التي شرعها على السنة رسله فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون. ولما ذكر نبوة الانبياء عموما ذكر من خواصهم النبيين الكريمين نوحا وابراهيم الذين جعل الله النبوة والكتاب في ذريتهما. فقال المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي يقول تعالى مخبرا عن عموم قضائه وقدره ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم. وهذا شامل لعموم المصائب التي تصيب الخلق. من خير وشر. فكلها قد كتبت في اللوح المحفوظ. صغيرها وكبيرها وهذا امر عظيم لا تحيط به العقول. بل تذهل عنده افئدة اولي الالباب. ولكنه على الله يسير فما فاتكم ولا تفرحوا بما اتاكم. والله لا يحب كل مختال فخور. واخبر الله بذلك لاجل ان تتقرر هذه القاعدة عندهم. ويبنوا عليها ما اصابهم من الخير والشر. فلا يأسوا ويحزنوا على ما فاتهم مما طمح له انفسهم وتشوفوا اليه. لعلمهم ان يكون ذلك مكتوب في اللوح المحفوظ. لا بد من نفوذه ووقوعه فلا سبيل الى دفعه. ولا يفرح بما اتاهم الله فرح بطر واشر. لعلمهم انهم ما ادركوه بحولهم وقوتهم. وانما ادركوه بفضل الله ومنه. فيشتغلوا بشكر من اولى النعم ودفع النقم. ولهذا قال اي متكبر فظ غليظ معجب بنفسه فخور بنعم الله ينسبها الى نفسه وتطغيه وتلهيه كما قال تعالى ثم اذا خولناه نعمة منا قال الا انما اوتيته على علم الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فان الله هو هو الغني الحميد. الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل. اي يجمعون بين الامرين الذميمين. الذين كل منهما كاف في الشر البخل هو منع الحقوق الواجبة. ويأمرون الناس بذلك. فلم يكفهم بخلهم حتى امروا الناس بذلك. وحثوهم على هذا الخلق الذميم بقولهم وفعلهم وهذا من اعراضهم عن طاعة ربهم وتوليهم عنها ومن يتولى عن طاعة الله فلا يضر الا نفسه. ولن يضر الله شيئا الذي غناه من لوازم ذاته. الذي له ملك السماوات والارض. وهو الذي اغنى عباده واقناهم. الحميد الذي له كل اسم حسن. ووصف كامل وفعل جميل يستحق ان يحمد عليه ويثنى ويعظم وانزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ان الله قوي يقول تعالى لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وهي الادلة والشواهد والعلامات الدالة وعلى صدق ما جاءوا به واحقيته. وانزلنا معهم الكتاب وهو اسم جنس يشمل سائر الكتب. التي انزلها الله لهداية الخلق وارشادهم ما ينفعهم في دينهم ودنياهم. والميزان وهو العدل في الاقوال والافعال. والدين الذي جاءت به الرسل. كله عدل وقسط في الاوامر والنواهي وفي معاملات الخلق وفي الجنايات والقصاص والحدود والمواريث وغير ذلك. وذلك ليقوم الناس بالقسط قياما بدين الله وتحصينا لمصالحهم التي لا يمكن حصرها وعدها. وهذا دليل على ان الرسل متفقون في قاعدة الشرع. وهو القيام بالقسط. وان اختلفت انواع العدل بحسب الازمنة والاحوال وانزلنا الحديد فيه بأس شديد. من الات الحرب كالسلاح والدروع وغير ذلك. ومنافع للناس وهو ما يشاهد من نفعه في انواع الصناعات والحرف والاواني والات الحرث حتى انه قل ان يوجد شيء الا وهو يحتاج الى الحديد اي ليقيمت على سوق الامتحان بما انزله من الكتاب والحديث. فيتبين من ينصره انصروا رسله في حال الغيب التي ينفع فيها الايمان قبل الشهادة التي لا فائدة بوجود الايمان فيها. لانه حينئذ يكون ضروريا ان الله قوي اي لا يعجزه شيء ولا يفوته هارب. ومن قوته وعزته ان انزل الحديد الذي منه الالات القوية ومن قوته وعزته انه قادر على الانتصار من اعدائه. ولكنه يبتلي اولياءه باعدائه. ليعلم ان ينصره بالغيب. وقرن تعالى في هذا الموضع بين الكتاب والحديث. لان بهذين الامرين ينصر الله دينه ويعلي كلمته. بالكتاب الذي الحجة والبرهان والسيف الناصر باذن الله. وكلاهما قيامه بالعدل والقسط. الذي يستدل به على حكمة الباري وكماله. وكمال شريعة اي الانبياء والمتأخرين كلهم من ذرية نوح وابراهيم عليهما السلام. وكذلك الكتب كلها نزلت على ذرية هذين النبيين الكريمين فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون. فمنهم اي ممن ارسلنا اليهم الرسل مهتد اخوتهم منقاد لامرهم مسترشد بهداهم. وكثير منهم فاسقون. اي خارجون عن طاعة الله وطاعة الرسل والانبياء. كما قال قال وما اكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين قيم واتيناه الانجيل. وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبة ثم قفينا اي اتبعنا على اثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم. خص الله عيسى عليه السلام لان السياق مع النصارى الذين يزعمون اتباع عيسى عليه السلام واتيناه الانجيل الذي هو من كتب الله الفاضلة وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة كما قال تعالى لتجدن اشد الناس عداوة للذين امنوا اليهود والذين اشركوا ولتجدن اقربهم مودة للذين امنوا امنوا الذين قالوا انا نصارى ذلك بان منهم قسيسين ورهبانا وانهم لا يستكبرون. ولهذا كان النصارى الين من غيرهم قلوبا حين كانوا على شريعة عيسى عليه السلام. ورهبانية ابتدعوها والرهبانية العبادة. فهم ابتدعوا من عند انفسهم عبادة وظفوها على انفسهم والتزموا لوازم ما كتبها الله عليهم ولفرظها. بل هم الذين التزموا بها من تلقاء انفسهم. قصدهم بذلك رضا الله تعالى ومع ذلك فما رعوها حق رعايتها. اي ما قاموا بها ولا ادوا حقوقها فقصروا من وجهين. من جهة ابتداعهم من جهة عدم قيامهم بما فرضوه على انفسهم. فهذه الحال هي الغالب من احوالهم. ومنهم من هو مستقيم على امر الله. ولهذا قال قال فاتينا الذين امنوا منهم اجرهم وكثير منهم فاسقون. فاتينا الذين امنوا منهم اي الذين امنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم مع ايمانهم بعيسى كل اعطاه الله على حسب ايمانه وكثير منهم يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وامنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعلون ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم ما الله غفور رحيم وهذا الخطاب يحتمل انه خطاب لاهل الكتاب الذين امنوا بموسى وعيسى عليهما السلام. يأمرهم ان يعملوا بمقتضى ايمانهم. بان اتقوا الله في تركوا معاصيه ويؤمنوا برسوله محمد صلى الله عليه وسلم. وانهم ان فعلوا ذلك اعطاهم الله كفلين من رحمته. اي نصيب من الاجر نصيب على ايمانهم بالانبياء الاقدمين ونصيب على ايمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم. ويحتمل ان يكون الامر عاما يدخل فيه اهل الكتاب وغيرهم. وهذا الظاهر وان الله امرهم بالايمان والتقوى الذي يدخل فيه جميع الدين. ظاهره وباطنه اصوله وفروعه وانهم ان امتثلوا هذا الامر العظيم اعطاهم الله كفلين من رحمته. لا يعلم وصفهما وقدرهما الا الله تعالى. اجر على الايمان واجر على التقوى او اجر على امتثال الاوامر. واجر على اجتناب النواهي. او ان التثنية المراد بها تكرار الايتاء مرة بعد اخرى ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم ما الله غفور رحيم. ويجعل لكم نورا به ان يعطيكم علما وهدى ونورا تمشون به في ظلمات الجهل. ويغفر لكم السيئات. والله ذو الفضل العظيم. فلا يستكثر هذا الثوب على فضل ذي الفضل العظيم. الذي عم فضله اهل السماوات والارض. فلا يخلو مخلوق من فضله طرفة عين ولا اقل من ذلك. وقوله لان لا يعلم اهل الكتاب الا يقدرون على شيء من فضل الله. وان الفضل لم يد الله يؤتي من يشاء والله ذو الفضل العظيم اي بينا لكم فضلنا واحساننا لمن امن ايمانا عاما. واتقى الله وامن برسوله. لاجل ان اهل الكتاب يكون لديهم علم بانهم لا يقدرون على شيء من فضل الله. اي لا يحجرون على الله بحسب اهوائهم وعقولهم الفاسدة. فيقولون لن يدخل الجنة الا من كان هودا او نصارى ويتمنون على الله الاماني الفاسدة. فاخبر الله تعالى ان المؤمنين برسوله محمد صلى الله عليه وسلم المتقين لله لهم طفلان من رحمته ونور ومغفرة رغما على انوف اهل الكتاب وليعلموا ان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ممن اقتضت حكمته تعالى ان يؤتيه من فضله. الذي لا يقادر قدره