المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الرابع والخمسون والثلاثمائة الحديث الرابع عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال قال سليمان بن داود عليهما السلام لاطوفن الليلة على تسعين امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله فقيل له قل ان شاء الله فلم يقل فطاف بهن فلم يلد منهن الا امرأة واحدة نصف انسان قال فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لو قال ان شاء الله لم يحنث وكان ذلك دركا لحاجته قوله قيل له قل ان شاء الله يعني قال له الملك رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال سليمان ابن داوود عليهما السلام لاطوفن الليلة على تسعين امرأة الى اخره هذا من حرصه عليه السلام ورغبته في الخير كغيره من اخوانه المرسلين وخواص الاولياء من المؤمنين فانهم يفعلون ما احل الله لهم من الشهوات طلبا للتقرب الى الله تعالى وبذلك تكون العادات في حقهم عبادات فان اعظم الشهوات للنفوس هي المنكح والمأكل والمشرب بل هي اصول ملاذ الدنيا وهم يفعلونها قصدا للاستعانة بها على طاعة الله فتكون لهم عبادة كما ان من فعلها لقصد التلذذ بها فقط لا يؤجر عليها وسليمان عليه السلام بين مقصوده في ذلك نشر دين الله ونصر دينه فحصل له الاجر على نيته وقوله فقيل له قل ان شاء الله اي قال له الملك على وجه التذكير فلم يقل وليس هذا تأليا منه صلى الله عليه وعلى اله وسلم حاشا ولكن على قدر رغبته ظن ان قصده سيحصل وذهل عن الاستثناء فان الانسان اذا تيقن انه سيفعل شيئا وشعر من نفسه القدرة عليه في الوقت الحاضر فانه غالبا يذهل عن العوائق التي تعرض له فلا يخطر بباله الاستثناء وقوله فطاف بهن فلم يلد منهن الا امرأة واحدة نصف انسان اي انه طاف بهن كما وعد ولكن الله تعالى قدر انه لا يحصل له الولد من ذلك الوطأ الا نصف انسان وقوله ولو قال ان شاء الله لم يحنث ففيه ان من حلف على شيء وقال ان شاء الله لم يحنث لانه استثنى فاذا لم يفعل ما حلف على فعله تبين له ان الله تعالى لم يشأ ان يفعل ذلك لانه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن هذا في الحلف على فعل شيء او تركه فاما الحلف على امر ماض فلا ينفع فيه الاستثناء لانه اما صادق فيبرأ او كاذب فيحنث فان تعمد الكذب لاقتطاع مال امرئ مسلم فهي اليمين الغموس سميت بذلك لانها تغمس صاحبها في الاثم ثم تغمسه في النار وليس فيها كفارة لان اثمها عظيم لا تزيله الكفارة فهو اعظم من ان يكفر وان تبين خطؤه ولم يتعمد ذلك فلا اثم عليه لانه مخطئ ولا كفارة لانه لغو وقوله وكان ذلك دركا لحاجته اي ان ذلك سبب لادراك حاجته لبركة اسم الله ولكن ينبغي ان يستحضر افتقاره الى الله وطلب المعونة منه تعالى وانه ان لم ييسر له ما هم به لم يحصل له ذلك