ذلك عائد الى انفسهم ولا يضر المؤمنين الا شيء قدره الله وقضاه. وعلى الله فليتوكل المؤمنون اي ليعتمدوا عليه اثقوا بوعده فان من توكل على الله كفاه وتولى امر دينه ودنياه المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم. قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله والله يسمع تحاوركما ان الله سميع بصير. نزلت هذه الايات الكريمات في لرجل من الانصار اشتكته زوجته الى الله وجادلته الى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حرمها على نفسه بعد الصحبة الطويلة والاولاد. وكان هو رجلا شيخا كبيرا. فشكت حالها وحاله الى الله. والى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكررت ذلك وابدت فيه واعادت. فقال تعالى اه والله يسمع تحاوركما. اي تخاطبكما فيما بينكما. ان الله سميع لجميع الاصوات. في جميع الاوقات على النون الحاجات بصير يبصر دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء. وهذا اخبار عن كمال سمعه وبصره واحاطتهما بالامور الدقيقة والجليلة. وفي ضمن ذلك الاشارة بان الله تعالى سيزيل شكواها ويرفع بلواها. ولهذا ذكر حكمها وحكم غيرها على وجه العموم. فقال المظاهرة من الزوجة ان يقول الرجل لزوجته انت علي كظهر امي او غيرها من محارمه. او انت علي حرام. وكان المعتاد عندهم في هذا اللفظ الظهر. ولهذا سماه الله فقال الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن امهاتهم اي كيف يتكلمون بهذا الكلام الذي يعلم انه لا حقيقة له فيشبهون ازواجهم بامهاتهم اللاتي ولدنهم. ولهذا عظم الله امره وقبحه فقال اي قولا شنيعا وزورا اي كذبا وان الله لعفو غفور عن من صدر منه بعض المخالفات فتداركها بالتوبة النصوح فيعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل ان يتماسك ذلكم توعدون به والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا اختلف العلماء في معنى العود معناه العزم على جماع من ظهر منها. وانه بمجرد عزمه تجب عليه الكفارة المذكورة. ويدل على هذا ان الله تعالى ذكر في انها تكون قبل المسيس. وذلك انما يكون بمجرد العزم. وقيل معناه حقيقة الوطء. ويدل على ذلك ان الله قال ثم يعودون لما قالوا والذي قالوا انما هو الوطء وعلى كل من القولين فاذا وجد العود صار كفارة هذا التحريم تحرير رقبة مؤمنة كما قيدت في اية اخرى ذكر او انثى بشرط ان تكون سالمة من العيوب المضرة بالعمل. من قبل ان اي يلزم الزوج ان يترك وطأ زوجته التي ظهر منها حتى يكفر برقبة ذلكم الحكم الذي ذكرناه لكم توعظون به اي يبين لكم حكمه مع الترهيب المقرون به. لان معنى الوعظ ذكر الحكم مع الترغيب والترهيب. فالذي يريد ان يظاهر. اذا ذكر انه يجب عليه عتق رقبة كف نفسه عنه. والله بما تعملون خبير فيجازي كل عامل بعمله الله وللكافرين عذاب اليم. فمن لم يجد رقبة يعتقها بان لم يجدها او لم يجد ثمنها. فعليه صيام شهرين متتابعين من قبل ان يتماسى. فمن لم يستطع الصيام فاطعام ستين مسكينا. اما بان يطعمهم من قوت بلده ما يكفيه فيهم كما هو قول كثير من المفسرين واما بان يطعم كل مسكين مد بر او نصف صاع من غيره مما يجزي في الفطرة كما هو قول طائفة اخرى ذلك الحكم الذي بيناه لكم ووضحناه لكم لتؤمنوا بالله ورسوله وذلك بالتزام هذا الحكم وغيره من الاحكام فان التزام احكام الله والعمل بها من الايمان. بل هي المقصودة ومما يزيد به الايمان. ويكمل وينمو وتلك حدود الله وللكافرين عذاب اليم. وتلك حدود الله التي تمنع من الوقوع فيها. فيجب الا تتعدى ولا يقصر وللكافرين عذاب اليم. وفي هذه الايات عدة احكام منها لطف الله بعباده واعتناؤه بهم. حيث ذكر شكوى هذه المرأة المصابة وازالها ورفع عنها البلوى. بل رفع البلوى بحكمه العام لكل من ابتلي بمثل هذه القضية. ومنها ان الظهار مختص تحريم الزوجة لان الله قال من نسائهم فلو حرم امته لم يكن ذلك ظهارا بل هو من جنس تحريم الطعام والشراب تجب فيه اليمين فقط ومنها انه لا يصح الظهار من امرأة قبل ان يتزوجها لانها لا تدخل في نسائه وقت الظهار كما لا يصح طلاقها سواء نجز ذلك او علقه. ومنها ان الظهار محرم. لان الله سماه منكرا من القول وزورا. ومنها تنبيه الله على وجه حكمي وحكمته لان الله تعالى قال ما هن امهاتهم. ومنها انه يكره للرجل ان ينادي زوجته ويسميها باسم محارمه كقوله يا امي يا اختي ونحوه. لان ذلك يشبه المحرم. ومنها ان الكفارة انما تجب بالعود لما قال ظاهر على اختلاف القولين السابقين لا بمجرد الظهار. ومنها انه يجزئ في كفارة الرقبة الصغير والكبير والذكر والانثى لاطلاق الاية في ذلك. ومنها انه يجب اخراجها ان كانت عتقا او صياما قبل المسيس. كما قيده الله بخلاف كفارة الاطعام فانه يجوز المسيس والوطء في اثنائها. ومنها انه لعل الحكمة في وجوب الكفارة قبل المسيس. ان ذلك ادعى لاخراجها فانه اذا اشتاق الى الجماع وعلم انه لا يمكن من ذلك الا بعد الكفارة بادر لاخراجها. ومنها انه لا بد من اطعام ستين مسكينا فلو جمع طعام الستين مسكينا ودفعها لواحد او اكثر من ذلك دون الستين. لم يجز ذلك لان الله قال فاطعام ستين مسكينة الله ورسوله محادة الله ورسوله وخالفتهما ومعصيتهما خصوصا في الامور الفظيعة كمحادة الله ورسوله بالكفر ومعاداة اولياء الله وقوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم اي اذلوا واهينوا كما فعل بمن قبلهم جزاء وفاقا. وليس لهم حجة على الله فان الله قد قامت حجته البالغة على الخلق. وقد انزل من الايات البينات والبراهين ما يبين الحقائق ويوضح المقاصد فمن اتبعها وعمل عليها فهو من المهتدين الفائزين. وللكافرين بها عذاب مهين. اي يهينهم ويذلهم. كما تكبروا من ايات الله اهانهم واذلهم احصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد. يقول الله تعالى يوم يبعث الله الخلق جميعا فيقومون من اجداثهم سريعا فيجازيهم باعمالهم. فينبئهم بما عملوا من خير وشر. لانه علم ذلك وكتبه في اللوح المحفوظ وامر الملائكة الكرام الحفظة بكتابته. هذا والعاملون قد نسوا ما عملوه. والله احصى ذلك. والله على كل شيء بالظواهر والسرائر والخبايا والخفايا في الارض ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولا اينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا ان الله بكل شيء عليم. ولهذا اخبر عن سعة علمه واحاطته بما في السماوات والارض من دقيق وجليل وانه ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولا ادنى ما من ذلك ولا اكثر الا هو معهم اينما كانوا. والمراد بهذه المعية معية العلم والاحاطة بما تناجوا به واسروه فيما بينهم هذا قال ان الله بكل شيء عليم. ثم قال تعالى والعدوان ومعصية الرسول حيوك بما لم يحييك به الله ويقولون في انفسهم لولا ويقولون في انفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم. حسبهم جهنم يصلون ببئس المصير. يا ايها الذين امنوا اذا تناجيتكم فلا تتناجوا والعدوان ومعصية الرسول. وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله واتقوا الله الذي اليه تحشرون. النجوى هي التناجي بين اثنين فاكثر. وقد تكون في الخير وتكون في الشر. فامر تعالى المؤمنين ان يتناجوا بالبر. وهو اسم جامع لكل خير وطاعة. وقيام بحق لله ولعباده. والتقوى وهي هنا اسم جامع لترك جميع المحارم والمآثم. فالمؤمن يمتثل هذا الامر الالهي. فلا تجده مناديا ومتحدثا الا بما يقدم من الله ويباعده من سخطه. والفاجر يتهاون بامر الله ويناجي بالاثم والعدوان ومعصية الرسول. كالمنافقين الذين دأبهم وحالهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم. قال تعالى واذا جاءوك حيوك بما لم يحييك به الله اي يسيئون الادب معك في تحية لك ويقولون في انفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم ويقولون في انفسهم اي يسرون في انفسهم ما ذكره عالم الغيب والشهادة عنهم. وهو قولهم لولا يعذبنا الله بما نقول ذلك انهم يتهاونون بذلك ويستدلون بعدم تعجيل العقوبة عليهم ان ما يقولون غير محذور. قال تعالى في بيان انه يهمل ولا يهمل حسبهم جهنم يصلون فبئس المصير. اي تكفيهم جهنم التي جمعت كل شقاء وعذاب عليها تحيط بهم ويعذبون بها فبئس المصير. وهؤلاء المذكورون اما اناس من المنافقين يظهرون الامام ويخاطبون الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه الخطاب الذي يوهمون انهم ارادوا به خيرا وهم كذبة في ذلك واما اناس من اهل الكتاب الذين اذا سلموا على النبي صلى الله عليه وسلم قالوا السام عليك يا محمد يعنون بذلك الموت شيطان يحزن الذين امنوا وليس بضارهم شيئا وليس بضارهم يقول تعالى ان من سوى اي تناجي اعداء المؤمنين بالمؤمنين بالمكر والخديعة وطلب السوء من الشيطان الذي كيده ضعيف ومكره غير مفيد يحزن الذين امنوا هذا غاية هذا المكر ومقصوده. وليس بضارهم شيئا الا باذن الله. فان الله تعالى وعد المؤمنين بالكفاية والنصر على الاعداء وقال تعالى ولا يحق المكر السيء الا باهله. فاعداء الله ورسوله والمؤمنين مهما تناجوا ومكروا فان