاف ثم قال النوع الثاني من اكره بضرب او غيره حتى فعل فهذا الفعل متعلق به التكليف فانه يمكنه الا يفعل فهو مختار للفعل اذا امر العبد بامر واجب او مستحب فاما ان يقدر عليه كله واما ان يعجز عنه كله واما ان يقدر على بعضه ويعجز عن بعضه فان قدر عليه كله فعله كله وان عجز عنه كله سقط عنه فعله كله واما ثوابه واجره فان كان له نية جازمة انه لو قدر عليه لفعله فاجره على قدر نيته وان لم يكن له نية لم يكن له شيء ومن احسن من الله حكما ومن يدعو مع الله الها اخر لا برهان له به فانما فانما حسابه عند ربه ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين انعم الله عليهم وان عجز عن بعض المأمور به وقدر على باقيه فعلى ما يقدر عليه منه وسقط عنهما لم يقدر عليه لقوله صلى الله عليه وسلم اذا امرتكم بامر فاتوا منه ما استطعتم المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فاني وضعت لي ولاخواني منظومة مشتملة على امهات قواعد الدين وهي وان كانت قليلة الالفاظ فهي كثيرة المعاني لمن تأملها ولكنها تحتاج الى تعليق يوضحها ويكشف معانيها وامثلتها تنبه الفطن على ما وراء ذلك فوضعت عليها هذا الشرح اللطيف تيسيرا لفهمها واسأل الله ان ينفع به واضعه وقارئه ويجعله خالصا لوجهه الكريم. انه رؤوف رحيم الحمدلله العلي وجامع الاشياء والمفرقين اما الحمد فهو الثناء على الله بصفات كماله وصبوغ نعمه وسعة جوده وبديع حكمته لانه تعالى كامل الاسماء والصفات والافعال ليس في اسمائه اسم مذموم بل كلها اسماء حسنى ولا في صفاته صفة نقص وعيب بل هي صفات كاملة من جميع الوجوه وهو تعالى جميل الافعال لان افعاله دائرة بين العدل والاحسان وهو محمود على هذا وعلى هذا اتم حمد واكمله والله هو المألوه المعبود الذي يستحق ان يؤله ويعبد بجميع انواع العبادة ولا يشرك به شيء لكمال حمده العلي الذي له العلو التام المطلق من جميع الوجوه علو الذات وعلو القدر وعلو القهر الارفق اي الرفيق في افعاله فافعاله رفق على غاية المصالح والحكمة وقد اظهر سبحانه لعباده من اثار رفقه ما يستدلون به على كماله وكمال حكمته ورفقه كما في خلق السماوات والارض وما بينهما في ستة ايام مع انه قادر على ان يخلقها في لحظة وكذلك خلقه الانسان والحيوانات والنبات على اختلاف انواعه يخلقها شيئا فشيئا حتى تنتهي وتكمل مع قدرته على تكميلها في لحظة ولكنه رفيق حكيم فمن حكمته ورفقه تطويرها في هذه الاطوار فلا تنافي بين قدرته وحكمته كما انه يقدر على هداية الضالين ولكن حكمته اقتضت ابقاءهم على ضلالهم عدلا منه تعالى ليس ظلما لان اعطاء الايمان والهدى محض فضله فاذا منعه احدا لم يعد ظالما لا سيما اذا كان المحل غير قابل للنعم فكل صفة من صفاته تعالى لها اثر في الخلق والامر ولا ينافي بعضها بعضا ومن فهم هذا الاصل العظيم انحلت عنه اشكالات كثيرة في معرفة اسماء الله وصفاته ونزل كل اسم من اسماء الله في محله اللائق به وقولي وجامع الاشياء والمفرق انه تعالى جمع الاشياء في شيء وفرقها في شيء اخر كما جمع بين خلقه في كونه خلقهم ورزقهم وفرق بينهم في الاشكال والصور والطول والقصر والسواد والبياض والحسن والقبح وغير ذلك من الصفات كل هذا صادر عن كمال قدرته وحكمته ووضعه الاشياء مواضعها اللائقة بها والله اعلم ذي النعم الواسعة الغزيرة والحكم الباهرة الكثيرة هذا بيان لسعة فضله وعطاياه الشاملة لجميع خلقه فلا يخلو مخلوق من نعمه طرفة عين ولا سيما الادمي فان الله فضله وشرفه وسخر له ما في السماوات وما في الارض واسبغ عليه نعمه الظاهرة والباطنة ولا يمكن تعداد نعمه قال تعالى وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ان الله لغفور رحيم ولكنه تعالى رضي من شكر نعمه بالاعتراف بها والتحدث بها وصرفها في طاعة الله والا يستعان بشيء من نعمه على معاصيه وقولي والحكم الباهرة الكثيرة يعني ان حكمه تعالى كثيرة تبهر العقول وتتعجب منها غاية العجب فان جميع مخلوقاته ومأموراته مشتملة على غاية الحكمة ومن نظر في هذا الكون وعجائبه وسمائه وارضه وشمسه وقمره وكواكبه وفصوله وحيوانه واشجاره ونباته وجباله وبحاره وجميع ما يحتوي عليه رأى فيه العجائب العظيمة ويكفي الانسان نفسه فانه اذا نظر الى كل عضو من اعضائه علم انه لا يصلح في غير محله ثم الصلاة مع سلام دائم على الرسول القرشي الخاتمي واله وصحبه الابرار الحائزين راتب الفخار اما الصلاة من الله فهي ثناؤه على عبده في الملأ الاعلى ففيها حصون الخير والسلام فيه دفع الشر والافات والرسول من اوحي اليه بشرع وامر بتبليغه والخاتم الذي ختم الله به انبيائه ورسله فلا نبي بعده وال النبي هم اتباعه على دينه الى يوم القيامة فيدخل فيهم الصحابة فيكون عطفهم عليهم من باب عطف الخاص على العام لمزيتهم وشرفهم بالعلم النافع والعمل الصالح والتقى الكامل الذي اوجب لهم مفاخر الدنيا والاخرة رضي الله عنهم اعلم هديت ان افضل المنن علم يزيل الشك عنك والدرن ويكشف الحق لذي القلوب ويوصل العبد الى المطلوب يعني ان مننا الله على العباد كثيرة وافضل ما من الله على عبده به هو العلم النافع وعلامة كون العلم نافعا ما ذكرت من النظمة انه يزيل عن القلب شيئين وهما الشبهات والشهوات فالشبهات تورث الشك والشهوات تورث درن القلب وقسوته وتثبت البدن عن الطاعات فعلامة العلم النافع انه يزيل هذين المرضين العظيمين ويجلب للعبد في مقابلتهما شيئين وهما اليقين الذي هو ضد الشكوك والايمان التام الموصل للعبد لكل مطلوب المثمر للاعمال الصالحة الذي هو ضد للشهوات فكلما ازداد الانسان من العلم النافع حصل له كمال اليقين وكمال الارادة ولا تتم سعادة العبد الا باجتماع هذين الامرين وبهما تنال الامامة في الدين قال تعالى وجعلنا منهم ائمة يهدون بامرنا لما صبروا وكانوا باياتنا يوقنون ودرجات اليقين ثلاث كل واحدة اعلى من الاخرى علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين تعليم اليقين كعلمنا الان الجنة والنار وعين اليقين اذا ورد الناس القيامة وازلفت الجنة للمتقين وبرزت الجحيم للغاوين فرأوهما قبل الدخول وحق اليقين اذا دخلوهما وحاصل ذلك ان العلم شجرة تثمر كل قول حسن وعمل صالح والجهل شجرة تثمر كل قول وعمل خبيث واذا كان العلم بهذه المثابة فينبغي للانسان ان يحرص كل الحرص ويجتهد كل الاجتهاد في تحصيله وان يديم الاستعانة بالله في تحصيله ويبدأ بالاهم فالاهم منه ومن اهمه معرفة اصوله وقواعده التي ترجع مسائله اليها فلهذا قلت فاحرص على فهمك للقواعد جامعة المسائل الشوارد لترتقي في العلم خير مرتقى وتقتفي سبل الذي قد وفق وهذه قواعد نظمتها من كتب اهل العلم قد حصلتها جزاهم المولى عظيم الاجر والعفو مع غفرانه والبر وهذا لان معرفة القواعد من اقوى الاسباب لتسهيل العلم وفهمه وحفظه لجمعها المسائل المتفرقة بكلام جامع فصل ونية شرط لسائر العمل بها الصلاح والفساد للعمل وهذه القاعدة انفع القواعد واجلها وتدخل في جميع ابواب العلم فصلاح الاعمال البدنية والمالية اعمال القلوب واعمال الجوارح انما هو بالنية وفساد هذه الاعمال بفساد النية فاذا صلحت النية صلحت الاقوال والاعمال واذا فسدت النية فسدت الاقوال والاعمال كما قال صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى والنية لها مرتبتان احداهما تمييز العادة عن العبادة وذلك ان الصوم مثلا هو ترك الطعام والشراب ونحوهما ولكن تارة يتركه الانسان عادة من غير نية التقرب الى الله في هذا الترك وتارة يكون عبادة فلا بد من التمييز بينهما الثاني تمييز العبادات بعضها من بعض فبعضها فرض عين وبعضها فرض كفاية وبعضها راتبة او وتر وبعضها سنن مطلقة فلا بد من التمييز ومن مراتب النية الاخلاص وهو قدر زائد على مجرد نية العمل فلابد من نية نفس العمل والمعمول له وهذا هو الاخلاص وهو ان يقصد العبد بعمله وجه الله لا يريد غيره فمن امثلة هذه القاعدة العبادات كلها كالصلاة فرضها ونفلها والزكاة والصوم والاعتكاف والحج والعمرة فارض الكل ونفله والاضاحي والهدي والنذور والكفارات والجهاد والعتق والتدبير ويقال بل يسري هذا الى سائر المباحات اذا نوى بها التقوي على طاعة الله او التوصل اليها كالاكل والشرب والنوم واكتساب المال والنكاح والوطء فيه وفي الامة اذا قصد به الاعفاف او تحصيل الولد الصالح او تكثير الامة وها هنا معنى ينبغي التنبه له وذلك ان الذي يخاطب به العبد نوعان امر مقصود فعله وامر مقصود تركه فاما المأمور به فلا بد فيه من النية فهي شرط في صحته وفي حصول الثواب به كالصلاة ونحوها واما ما يقصد تركه كازالة النجاسة في الثوب والبدن والبقعة وكأداء الديون الواجبة فاما براءة الذمة من النجاسة اذا ازالها والديون اذا قضاها فلا يشترط لها النية فتبرأ الذمة ولو لم ينو واما حصول الثواب عليها فلابد فيه من نية التقرب الى الله في هذا والله اعلم الدين مبني على المصالح في جلبها والدرء للقبائح هذا الاصل العظيم والقاعدة العامة يدخل فيها الدين كله فكله مبني على تحصيل المصالح في الدين والدنيا والاخرة وعلى دفع المضار في الدين والدنيا والاخرة فما امر الله بشيء الا وفيه من المصالح ما لا يحيط به الوصف وما نهى عن شيء الا وفيه من المفاسد ما لا يحيط به الوصف فمن اعظم ما امر الله به التوحيد الذي هو افراد الله بالعبادة وهو مشتمل على صلاح القلوب وسعتها ونورها وانشراحها وزوال اضرانها وفيه مصالح البدن والدنيا والاخرة واعظم ما نهى الله عنه الشرك في عبادته الذي هو فساد ومضرة في القلوب والابدان والدنيا والاخرة فكل خير في الدنيا والاخرة فهو من ثمرات التوحيد وكل شر في الدنيا والاخرة فهو من ثمرات الشرك ومما امر الله به الصلاة والزكاة والصيام والحج التي من فوائدها انشراح الصدر ونوره وزوال همومه وغمومه ونشاط البدن وخفته ونور الوجه وسعة الرزق والمحبة في قلوب المؤمنين وفي الزكاة والصدقة ووجوه الاحسان زكاة النفس وتطهيرها وزوال الوسخ والدرن عنها ودفع حاجة اخيه المسلم وزيادة بركة ماله ونماؤه مع ما في هذه الاعمال من عظيم ثواب الله الذي لا يمكن وصفه ومن حصول رضاه الذي هو اكبر من كل شيء وزوال سخطه وكذلك شرع لعباده الاجتماع للعبادة في مواضع الصلوات الخمس والجمعة والاعياد ومشاعر الحج ولاجتماع لذكر الله والعلم النافع لما في الاجتماع من الاختلاط الذي يوجب التواد والتواصل وزوال التقاطع والاحقاد بينهم ومراغمة الشيطان الذي يكره اجتماعهم على الخير وحصول التنافس في الخيرات واقتداء بعضهم ببعض وتعليم بعضهم بعضا وتعلم بعضهم من بعض وكذلك حصول الاجر الكثير الذي لا يحصل بالانفراد الى غير ذلك من الحكم واباح سبحانه البيع والعقود المباحة لما فيها من العدل ولحاجت الناس اليها وحرم الربا وسائر العقود الفاسدة لما فيها من الظلم والفساد والاغتناء الناس عنها واباح الطيبات من المآكل والمشارب والملابس والمناكح لما فيها من مصالح الخلق ولحاجة الناس اليها ولعدم المفسدة فيها وحرم الخبائث من المآكل والمشارب والملابس والمناكح لما فيها من الخبث والمضرة عاجلا واجلا فتحريمها حماية لعباده وصيانة لهم لا بخلا عليهم بل رحمة منه بهم فكما ان عطاءه رحمة فمنعه رحمة مثال ذلك ان انزال المطر بقدر ما يحتاج اليه العباد رحمة منه تعالى فاذا زاد بحيث تضر زيادته كان منعه رحمة وبالجملة فاوامر الرب قوت القلوب وغذاؤها ونواهي هداء القلوب وسمومها وكذلك المواريث والاوقاف والوصايا وما في معناها مشتملة كلها على غاية المصلحة والمحاسن ولا يمكن ضبط الحكم والمصالح في باب واحد من ابواب العلم فضلا عن جميعه قال ابن القيم رحمه الله واذا تأملت الحكمة الباهرة في هذا الدين القويم والملة الحنيفية والشريعة المحمدية التي لا تنال العبارة كمالها ولا يدرك الوصف حسنها ولا تقترح عقول العقلاء ولو اجتمعت وكانت على اكمل عقل رجل واحد منهم فوقها وحسب العقول الكاملة الفاضلة ان ادركت حسنها وشهدت لها وانه ما طرق العالم شريعة اكمل منها ولا اعظم ولا اجل ففيها الشاهد والمشهود له والحجة والمحتج له والدليل والبرهان ولو لم يأت الرسول ببرهان عليها لكفى بها برهانا وشاهدا على انها من عند الله تعالى وكلها شاهدة لله بكمال العلم وكمال الحكمة وسعة الرحمة والبر والاحسان والاحاطة بالغيب والشهادة والعلم بالمبادئ والعواقب وانها من اعظم نعم الله التي انعم بها على عباده فما انعم على عباده نعمة اجل من ان هداهم لها وجعلهم من اهلها وممن ارتضاهم لها وارتضاها لهم كما قال تعالى لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو بهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين ثم اطال الكلام في ذلك رحمه الله تعالى فان تزاحم عدد المصالح يقدم الاعلى من المصالح اذا دار الامر بين فعل احدى المصلحتين وتفويت الاخرى بحيث لا يمكن الجمع بينهما روعي اكبر المصلحتين واعلاهما ففعلت فان كانت احدى المصلحتين واجبة والاخرى سنة قدم الواجب على السنة وهذا مثل اذا اقيمت الصلاة الفريضة لم يجز ابتداء التطوع وكذا اذا ضاق الوقت وكذلك لا يجوز نفل الصيام والحج والعمرة وعليه فرض بل يقدم الفرض وان كانت المصلحتان واجبتين قدم اوجبهما فيقدم صلاة الفرض على صلاة النذر ونحوها وكالنفقة اللازمة للزوجات والاقارب والمماليك تقدم الزوجات ثم المماليك ثم الاولاد ثم الاقرب فالاقرب وكذا صدقة الفطر وان كانت المصلحتان مسنونتين قدم افضلهما فتقدم الراتبة على السنة والسنة على النفل المطلق ويقدم ما فيه نفع متعد كالتعليم وعيادة المريض واتباع الجنائز ونحوها على ما نفعه قاصر كالصلاة النافلة والذكر ونحوهما وتقدم الصدقة والبر للقريب على غيره ويقدم من عتق الرقاب اغلاها وانفسها ولكن ها هنا امر ينبغي التفطن له وهو انه قد يعرض للعمل المفضول من العوارض ما يكون به افضل من الفاضل بسبب اقترانه بما يوجب التفضيل والاسباب الموجبة للتفضيل كثيرة منها ان يكون العمل المفضول مأمورا به بخصوص هذا الموطن كالاذكار في الصلاة وانتقالاتها والاذكار بعدها والاذكار الموظفة في اوقاتها تكون افضل من القراءة في هذه المواطن مع ان القراءة افضل من الذكر ومن الاسباب الموجبة للتفضيل ان يكون العمل المفضول مشتملا على مصلحة لا تكون في الفاضل كحصول تأليف به او نفع متعد لا يحصل بالفاضل او يكون في العمل المفضول دفع مفسدة يظن حصولها في الفاضل ومن الاسباب الموجبة للتفضيل ان يكون العمل المفضول ازيد مصلحة للقلب من الفاضل كما قال الامام احمد رحمه الله تعالى لما سئل عن بعض الاعمال انظر الى ما هو اصلح لقلبك فافعله فهذه الاسباب تصير العمل المفضول افضل من الفاضل بسبب اقترانها بها وضده تزاحم المفاسد يرتكب الادنى من المفاسد المفاسد اما محرمات او مكروهات كما ان المصالح اما واجبات او مستحبات فاذا تزاحمت المفاسد بان اضطر الانسان الى فعل احداها فالواجب الا يرتكب المفسدة الكبرى بل يفعل الصغرى ارتكابا لاهون الشرين لدفع اعلاهما فان كانت احدى المفسدتين حراما والاخرى مكروهة قدم المكروه على الحرام فيقدم الاكل من المشتبه على الحرام الخالص وكذلك يقدم سائر المكروهات على المحرمات وان كانت المفسدتان حرامين قدم اخفهما تحريما وكذا اذا كانتا مكروهتين قدما اهونهما ومراتب المحرمات والمكروهات في الصغر والكبر تستدعي بسطا كثيرا قاعدة الشريعة التيسير في كل امر نبهوا تعسير وذلك ان الشرع مبناه على الرأفة والرحمة والتسهيل كما قال تعالى وما جعل عليكم في الدين من حرج وذلك ان الامور نوعان نوع لا يطيقه العباد فهذا لا يكلفهم الله به والثاني يطيقونه واقتضت حكمته امرهم به فامرهم به ومع هذا اذا حصل لهم بفعله مشقة وعسر فلابد ان يقع التخفيف فيه والتيسير اما باسقاطه كله او تخفيفه وتسهيله ويدخل في هذه القاعدة انواع من الفقه منها في العبادات التيمم عند مشقة استعمال الماء على حسب تفاصيله في كتب الفقه والقعود في الصلاة عند مشقة القيام في الفرض وفي النفل مطلقا وقصر الصلاة في السفر والجمع بين الصلاتين ونحو ذلك من رخص السفر ونحوها ومن التخفيفات ايضا اعذار الجمعة والجماعة وتعجيل الزكاة والتخفيفات في العبادات والمعاملات والمناكحات والجنايات ومن التخفيفات المطلقة قروض الكفايات وسننها والعمل بالمظنون لمشقة الاطلاع على اليقين والله اعلم وليس واجب بلا اقتدار ولا محرم مع اضطراري وهاتان قاعدتان عظيمتان ذكرهما شيخ الاسلام وغيره واتفق العلماء عليهما فان الله فرض على عباده فرائض وحرم عليهم محرمات فاذا عجزوا عن ما امرهم به وضعفت قدرهم عنه لم يوجب عليهم فعل ما لم يقدروا عليه بل اسقطه عنهم ومع هذا اذا كانت لهم اعمال قبل وجود هذا المانع فانه يجري اجرها عليهم تفضلا منه تعالى كذلك حرم عليهم اشياء حماية لهم وصيانة وجعل لهم في المباح فسحة عن المحرم ومع هذا اذا اضطر الانسان الى المحرم جاز له فعله فالضرورات تبيح المحظورات كأكل الميتة وشرب الماء النجس عند الضرورة وجواز محظورات الحج وغيره عند الضرورة ولكن يجب الا يأخذ من المحظور الا بقدر الضرورة فلهذا قلت وكل محظور مع الضرورة بقدر ما تحتاجه الضرورة اي فلا يزيد على ما تحتاج اليه الضرورة بل اذا زالت الضرورة وجب الكف عن الباقي فيأكل من الميتة ونحوها بقدر ما يزيل الضرورة وترجع الاحكام لليقين فلا يزيل الشك لليقين ومعنا هذا ان الانسان متى تحقق شيئا ثم شك هلزال ذلك الشيء المتحقق ام لا الاصل بقاء المحقق فيبقى الامر على ما كان متحققا فلو شك في امرأة هل تزوجها لم يكن له وطؤها استصحابا لحكم التحريم وكذا لو شك هل طلق زوجته ام لا لم تطلق وله ان يطأها استصحابا للنكاح وكذا لو شك في الحدث بعد تيقنه الطهارة او عكسه او شك في عدد الركعات او الطواف او السعي او الرمي ونحوه ولا تختص هذه القاعدة بالفقه بل الاصل في كل حادث عدمه حتى يتحقق كما نقول الاصل انتفاء الاحكام عن المكلفين حتى يأتي ما يدل على خلاف ذلك والاصل في الالفاظ انها للحقيقة وفي الاوامر انها للوجوب وفي النواهي انها للتحريم الاصل بقاء العموم حتى يتحقق مخصص والاصل بقاء حكم النص حتى يرد الناسخ ولاجل هذه القاعدة كان الاستصحاب حجة وما ينبني على هذه القاعدة لا يطالب بالدليل فانه مستند للاستصحاب كما ان المدعى عليه في باب الدعاوى لا يطالب بحجة على براءة ذمته بل القول في الانكار قوله بيمينه ولما كانت الاحكام ترجع الى اصولها حتى يتيقن زوال الاصل احتيج الى ذكر اصول اشياء اذا شك فيها رجع الى اصولها فقلت والاصل في مياهنا الطهارة والارض والثياب والحجارة المياه كلها بحارها وانهارها وابارها وعيونها وجميع ما تحتوي عليه الارض من التراب والاحجار والسباخ والرمال والمعادن والاشجار وجميع اصناف الملابس كلها طاهرة حتى يتيقن زوال اصلها بطرق النجاسة عليها والاصل في الاضضاع واللحوم والنفس والاموال للمعصوم تحريمها حتى يجيء الحل تفهم هداك الله ما يمل يعني ان الاصل في هذه الاشياء التحريم حتى نتيقن الحل فالاصل في الاوضاع التحريم والاضضاع وطؤ النساء فلا يحل الا بيقين الحل اما بنكاح صحيح او ملك يمين وكذلك اللحوم الاصل فيها التحريم حتى يتيقن الحل ولهذا اذا اجتمع في الذبيحة سببان مبيح ومحرم غلب التحريم فلا يحل المذبوح والمصيد فلو رماه او ذبحه بالة مسمومة او رماه فوقع في ماء او وطئه شيء يقتل مثله غالبا فلا يحل وكذلك الاصل في المعصوم وهو المسلم او المعاهد تحريم دمه وماله وعرضه فلا تباح الا بحق فاذا زال الاصل اما بردة المسلم اوزن المحصن او قتل نفس او نقض المعاهد العهد حل قتله وكذلك اذا جنى الانسان جناية توجب قطع عضو او توجب عقوبة او مالا حل معه بقدر ما يقابل تلك الجناية فاذا قطع عضوا او سرق ونحوه وكذا اذا استدان وامتنع من الوفاء فيؤخذ من ماله بقدر ذلك الحق سواء كان الدين لله او للخلق او نفقة للاقارب والمماليك والبهائم والضيف ونحوه والاصل في عاداتنا الاباحة حتى يجيء صارف الاباحة وليس مشروعا من الامور غير الذي في شرعنا مذكور وهذان الاصلان ذكرهما شيخ الاسلام رحمه الله في كتبه وذكر ان الاصل الذي بنى عليه الامام احمد مذهبه ان الاصل في العادات الاباحة فلا يحرم منها الا ما ورد تحريمه وان الاصل في العبادات الحظر فلا يشرع منها الا ما شرعه الله ورسوله فالعادات هي ما اعتاد الناس من المآكل والمشارب واصناف الملابس والذهاب والمجيء والكلام وسائر التصرفات المعتادة فلا يحرم منها الا ما حرمه الله ورسوله اما بنص صريح او يدخل في عموم او قياس صحيح والا فسائر العادات حلال والدليل على حلها قوله تعالى هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا فهذا يدل على انه خلق لنا جميع ما في الارض لننتفع به على اي وجه من وجوه الانتفاع واما العبادات فان الله خلق الخلق لعبادته وبين في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم العبادات التي يعبد بها وامر باخلاصها له فمن تقرب بها لله مخلصا فعمله مقبول ومن تقرب الى الله بغيرها فعمله مردود كما قال صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد وصاحبه داخل في قوله تعالى ام لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله وسائل الامور كالمقاصد واحكم بهذا الحكم للزوائد يعني ان الوسائل تعطى احكام المقاصد فاذا كان مأمورا بشيء كان مأمورا بما لا يتم الا به فما لا يتم الواجب الا به فهو واجب وما لا يتم المسنون الا به فهو مسنون واذا كان منهيا عن شيء كان منهيا عن جميع طرقه ووسائله الموصلة اليه فالوسيلة الى الواجب واجبة المشي الى الصلاة للفريضة والزكاة ونحوها والجهاد واداء الحقوق اللازمة كحقوق الله وحقوق الوالدين والاقارب والزوجات والمماليك فما لا تتم هذه الامور الا به فهو واجب واما المسنون كالنافلة من الصلاة والصدقة والصيام والحج والعمرة والمتعلقة بالخلق كحقوق الخلق المستحبة من صلة الارحام وعيادة المريض والذهاب الى مجالس العلم ونحوه فما لا تتم هذه الا به فهو مسنون تنقل الاقدام اليها ونحوه واما المحرم فمنه الشرك الاكبر وهو الشرك في العبادة ويحرم كل قول وفعل يفضي اليه او يكون وسيلة قريبة اليه ويكون شركا اصغر مثل الحلف بغير الله وتعظيم القبور الذي لم يبلغ رتبة العبادة لانه ذريعة لعبادتها وكذلك الوسائل الى سائر المعاصي كالزنا وشرب الخمر ونحوهما فالوسائل اليها محرمة والوسيلة الى المكروه مكروهة وهذه القاعدة من انفع القواعد واعظمها واكثرها فوائد ولعلها يدخل فيها ربع الدين وقولي واحكم بهذا الحكم للزوائد الاشياء ثلاثة مقاصدك الصلاة مثلا ووسائل اليها كالوضوء والمشي ومتممات لها كرجوعه الى محله الذي ذهب منه وقد ذكرنا ان الوسائل تعطى احكام المقاصد فكذلك المتممات للاعمال تعطى احكامها كالرجوع من الصلاة والجهاد والحج واتباع الجنازة وعيادة المريض ونحو ذلك فانه من حين يخرج من محله للعبادة فهو في عبادة حتى يرجع والخطأ والاكراه والنسيان اسقطه معبودنا الرحمن لكن مع الاتلاف يثبت البدل وينتفي التأثيم عنه والزلل وهذا من كمال جوده وكرمه تعالى ورحمته بعباده انه لما كلف عباده باوامر يفعلونها ونواه يجتنبونها انه اذا صدر منهم اخلال بالمأمور او ارتكاب للمحظور نسيانا او خطأ او اكراها انه يعفو عنهم ويسامحهم لقوله صلى الله عليه وسلم عفي لامتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه قال ابن رجب رحمه الله في شرح الاربعين بعدما ذكر النصوص الدالة على رفع الاثم عن المخطئ والناسي والاظهر والله اعلم ان الناسي والمخطئ انما عفي عنهما بمعنى رفع الاثم عنهما لان الاثم مرتب على المقاصد والنيات والناسي والمخطئ لا قصد لهما فلا اثم عليهما واما رفع الاحكام فليس مرادا من هذه النصوص فيحتاج في ثبوتها ونفيها الى دليل اخر والخطأ ان يقصد بفعله شيئا فيصادف فعله غير ما قصده مثل ان يقصد قتل كافر فيصادف مسلما والنسيان ان يكون ذاكرا للشيء فينساه عند الفعل وكلاهما معفو عنه الى ان قال الفصل الثاني في حكم المكره وهو نوعان احدهما من لا اختيار له بالكلية ولا قدرة له على الامتناع كمن حمل كرها وادخل الى مكان حلف على الامتناع من دخوله او حمل كرها وضرب به غيره حتى مات ذلك الغير ولا قدرة له على الامتناع او اضجعت المرأة ثم زني بها من غير قدرة على الامتناع فهذا لا اثم عليه بالاتفاق ولا يترتب عليه حنث عند الجمهور لكن ليس غرضه نفس الفعل بل دفع الضرر عنه فهو مختار من وجه غير مختار من وجه ولهذا اختلف الناس هل هو مكلف ام لا واتفق العلماء على انه لو اكره على قتل معصوم لم يصح له قتله فانه انما يقتله باختياره وافتداء نفسه بقتله هذا اجماع من العلماء المعتد بهم ثم ذكر بعد هذا ان الاكراه على الاقوال معفو عنها لا يأثم الانسان اذا اكره عليها وان الاكراه على الافعال فيه خلاف بين العلماء انتهى كلامه رحمه الله تعالى والحاصل ان الاثم مرفوع عن هؤلاء الثلاثة واما الضمان اذا اتلف نفسا او مالا فيضمنون لان الضمان مرتب على نفس الفعل سواء قصد او لم يقصد واما الاثم فمرتب على المقاصد والله اعلم ومن مسائل الاحكام في التبع يثبتنا اذا استقلا فوقع يعني انه يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا فان من الاحكام اشياء يختلف حكمها في حال الانفراد وفي حال التبع لغيرها فلها حكم اذا انفردت ولها حكم اذا تبعت غيرها فمن ذلك في البيع لا يجوز بيع المجهول استقلالا ويجوز اذا كان تبعا لغيره والجهالة يسيرة كاساسات الحيطان وما اختفى تبعا لما ظهر والحشرات لا يجوز اكلها منفردة ويجوز اكل الدود ونحوه تبعا للثمرة ونحوها والنحل في ذبابه والطلاق لا يثبت بشهادة النساء فاذا شهدت المرأة انها ارضعت المرأة وزوجها فسخ النكاح تبعا لقبول قولها في الرضاع والعرف معمول به اذا ورد حكم من الشرع الشريف لم يحد هذا معنى قول الفقهاء العادة محكمة اي معمول بها فاذا نص الشارع على حكم وعلق به شيئا فان نص على حده وتفسيره والا رجع الى العرف الجاري وذلك كالمعروف في قوله تعالى وعاشروهن بالمعروف وهذا الذي جرى عليه عرف الناس وكذلك بر الوالدين وصلة الارحام فكل ما يعد برا وصلة فهو داخل في ذلك وكذلك لفظ القبض والحرز والفاظ العقود كلها يرجع فيه الى عرف الناس ومن هذا يا امر حمالا ونحوه بحمل شيء من غير اجارة فله اجرة مثل عادته ويدخل في هذا تصرف الانسان في ملك غيره واستعماله بغير اذنه اذا جرت العادة بذلك والمسامحة كالتروح بمروحة غيره ودق بابه ودخول ملكه ولو لم يأذن فيه لجريان العادة والعرف به معاجل المحظور قبل انه قد باء بالخسران مع حرمانه هذا معنى قولهم من استعجل شيئا قبل اوانه عوقب بحرمانه وهذا عام في احكام الدنيا والاخرة ويدخل فيها مسائل كثيرة منها اذا قتل مورثه او من اوصى له بشيء اوقتنا العبد المدبر سيده فانه يحرم الميراث والوصية والعتق ومنها المطلق في مرض موته فان زوجته ترث منه ولو خرجت من العدة وكذلك في احكام الاخرة فمن لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الاخرة ومن شرب الخمر في الدنيا لم يشربه في الاخرة وكما ان المتعجل للمحظور يعاقب بالحرمان فمن ترك شيئا لله تهواه نفسه عوضه الله خيرا منه في الدنيا والاخرة فمن ترك معاصي الله ونفسه تشتهيها عوضه الله ايمانا في قلبه وسعة وانشراحا وبركة في رزقه وصحة في بدنه مع ما له من ثواب الله الذي لا يقدر على وصفه والله المستعان وان اتت التحريم في نفس العمل او شرطه فذو فساد وخلل هذا حكم العبادات الواقعة على وجه محرم فان عاد التحريم الى نفس العبادة او عاد الى شرطها فالعمل باطل مثاله الصلاة في وقت النهي او وهو مستدبر القبلة او وعليه نجاسة او وهو محدث او لم ينوى او اخل بركن من اركان الصلاة او شرط من شروطها وكذلك صوم ايام النهي ونحو ذلك العبادة في هذه المسائل باطلة واما ان كان التحريم لا يعود الى نفس العبادة ولا شرطها فان العبادة صحيحة مع التحريم كالوضوء في الاناء المحرم ذهبا او فضة او مغصوبا او صلى وعليه عمامة حرير او خاتم ذهب ونحو ذلك فالصلاة صحيحة مع حرمة الاستعمال ومتلف مؤذيه ليس يضمن بعد الدفاع بالتيه احسن اذا صال عليه ادمي او حيوان او صيد في الاحرام فاتلفه دفعا عن نفسه لا ضمان عليه ولكن يدفعه بالاسهل فالاسهل واما اذا اضطر الى صيد وهو محرم فاتلفه لضرورته فانه يضمن ولكن لا اثم عليه قال ابن رجب في قواعده من اتلف شيئا لدفع اذاه له لم يضمنه وان اتلفه لدفع اذاه به ضمنه ويتخرج عليه مسائل فذكرها وان تفيدوا الكل في العموم بالجمع والافراد كالعليم اذا دخلت العلا لفظ مفرد او لفظ جمع افادت الاستغراق والعموم لجميع المعنى فدخولها على المفرد مثل قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم والعصر ان الانسان لفي خسر ان الذين امنوا اي كل انسان خاسر لا يختص بانسان دون غيره الا من استثني وهم الذين امنوا بقلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم وتواصوا بالحق الذي هو العلم النافع والعمل الصالح وتواصوا بالصبر على ذلك فهؤلاء هم الرابحون ومن فاته شيء من هذه الخصال كان له من الخسار بحسب ما فاته وكذلك قوله تعالى ان الانسان خلق هلوعا اذا مسه الشر جزوعا واذا مسه الخير منوعا ان الانسان لربه لكنود ان الانسان لظلوم كفار اي كل واحد من الناس هذه صفته الا من اخرجه الله عن هذه الصفات المذمومة الى صفات الخير التي هي اضدادها ومن امثلة دخول العلى المفرد دخولها على اسماء الله وصفاته فكلما دخلت على اسم من اسماء الله او صفة من صفاته افادت جميع ذلك المعنى واستغرقته وبلغت نهايته كالحي القيوم اي الذي له الحياة الكاملة المستلزمة لصفات الذات والقيومية الكاملة الذي قام بنفسه وقام بجميع الخلق تدبيرا العليم الذي له العلم الكامل الشامل لكل معلوم الرحمن الرحيم الذي له الرحمة العامة الواسعة لكل مخلوق الغني الذي له الغنى التام المطلق من جميع الوجوه العلي الاعلى الذي له العلو المطلق من جميع الوجوه العظيم الكبير الجليل الحميد المجيد الذي له جميع معاني العظمة والكبرياء والجلال والجمال والحمد والمجد وقس على هذا بقية الاسماء والصفات ولو لم يكن في هذه القاعدة الا هذا الموضع الشريف لكفى بها شرفا وعظمة ومثال دخول ال على الجمع فمثل قوله تعالى يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد يا ايها الناس اتقوا ربكم يدخل في هذا الخطاب جميع الناس وقوله تعالى يا ايها الذين امنوا يدخل فيه عموم المؤمنين وقوله انما المشركون نجس يدخل فيه كل مشرك وقوله ان المسلمين والمسلمات يعم هذه الاصناف المذكورة وقوله صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالنيات يعم كل عمل بدني ومالي عبادي او مادي والله اعلم والنكرات في سياق النفي تعطي العموم او سياق النهي اذا جاءت النكرة بعد النفي او جاءت بعد النهي دلت على العموم والشمول فمثال النكرة في سياق النفي لا اله الا الله نفت كل اله في السماء والارض واثبتت الاهية الله تعالى وكذلك لا حول ولا قوة الا بالله اي لا تحول من حال من جميع الاحوال ولا قوة على ذلك التحول الا بالله وكذا قوله تعالى ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء وقوله تعالى يوم لا تملك نفس لنفس شيئا يعم كل نفس وكل شيء ومثال النكرة في سياق النهي قوله تعالى فلا تدعو مع الله الها اخر وان المساجد لله فلا تدعوا مع الله احدا شامل كل احد ولا تقولن لشيء اني فاعل ذلك غدا الا ان يشاء الله كذا كمن ومات تفيدان معا كل العمومية فاسمعا من وما تفيدان العموم المستغرق ما دخلا عليه مثال من قوله تعالى الا ان لله من في السماوات ومن في الارض من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون ولمن خاف مقام ربه جنتان ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه ومن اصدق من الله حديثا ومن اصدق من الله قيلا فاولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الانهار ومن يتولى يعذبه عذابا اليما ومن احسن دينا ممن اسلم وجهه لله وهو محسن ومن يرغب عن ملة ابراهيم الا من سفه نفسه الى غير ذلك من الآيات وكذلك الاحاديث كقوله صلى الله عليه وسلم ينزل ربنا كل ليلة الى السماء الدنيا فيقول من ذا الذي يدعوني فاستجيب له من ذا الذي يسألني فاعطيه من ذا الذي يستغفرني فاغفر له والاحاديث التي فيها من قال كذا او من فعل كذا فله كذا يعم كل من قال او فعل ذلك ومثال ما قوله تعالى لله ما في السماوات وما في الارض وما تحمل من انثى ولا تضع الا بعلمه وما انفقتم من شيء فهو يخلفه وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير فتدبر هذه الايات وما في معناها ينفتح لك باب عظيم من ابواب فهم النصوص ومثله المفرد اذ يضاف تفهم هديت الرشد ما يضاف يعني ان المفرد المضاف يعم عموم الجمع ويستغرق جميع المعنى كقوله تعالى واما بنعمة ربك فحدث وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها يعم كل نعمة دينية او دنيوية وقوله سبحان الذي اسرى بعبده تبارك الذي نزل الفرقان على عبده اشارة الى قيامه بجميع وظائف العبودية ولا يتم الحكم حتى تجتمع كل الشروط والموانع ترتفع هذا اصل كبير وقاعدة عظيمة يحصل بها لمن حققها نفع عظيم وينفتح له باب من ابواب فهم النصوص المطلقة التي طالما كثر فيها الاضطراب والاشتباه ومعنا هذا الاصل ان الاحكام لا تتم ولا يترتب عليها مقتضاها والحكم المعلق بها حتى تتم شروطها وتنتفي موانعها واما اذا عدمت الشروط او وجدت الشروط ولكن قام مانع لم يتم الحكم ولم يترتب عليه مقتضاه لعدم وجود الشرط او لوجود المانع فافهم هذا الموضع ولنمثل لهذا الاصل بمثال يستدل به اللبيب على ما وراءه فنقول ان التوحيد مثمر لكل خير في الدنيا والاخرة ودافع لكل شر فيهما ولكن لا تحصل هذه الامور الا باجتماع شروطه وانتفاء موانعه فاما شروطه فهي على القلب واللسان والجوارح اما الذي على اللسان فهو النطق بالتوحيد وجميع اقوال الخير متممات له واما الذي على القلب فهو اقراره وتصديقه ومحبته للتوحيد واهله وبغضه للشرك واهله ومعرفة القلب لمعناه ويقينه به واما الذي على الجوارح فهو انقيادها للعمل بالتوحيد واعماله الظاهرة والباطنة هذه شروطه واما موانعه ومفسداته فهي ضد هذه الشروط او ضد بعضها وجماع الموانع انها اما شرك واما بدعة واما معصية فالشرك نوعان اكبر واصغر الشرك الاكبر يمنعه ويبطله بالكلية والشرك الاصغر والبدعة وسائر المعاصي تنقصه بحسبها ولا تزيله بالكلية فاذا فهمت هذا فهمت النصوص التي فيها ان من اتى بالتوحيد حصل له كذا واندفع عنه كذا انه ليس مجرد القول وكذلك النصوص التي فيها من قال كذا او عمل كذا انما المراد به القول التام والعمل التام وهو الذي اجتمعت شروطه وانتفت موانعه ومن اعظم شروط الاعمال كلها الاخلاص وكونها على السنة وكذلك الوضوء لا يتم الا باجتماع شروطه وفروضه وانتفاء موانعه وهي نواقضه وكذلك الصلاة لا تتم حتى توجد اركانها وشروطها وتنتفي مبطلاتها وكذا الزكاة والصيام والحج والعمرة وسائر الاعمال لا تتم الا بوجود الشروط وانتفاء الموانع وكذلك الميراث لا يرث الا شخص قام به شرط الارث وهو سببه وانتفى عنه ما منعه وكذلك النكاح وسائر العقود لها شروط وموانع قد فصلت في كتب الاحكام وليكن هذا الاصل على ذلك وحكمه في كل دقيقة وجليل فللدعاء شروط وموانع وللمحبة والخوف والرجاء والتوبة شروط وموانع والله المستعان على القيام بشروط الاعمال ودفع موانعها انه نعم المولى ونعم النصير ومن اتى بما عليه من عمل قد استحق ما له على العمل وهذه قاعدة شريفة كثيرة الفوائد ومعناها ان الشيء المرتب على شيء اخر لا يستحق ما رتب على عمله حتى يفعل كله وان فعل بعضه استحق بقدره ويتخرج على هذا مسائل منها الاجارة والجعالة لا يستحق المؤجر الاجرة ولا المجعول له الجعالة حتى يستوفي المستأجر النفع وحتى يفعل المجعول له العمل وكذلك سائر الشروط التي في البيع والنكاح ونحوهما لا يستحق المعاوض العوض حتى يفي بجميع الشروط ومما يدخل في هذه القاعدة جميع العبادات وهو ان العامل لا يستحق ما رتب عليها من الثواب الكامل حتى يفعلها كاملة وان فعل العبادة ولم يكملها استحق من الثواب بقدر ما فعل ويفعل البعض من المأمور انشق فعل سائر المأمور وكذلك في زكاة الفطر وفي النفقة لمن تجب نفقته يقدم نفسه ثم الاقرب فالاقرب وافعال الحج يفعل ما يقدر عليه منها ويستنيب في الباقي وكذلك مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اولها باليد ثم باللسان ثم بالقلب بل جميع العبادات داخلة تحت هذه القاعدة اذا عجز عن بعضها فعلى ما يقدر عليه منها الا في الصوم ونحوه مما ليس بعضه عبادة فانه اذا قدر على صوم نصف النهار دون باقيه لم يؤمر بالامساك الى نصف النهار لان العبادة مجموع اليوم لا بعضه والله اعلم وكل ما نشأ عن المأذون فذاك امر ليس بالمضمون يعني ان الانسان اذا فعل ما اذن له في فعله اما من جهة الشارع او من جهة صاحب الفعل ونشأ عن ذلك المأذون اشياء توجب الضمان لو استقلت كانت تلك الاثار هدرا غير مضمونة ومفهوم هذا البيت ان ما نشأ عن غير المأذون فيه فانه مضمون فما تولد عن المأذون فيه فهو تابع للمأذون فيه وما تولد عن غير المأذون فيه فهو تابع له مثال هذا ان يقطع يد غيره فيسري ذلك القطع الى اتلاف نفسه او بعض اعضائه فهل تضمن تلك السرايا ام لا الجواب ان كان القطع قصاصا او حدا فان سرايته هدر وان كان القطع جناية ضمنت السرايا تبعا للجناية وكذا لو اراد ان يمر بين يديه انسان وهو يصلي ثم دافعه حتى افضى الى اتلافه او تلف بعضه لم يضمن لانه مأذون له من الشارع ولو دفعه من غير اذن منه ولا من الشارع ثم تلف ظمنه ومن امثال هذا انه لو وطأ زوجته فعقرها فان كانت يوطأ مثلها لم يضمن ذلك العقر لانه نشأ عن الوطء المأذون فيه وان كانت لا يوطأ مثلها ضمنها ومن ذلك لو وضع حجرا في الطريق او حفر بئرا فيه ثم تلف به انسان او حيوان فان كان الحفر ونحوه مأذونا له فيه بان كان لنفع المسلمين لم يضمن ما تليف به وان كان متعديا فيه ضمن ومما يشبه هذه القاعدة ان الاثار الناشئة عن الطاعة مثاب عليها ولا سيما ان كانت مكروهة للنفوس كالنصب والتعب ورائحة الصوم الكريهة للنفوس وان الاثار الناشئة عن المعصية تبع للمعصية ومما يدخل في هذا ان من غضب وكان غضبه لله فصدر عن ذلك الغضب اقوال وافعال لا تجوز متأولا في ذلك مجتهدا فانه معفو عنه كما قال عمر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم بشأن حاطب بن ابي بلتعة انه منافق واعتراضه على النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الحديبية ونحوها بخلاف من قصده متابعة هواه والحمية لنفسه فانه يعاقب على ما صدر عنه من الاقوال والافعال وكل حكم دائر مع علته وهي التي قد اوجبتني شرعته يعني ان الحكم يدور مع علته وجودا وعدما اذا وجدت العلة وجد الحكم وان انتفت العلة انتفى الحكم والعنة هي التي شرع الحكم لاجلها ويدخل تحت هذه القاعدة مسائل كثيرة منها ان المشقة علق عليها احكام كثيرة من التخفيفات بالصلاة والزكاة والصوم والحج والعمرة ونحوها من الاحكام اذا وجدت المشقة حصلت التخفيفات المرتبة عليها واذا عدمت المشقة عدمت هذه الاحكام وتفصيل المشقة معروف في كتب الفقه ومن ذلك التكليف وهو البلوغ والعقل علق عليه امور كثيرة من الوجوب في العبادات وصحة العقود في المعاملات ووجوب القود في الجنايات ووجوب الحدود والعقوبات كلها معلقة بالتكليف تثبت بوجوده وتنتفي بعدمه وكذلك التمييز والعقل والاسلام شرط لصحة جميع العبادات لا تصح الا بها بل جميع شروط الاحكام داخلة تحت هذا الاصل وكل شرط لازم للعاقدين في البيع والنكاح والمقاصد الا شروطا حللت محرما او عكسه فباطنات فاعلما وهذا اصل كبير وقاعدة كلية في الشروط الصحيحة والشروط الباطلة وذلك ان الشروط في جميع العقود نوعان صحيحة وباطلة فاما الصحيحة فهي كل شرط اشترطه المتعاقدان لهما او لاحدهما فيه مصلحة وليس فيه محذور من الشارع ويدخل في هذا جميع الشروط في البيع والشروط في الاجارة والجعالة والشروط في الرهون والضمانات والشروط في النكاح وغيرها من الشروط على اختلاف انواعها فانها شروط لازمة للمتعاقدين اذا لم يف احدهما بما عليه منها كان للاخر الفسخ والشرط اما لفظي واما عرفي واما شرعي واما الشروط الباطلة فهي التي تضمنت اما تحليل حرام او تحريم حلال ويدخل فيها جميع الشروط الباطلة في البيع والاجارة والرهن والوقف والنكاح فانها مشتملة على تحريم الحلال او تحليل الحرام ومن تأملها وجدها كذلك تستعمل القرعة عند المبهم من الحقوق او لدى التزاحم يعني ان القرعة تستعمل اذا جهل المستحق لحق من الحقوق ولا مزية لاحدهما على الاخر او حصل التزاحم في امر من الامور ولا مرجح لاحدهما وتحت هذه القاعدة مسائل كثيرة منها اذا تشاحثنان في الاذان او الاقامة او الامامة في الصلاة او صلاة الجنازة وليس احدهما اولى من الاخر فانه يقرع بينهما وكذلك اذا تنازع اثنان لقطة او لقيطا او مكانا ونحوه ولا مرجح لاحدهما على الاخر فانها تستعمل القرعة وكذلك اذا طلقني من نسائه واحدة مبهمة او معينة ثم نسيها او اعتق من عبيده مبهما فانها تخرج المطلقة والمعتق بالقرعة الى غيرها من المسائل وان تساوى العملان اجتمعا وفعل احدهما فاستمعا اذا اجتمع عملان من جنس واحد وكانت افعالهما متفقة اكتفي باحدهما ودخل فيه الاخر وذلك في مسائل منها اذا دخل المسجد وصلى الراتبة وتحية المسجد ركعتين نوى بهما جميع السنتين اجزأ عنهما وكذلك سنة الوضوء اذا نوى بها الراتبة وكذلك المعتمر اذا طاف طواف العمرة اجزأه عن طواف القدوم والقارن يكفيه لحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد وكل مشغول فلا يشغل مثاله المرهون والمسبل هذا معنى قول الفقهاء المشغول لا يشغل وذلك ان الشيء اذا اشتغل بشيء لم يشغل بغيره حتى يفرغ من هذا المشغول به وذلك كالرهن لا يباع ولا يوهب ولا يرهن حتى ينفك الرهن او يأذن المرتهن وكذلك الموقوف لا يباع ولا يوهب ولا يرهن لاشتغاله بالوقف وكذلك الاجير الخاص وهو من قدر نفعه بالزمن كيوم وساعة ونحوه لعمل لا يشغل في هذه المدة لغير من استأجره لان زمانه مستحق للمؤجر مشغول به والدار المؤجرة لا تؤجر حتى تفرغ المدة بل كل مشغول بحق لا يشغل بغيره حتى يفرغ الحق عنه والله اعلم ومن يؤدي عن اخيه واجبا له الرجوع ان ويو طالبا معنى هذا ان كل من ادى عن غيره دينا واجبا عليه ونوى الرجوع عليه فانه يرجع عليه ويلزم المؤدى عنه ما اداه عنه ويدخل تحت هذا جميع ديون الادميين من القرض والسلم واثمان السلع والنفقات الواجبة للزوجات والمماليك والاقارب والبهائم ويدخل في هذا قضاء الضامن والكفيل ما على المضمون عنه والمكفول له ولو لم يأذن في الضمان ولا في الكفالة ولا الاداء وهذا كله اذا نوى الرجوع فان لم ينوي الرجوع فاجره على الله ولا يرجع على من ادى عنه وهذا ايضا كله في الديون التي لا تحتاج الى نية فاما ما يحتاج الى نية كالزكوات والكفارات ونحوها فلا يؤدي عن غيره الا باذنه لان هذا الاداء لا يبرئ من عنه لاحتياجه لنيته والوازع الطبعي عن العصيان كالوازع الشرعي بلا نكران الوازع عن الشيء هو الموجب لتركه ومعنا هذا ان الله حرم على عباده المحرمات صيانة لهم ونصب لهم على تركها وازعات طبيعية ووازعات شرعية فالذي تميل اليه النفوس وتشتهيه جعل له عقوبات مناسبة لتلك الجناية خفة وثقلا ومحلا واما المحرمات التي تنفر منها النفوس فلم يرتب عليها حدا اكتفاء بوازع الطبع ونفرته عنها وذلك كأكل النجاسات والسموم وشربها فانه لم يرتب عليها عقوبة اكتفاء بنفرة النفوس عنها بل يعزر عليها كسائر المعاصي التي لم يرتب عليها عقوبة والحمدلله على التمام بالبدء والختام والدوام ثم الصلاة مع سلام شائعي على النبي وصحبه والتابعين حمد الله في مبدأ الامور وختامها واستدامة ذلك الحمد من اسباب الزيادة لفضل الله وكرمه وحمد الله على الامور يوجب بركتها وزكاءها ونمائها وحفظها من الافات ويوجب كمال الانتفاع بها وانا اسأل الله بمنه وكرمه الذي تتلاشى وتضمحل في جنبه الذنوب ان يجعل في هذه الرسالة جميع ما اشرنا اليه من هذه الفوائد والله الموفق للصواب تمت بقلم الفقير الى ربه عبدالرحمن بن ناصر السعدي غفر الله له جميع الذنوب في الثامن عشر من ذي القعدة سنة احدى وثلاثين وثلاثمائة والف وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه