وقال طاووس بن كيسان رحمه الله ان هذه الاخلاق منائح يمنحها الله عز وجل من يشاء من عباده فاذا اراد الله عز وجل بعبد خيرا منحه خلقا صالحا ولهذا جاءت السنة بالحث على بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين اللهم لا سهل الا ما جعلته سهلا انك تجعل الحزن اذا جئت سهلا وبعد فيقول الحافظ ابو بكر البيهقي رحمه الله تعالى في كتابه الاربعون الصغرى الباب السابع والثلاثون بحسن الخلق وما يستحب من كظم الغيظ والتواضع بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فهذه الترجمة في حسن الخلق وما يستحب من كظم الغيظ والتواضع وهي ترجمة جامعة فيها حث الشريعة على حسن الخلق ومكارم الاخلاق وجميل الاداب وطيب التعاملات ومن ذلكم ما جاءت الشريعة في الحث عليهم من كظم الغيظ والتواظع وهذي من الامثلة للاخلاق فالترجمة في الحث على الاخلاق الفاضلة والاداب الكريمة والخلق عنوان فلاح المرء في دنياه واخراه وهو سبب الفوز والرفعة بالدرجات العالية يوم القيامة قد سئل نبينا عليه الصلاة والسلام عن اكثر ما يدخل الناس الجنة فقال تقوى الله وحسن الخلق وثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه قال ان من احبكم الي واقربكم مني مجلسا يوم القيامة احاسينكم اخلاقا وثبت عنه عليه الصلاة والسلام انه قال انكم لن تسعوا الناس باموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق والخلق هبة ربانية ومنحة الهية كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ان الله قسم بينكم اخلاقكم كما قسم بينكم ارزاقكم الدعاء في هذا الباب اللهم اهدني لاحسن الاخلاق لا يهدي لاحسنها الا انت وقني سيء الاخلاق لا يقي سيئها الا انت وقد ثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام انه قال ما من شيء اثقل في الميزان من حسن الخلق والاحاديث في الباب كثيرة وسيأتي طرف منها عند المصنف رحمه الله على احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى روينا عن ابي هريرة رضي الله عنه وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال الفاحش البذيء وهذا فيه فضل حسن الخلق و انه ثقيل في الميزان ولهذا جاء ايضا في حديث اخر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من شيء يوضع في الميزان اكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلقا وفي رواية بعضهم من اكمل المؤمنين اورد رحمه الله اول ما اورد هذا الحديث عن ابي هريرة وغيره ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اكمل المؤمنين ايمانا احسنهم خلقا وفي رواية من اكمل المؤمنين ايمانا وهذا حديث عظيم في الحث على حسن الخلق وان حسن الخلق من الايمان وكمال الخلق من كمال الايمان وفيه ان ايمان يوجب حسن الخلق والاحسان الى الناس وفيه ان المؤمنين ليسوا فالايمان على درجة واحدة بل بعضهم اكمل ايمانا من بعض ولهذا في الحديث دلالة على ان الايمان يزيد وينقص ويقوى ويضعف بحسب حظ المرء من اعمال الايمان وخصاله فمن نقص خلقه وادبه فهذا من نقص ايمانه لان حسن الخلق من الايمان ومن كمل خلقه هذا من كمال ايمانه وحسن دينه احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو الحسين ابن بشران قال اخبرنا ابو جعفر الرزاز قال حدثنا محمد بن عبيد الله بالمنادي قال حدثنا وهو ابن جديد قال حدثنا شعبة عن الاعمش قال واخبرنا ابو عبد الله الحافظ قال حدثنا ابو العباس محمد ابن يعقوب قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا عبد الله بن نمير عن الاعمش عن شقيق عن مسروق قال سمعت عبدالله بن عمرو رضي الله عنه يقول ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن فاحشا ولا متفحشا وانه كان يقول ان خياركم احاسنكم اخلاقا قال المصنف لفظ حديث ابن المميد رواه البخاري في الصحيح عن ابن عمر عن شعبة ورواه مسلم عن محمد بن عبدالله بن نمير عن ابيه ثم اورد رحمه الله تعالى هذا الحديث عن عبد الله ابن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن فاحشا ولا متفحشا اي انه عليه الصلاة والسلام بعيد عن كل خلق سيء ووصف دميم لكمال خلقه كما قال الله سبحانه وتعالى بوصفه عليه الصلاة والسلام وانك لعلى خلق عظيم ولما سئلت ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن خلقه صلى الله عليه وسلم قالت كان خلقه القرآن فاوتي عليه الصلاة والسلام كريم الاخلاق وجميل الاداب وطيب التعاملات والبعد عن كل خلق سيء وقوله لم يكن فاحشا اي بذيئا وهو الذي يتكلم بالكلام القبيح السيء والمتفحش الذي يكثر من ذلك ويتكلفه فكان بعيدا عن ذلك كل البعد وذلك لكمال خلقه عليه الصلاة والسلام قال وانه كان يقول ان خياركم احاسنكم اخلاقا فهو عليه الصلاة والسلام قدوة فكل خلق وفي الوقت نفسه كان يستحث عباد الله على التحلي بالاخلاق الفاضلة والتأدب بالاداب الكاملة ويخبر عليه الصلاة والسلام ان خير عباد الله احسنهم خلقا واكملهم ادبا وهذا فيه ان حسن الخلق من موجبات خيرية المرء ورفعته وعلو شأنه ومقامه احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو الحسين ابن بشران قال اخبرنا اسماعيل بن محمد الغفار وابو جعفر الرزاز قال حدثنا سعدان ابن ناصر قال حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن ابي مليكة ان يعلى ابن مملك عن عن ام الدرداء ترويه عن ابي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من اعطي حظه من الرفق فقد اعطي حظه من الخير ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير وقال اثقل شيء في ميزان المؤمن خلق حسن؟ ان الله تعالى يبغض الفاحش البذيء ثم اورد رحمه الله تعالى هذا الحديث عن ابي الدرداء رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من اعطي حظه من الرفق فقد اعطي حظه من الخير ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير وهذا فيه حث على الرفق وان من اعطي حظه من الرفق اي نصيبه منه فقد اعطي حظه اي نصيبه من الخير ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير الخير ملازم للرفق وانما ينال بالرفق وهذا فيه بيان ان المطالب الدنيوية والاخروية انما تنال بالرفق والاناة والروية وبفوات الرزق تفوت هذه المصالح الدينية والدنيوية ولهذا ينبغي على المرء ان يتجنب العجلة والاندفاع والطيش التسرع وان يكون متأنيا مترفقا متحليا الرفق بعيدا عنا ما ينافي الرفق من الشدة والاندفاع والغلظة وقد قال عليه الصلاة والسلام ما دخل الرفق في شيء الا زانه ولا نزع من شيء الا شانه قال واثقل شيء في ميزان المؤمن خلق حسن ان الله تعالى يبغض اثقل من حسن الخلق وان صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة اذا نصبت الموازين يوم القيامة يسعد صاحب الخلق الحسن ب ان خلقه يثقل به ميزانه فمن ثقلت موازينه فاولئك هم المفلحون قال اثقل شيء في ميزان المؤمن خلق حسن ثم قال ان الله يبغض الفاحش البذيء وهذا فيها تحذير من الفحش و تحذير من البذاء وذم هذين الخلقين المذمومين والفاحش اصل الفحش في كل شيء خروج شيء عن مقداره وحده حتى يستقبح فالفحش هو الخروج عن حد الادب والخلق بالالفاظ او بالاعمال بالتصرفات القبيحة السيئة والبذاءة في اللسان بالكلام القبيح بالفاظ سيئة الله سبحانه وتعالى يبغض من كان كذلك وكفى بالفحش والبذاءة دما اه ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ان الله يبغض سبحانه وتعالى من كان كذلك احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو الفتح هلال بن محمد بن جعفر ابن ببغداد قال اخبرنا الحسين ابن يحيى ابن عياش القطان قال حدثنا ابو الاشعث قال حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن انس بن مالك رضي الله عنه قال لقد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فوالله ما قال لي اف قط ولا قال لي لشيء فعلته لم فعلت كذا ولا لشيء لم افعله الا فعلت كذا قال المصنف رواه مسلم عن سعيد ابن منصور وابي الربيع عن حماد ثم اورد رحمه الله تعالى حديث انس ابن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين وعشر سنوات هذه ليست مدة قليلة وفي هذه المدة الطويلة التي كان يخدم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بالله يقول فوالله ما قال لي اف قط ولا قال لي لشيء فعلته لم فعلت كذا ولا لشيء لم افعله الا فعلت كذا اي في هذه المدة الطويلة لم يحصل ان النبي صلى الله عليه وسلم تأفف وتضجر من شيء من افعاله او تصرفاته او ان لامه على فعل فعله لما فعلته كذا او امر لم يفعله الا فعلته فما كان عليه الصلاة والسلام يؤنب ويعنف ويتضجر وذلك لكمال خلقه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه وهذا الباب باب تنكشف فيه الاخلاق التعامل مع الخادم ولا يوفق التعامل مع الخادم خاصة مع طول المدة بالرفق والاناة والصبر وعدم الضجر و تسخط اه ايظا اه العنف او نحو ذلك فلا يسلم من ذلك الا من وفق للخلق الفاضل الكريم احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى حدثنا السيد ابو الحسن محمد بن الحسين العلوي قال اخبرنا الحسن ابن الحسين ابن منصور السمسار قال حدثنا حامد بن محمود المقري قال حدثنا اسحاق بن سليمان الرازي قال سمعت مالك بن انس يذكر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس الشديد بالسرعة انما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب قال المصنف رواه البخاري عن عبدالله بن يوسف ورواه مسلم عن يحيى ابن يحيى وعبد الاعلى ابن حماد كلهم عن مالك ثم اورد رحمه الله تعالى هذا الحديث عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس الشديد بالصرعة انما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب المعروف عند الناس ان السرعة هو الشديد القوي الذي يصرع الناس فاراد عليه الصلاة والسلام ان ينبه ان الشدة والقوة حقا ليست هي هذه وانما هي ان يملك الانسان نفسه عند الغضب فهذا فيه الحث على آآ عدم الغضب وعدم اه تعاطي ما يمليه الغضب على على المرء ولهذا لما قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم اوصني قال لا تغضب ردد مرارا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تغضب فالغضب يجمع الشر يفضي اليه ولهذا وصف بانه جماع الشر وومفتاحه قد قيل لابن المبارك رحمه الله اجمع لنا حسن الخلق في كلمة قال ترك الغضب ولهذا السرعة القوي هو الذي يملك نفسه عند غضبه ولا يملك نفسه عند غضبه الا من اكرمه الله سبحانه وتعالى بحسن الخلق احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو الفتح هلال ابن محمد ابن جعفر البغدادي بها قال حدثنا الحسين ابن يحيى ابن عياش قال حدثنا ابو الاشعث قال حدثنا خالد ابن الحارث قال حدثنا سعيد عن قتادة قال حدثنا غير واحد ممن لقي الوفد وذكر ابا نظرة انه حدث عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه في قصة وفد عبد القيس قال ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم باشج عبد القيس ان فيك خصلتين يحبهما الله تعالى ورسوله الحلم والاناة قال مصنف اخرجه مسلم من حديث سعيد ابن ابي عروبة اورد رحمه الله تعالى هذا الحديث حديث وفد عبد القيس بقصة مجيئهم الى النبي عليه الصلاة والسلام وفيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لاشجع عبد القيس وهو واحد من هؤلاء الوافدين عليه صلى الله عليه وسلم قال ان فيك خصلتين يحبهما الله تعالى ورسوله. الحلم والاناة وهذا فيه تفضل الحلم والاناة التي هي الترفق في الامور وعدم العجلة عدم المسارعة في العقوبة ولهذا فسر الحلم بكظم الغيظ وملاك النفس مثل ما تقدم في الحديث الذي قبله ليس الشديد بالصرعة انما الشديد من يملك نفسه عند الغضب ان يكون حليما غير مندفع ولا طائش ولا متسرع فهذا فيه فظل هذين الخلقين كريمين الحلم والاناة احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله تعالى اخبرنا ابو الحسن علي بن محمد بن علي المقري الاسبرايني بها قال حدثنا الحسن بن محمد بن اسحاق قال حدثنا يوسف ويعقوب القاضي قال حدثنا ابو الربيع قال حدثنا اسماعيل ابن جعفر قال حدثنا العلاء بن عبدالرحمن عن ابيه عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نقصت صدقة من مال. وما زاد الله عبدا بالعفو الا عزا. وما تواضع احد لله الا رفعه الله عز وجل قال المصنف رواه مسلم عن قتيبة وغيره عن اسماعيل ثم ختم رحمه الله تعالى بحديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بالعفو الا عزا وما تواضع احد لله الا رفعه الله عز وجل وهذا حث على الصدقة وحث على العفو وحث على التواضع وقوله ما زاد الله عبدا بعفو الا عزا هذا خلاف ما يظنه كثير من الناس ان العفو ذل ومهانة وقد تقول النفس الامارة بالسوء كيف تعفو وتصفح وقد فعل بك ما فعل وتدفعه الى الانتقام وتوهمه ان الانتقام هو العز قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله فبين الصادق المصدوق ان الله لا يزيد العبد بالعفو الا عزا وانه لا تنقص صدقة من مال وانه ما تواضع احد لله الا رفعه الله وهذا رد لما يظنه من يتبع الظن وما تهواه الانفس من ان العفو يذله وان الصدقة تنقص ماله وان التواضع يخفضه وقال رحمه الله فالعز الحاصل له بالعفو احب اليه وانفع له من العز الحاصل له بالانتقام فان هذا عز في الظاهر وهو يورث في الباطن ذلا والعفو ذل في الباطن وهو يورث العز باطنا وظاهرا. انتهى كلامه رحمه الله ونبينا عليه الصلاة والسلام ما انتقم لنفسه قط الا ان تنتهك محارم الله فينتقم وهذا من كمال خلقه وكريم صفحه وعفوه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه ونسأل الله عز وجل ان يوفقنا اجمعين لكل خير وان يصلح لنا شأننا كله انه سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد واله وصحبه اجمعين